عاش المحامي والمحاضر الأكاديمي الفرنسي جيل دوفير، حياة مليئة بالإنجازات القانونية والنضال، وحقق إنجازات تاريخية في الدفاع عن القضايا الإنسانية، أبرزها إصداره مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف جالانت عن المحكمة الجنائية الدولية.

بناء مسيرة قانونية مؤثرة

ولد دوفير في فرنسا عام 1956، وبدأ حياته المهنية ممرضًا قبل أن يتحول إلى القانون، حيث حصل على درجة الدكتوراه وأصبح أستاذًا محاضرًا في جامعة ليون 3.

أسهم دوفير في الإشراف على أبحاث أكاديمية بارزة، وكتب عددًا من المؤلفات القانونية التي تناولت قضايا الصحة، والمسؤولية الطبية، والعلاقة بين القانون والدين.

أسس دوفير مجلته الخاصة “القانون: الأخلاقيات والرعاية”، واستمر لعقود في الكتابة والتأليف، حيث نشر أكثر من 260 مقالًا أكاديميًا وكتبًا شكلت مرجعًا في القانون الطبي والديني.

الدفاع عن القضية الفلسطينية

قاد دوفير منذ عام 2009 معركة قانونية دولية للاعتراف بفلسطين كدولة ذات سيادة. وقدم شكاوى متعددة أمام المحكمة الجنائية الدولية تتهم إسرائيل بارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية.

في عام 2021، أثمرت جهوده باعتراف المحكمة الجنائية الدولية بفلسطين كدولة ذات سيادة لها صلاحيات قانونية كاملة على الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية.

وفي أعقاب عدوان إسرائيل على غزة، رفع دوفير قضايا عدة نيابة عن السلطة الفلسطينية ومنظمات غير حكومية، ونجح في تعزيز انضمام فلسطين إلى نظام روما الأساسي، مما سمح لها برفع قضايا أمام المحكمة الجنائية الدولية.

تأسيس لجنة المحامين الدولية

أنشأ دوفير “لجنة المحامين الدولية”، التي ضمت 800 محام وخبير قانوني، بهدف التصدي للجرائم الدولية وتحقيق العدالة. وأدت جهود اللجنة إلى إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال تاريخية بحق نتنياهو وجالانت في نوفمبر 2023، في سابقة تُظهر تأثير القانون الدولي في مواجهة الانتهاكات.

مكافحة التمييز والإسلاموفوبيا

دافع دوفير عن حقوق المسلمين في فرنسا، وواجه الإسلاموفوبيا من خلال تقديم استشارات قانونية وتمثيل منظمات إسلامية. كما عمل على تسليط الضوء على التحديات التي تواجه المسلمين في فرنسا والعالم، مشددًا على أهمية تطبيق القانون الدولي لحماية الحقوق والحريات.

الرحيل بعد الإنجاز

توفي جيل دوفير عن عمر ناهز 68 عامًا في منزله بمدينة ليون بعد صراع مع السرطان. قبيل وفاته بأيام، قال دوفير لابنه: “الآن يمكنني أن أموت وأنا مرتاح”. كلمات تلخص إصرار رجل قضى حياته في الدفاع عن العدالة وإحقاق الحق.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: الضفة الغربية وقطاع غزة السلطة الفلسطينية المحكمة الجنائية الدولية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قضية الفلسطينية منظمات غير حكومية يواف جالانت نتنياهو وجالانت محكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال جيل دوفير مذكرة اعتقال نتنياهو المحکمة الجنائیة الدولیة

إقرأ أيضاً:

وفاة المحامي الفرنسي جيل دوفير مايسترو مذكرات اعتقال نتنياهو وغالانت

باريس- توفي المحامي الفرنسي والدكتور في القانون جيل دوفير، اليوم الثلاثاء، وهو الذي قاد الجيش القانوني المؤلف من جمعيات حقوقية وأكثر من 500 محامٍ من كل أنحاء العالم إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

ويعتبر دوفير "المايسترو" رجل القانون الذي وقف وراء مذكرات الاعتقال التي أصدرتها المحكمة بطلب من المدعي العام كريم خان، منذ مايو/أيار الماضي، ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

وفي يوم صدور المذكرات الذي اعتبره عيدا سعى لتحقيقه منذ سنوات، قال لابنه "الآن يمكنني أن أموت وأنا مرتاح"، ورغم ألم المرض الذي لم يفارقه حتى الرمق الأخير، أصرّ على التحدث عن هذا الانتصار القانوني الاستثنائي لوسائل الإعلام، وخصص تصريحاته الأخيرة بهذا الشأن على قناة الجزيرة.

مسيرة طويلة

على مدى 30 عاما، قسّم جيل دوفير نشاطه بين القطاع الصحي والاجتماعي والدفاع عن الأقليات في فرنسا والعالم، لكن القضية الفلسطينية كانت أولى أولوياته.

وولد دوفير في عام 1956، وهو محام في نقابة المحامين في مدينة ليون الفرنسية، وممرض سابق، ومحاضر في كلية الحقوق بجامعة "ليون 3".

وكان دوفير أحد المتحدثين باسم مجموعة مكونة من 350 منظمة غير حكومية، يمثلها 40 محاميا يتولون مسؤولية التعامل مع طلب العدالة المقدم إلى المحكمة الجنائية الدولية، بشأن جرائم الحرب التي ارتكبت خلال حرب غزة بين عامي 2008 و2009، كما تم تكليفه من قبل السلطة الفلسطينية لتقديم شكوى نيابة عنها في يناير/كانون الثاني 2009.

