لم يكن فقدان الأهل والأحبة هو الألم الوحيد الذى عاشه الغزيون فى الحرب المستمرة منذ السابع من أكتوبر 2023، فوفقاً لوزارة السياحة والآثار الفلسطينية، استهدف الاحتلال الإسرائيلى، خلال عدوانه على قطاع غزة على مدار عام كامل، العديد من المواقع الأثرية والتاريخية والمقدسات الدينية على طول القطاع من شماله إلى جنوبه، وكان لمخيم جباليا النصيب الأكبر، حيث دمرت الطائرات الحربية معالم عديدة، منها ما تم محوه بشكل كامل، ومنها ما لم يتبقَّ منه سوى أجزاء بسيطة.

ويُعد مستشفى كمال عدوان فى بيت لاهيا بمخيم جباليا أحد أكبر المستشفيات التى طالتها آلة الدمار الإسرائيلية، حيث تمت محاصرته واستهدافه مرتين، حيث قصفته المدفعية فى المرة الأولى أواخر نوفمبر2023، وعقب مرور ما يقرب من عام على الاستهداف عاد الجنود لمحاصرته مجدداً لنحو شهر وتدمير عدة طوابق، ومن ثم اقتحامها فى الخامس والعشرين من أكتوبر 2024، ما أسفر عن استشهاد عدد من المرضى والجرحى. وفى منتصف شهر أكتوبر الماضى، دمر الاحتلال سوق مخيم جباليا البلد المركزى، الذى كان يقصده السكان من شتى مناطق شمال القطاع.

ولم تسلم الأماكن الأثرية العريقة التى يعود تاريخها لآلاف السنين من بطش المحتل، حيث دمرت الصواريخ المقبرة الرومانية فى مدينة جباليا، التى كُشف عنها عام 1998، وتعود إلى القرن الثانى الميلادى، إذ تم استهدافها فى نوفمبر 2023، وتُعد المقبرة الرومانية من أهم المواقع الأثرية التى تعود للعصر الرومانى، وهى عبارة عن تلة من الصخر الرملى، فى مكان يسمى أرض المحاربين، كما طال الخراب كنيسة جباليا البيزنطية، التى تم اكتشافها بالصدفة عام 1997.

وتعود إلى القرن الخامس الميلادى، ودمرتها طائرات الاحتلال أواخر ديسمبر 2023، وتُعد الكنيسة البيزنطية من أهم الكنائس فى بلاد الشام، ويرجع تاريخ بنائها إلى سنة 444 ميلادية، إذ تم تشييدها فى زمن الإمبراطور البيزنطى ثيودوسيوس الثانى، وقد استمر وجودها منذ الفتح الإسلامى لفلسطين سنة 637، وحتى العصر الإسلامى العباسى زمن الخليفة أبوجعفر المنصور، وتُعتبر من أقدم الكنائس فى العالم.

كما كان للمسجد العمرى بمدينة جباليا، أو المعروف بين السكان بـ«المسجد الكبير»، نظراً لمساحته الأوسع على صعيد المساجد القديمة الموجودة فى القطاع، نصيب من التدمير والخراب، إذ كان المسجد الأثرى الذى يُعد أحد أقدم المساجد التاريخية فى المخيم هدفاً دائماً لغارات سلاح الجو الإسرائيلى خلال الاعتداءات السابقة على القطاع على مدار السنوات الماضية، حيث تعرض للقصف فى حرب سنة 2014، وتمت إعادة بنائه، ليتم تدميره كلياً خلال العدوان الأخير وتحديداً فى ديسمبر 2023، فبات المبنى الذى حمل اسم العُمرى نسبة للخليفة الراشد عمر بن الخطاب، ويُعتقد أن عمره تجاوز 1000 سنة.

وحسب وزارة الثقافة الفلسطينية، فقد دمر الاحتلال الإسرائيلى متحف رفح أيضاً خلال عدوانه على غزة، وهو المتحف الذى جُمعت فيه مئات من الأدوات المتعلقة بالتراث الفلسطينى القديم من أزياء وأدوات قديمة تعكس ثقافة البدو والفلاحين وسكان المدينة، وأهم الأزياء التراثية الفلسطينية، كما تعرّض سوق الزاوية للدمار، وهو سوق أثرى تاريخى فى غزة عمره عقود لكنه أصبح ركاماً، بعد تعرضه للقصف من قبَل طائرات الاحتلال الإسرائيلى، حيث يُعد السوق امتداداً تاريخياً لسوق القيسارية الأثرى الذى يعود لعقود مضت.

