مخيم جباليا قدم 2200 شهيد.. «مهد انتفاضة الحجارة» عَصِىٌّ على الكسر
تاريخ النشر: 28th, November 2024 GMT
لا يسلم مخيم جباليا فى كل عدوان يتعرض له قطاع غزة على مدار عقود طويلة من اجتياحات برية مدمرة أو مجازر يرتكبها سلاح الجو التابع للاحتلال الإسرائيلى، فالمخيم الذى لا تتجاوز مساحته 1.4 كيلومتر مربع، لطالما شكّل محطة حاسمة ومفصلية من محطات النضال الأولى ضد المحتل، كما مثّل الحاضنة الأولى للمقاومة الفلسطينية، فيما شكّل الحصن المنيع فى وجه كل محاولات التهجير على مر التاريخ، فيما صرّح دانيال هغارى، المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلى، أنّ الحملة العسكرية الأخيرة على شمال قطاع غزة، تهدف إلى القضاء على المقاومة فى جباليا تحديداً، باعتبارها كتلة بشرية وبقعة سكانية شكَّلت معضلة للإسرائيليين.
على مدار فترة الحصار المطبق على مخيم جباليا، لم يَدَع جنود الاحتلال بشراً إلا وقتله أو حجراً إلا ونسفه أو زرعاً إلا وأحرقه، حتى بات المخيم الذى كان يقطنه نحو 116 ألف نسمة ويضج بالحياة والصخب، قبل العدوان على قطاع غزة، خاوياً على عروشه، بعدما أمعن الاحتلال فى ارتكاب شتى أنواع المجازر وتفنن فى أشكال التنكيل والاعتقال، وصولاً إلى القتل والإعدامات الميدانية للمدنيين، قبل أن يقوم الجنود بحرق البيوت وقصف مستشفى كمال عدوان، الوحيد الذى يعمل فى شمال القطاع المنكوب، ليستشهد فى طرقاته عشرات الجرحى والمرضى من الأطفال والنساء والشيوخ.
منذ بدء الحرب الإسرائيلية الأخيرة واجه مخيم جباليا 3 عمليات عسكرية، فى العملية الأولى فى شهر ديسمبر الماضى، لم تنجح القوات الإسرائيلية فى الوصول إلى عمق مخيم جباليا، وعملت على أطرافه الغربية والشرقية، وذلك بسبب كثافة المقاومة التى تعرضت لها وجغرافيا المخيم المكتظ بالمنازل والسكان والأزقة الصغيرة التى لا تستطيع الآليات الدخول إليها، أما الثانية فجاءت فى شهر مايو الماضى، وكانت أكثر عمقاً، بالدخول من طرق التفافية جديدة إلى وسط المخيم مُخلِّفةً دماراً كبيراً طال حتى مراكز الإيواء وغيرها، ولكنها لم تسيطر على جميع المناطق فى داخله، وخلال العملية الثالثة المستمرة تمكنت قوات الاحتلال الإسرائيلى من الوصول إلى معظم مواقع المخيم لتكون العملية الأكبر والأوسع.
«الثوابتة»: دَوِىّ إنذار سيارات الإسعاف لا يتوقف وهى محمّلة بالضحايا والجثامين.. ولدينا مئات المفقودين تحت الركام لا نعرف مصيرهم حتى اللحظةوقال إسماعيل الثوابتة، مدير عام المكتب الإعلامى الحكومى بغزة، إن قوات الاحتلال الإسرائيلى قتلت أكثر من 2200 فلسطينى خلال العملية البرية الأخيرة التى تشنها على المدنيين فى مخيم جباليا، لافتاً إلى أن الغارات ترتكب يومياً أكثر من 6 مجازر على طول المدن والشوارع شمال قطاع غزة، مشيراً إلى أنّ هناك مئات المفقودين تحت ركام المنازل ولا يُعرف مصيرهم حتى اللحظة.
