تكلفة الصراع بين حزب الله وإسرائيل بعد انتهاء الحرب.. من خسر أكثر؟
تاريخ النشر: 28th, November 2024 GMT
ترك الصراع بين لبنان وإسرائيل أمام تحديات كبيرة، فبعد الاتفاق على وقف إطلاق النار، يجد البلدين نفسهما أمام تحديثات كبيرة، بدءا من جهود إعادة الإعمار وحتى الخسائر الاقتصادية والنزوح السكاني.
وكشف تقرير نشره “المجلس الأطلنطي” الأمريكي أنه رغم اختلال التأثير على كل من لبنان ودولة الاحتلال الإسرائيلي بعد انتهاء الحرب، إلا أن هذا الصراع كان له تأثير عميق بشكل متفاوت على كلا البلدين.
وتطرق التقرير في البداية إلى مقارنة الخسائر المادية وفي البنية التحتية، موضحا أنه في حالة لبنان، فقد تطول جهود التعافي من الحرب بسبب عدم الاستقرار السياسي والموارد المحدودة والاعتماد على المساعدات الدولية، فبعد حرب 2006 ومرة أخرى في عام 2024، تعرّضت جهود إعادة الإعمار للعقبات بسبب الفساد الداخلي وضعف المؤسسات الحكومية.
ولفت التقرير إلى أنه في عام 2006، استغرق إعادة بناء البنية التحتية الرئيسية، مثل الجسور والمباني السكنية، سنوات، وظلت العديد من المناطق غير مكتملة بسبب نقص التمويل، لكن في حرب عام 2024، فقد يستغرق التعافي عقدًا من الزمن أو أكثر، حيث تضررت أكثر من 221،000 وحدة سكنية، ويترك الاقتصاد اللبناني الهش غير مجهز للتعامل مع هذا العبء الهائل.
وعلى النقيض، بالنسبة لإسرائيل، فمن المرجح أن يكون زمن إعادة الإعمار أسرع، بسبب حكومتها القوية وبنيتها التحتية المتقدمة واقتصادها القوي، إذ تستثمر الحكومة بكثافة في استعادة المناطق المتضررة بسرعة.
ففي عام 2006، استغرق إعادة بناء الطرق والمنازل ومرافق الأمن أشهرًا وليس سنوات، ومع انتهاء الصراع الحالي، بدأت إسرائيل بالفعل في وضع خطط لاستعادة المناطق المتضررة مع التركيز على تكنولوجيا البناء المتقدمة، والتخطيط الاستراتيجي لتقليل المخاطر المستقبلية.
وفيما يتعلق بالتكلفة الاقتصادية للحرب، فإن لبنان تجد نفسها في وضع هش، مقابل مرونة مالية تتمتع بها دولة الاحتلال.
وبحسب التقرير، ففي لبنان يمثل العبء المالي للحرب ضربة قوية للبنان، وهو بلد يعاني بالفعل من أزمات اقتصادية، ففي عام 2006، بلغت الخسائر الاقتصادية للبنان نحو 5.3 مليار دولار أمريكي، بما في ذلك الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية والمساكن والزراعة.
لكن في عام 2024، ارتفعت التكلفة المقدرة إلى 11.2 مليار دولار أمريكي، مدفوعة بالتدمير واسع النطاق للمساكن والخسائر الاقتصادية غير المباشرة مثل البطالة وفقدان الإنتاجية.
وفي الحالة الإسرائيلية، فقد أشار التقرير إلى أن دولة الاحتلال تتحمل تكاليف اقتصادية كبيرة أيضا، لكن اقتصادها القوي وشراكاتها الدولية توفران لها وسادة مالية.
ففي عام 2006، أبلغت إسرائيل عن خسائر اقتصادية تبلغ نحو 1.6 مليار دولار أمريكي، بشكل أساسي من النفقات العسكرية والأضرار في المنطقة الشمالية.
لكن في عام 2024، تقدر التأثيرات المالية للحرب بين 2 و3 مليار دولار، بما في ذلك تكلفة العمليات العسكرية والأضرار التي لحقت بمناطق المدنية.
لكن، وفقا للتقرير، تضمن الاحتياطيات المالية القوية للاحتلال واقتصاده المتنوع تعافيًا أسرع مقارنة بلبنان.