«الثقافة الفلسطينية»: تدمير المواقع يشكل خرقاً فاضحاً للقانون والاتفاقيات الدولية لحماية التراث خاصة الاتفاقية الدولية لحماية التراث العالمى الثقافى والطبيعى

من جهتها أدانت وزارة الثقافة الفلسطينية انتهاكات الاحتلال الإسرائيلى التى يقوم بها فى قطاع غزة خلال العدوان الأخير، مشيرة إلى أن العدو يشن حملة إبادة شاملة تستهدف كل ما يتعلق بالثقافة والتراث الفلسطينى، وأعربت وزارة الثقافة عن قلقها من أن تتعرض الأشياء الأثرية والتماثيل والجرار القديمة لعمليات سرقة على يد جنود الاحتلال. وقال الدكتور ضرغام فارس، مدير إدارة المواقع الأثرية بوزارة السياحة والآثار الفلسطينية فى محافظات الشمال بقطاع غزة، إن سياسة الاحتلال الإسرائيلى تعتمد على قتل المدنيين وتدمير الآثار التى تشهد على الحق التاريخى للشعب الفلسطينى فى فلسطين.

وأهمها المساجد والكنائس التاريخية، مشدداً على أنّ قصف وتدمير الاحتلال للمواقع الأثرية والتاريخية يشكل خرقاً فاضحاً للقانون والاتفاقيات الدولية لحماية التراث، خاصة الاتفاقية الدولية لحماية التراث العالمى الثقافى والطبيعى لسنة 1972، واتفاقية جنيف الرابعة، واتفاقية لاهاى الخاصة بحماية الممتلكات الثقافية فى أثناء النزاع المسلح وإعلان اليونيسكو العالمى لسنة 2001 حول حماية التنوع الثقافى.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: مخـيــم جـبـالــيـا الاحتلال الإسرائیلى المواقع الأثریة

إقرأ أيضاً:

الاحتلال الإسرائيلى يحتجز 350 شخصا داخل مستشفى كمال عدوان بغزة بينهم 75 مريضا

قال المكتب الإعلامى الحكومى بغزة إن قوات الاحتلال الإسرائيلى احتجزت 350 شخصا داخل المستشفى بينهم 180 من الكوادر و75 مريضا ومرافقيهم، مؤكدا انقطاع كامل للاتصال مع إدارة مستشفى كمال عدوان وكوادره منذ ساعات طويلة.

أشار المكتب إلى أن جيش الاحتلال نفذ اقتحاما همجيا لمستشفى كمال عدوان وفجر أجزاء واسعة من المبنى، مؤكدا أن جيش الاحتلال أرسل روبوتات مفخخة لتفجير محيط مستشفى كمال عدوان.

وانقطع الاتصال تماما مع الطواقم الطبية والمرضى والمصابين والطواقم الصحفية، في مستشفى كمال عدوان في بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، ويعد مستشفى "كمال عدوان" أكبر مستشفيات شمال قطاع غزة، وكان يقدم خدماته لأكثر من 400 ألف نسمة.

وتعرض المستشفى للقصف والاستهداف الإسرائيلي المتواصل، وألقت الطائرات المسيرة، قنابل في باحاته، وعلى سطحه، ما يهدد مرة أخرى الإمدادات من الوقود والأوكسجين، في وقت يمُنع إدخال الدواء أو الطعام، أو طواقم طبية، وإسعاف، وأي خدمات أخرى.

وقال وسائل إعلام فلسطينية، إنه إن الاتصال انقطع مع جميع المتواجدين في المستشفى من طواقم طبية ومرضى ومصابين، ومرافقين، ومع الطواقم الصحفية، وذلك عقب محاصرة جيش الاحتلال الإسرائيلي، المستشفى ومطالبته صباح اليوم، الكوادر الطبية والمرضى والمرافقين بالنزول إلى ساحته تمهيدا لاقتحامه.

مقالات مشابهة

  • مقتل شابة بالرصاص خلال اشتباكات بين أجهزة الأمن الفلسطينية ومسلحين بمخيم جنين  
  • مقتل شابة فلسطينية خلال اشتباكات بين أجهزة الأمن الفلسطينية ومسلحين بمخيم جنين في الضفة الغربية
  • محافظ بورسعيد يستقبل وفداً من مبادرة «بالشباب نقدر»
  • خبيران: إطلاق صواريخ من شمال غزة يؤكد فشل إسرائيل في إخضاع المقاومة
  • رصاص الاحتلال يغتال الصحفية شذى صباغ خلال الاشتباكات بمخيم جنين
  • كتائب القسام توقع قتلى وجرحى في صفوف العدو الصهيوني بمخيم جباليا
  • صواريخ الحوثي تجاه تل أبيب تضع إسرائيل في مأزق .. تقرير
  • الاحتلال الإسرائيلى يحتجز 350 شخصا داخل مستشفى كمال عدوان بغزة بينهم 75 مريضا
  • الاستسلام العربى
  • مقتل ضابط إسرائيلي خلال معركة جباليا بقطاع غزة