يؤمن البعض بأن العالم لا يزال يحكم بقوانين ولاية ساكسونيا الألمانية فى القرن 15 حيث كان المشرعون من طبقة النبلاء يتعاملون بكبرياء واستهزاء مع مفهوم العدالة والمساواة بين الجميع فوفقاً لتلك القوانين الجائرة يعاقب السارق إذا كان من عامة الشعب بقطع يده وكذلك القاتل بقطع الرأس، أما فئة النبلاء فكان السارق يقطع ظل يده، والقاتل يقطع ظل رأسه، حتى إن السجين من أولئك يدخل السجن من الباب الرئيسى ويخرج من بوابة خلفية معدة خصيصا للنبلاء.
تذكرنا جرائم حرب الإبادة الجماعية فى قطاع غزة والتى يشيب لها الولدان على مرأى ومسمع من العالم أجمع بذلك العهد البائد حتى قررت جنوب أفريقيا وضع العربة أمام الحصان بالذهاب إلى الجنائية الدولية لتضع الغرب المنافق فى مأزق خطير قد يهدم أسس النظام العالمى لاسيما وأن هذه المحكمة لم تصدر حكماً واحداً على مسئول محسوب على الغرب، فقد سبق وأن أصدرت الجنائية الدولية مذكرات اعتقال ضدّ قائمة قصيرة من رؤساء سابقين وحاليين، بعضهم تم اعتقالهم ومثلوا أمام المحكمة، وآخرون تمت تبرئتهم، فى حين ظل البعض الآخر طلقاء كان من أبزرهم بوتين والقذافى والبشير والصربى ميلوسوفيتش والعاجى لوران جباجو.
بالطبع فى ظل هذا التشكك المبرر من مدى مصداقية وجدوى الجنائية الدولية فى تصديها لحماية المدنيين الفلسطينيين من الجرائم الفاشية لنتنياكنوهو ووزير دفاعه يواف جالانت نشرت المحكمة بياناً لافتا ينبض بالمثالية الأخلاقية.. ربما يشعر المهمشون من سكان هذا الكوكب البائس بأننا فى جمهورية أفلاطون الفاضلة قائلة دعونا اليوم نكون واضحين بشأن قضية أساسية واحدة إذا لم نظهر استعدادنا لتطبيق القانون على قدم المساواة، وإذا نظر إليه على أنه يطبق بشكل انتقائى، فسنقوم بتهيئة الظروف لانهياره من خلال القيام بذلك سنقوم بفك الروابط المتبقية التى تجمعنا معاً.
أغضب هذا البيان المتحدى اسرائيل وحلفاءها فقامت بتشغيل ماكينة الدعاية الصهيونية وكالت كلّ انواع الاتهامات الجاهزة لهيئة المحكمة والمدعى العام كريم خان بمعاداة السامية وفزاعة الكراهية فقد صرح نتنياهو بأن وضعه مع قادة حماس فى كفة واحدة بمثابة مقارنة شنيعة سوف تشكّل جريمة تاريخية لا تُمحى وتعبيراً واضحاً عن اللاسامية وأن الأمر العبثى والكاذب الصادر عن المدّعى العام فى لاهاى ليس موجهاً ضد رئيس الوزراء ووزير الدفاع الإسرائيليين وحسب، بل هو موجّه ضد دولة إسرائيل بأكملها ثم أضاف بأى صفاقة تجرؤ على مقارنة وحوش حماس بجنود قوات الدفاع الإسرائيلية، أكثر جيوش العالم أخلاقية!! لكن كريم الشجاع لم يخضع لهذا الابتزاز الرخيص وقرر مثل كل الرجال المحترمين أن يقف وحيداً فى عين العاصفة وهو يدرك الثمن الباهظ الذى سيدفعه من عقوبات أمريكية مدمرة ليس على مستقبله المهنى بحسب بل على حياته وحياة عائلته مثلما حدث مع المدعية السابقة فى افغانستان التى تم تجميد أرصدتها المالية.
ثمن خبراء قانونيون قرار الجنائية «بالموقف الجرىء» والسابقة القضائية فى تاريخ العدالة الدولية، لذا حاول مراسل دير شبيجل أثناء كريم خان عن اصراره بتطبيق العدالة وسأله ليس من الأفضل تأجيل التحقيق؟ أجابه القاضى النزيه وهل يجب أن أنتظر حتى يموت الجميع؟ إذا كان والدك أو والدتك أو جدك هو الذى تم أخذه كرهينة، فهل كنت تريدنى حقا أن أنتظر؟ إذا كان طفلك أو أختك هى التى تمزقت إلى أشلاء، هل كنت تريد منى أن أنتظر؟ وأشار ماذا كان سيحدث لو أننى أصدرت مذكرة اعتقال بحق حماس فقط، بينما هناك ما بين 30 إلى 40 ألف قتيل وأمهات يعانين من الإجهاض والجوع؟ عندها سيقال: هذه المحكمة غير المحترمة هى فى جيب الولايات المتحدة وألمانيا وغيرها من الدول القوية.
ولفت خان إلى تعرض المحكمة وموظفيها للعديد من التهديدات ومحاولات الترهيب وقال بوضوح لماذا لا يُطبق القانون الذى يُطبق على الأوكرانيين والسودانيين وعلى الفلسطينيين؟ وهل يصح استثناء منطقة جغرافية معينة من القانون.
يجب أن يطبق القانون على الجميع هذا القرار التاريخى هو صفعة مدوية على وجه الدول المنافقة التى تتباهى بأنها أنظمة ديمقراطية تتشدق بسجلها الناصع فى حقوق الإنسان وأيضاً نصر معنوى كبير لكفاح الشعب الفلسطينى لذا وجب التحية والتقدير لقضاة الجنائية الشرفاء وعلى رأسهم كريم خان آخر الرجال المحترمين.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: آخر الرجال المحترمين الشعب الفلسطينى قادة حماس
إقرأ أيضاً:
أول رد من "الجنائية الدولية" على عقوبات ترامب ضد المحكمة
عواصم -الوكالات
نددت المحكمة الجنائية الدولية بقرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرض عقوبات على المحكمة، وبينما وجّه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الشكر إلى ترامب حذر المجلس الأوروبي من أن القرار يقوّض نظام العدالة الدولية.
وأمس الخميس، وقّع ترامب أمرا تنفيذيا لفرض عقوبات على الجنائية الدولية، وأعلن "حالة الطوارئ الوطنية للتعامل مع التهديد الذي تمثله جهود المحكمة"، منتقدا إصدارها أوامر اعتقال لنتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت.
واعتبر ترامب أن المحكمة انخرطت في "أعمال غير مشروعة ولا أساس لها" تستهدف الولايات المتحدة وحليفتها الوثيقة إسرائيل، و"ادّعت -من دون أساس- اختصاصها على أفراد من الولايات المتحدة وبعض حلفائها، بما في ذلك إسرائيل".
وردا على ذلك، تعهدت المحكمة الجنائية بالوقوف بحزم مع موظفيها، ودعت "الدول الأعضاء والمجتمع المدني وجميع دول العالم إلى الوقوف متحدين من أجل العدالة وحقوق الإنسان الأساسية".
واحتفى نتنياهو بقرار ترامب، وقال "شكرا للرئيس ترامب على الأمر التنفيذي الجريء"، معتبرا أن القرار "سيدافع عن أميركا وإسرائيل ضد المحكمة الجنائية الفاسدة المناهضة لأميركا والمعادية للسامية"، و"يحمي سيادة أميركا وإسرائيل وجنودهما الشجعان".