«البرش»: نفاضل بين المصابين عند إسعافهم بسبب الحصار والقصفالمشهد داخل المخيم تسوده الفوضى وصراخ أهالى الشهداء، واستغاثات المصابين، ودوىّ إنذار سيارات الإسعاف الذى لا يتوقف، محمّلةً بالضحايا والجثامين، وفوجئ الأطباء بقذائف وشظايا وعمليات قصف مكثفة للطوابق العليا لمستشفى كمال عدوان التى يرقد فى غرفها عشرات الأطفال داخل العناية المركزة، وقال المدير العام لوزارة الصحة بغزة، منير البرش، إن هناك 3 أطباء فقط يعملون فى مستشفى كمال عدوان بسبب استهدافات الاحتلال، لافتاً إلى أنهم اضطروا إلى تطبيق نظام المفاضلة فى علاج المصابين: «اللى إصابته ليست قاتلة بالدرجة الأولى يتم إسعافه أما الإصابات البالغة للأسف فيصعب إسعافهم بسبب نقص الأطباء وانعدام المستلزمات الطبية اللازمة لحالتهم».
وأكد «البرش» أنّ جيش الاحتلال يستهدف الكوادر الطبية فى القطاع واعتقل 30 منهم عند اقتحام المستشفى الوحيد الذى لا يزال يقدم خدماته للأهالى فى شمال القطاع، وتابع: «لم يتبقَّ فى المستشفى إلا طبيب واحد تخصص أطفال من بين كل التخصصات، كما أنّ الاحتلال الإسرائيلى أحرق محطة الأكسجين الوحيدة فى المستشفى، بالإضافة إلى تدمير المولدات الكهربائية، وساحة المستشفى وبعض الممرات الداخلية»، مشيراً إلى أنّ الاحتلال ارتكب مجازر بحق سكان شمال غزة، وأن الأهالى يستغيثون دون أن تتمكن سيارات الإسعاف أو الدفاع المدنى من الوصول إليهم، إذ يتم إطلاق النار على أى شخص أو مركبة تتحرك.
فى سياق متصل، قال دكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، والقيادى بحركة فتح، إن أهمية مخيم جباليا تعود إلى كونه مفجر الانتفاضة الفلسطينية الأولى، والتى تعد الأطول فى تاريخ النضال الفلسطينى، حيث انطلقت الشرارة من بين أزقته فى الثامن من ديسمبر عام 1987، وذلك بوقوع الحدث الذى شكّل علامة فارقة فى تمرّد الفلسطينى على واقعه الاستعمارى، عندما قام أحد المستوطنين بدهس عمّال فلسطينيين بشاحنته على معبر «إيريز» والمعروف أيضاً بـ«معبر بيت حانون»، شمال قطاع غزة، ما أدى إلى استشهاد 4 منهم وإصابة 7 آخرين، وعلى إثرها ثار الفلسطينيون فى المخيم وبدأت انتفاضة الحجارة لتشمل كلّ القطاع، ثم مدن الضفة الغربية، واستمرت حتى توقيع اتفاقية «أوسلو» بين الاحتلال الإسرائيلى ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1993.
واليوم وقد مرّ ما يقرب من 40 سنة على مهد انتفاضة الحجارة بجباليا، لا يزال المخيم عصياً على الكسر، لا ينحنى، ولا يتراجع، يخلق الصواريخ من بين التراب، والرصاص من الهواء، والإصرار من المعاناة، رغم الحصار والتهجير والمجازر، وفى هذه الجولة من جولات الفلسطينيين لاسترداد الأرض، والتى بدأت منذ عام، سجل مخيم جباليا اسمه فى مقاومة المحتل والثأر منه للمرة الثانية، عندما استطاعت المقاومة فى أواخر شهر أكتوبر تصفية العقيد إحسان دقسة، قائد اللواء «401»، والذى يعد أعلى رتبة عسكرية لقتيل منذ بدء العدوان على قطاع غزة، وفق ما أعلنته هيئة الإذاعة الإسرائيلية.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: مخـيــم جـبـالــيـا الاحتلال الإسرائیلى مخیم جبالیا قطاع غزة إلى أن
إقرأ أيضاً:
في رسائل مباشرة المقاومة تسلم الأسرى في مخيم جباليا وأمام منزل السنوار المدمر
بدأ مئات الفلسطينيين التوافد إلى وسط مخيم جباليا شمال قطاع غزة لحضور عملية التسليم الثالثة من الأسرى الإسرائيليين والتي يتوقع أن تتم خلال الساعات المقبلة.
