ترك الصراع بين لبنان وإسرائيل أمام تحديات كبيرة، فبعد الاتفاق على وقف إطلاق النار، يجد البلدين نفسهما أمام تحديثات كبيرة، بدءا من جهود إعادة الإعمار وحتى الخسائر الاقتصادية والنزوح السكاني.
وكشف تقرير نشره “المجلس الأطلنطي” الأمريكي أنه رغم اختلال التأثير على كل من لبنان ودولة الاحتلال الإسرائيلي بعد انتهاء الحرب، إلا أن هذا الصراع كان له تأثير عميق بشكل متفاوت على كلا البلدين.


وتطرق التقرير في البداية إلى مقارنة الخسائر المادية وفي البنية التحتية، موضحا أنه في حالة لبنان، فقد تطول جهود التعافي من الحرب بسبب عدم الاستقرار السياسي والموارد المحدودة والاعتماد على المساعدات الدولية، فبعد حرب 2006 ومرة أخرى في عام 2024، تعرّضت جهود إعادة الإعمار للعقبات بسبب الفساد الداخلي وضعف المؤسسات الحكومية.
ولفت التقرير إلى أنه في عام 2006، استغرق إعادة بناء البنية التحتية الرئيسية، مثل الجسور والمباني السكنية، سنوات، وظلت العديد من المناطق غير مكتملة بسبب نقص التمويل، لكن في حرب عام 2024، فقد يستغرق التعافي عقدًا من الزمن أو أكثر، حيث تضررت أكثر من 221،000 وحدة سكنية، ويترك الاقتصاد اللبناني الهش غير مجهز للتعامل مع هذا العبء الهائل.
وعلى النقيض، بالنسبة لإسرائيل، فمن المرجح أن يكون زمن إعادة الإعمار أسرع، بسبب حكومتها القوية وبنيتها  التحتية المتقدمة واقتصادها القوي، إذ تستثمر الحكومة بكثافة في استعادة المناطق المتضررة بسرعة.
ففي عام 2006، استغرق إعادة بناء الطرق والمنازل ومرافق الأمن أشهرًا وليس سنوات، ومع انتهاء الصراع الحالي، بدأت إسرائيل بالفعل في وضع خطط لاستعادة المناطق المتضررة مع التركيز على تكنولوجيا البناء المتقدمة، والتخطيط الاستراتيجي لتقليل المخاطر المستقبلية.
وفيما يتعلق بالتكلفة الاقتصادية للحرب، فإن لبنان تجد نفسها في وضع هش، مقابل مرونة مالية تتمتع بها دولة الاحتلال.
وبحسب التقرير، ففي لبنان يمثل العبء المالي للحرب ضربة قوية للبنان، وهو بلد يعاني بالفعل من أزمات اقتصادية، ففي عام 2006، بلغت الخسائر الاقتصادية للبنان نحو 5.3 مليار دولار أمريكي، بما في ذلك الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية والمساكن والزراعة.
لكن في عام 2024، ارتفعت التكلفة المقدرة إلى 11.2 مليار دولار أمريكي، مدفوعة بالتدمير واسع النطاق للمساكن والخسائر الاقتصادية غير المباشرة مثل البطالة وفقدان الإنتاجية.
وفي الحالة الإسرائيلية، فقد أشار التقرير إلى أن دولة الاحتلال تتحمل تكاليف اقتصادية كبيرة أيضا، لكن اقتصادها القوي وشراكاتها الدولية توفران لها وسادة مالية. 
ففي عام 2006، أبلغت إسرائيل عن خسائر اقتصادية تبلغ نحو 1.6 مليار دولار أمريكي، بشكل أساسي من النفقات العسكرية والأضرار في المنطقة الشمالية.
لكن في عام 2024، تقدر التأثيرات المالية للحرب بين 2 و3 مليار دولار، بما في ذلك تكلفة العمليات العسكرية والأضرار التي لحقت بمناطق المدنية.
لكن، وفقا للتقرير، تضمن الاحتياطيات المالية القوية للاحتلال واقتصاده المتنوع تعافيًا أسرع مقارنة بلبنان.