تتفاوت الخسائر أيضا بين البلدين فيما يتعلق بالنزوح الجماعي والخسائر البشرية، ففي لبنان، أودى الصراع الحالي إلى انتقال أكثر من 189 ألف إلى الملاجئ بينما فر ما يقرب من 600 ألف مواطن إلى الخارج، بما في ذلك 213 ألف لبناني، ويعكس هذا النزوح مدى الدمار الذي تعرض له الجنوب اللبناني والمناطق الحضرية.
وفيما يتعلق بالخسائر البشرية فقد بلغت 3768 قتيلًا و15،699 مصابًا، مع القضاء على أسر بأكملها في عمليات القصف الجماعي، الأمر الذي يكشف ضعف المدنيين اللبنانيين الشديد خلال الصراعات.
أما بالنسبة لإسرائيل، فقد اتبعت الحكومة عمليات إجلاء في ملاجئ حكومية وإسكان مؤقت، مع استعدادات مسبقة قبل الحرب عبر بنية تحتية مجهزة لمثل هذا الوضع.
وبالنسبة للخسائر البشرية، فقد تكبدت إسرائيل خسائر تبلغ 250 قتيل، بين عسكري ومدني، خلال هذه الحرب.
واختتم التقرير بالقول إنه رغم أن البلدين تكبدتا خسائر، لكن العبء أثقل بكثير على لبنان، الأمر الذي يؤكد الحاجة المحلة إلى السلام المستدام من أجل منع الدمار في المستقبل، موضحة أن تداعيات هذا الصراع ستظل ندبا في جسد لبنان على مدار سنوات مقبلة.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: التخطيط الاستراتيجي التكلفة الاقتصادية للحرب المساعدات الدولية دولة الإحتلال الإسرائيلي ملیار دولار فی عام 2006 عام 2024
إقرأ أيضاً:
أحمد ياسر يكتب: دراما الحرب بالوكالة في أوكرانيا
المرجح أن ينظر التاريخ إلى الذكرى السنوية الثالثة للحرب بين روسيا وأوكرانيا ويلاحظ أنها كانت بداية النهاية من الناحية العملية.
بعد الانهيار العلني المثير بين الرئيسين زيلينسكي وترامب في المكتب البيضاوي، وهو اجتماع خارج عن المألوف شهده العالم وعلق عليه بلا نهاية، من الصعب أن نتخيل أن الصراع على الجبهة الشرقية لأوكرانيا سيستمر كما كان من قبل.
صحيح أن بعض القادة في جميع أنحاء أوروبا الغربية يحاولون تعزيز دعمهم لأوكرانيا في مواجهة هذا التراجع الواضح في المساعدات الأمريكية. لكن يبدو من المشكوك فيه أن هذه الجهود قد ترقى إلى مستوى المساعدات والخبرة السابقة المقدمة "لكييف" على مدى السنوات الثلاث الماضية.
في حين ناقش معظم المعلقين الغربيين مدى خيبة الأمل والإحباط التي أصابت الاجتماع (حيث قاطع كل من ترامب ونائب الرئيس فانس، وقطعا، ورفضا معظم التعليقات التي حاول زيلينسكي إدخالها في المحادثة)، هناك أشياء مهمة يجب على المحللين السياسيين والاستخباراتيين مراعاتها والتي تتعارض مع الرسوم الهزلية الساخرة التي تُعرض الآن في جميع أنحاء أمريكا.
نظرًا للموقف العام للولايات المتحدة بشأن العلاقات الروسية الأوكرانية التي تعود إلى ثورة الميدان قبل أكثر من عقد من الزمان، فمن المفهوم لماذا يرى العديد من اليساريين أن الرسوم الهزلية الساخرة لترامب واقعية. لكن دفع المحاكاة الساخرة كحقيقة لا يجعلها كذلك تلقائيًا.
في هذه الحالة، سيكون من الخطأ ببساطة وصف حدث المكتب البيضاوي بأنه "دليل" على أن ترامب في الجيب الخلفي "لبوتن" أو أن المقيم الحالي في البيت الأبيض هو أصل مخترق للاتحاد الروسي، والواقع أن وجهات النظر البديلة لا تزال ذات صلة، لأنها تسمح للولايات المتحدة بالقدرة على المناورة في إنهاء الحرب.
