غزة ولبنان – الاختلافات والمآلات
تاريخ النشر: 28th, November 2024 GMT
توقفت النيران فى لبنان, أو على هذا اتفق بعدما وافقت حكومة الاحتلال الإسرائيلى على مشروع تبنته حكومة الرئيس الأمريكى المنتهية ولايته جو بايدن بالتعاون مع فرنسا.. إنه خبر جيد فى حد ذاته, فكلما كان بالإمكان منع القتل والدمار والتخريب فهذا فعل محمود ومنتظر, لكن السؤال الذى يطرح نفسه هو طالما بالإمكان وقف أى حرب, فلماذا إذًا لم تتوقف حرب الإبادة والتطهير المفروضة على قطاع غزة منذ أربعة عشر شهرًا؟ ولماذا لا تتوقف الانتهاكات من قبل المستوطنين فى الضفة الغربية والقدس؟ أليس الاثنتان حربا وأحد أطرافها هنا هو نفسه هناك, أقصد «إسرائيل» والوسيط الأكبر والأهم الذى نجح فى وقف النار فى لبنان هو نفسه الوسيط فى حرب غزة و«أقصد الولايات المتحدة»؟
فى رأيى أن الحرب توقفت فى لبنان ليس لأن إسرائيل والولايات المتحدة تريدان وقف الحرب, ولكن لأن أهداف إسرائيل من الحرب على لبنان قد استنزفت بالفعل وأن جيش الاحتلال الإسرائيلى وجد نفسه ينجر فى لبنان إلى مستنقع ربما أكبر بكثير من مستنقع غزة وخسائره غير المعلنة تجبره على التراجع، تفاديا للخسائر المستقبلية المتوقعة، فى ظل عودة الحيوية لأداء المقاومة، من جانب آخر يبدو أن حسم الموقف على جبهة لبنان بهذه الطريقة متفق عليه بين الإدارتين الأمريكيتين سواء إدارة بايدن المرتحلة أو إدارة ترامب القادمة بدليل أن الرئيس المنتخب دونالد ترامب، أعطى آموس هوكستين موفد بايدن، ضوءًا أخضر، للمضى فى مهمته، والتحدث باسم الإدارتين معًا.
كانت إسرائيل قد حددت أنها فى لبنان تريد نزع سلاح حزب لله وسحب قواته إلى شمال نهر الليطانى ومطاردة قياداته وتصفية معظمها وهذا حدث إلى حد كبير, وهذا معناه أن هناك حالة رضا فى إسرائيل على الأقل لدى الائتلاف الحاكم بما أُنجز على جبهة لبنان ومن ثم فإسرائيل تستطيع أن تقبل وتتعايش فى لبنان مع سقف منخفض لتوقعاتها وأهدافها، فالمسألة الإسرائيلية فى لبنان أمنية بحتة ومن ثم لا مبرر لبقاء إسرائيل فى لبنان.
الأمر فى غزة أكثر تشابكًا وتعقيدًا، ويتصل بمستقبل إسرائيل وفلسطين على حد سواء, فالمسألة الإسرائيلية فى غزة وجودية وليست أمنية وإسرائيل تخطط للبقاء والتوسع الجغرافى على حساب أرض فلسطين التاريخية, وتطالب بأثمان باهظة فى غزة، تتعدى حدود القطاع إلى الضفة والقدس ومستقبل الشعب الفلسطينى وقضيته وحقوقه الوطنية, صحيح أن إسرائيل وجدت نفسها مدفوعة للدخول فى الحرب بعد هجوم حماس فى السابع من أكتوبر العام الماضي, لكنها أيضا كما لو كانت تنتظر الفرصة لتنفيذ مخططها ومحو غزة من على الخريطة وإعادة رسمها على الطريقة الإسرائيلية, توطئة لإعادة صياغة الشرق الأوسط برمته، من المنظور الإسرائيلى أو هكذا تخطط، ولذلك نجد دعاة الدولة الدينية من اليهود الصهيونى المتطرف مثل بن غفير وسيموتريتش لم يتصدرا المشهد هذه المرة ويهددان بالانسحاب من الحكومة حال تم وقف إطلاق النار فى لبنان, على عكس عادتهما فى كلّ ما يخص مفاوضات التهدئة على جبهة غزة, فثمّة ما يشبه الإجماع بين أحزاب الائتلاف الحكومى بزعامة نتنياهو، على قبول الاتفاق.
المسألة فى لبنان تختلف كثيرا عن غزة فالأولى دولة قائمة مستقلة، عضو فاعل فى المجتمع الدولى لديه علاقات مع حكومات غربية وعربية ولا شك أن أى تهديد لاستقرار لبنان سيمثل تهديدا لمصالح تلك الدول, مثلما أن بقاءه مستقرا يمثل مصلحة عليا لتلك الدول, أما فى غزة فلا تزال فكرة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيه 1967 وعاصمتها القدس الشرقية مثلما نص قرار حل الدولتين هى مطلبا أمميا، صعب التحقق وعليه فمستقبل غزة أرضًا وشعبًا وقضية، مطروح للنقاش, ومآلات الحرب عليها، مرتبطة إلى حد كبير، بحسم مختلف ملفات وقضايا الصراع الفلسطينى الإسرائيلى.
