«صواريخ إسرائيل» تمحو المواقع الأثرية والتاريخية والمقدسات الدينية بمخيم جباليا
تاريخ النشر: 28th, November 2024 GMT
لم يكن فقدان الأهل والأحبة هو الألم الوحيد الذى عاشه الغزيون فى الحرب المستمرة منذ السابع من أكتوبر 2023، فوفقاً لوزارة السياحة والآثار الفلسطينية، استهدف الاحتلال الإسرائيلى، خلال عدوانه على قطاع غزة على مدار عام كامل، العديد من المواقع الأثرية والتاريخية والمقدسات الدينية على طول القطاع من شماله إلى جنوبه، وكان لمخيم جباليا النصيب الأكبر، حيث دمرت الطائرات الحربية معالم عديدة، منها ما تم محوه بشكل كامل، ومنها ما لم يتبقَّ منه سوى أجزاء بسيطة.
ويُعد مستشفى كمال عدوان فى بيت لاهيا بمخيم جباليا أحد أكبر المستشفيات التى طالتها آلة الدمار الإسرائيلية، حيث تمت محاصرته واستهدافه مرتين، حيث قصفته المدفعية فى المرة الأولى أواخر نوفمبر2023، وعقب مرور ما يقرب من عام على الاستهداف عاد الجنود لمحاصرته مجدداً لنحو شهر وتدمير عدة طوابق، ومن ثم اقتحامها فى الخامس والعشرين من أكتوبر 2024، ما أسفر عن استشهاد عدد من المرضى والجرحى. وفى منتصف شهر أكتوبر الماضى، دمر الاحتلال سوق مخيم جباليا البلد المركزى، الذى كان يقصده السكان من شتى مناطق شمال القطاع.
ولم تسلم الأماكن الأثرية العريقة التى يعود تاريخها لآلاف السنين من بطش المحتل، حيث دمرت الصواريخ المقبرة الرومانية فى مدينة جباليا، التى كُشف عنها عام 1998، وتعود إلى القرن الثانى الميلادى، إذ تم استهدافها فى نوفمبر 2023، وتُعد المقبرة الرومانية من أهم المواقع الأثرية التى تعود للعصر الرومانى، وهى عبارة عن تلة من الصخر الرملى، فى مكان يسمى أرض المحاربين، كما طال الخراب كنيسة جباليا البيزنطية، التى تم اكتشافها بالصدفة عام 1997.
وتعود إلى القرن الخامس الميلادى، ودمرتها طائرات الاحتلال أواخر ديسمبر 2023، وتُعد الكنيسة البيزنطية من أهم الكنائس فى بلاد الشام، ويرجع تاريخ بنائها إلى سنة 444 ميلادية، إذ تم تشييدها فى زمن الإمبراطور البيزنطى ثيودوسيوس الثانى، وقد استمر وجودها منذ الفتح الإسلامى لفلسطين سنة 637، وحتى العصر الإسلامى العباسى زمن الخليفة أبوجعفر المنصور، وتُعتبر من أقدم الكنائس فى العالم.
كما كان للمسجد العمرى بمدينة جباليا، أو المعروف بين السكان بـ«المسجد الكبير»، نظراً لمساحته الأوسع على صعيد المساجد القديمة الموجودة فى القطاع، نصيب من التدمير والخراب، إذ كان المسجد الأثرى الذى يُعد أحد أقدم المساجد التاريخية فى المخيم هدفاً دائماً لغارات سلاح الجو الإسرائيلى خلال الاعتداءات السابقة على القطاع على مدار السنوات الماضية، حيث تعرض للقصف فى حرب سنة 2014، وتمت إعادة بنائه، ليتم تدميره كلياً خلال العدوان الأخير وتحديداً فى ديسمبر 2023، فبات المبنى الذى حمل اسم العُمرى نسبة للخليفة الراشد عمر بن الخطاب، ويُعتقد أن عمره تجاوز 1000 سنة.