ولكن على الرغم من أن ترامب لا يريد الحد من صناعة الدفاع أو المجمع الصناعي للأمن القومي في أمريكا، فإن الصراع في أوكرانيا يعمل في الواقع ضد مبدأه المعلن الأكبر المتمثل في عدم السماح للولايات المتحدة بالبقاء في حروب خارجية "عديمة الفائدة"، ناهيك عن التورط بشكل أعمق في مأزق متوتر مع تفاقم التصعيد.
ويبدو أن ترامب يشعر بأن أقصى قدر من العصير قد تم عصره بالفعل من هذه الحرب، وأن الوقت قد حان للانسحاب وإنهائها، لا شك أن السنوات الثلاث الماضية كانت مفيدة بشكل لا يصدق لمصنعي الأسلحة الدفاعية الأمريكية وكذلك لجميع أولئك الذين يحظرون المنظور الأكثر تشددا لإبقاء روسيا ضعيفة.
كان الدعم العسكري لأوكرانيا "مكافأة مزدوجة" كبيرة للمجمع الصناعي العسكري الأمريكي، فقد حصل على أجر مقابل توريد حزم الأسلحة، الأمر الذي خلق الحاجة إلى تجديد أنظمة الأسلحة نفسها من أجل الحفاظ على أمن أمريكا في المستقبل.
ولعل الأمر الأكثر قوة، والذي غالبا ما يتم تجاهله في الدوائر التحليلية الأمريكية، هو حقيقة أن هذه كانت "أفضل الحروب بالوكالة في التاريخ الأمريكي": فلم تكتف الولايات المتحدة بتزويد الجيش الأوكراني وتجهيزه وتدريبه علناً، الأمر الذي أدى بلا شك إلى إضعاف القوة العسكرية الروسية وقدرتها على فرض قوتها على مستوى العالم، بل تمكنت أيضا من القيام بهذه الأمور دون أي عواقب سياسية أو عسكرية على الجنود الأمريكيين.
فقد اختار بوتن، لأي سبب كان، عدم تصعيد الصراع خارج حدود أوكرانيا، كما لم يزيد من قوة الدمار في مواصلة الحرب (أي أنه لم يستخدم الأسلحة النووية التكتيكية)، وبالإضافة إلى ذلك، لم ينتقد الولايات المتحدة علناً لجهودها الداعمة للحرب كمبرر لنقل الصراع إلى الباب الأمامي لأمريكا، مما يجعل الأهداف الأمريكية في أي مكان في العالم أهدافا مشروعة.
عندما نتحدث بشكل خاص مع المجمع الصناعي العسكري الأمريكي، خارج نطاق النشر، هناك اعترافات بأن الصراع في أوكرانيا كان حرفيا حالة "لا خسارة فيها" بالنسبة لأمريكا: قتل أكبر عدد ممكن من الجنود الروس دون وقوع إصابات أمريكية في حين أدى ذلك إلى إحداث واحدة من أكبر فترات الازدهار الاقتصادي في تاريخ الدفاع الأمريكي.
ولكن هنا يتعارض مبدأ ترامب الأكبر المتمثل في الخروج من الحروب بدلاً من البقاء فيها مع الواقع الحالي: فقد صرح بأنه لا جدوى من استمرار حرب أوكرانيا لأنها لا تحمل أي غرض استراتيجي أكبر، وبما أنه يقبل الحقائق على الأرض بأن روسيا لم تتحرك فعليًا خارج الحدود الأوكرانية (على الرغم من جنون العظمة الصارخ من أوروبا الغربية)، يشعر ترامب أن أوكرانيا يجب أن تعتبر نفسها محظوظة بفقدان تلك الحدود الشرقية الصغيرة ذات العرق الروسي والمضي قدمًا من الصراع اليائس ولا تزال معترف بها كدولة مستقلة ذات سيادة.
إن حقيقة أن "زيلينسكي" جاء إلى واشنطن معتقدًا أنه يمكنه "إعادة ترتيب" صفقة المعادن الأوكرانية من صفقة سداد مقابل الخدمات المقدمة (فهم ترامب للمبادرة) إلى استمرار الحرب بدعم أمريكي ربما تظهر مدى إيمانه الكامل بكل "تلات" الورد التي ألقيت عند قدميه خلال جولاته المستمرة في أوروبا الغربية.