حزب الله من جانبه بعد خسارة معظم قياداته بحاجة لالتقاط الأنفاس، فقبل بما لم يكن يقبل به من قبل، كفصل جبهة لبنان عن غزة، وأعلن بجدية التزامه بالقرار 1701، الشاهد أنه توفر للبنان عوامل إنجاز اتفاق لوقف إطلاق النار، وهو ما لم يتوفر لغزة، وتوقعاتى أن الحرب على الأخيرة، ستطول وسيتم إرجاء حسمها إلى حين استلام ترامب السلطة بالبيت الأبيض، وفى الأخير ستحسم هى الأخرى على يد ترامب ولكن المقلق هو ماذا سيكون الثمن والذى بالطبع سيدفعه ترامب لإسرائيل لإنهاء هذه الحرب.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: يا خبر د حسام فاروق فى لبنان فى غزة
إقرأ أيضاً:
يونيسيف تدعو لدعم أطفال لبنان والمساهمة في نداء عام 2025 لجمع 658.2 مليون دولار
دعت منظمة الأمم المتحدة للطفولة اليونيسيف إلى دعم أطفال لبنان والمساهمة في نداء عام 2025 لجمع 658.2 مليون دولار لتقديم المساعدات المنقذة للحياة إلى 2.4 مليون شخص في لبنان، مؤكدةً أن الحرب الأخيرة في لبنان ألحقت ندوبًا "جسدية وعاطفية" بالأطفال، وأكدت أنها ملتزمة بمواصلة دعم جهود التعافي وإعادة البناء من الآثار المدمرة للحرب، فضلاً عن سنوات الاضطرابات السياسية والاقتصادية.
ونقل مركز إعلام الأمم المتحدة عن ممثل اليونيسيف في لبنان أخيل آير قوله إن الحرب "أحدثت خسائر فادحة للأطفال، وأثرت على كل جانب من جوانب حياتهم تقريبًا - صحتهم وتعليمهم وعلى مستقبلهم في نهاية المطاف.. إن أطفال لبنان بحاجة إلى دعم عاجل للتعافي وإعادة بناء حياتهم والبقاء على قيد الحياة من التأثيرات الدائمة لهذه الأزمة".
وأفاد استطلاع أجرته اليونيسيف في يناير الماضي بأن 72% من مقدمي الرعاية أكدوا أن أطفالهم كانوا قلقين أو متوترين أثناء الحرب.. بينما قال 8 من كل 10 منهم إنهم لاحظوا بعضَ التحسن في الصحة العقلية لأطفالهم منذ وقف إطلاق النار. وأكدت اليونيسيف أن أولئك الذين تحملوا فترات طويلة من الإجهاد الصادم قد يواجهون عواقب صحية ونفسية مدى الحياة.
وكشف التقييم أيضًا عن صورة مقلقة لتغذية الأطفال، وخاصة في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية في محافظتَي بعلبك الهرمل والبقاع، والتي استهدفتها الغارات الجوية الإسرائيلية مرارًا وتكرارًا.. ويعاني ما يقرب من نصف الأطفال دون سن الثانية في المحافظتين من "فقر غذائي شديد" - مما يعني أنهم يستهلكون اثنين أو أقل من 8 مجموعات غذائية رئيسية.
بالإضافة إلى ذلك، فإن ما يقرب من نصف الأطفال دون سن 18 عامًا في البقاع وأكثر من ثلثهم في بعلبك الهرمل إما لم يأكلوا أو تناولوا وجبةً واحدةً فقط في اليوم الذي سبق إجراء التقييم.
كما أدى الصراع إلى تفاقم الوضع التعليمي الصعب في لبنان، حيث كان أكثر من نصف مليون طفل خارج المدرسة بالفعل بعد سنوات من الاضطراب الاقتصادي وإضرابات المعلمين وتأثير جائحة كوفيد-19.. حتى مع وقف إطلاق النار، لا يزال أكثر من 25% من الأطفال خارج المدرسة، حيث لا يستطيع العديد من الأطفال الالتحاق بالمدرسة بسبب عدم قدرة أسرهم على تحمل التكاليف.
وأظهر التقييم الأممي أيضًا أن 45% من الأسر اضطرت إلى خفض الإنفاق على الصحة، و30% على التعليم لتوفير الضروريات الأساسية، كما تفتقر العديد من الأسر إلى الضروريات الأساسية، بما في ذلك مياه الشرب والأدوية ومصادر التدفئة لفصل الشتاء.
اقرأ أيضًا«اليونيسيف» تعرب عن قلقها إزاء تدهور أوضاع الأطفال بالضفة الغربية
اليونيسيف: نحتاج زيادة المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة والأعداد غير كافية حتى الآن
اليونيسيف: سنعمل على معالجة أسباب سوء التغذية وتوفير المياه النظيفة في قطاع غزة