رغم إعاقته السمعية وكونه من الصم والبكم، فإن «محمود أبوناموس»، 35 عاماً، كان موجوداً منذ اليوم الأول فى ميدان الحرب، لتغطية الأحداث لمن يعانون الإعاقة ذاتها، ليحمل الشاب الثلاثينى على عاتقه مهمة الصحفى، شأنه فى ذلك كباقى زملاء مهنته فى مخيم جباليا، الذى يُعد أكثر النقاط سخونة واستهدافاً للمدنيين وارتكاب المجازر والمذابح بحقهم، إذ تُلقى طائرات الاحتلال الإسرائيلى صواريخها وحممها على الرؤوس فتتطاير الأشلاء، ليستكمل الجنود المذبحة بالإعدامات الميدانية والاعتقال.

«أبوناموس»، الذى ما زال يرابط فى المخيم المنكوب شمال قطاع غزة، رغم الدمار ورائحة الموت التى تفوح من كل مكان، يقول إنه لم ينزح من شمال القطاع منذ بدء العدوان قبل عام: «كل القتل ومشاهد الدم بتزيدنى إصراراً على مواصلة التغطية وكشف إرهاب الاحتلال والبقاء هنا»، حيث يغادر الصحفى المستقل مكان إقامته كل صباح مرتدياً السترة الخاصة بالصحفيين، قبل أن يتواصل مع أبناء المنطقة لمعرفة المنازل التى تعرّضت للقصف، ليقوم عقب ذلك بمراوغة الموت ليصل إلى المكان المستهدف، ويحكى: «قبل ما أنقل اللى صار قدام الكاميرا باعمل جولة لمعرفة تفاصيل أكثر عن الحدث، وأحياناً باكتفى بترجمته بشكل مختصر، لو حسيت بالخطر أو باحتمال تعرّض المكان لغارة أخرى».

ويصف الشاب الثلاثينى العمل بمهنة الصحفى فى تلك الظروف الاستثنائية من عمر الحرب، بالإضافة إلى كونه من الصم، بأنه أمر فى غاية الخطورة: «الناس بتنزح بناءً على أصوات القصف، لكن إحنا ما بنسمع، وبالتالى هناك شهداء كثيرون من ذوى الإعاقة السمعية فقدوا حياتهم، لأنهم ما بيعرفوا أن المنطقة سيتم استهدافها، أو أن الدار اللى جنبهم اتقصفت، وفجأة بيلاقوا الصواريخ والقنابل فوق راسهم، وبيكون وقت النجاة فات خلاص».

وأشار إلى أنه الصحفى الوحيد الذى يُغطى أخبار مخيم جباليا للسكان بلغة الإشارة: «باروح للصحفيين وأطلب منهم يصورونى فيديو بجوالى، وأنا باغطى الحدث أو باشرح المخاطر أو باسلط الضوء على معاناة الجرحى والنازحين، إضافة إلى ترجمة المناشير اللى بيرميها الاحتلال، وبعدين بانشرها على حسابى الخاص بموقع إنستجرام، وناس كتير استفادت من العمل اللى باقوم به، وهذا الشىء زاد من إصرارى على التمسّك بأرض الشمال رغم الموت اللى بنشوفه فى كل ثانية».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: مخـيــم جـبـالــيـا

إقرأ أيضاً:

من قلب المعاناة.. وثائقي الخرطوم يوثق رحلة خمسة سودانيين في ظل الحرب

يصور الفيلم الوثائقي "الخرطوم"، الذي عُرض للمرة الأولى هذا الأسبوع في مهرجان "سندانس" السينمائي، خمسة من سكان العاصمة السودانية وهم يعانون آثار الحرب في بلدهم، ومن خلال هذه الزاوية سلط المخرجون الضوء على هذا النزاع.

وهو أول فيلم عن الدولة الواقعة في شمالي شرقي أفريقيا يُعرض في مهرجان الفيلم المستقل الأميركي المرموق.

بدأ تصوير الفيلم في أواخر عام 2022، قبل أن تندلع الحرب في نيسان/أبريل 2023 بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو الملقب بـ"حميدتي".

وأودت هذه الحرب بحياة عشرات الآلاف وهجّرت أكثر من 12 مليون سوداني، يعاني بعضهم المجاعة بحسب الأمم المتحدة.