وحسب وزارة الثقافة الفلسطينية، فقد دمر الاحتلال الإسرائيلى متحف رفح أيضاً خلال عدوانه على غزة، وهو المتحف الذى جُمعت فيه مئات من الأدوات المتعلقة بالتراث الفلسطينى القديم من أزياء وأدوات قديمة تعكس ثقافة البدو والفلاحين وسكان المدينة، وأهم الأزياء التراثية الفلسطينية، كما تعرّض سوق الزاوية للدمار، وهو سوق أثرى تاريخى فى غزة عمره عقود لكنه أصبح ركاماً، بعد تعرضه للقصف من قبَل طائرات الاحتلال الإسرائيلى، حيث يُعد السوق امتداداً تاريخياً لسوق القيسارية الأثرى الذى يعود لعقود مضت.
«الثقافة الفلسطينية»: تدمير المواقع يشكل خرقاً فاضحاً للقانون والاتفاقيات الدولية لحماية التراث خاصة الاتفاقية الدولية لحماية التراث العالمى الثقافى والطبيعىمن جهتها أدانت وزارة الثقافة الفلسطينية انتهاكات الاحتلال الإسرائيلى التى يقوم بها فى قطاع غزة خلال العدوان الأخير، مشيرة إلى أن العدو يشن حملة إبادة شاملة تستهدف كل ما يتعلق بالثقافة والتراث الفلسطينى، وأعربت وزارة الثقافة عن قلقها من أن تتعرض الأشياء الأثرية والتماثيل والجرار القديمة لعمليات سرقة على يد جنود الاحتلال. وقال الدكتور ضرغام فارس، مدير إدارة المواقع الأثرية بوزارة السياحة والآثار الفلسطينية فى محافظات الشمال بقطاع غزة، إن سياسة الاحتلال الإسرائيلى تعتمد على قتل المدنيين وتدمير الآثار التى تشهد على الحق التاريخى للشعب الفلسطينى فى فلسطين.
وأهمها المساجد والكنائس التاريخية، مشدداً على أنّ قصف وتدمير الاحتلال للمواقع الأثرية والتاريخية يشكل خرقاً فاضحاً للقانون والاتفاقيات الدولية لحماية التراث، خاصة الاتفاقية الدولية لحماية التراث العالمى الثقافى والطبيعى لسنة 1972، واتفاقية جنيف الرابعة، واتفاقية لاهاى الخاصة بحماية الممتلكات الثقافية فى أثناء النزاع المسلح وإعلان اليونيسكو العالمى لسنة 2001 حول حماية التنوع الثقافى.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: مخـيــم جـبـالــيـا الاحتلال الإسرائیلى المواقع الأثریة
إقرأ أيضاً:
عادل حمودة يكتب: الجيوب والقلوب
روشته في كتاب ضخم كتبها سادة العقل في العالم.. وحكمة مشاع مثل الهواء والجمال والنظر إلى السماء
لو كان رجل الدولة سياسيًا تدرب على الصمت فإن الاقتصادي هو الخبير الذى يعرف لماذا لم يحدث اليوم ما تنبأ به أمس؟
ولو كان الرجل المغرور هو مثل ديك يظن أن الشمس لن تشرق إلا إذا سمعت صياحه فإن الدبلوماسي هو شخص يستطيع أن يحدثك بالساعات عن «البطاطا» الساخنة حتى تبرد.
ولو كان الحب هو المرض الوحيد الذى لا نتمنى الشفاء منه فإن الهموم هى السلعة الوحيدة التى يزيد فيها العرض عن الطلب.
ولو كانت التجاعيد هى توقيع الزمن على الوجوه ليثبت وجوده فإن خاتم الزواج هو أغلى خاتم فى الدنيا لأنه يكلف صاحبه أقساطا شهرية طوال حياته.
ولو كان التثاؤب هو الفرصة الوحيدة للزوج كى يفتح فمه فى حضور زوجته فإن الحياة هى رحلة يفسد الآباء علينا نصفها ويفسد الأبناء النصف الثانى.
لا أحد منا لا يحب مثل هذه العبارات الرشيقة الساخرة التى تلخص الحياة فى «برشامة».
إنها مثل قطيع من النجوم نجمعه من رغوة السحاب.. من احتكاك رؤوسنا بالشمس.. من حبات عرق الفلاسفة والصعاليك.. إن اللقمة والنكتة هما غذاء صحى يطيل العمر.