كما قدم المحامي الفرنسي شكوى ضد إسرائيل في يوليو/تموز 2014 بشأن حربها على غزة بالعام نفسه، وهو ما أدى إلى تحرك إعلامي كبير وخلق ضغوطا على السلطة الفلسطينية ومحكمة العدل الدولية، نتج عنه انضمام فلسطين إلى نظام روما الأساسي، ووافقت الجنائية الدولية على فتح فحص أولي للحقائق التي جرت اعتبارا من 13 يونيو/حزيران 2014.

المحامي الفرنسي دوفير قدم مجموعة شكاوى ضد جرائم الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية (الأناضول) المحامي الإنسان

يصف الخبير في القانون الدولي عبد المجيد مراري الفرنسي دوفير بـ"المحامي الإنسان وصاحب المبادئ" الذي كرس حياته للدفاع عن القضايا الإنسانية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.

وفي حديثه للجزيرة نت، قال مراري إنه تعلم منه الكثير، وأضاف "كان أستاذي في عدة قضايا لما يزيد على 15 عاما من العمل المشترك، وكان يرحب بالاختلاف في الآراء بصدر رحب، وبوفاته فقدنا قامة قانونية وحقوقية لا تقدر بثمن".

ورغم العقبات التي واجهت الفريق القانوني، ورفض الطلبات التي تقدم بها في ملف الجنائية الدولية، فإن دوفير تميز بإصراره في الاستمرار وعدم الاستسلام، لاعتباره أن "نخوة الشعب الفلسطيني أهم من نخوة المحامين".

وفي هذا الإطار، أكد مراري -الذي يعد من أقرب المحامين وأكثرهم عملا مع دوفيرـ أن المحامي الفرنسي انتصر للقضية الفلسطينية قبل إصدار مذكرات الاعتقال، "أي منذ أن أصبحت فلسطين عضوا في نظام روما، وعند صدور مذكرات الخامس من فبراير/شباط 2021، حيث كان يراجع ويساعد خبراء الجنائية الدولية في صياغتها".

وهدفت هذه المذكرات التاريخية إلى تأكيد اختصاص محكمة الجنائية الدولية، حيث أصدرت قرارا يؤكد ولايتها القضائية على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، بما فيها شرقي القدس والضفة الغربية وقطاع غزة.

"دينامو الفريق القانوني"

بدأ عمل المحامي الفرنسي الراحل على مذكرات الاعتقال منذ عام 2009، لكنه تحرك بشكل مكثف وبأسلوب مختلف على هذا الملف بعد أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

ووصف مراري دوفير بـ"دينامو الفريق القانوني"، قائلا "كان يسأل عندما نتراخى، ويكتب مذكرات من مئات الصفحات عندما نتكاسل، وفي هذه القضية، مارس الضغط على أعضاء الفريق لجمع الأدلة، وعمل على تنسيق الأدوار فيما بينهم رغم كل المشاكل الصحية التي كان يعاني منها آنذاك".

وأضاف "بكى جيل دوفير على باب الجنائية الدولية عندما اعتذرت محامية فلسطينية عن الحضور، لأن كل أفراد عائلتها قُتلت في ليلة التاسع من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، عندما ذهبنا لتقديم الدعوى في المحكمة، والتي كانت المحرك الرئيسي لصدور مذكرات الاعتقال".

وبصوت متأثر على وفاته، قال عبد المجيد مراري للجزيرة نت "قبل إجراء دوفير لأخطر عملية في المستشفى بساعات وهو بين الحياة والموت، كان ملف حي الشيخ جراح في القدس الشرقية آخر ما تحدث عنه".

وبدعوة من سفيرة فلسطين في فرنسا، سافر دوفير من ليون إلى باريس للاجتماع بهيئة الأسرى، بهدف إدخال ملف الأسرى الفلسطينيين إلى محكمة الجنايات الدولية، رغم حصوله على رخصة المرض التي تستوجب عليه عدم السفر أو التحرك.

وختم صديقه وزميله مراري بالقول إن مذكرات التوقيف التي صدرت بحق نتنياهو وغالانت "كانت بمثابة الهدية التي سعى إليها لأكثر من 15 عاما، حيث رحل بضمير مرتاح، وسنكمل معركتنا القانونية بروح جيل دوفير لتنفيذ إرادته ووصيته، لأن العمل الحقيقي والأصعب بدأ فعليا بعد إصدار هذه المذكرات".

مقالات مشابهة

  • مهندس مذكرات اعتقال نتنياهو وجالانت.. وفاة المحامي الفرنسي أكبر مدافع عن القضية الفلسطينية
  • بلجيكا ستنفذ مذكرات التوقيف الصادرة عن “الجنائية الدولية” ضد نتنياهو وجالانت
  • المحامي الفرنسي جيل دوفير مهندس مذكرات اعتقال نتنياهو وغالانت
  • إسرائيل تقدم طلب استئناف إلى "الجنائية الدولية" وتطلب تأجيل تنفيذ مذكرات اعتقال نتنياهو وغالانت
  • تبعات ملاحقة المحكمة الجنائية الدولية لنتنياهو وجالانت
  • «القاهرة الإخبارية»: نتنياهو يقرر الاستئناف لدى «الجنائية الدولية» على مذكرات الاعتقال
  • إعلام عبري: نتنياهو يقرر الاستئناف لدى المحكمة الجنائية الدولية على مذكرات الاعتقال
  • فرنسا تعلن موقفها من اعتقال نتنياهو بعد قرار الجنائية الدولية
  • وفاة المحامي الفرنسي جيل دوفير مايسترو مذكرات اعتقال نتنياهو وغالانت