وقال المخرج المشارك في فيلم "الخرطوم" إبراهيم سنوبي أحمد إن الفيلم الوثائقي، الذي صُوِّر باستخدام هواتف "آيفون" تم التبرع بها، "يؤدي دور سفير".

وأضاف "على المستوى الوطني، ينظر إلينا الجميع ويقولون: يجب أن تستمروا من أجل إخبار العالم بما يحدث في السودان"، مشددا على أن "الأمر ليس عبارة عن تسول أو إثارة للشفقة، بل هو تذكير للعالم بأننا موجودون هنا".

ويتتبع المخرجون الحياة اليومية لمجدي -وهو موظف حكومي ومربّي حمام سباق- ولوكين وويلسون، وهما شابان شقيقان يبحثان في القمامة لكسب القليل من المال حتى يتمكنا من شراء ما يحتاجانه من السوق.

إعلان

وقال إبراهيم سنوبي أحمد "كنا على وشك الانتهاء من الفيلم، وكان متبقيا 20% منه، ثم اندلعت الحرب".

وقال إن الفوضى التي سادت أدت إلى "فقدان الاتصال بأبطال الفيلم"، لكن المخرجين تمكنوا في النهاية من العثور عليهم ومساعدتهم على الهروب إلى الخارج.

وما إن أصبح الوضع آمنا حتى اجتمع فريق عمل الفيلم لاتخاذ قرار بشأن ما إذا كان ينبغي الاستمرار في المشروع وكيفية إكماله.

الكبار "الأغبياء"

وقرر الفريق اعتماد صيغة تجريبية تقضي بأن يروي الخمسة تجاربهم في بداية الحرب أمام شاشة خضراء تُعرض عليها بعد ذلك صور تتوافق مع قصصهم.

على مدى المقابلات، يصف الشابان لوكين وويلسون مثلا الكبار بأنهم "أغبياء" لكونهم يتحاربون، ويتخيلان نفسيهما يركبان أسدا سحريا في شوارع الخرطوم.

لكن ابتساماتهما تختفي عندما يتحدثان عن هجوم لقوات الدعم السريع، وتذكرا "رجلا بلا رأس، وآخر كان وجهه محترقا، وآخر تحوّل جسده إلى أشلاء".

ويأمل مخرجو الفيلم أن يتمكنوا عبر لفت الانتباه إلى الحرب من التأثير بشكل غير مباشر على صناع القرار الدولي.

أما إبراهيم سنوبي أحمد، الذي درس الصحافة، فتمنى أن يصل هذا الفيلم إلى جمهور أوسع من مشاريعه السابقة.

ولاحظ خلال العرض في "سندانس" أنه يوجد في الصالة "ما لا يقل عن 200 شخص. والآن يعرف الجميع كلمة الخرطوم".

وأضاف "حتى لو استفسر 1% أو 2% منهم عن ماهية الخرطوم والسودان، سيؤدي ذلك إلى نقاش".

مقالات مشابهة

  • نازح من جباليا يبحث عن بقايا ذاكرته وسط الدمار الهائل.. أين بيتي؟ (شاهد)
  • عاجل | سرايا القدس-كتيبة جنين: أوقعنا قوة صهيونية بين قتيل وجريح في تفجير منزل مفخخ استدرجناها إليه بمخيم جنين
  • القصيم.. إنقاذ قدم مريض خمسيني من البتر بعد 10 سنوات من المعاناة
  • حماس تسلم أسيرة من بين ركام جباليا واستعدادات لتسليم الرهائن أمام منزل السنوار
  • جيش الاحتلال يعلن تسلمه الجندية الإسرائيلية المفرج عنها في جباليا
  • وصول «الصليب الأحمر» وسط مخيم جباليا لتسلم محتجزين إسرائيليين
  • تعرض الفنانة ليلي عز العرب لحادث سير : نحمده اللى جات في الحديد
  • لبنان: قوات الاحتلال الإسرائيلي تواصل خرق الهدنة.. إصابة 36 في غارات على الجنوب
  • صامدو شمال غزة تحدّوا الموت وأفشلوا مخطط التهجير
  • من قلب المعاناة.. وثائقي الخرطوم يوثق رحلة خمسة سودانيين في ظل الحرب