ووفقا لمراسل الجزيرة أنس الشريف، فقد قررت المقاومة تسليم هذه الدفعة من الأسرى في هذه المنطقة التي دمرها الاحتلال بشكل كامل خلال الحرب وأعلن أنها لم تعد صالحة للحياة.
وهذه هي أول عملية تبادل أسرى تجري بعد بدء عودة النازحين من جنوب القطاع إلى شماله، ويبدو أنها ستشهد العديد من الرسائل. وقد انتشرت عناصر المقاومة بشكل مكثف في المنطقة التي ستشهد عملية التسليم تلك.
وقال مراسل الجزيرة إن المقاومة أرادت على ما يبدو إيصال رسالة معينة من خلال التسليم في جباليا التي لم يعد بها أي مظهر من مظاهر الحياة بما في ذلك مياه الشرب.
وستجري عملية التسليم في ساحة الرزان القريبة من مستشفى كمال عدوان وسط المخيم والتي شهدت عمليات عسكرية واسعة من جانب الاحتلال، وخاضت فيها المقاومة معارك ضارية بحسب المراسل.
وقد نصبت المقاومة منصة لتسليم الأسرى تماما كما فعلت خلال عملية التسليم الثانية، ووضعت عليها يافطة كبيرة تتضمن عبارات منها: المقاومة هزمت غفعاتي، في إشارة إلى لواء غفعاتي النخبوي الذي فقد العشرات من جنوده وبعض قادته خلال معارك جباليا.
إعلانكما وضعت المقاومة الفلسطينية كلمة "كفير" في إشارة أيضا إلى لواء كفير النخبوي الذي تلقى ضربات موجعة من قبل المقاومة في جباليا، كما قال مراسل الجزيرة بفلسطين إلياس كرام.
تسليم أمام منزل السنوار
توقعت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن يتم تسليم الأسيرين يهود وموزيس من أمام المنزل المدمر لزعيم حركة حماس الراحل يحيى السنوار في خان يونس جنوب القطاع.
كما قالت هيئة البث الإسرائيلية إن عملية تبادل الأسيرة آغام بيرغر ستتم في مخيم جباليا الذي شهد معارك طاحنة خلال الشهور الثلاثة التي سبقت وقف إطلاق النار.
ونقلت القناة الـ14 الإسرائيلية أن المقاومة ستفرج عن أحد الأسرى المشمولين في هذه الدفعة من منطقة في جباليا التي شهدت مقتل وإصابة عدد من كبير من الجنود خلال الحرب.
وبدأت عناصر المقاومة الانتشار في الأماكن التي ستجري فيها عملية التسليم، وأقامت منصة للتسليم على غرار المرة الماضية.
ونقلت الجزيرة صورا تظهر هبوط مروحية إسرائيلية في منطقة ريعيم بغلاف غزة قبيل عملية التسليم التي قالت هيئة البث الإسرائيلية إنها ستتم على 3 مراحل.
الدفعة الثالثةومن المخطط أن تفرج سلطات الاحتلال اليوم الخميس عن 110 أسرى مقابل إفراج حركة حماس عن 3 أسرى إسرائيليين في إطار الدفعة الثالثة من التبادل في المرحلة الأولى باتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
ووفق ما تسلمته حركة حماس، تضم قائمة المُفرج عنهم اليوم من سجون الاحتلال 32 محكوما بالمؤبد، و48 من ذوي الأحكام العالية، و30 طفلا.
وسيطلق سراح 66 أسيرا وينقلون إلى الضفة من بينهم زكريا الزبيدي أحد الستة الذين تحرروا في "نفق الحرية" من سجن جلبوع، كما سيحرر 14 أسيرا مقدسيا سينقلون إلى القدس، و9 أسرى سيرحّلون إلى غزة، بحسب هيئة شؤون الأسرى ونادي الأسير الفلسطينيين.
وذكر المصدر ذاته أن عدد الأسرى الذين سيبعدون إلى خارج فلسطين عبر مصر من ذوي الأحكام المؤبدة يبلغ 21 أسيرا.
إعلان