هذه خلاصة «روشتة» من سبعمائة صفحة حصلت عليها صدفة منذ سنوات من مطار «بيروت» وأنا عائد إلى «القاهرة».روشتة في كتاب ضخم كتبها سادة العقل مثل «تولستوى» و«أفلاطون» و«شكسبير» و«هيمنجواى» و«أرسطو» و«سارتر» و«نجيب محفوظ» وجمعها «منير عبود».
وضعت الكتاب إلى جانب فراشى ليهدئ مما جرى فى يومى قبل نومى ولا مانع لدى أن أمنحك بعضا منه لو شئت التخلص من الحبوب المنومة.
أنا هنا مجرد ناقل عطر. حامل زهور. ساعى بريد يأتى إليك بثروة من الحكمة خفيفة الظل التى ليس من حق أحد احتكارها أو مصادرتها أو بيعها فى السوق السوداء.
إنها حكمة مشاع مثل الهواء والجمال والنظر إلى السماء.
ولنبدأ بالجمال الذى يلخصه «يوسف إدريس» بأنه توقيع الله على مخلوقاته.
لنكمل بلا توقف: الأزهار هى أفكار تنبتها الأرض. القبلة توقيع مزور على عقد اتفاق. الرجل الشهم هو الذى يحمى المرأة الضعيفة من كل الرجال إلا هو. الزوجة: الباب الأول فى ميزانية البيت.. الحب العذرى: بندقية لا يعرف حاملها أنها مليئة بالرصاص. الحب الخالد: حب المرء لنفسه.. الإنسان: الزوجة المخلصة هي التى ترفأ جورب زوجها كلما اشترت لنفسها ثوبا جديدا.
الرأسمالي: رجل يملك من المال أكثر مما تستطيع زوجته إنفاقه. المهادنة: استسلام بالتقسيط. السياسة: تجارة دون رأسمال.. الزواج: عقد العمل الوحيد الذى يبيح للمرأة استخدام الرجل أربعة وعشرين ساعة فى اليوم. الصمت: أرخص أركان الحكمة، الخبرة: حلول الأمس لمشاكل اليوم.
الجيش: مجموعة رجال مهمتهم إصلاح الأخطاء التى يرتكبها الدبلوماسيون..ولو كنت تتصور أن الفلاسفة أشخاص يجرى في عروقهم الأسمنت فأنت لست على صواب. إن التجهم الشديد التى يسيطر عليهم سرعان ما ينقلب إلى سخرية أشد.
الفيلسوف الوجودى الفرنسى «سارتر» يشبه الحياة ببصلة تنتزع قشورها طبقة بعد أخرى وهو ما يجعلنا نبكى أحيانا.
و«برنارد شو» الكاتب الإنجليزى الحاد يعتقد أن الطفولة هى فترة من العمر يعيش فيها الإنسان على حساب غيره. ويصف الشخص الذى توفى أو المرحوم بأنه إنسان عاش طوال حياته وهو يعتقد أن الدنيا لا تمشى ولا تصلح بدونه. ويعرف الأمانة بأنها خوفك من أن تضبط متلبسا بالخيانة.
أما الممثل الأمريكى الراحل «جون واين» فيصف الدنيا بأنها كالماء المالح كلما شربت منه ازددت عطشا. ويصف الخطوبة بأنها عملية استطلاع قبل الحرب البرية. أما الأحمق فى رأيه فهو الشخص الوحيد الذى يحرمك من الوحدة دون أن يمتعك بالصحبة.
وفى المكتبة العربية كتاب شهير عنوانه «قالوا» كتبه «أنيس منصور» فى عبارات سريعة رشيقة كان بعضها شوكا مر به على جلد النساء لكنه لم يجرحه لذلك كانت المرأة الزبون الأول للكتاب فهى تريد أن تقرأ عن سطوتها بكل اللغات.
والحقيقة أن المرأة هى الأكثر قراءة للأدب.. الرجل على حد وصف مخلوق غير شعرى. الرجل يابس ومالح وغليظ. ما إن يتخرج فى الجامعة حتى يفك الارتباط بينه وبين الأدب.. فلا يقرأ إلا جريدته اليومية، ولا يهتم إلا بجدول أسعار البورصة، الرجل يأكل القصيدة بأسنانه فى حين أن المرأة تتكحل بها وتعلقها كحلق من الزمرد فى أذنيها.
وليس هناك كاتب على وجه الأرض لم يضع خطا تحت كلمة مأثورة وربما أخذها من مكانها وحبسها فى درج مكتبه ولا تصدق «أرنست هيمنجواي» حين قال: «إن الكلمات المأثورة توابيت لا يجب البقاء فيها» أو «هى مثل أكياس الماء الساخن وأدوية الروماتيزم ومشروب البابونج لا يتعاطاه إلا الذين يعيشون فى بيوت رطبة».
ولكن صدق «أحمد بهاء الدين» الذى قال ذات مرة: «إن الكلمات المأثورة تخترق الهدف لتجعلك دائخا بعض الوقت قبل أن تواصل مسيرة الحياة الرتيبة».
وتحتل علاقة الرجل بالمرأة الكمية الكبيرة من هذه الطلقات الموجهة. فعندما يغير الرجل رأيه كثيرا كما تفعل المرأة فالغالبًا أنه متزوج منها. وعلى المرأة أن ترتدى من الثياب ما يكفى لجعل الرجل دافئا. ولا سبيل للرجل كى ينتصر على المرأة إلا الفرار منها. ولا تطلب الفتاة من الدنيا إلا زوجا فإذا جاء الزوج طلبت منه كل شيء، والرجل رجل فى بعض الأوقات والمرأة امرأة فى كل الأوقات.
وفى الأمور العظيمة يتظاهر الرجال كما يحلو لهم وفى الأمور التافهة يبدون على حقيقتهم. والرجل الحاذق يقول للمرأة إنه يفهمها والرجل الغبى يحاول أن يثبت ذلك، وأغلب الظن أن عشاق المرأة الغبية دائما أذكياء، فلا تنسى أن «آرثر ميللر» تزوج «مارلين مونرو» بعد ربع ساعة من لقائهما الأول.
ولو كان الرجل يريد من المرأة أن تفهمه فإنها تريد منه أن يحبها، أما أكثر ما يؤلم المرأة أن تضغط على لسانها، والجمال للمرأة كالمال للرجل كلاهما قوة، الجمال سلطة مثل الثروة وجماعات الضغط، لذلك فإن همس المرأة الساحرة أعلى من صوت الضمير، ولو كانت المرأة أسطورة يصدقها الرجل فإن الرجل أسطورة تتخيلها المرأة.
ولولا النهر ودموع النساء لحاصرنا الجفاف وقتلنا العطش، والمرأة والحب هما سبب استمرار لكون، إن ذلك جعل الكاتبة الفرنسية المتمردة «فرانسوا ساجان» تؤكد أن مشاكل الرجل أكثر من مشاكل المرأة وأولها مشكلة كيفية معاملة المرأة.
وهناك علاقة متينة بين المرأة والسياسة، علاقة حقيقية فيها مكر ودهاء والذهاب بالرجل إلى النهر دون أن يشرب منه نقطة مياه، فهل كان «نابليون» يدرك ذلك عندما قال: إن الدولة تموت من سوء الهضم، ولاحظ «ـوماس مور» أن لرجل الحكومة أنوفًا طويلة ولكنه أضاف: أنهم لا يرون أبعد منها، أما المهاتما «غاندى» فيؤمن بأن الأمة لا تنهض دون أن تكتوى بنيران الألم، وقبل أن يغادر «جيرالد فورد» البيت الأبيض قال: «صاحب السلطة يصدق التملق بسهولة وينسى النفاق بسرعة».
وأجمل ما قيل فى السياسة: إنها فن منع الناس من التدخل فيما يعنيهم، ولكن المثل الأمريكى الذى تسمعه من سائق التاكسى يقول: إن السياسة هى فن الفوز بالمال من الأغنياء والتأييد من الفقراء بحجة حماية أحدهم من الآخر.
أما «شارل ديجول» فيقول: «لأن رجل السياسة لا يعتقد فينا يقول فإنه يتعجب كثيرا عندما يصدقه الناس». وهو ما جعل الملك «فاروق» يقول: إن السياسة هى المهنة الوحيدة التى لا تحتاج إلى إعداد.
كل المطلوب من السياسى أن يكون مراوغا. عندما يقول «نعم» فإنه يعنى «ربما» وعندما يقول «ربما» فهو يعنى «لا» وعندما يقول «لا» فهو ليس سياسيا.