تتفاوت الخسائر أيضا بين البلدين فيما يتعلق بالنزوح الجماعي والخسائر البشرية، ففي لبنان، أودى الصراع الحالي إلى انتقال أكثر من 189 ألف إلى الملاجئ بينما فر ما يقرب من 600 ألف مواطن إلى الخارج، بما في ذلك 213 ألف لبناني، ويعكس هذا النزوح مدى الدمار الذي تعرض له الجنوب اللبناني والمناطق الحضرية.
وفيما يتعلق بالخسائر البشرية فقد بلغت 3768 قتيلًا و15،699 مصابًا، مع القضاء على أسر بأكملها في عمليات القصف الجماعي، الأمر الذي يكشف ضعف المدنيين اللبنانيين الشديد خلال الصراعات.
أما بالنسبة لإسرائيل، فقد اتبعت الحكومة عمليات إجلاء في ملاجئ حكومية وإسكان مؤقت، مع استعدادات مسبقة قبل الحرب عبر بنية تحتية مجهزة لمثل هذا الوضع.
وبالنسبة للخسائر البشرية، فقد تكبدت إسرائيل خسائر تبلغ 250 قتيل، بين عسكري ومدني، خلال هذه الحرب.
واختتم التقرير بالقول إنه رغم أن البلدين تكبدتا خسائر، لكن العبء أثقل بكثير على لبنان، الأمر الذي يؤكد الحاجة المحلة إلى السلام المستدام من أجل منع الدمار في المستقبل، موضحة أن تداعيات هذا الصراع ستظل ندبا في جسد لبنان على مدار سنوات مقبلة.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: التخطيط الاستراتيجي التكلفة الاقتصادية للحرب المساعدات الدولية دولة الإحتلال الإسرائيلي ملیار دولار فی عام 2006 عام 2024

إقرأ أيضاً:

لبنان ينتشل جثامين 5 قتلى وإسرائيل تواصل خروقاتها

أعلنت السلطات اللبنانية أن فرق البحث والإنقاذ تمكنت من انتشال جثامين 5 قتلى، في بلدة الخيام، وتم نقلهم إلى مستشفى مرجعيون الحكومي، في حين واصل جيش الاحتلال خروقاته لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله.

وذكرت وكالة الأنباء اللبنانية أنه من المقرر أن تستكمل -غدا الاثنين- عمليات البحث، في إطار الجهود الرامية للعثور على جميع المفقودين، نتيجة العدوان الإسرائيلي الأخير، الذي خلف أضرارا جسيمة في الأرواح والممتلكات في بلدة الخيام.

ولم يتضح على الفور ما إذا كانت إسرائيل قتلت الضحايا الخمسة قبل وقف إطلاق النار أم بعده.

ومنذ 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، يسود وقف هش لإطلاق النار أنهى عدوانا إسرائيليا على لبنان بدأ من 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وتحول إلى حرب واسعة في 23 سبتمبر/أيلول الماضي.

تواصل الخروقات

وعلى صعيد الخروقات الإسرائيلية، أفادت الوكالة اللبنانية بأن الجيش الإسرائيلي قام بعمليتي نسف كبيرة في بلدة ميس الجبل جنوب لبنان، وسمعت أصداء الانفجار في قرى مجاورة، كما قطع جيش الاحتلال الطريق بين (بلدتي) الطيبة ودير سريان (جنوب) قرب مركز الدفاع المدني القديم، ثم أقام نقطة تمركز.

وبذلك رفع الجيش الإسرائيلي عدد خروقاته إلى 333 منذ بدء سريان وقف إطلاق النار قبل 32 يوما.

إعلان

وبزعم التصدي لتهديدات من حزب الله أدت هذه الخروقات إلى مقتل 32 شخصا وإصابة 38، استنادا إلى بيانات وزارة الصحة اللبنانية.

ومن أبرز بنود اتفاق وقف إطلاق النار انسحاب إسرائيل تدريجيا إلى جنوب الخط الأزرق الفاصل مع لبنان خلال 60 يوما، وانتشار قوات الجيش والأمن اللبنانية على طول الحدود ونقاط العبور والمنطقة الجنوبية.

وأسفر العدوان الإسرائيلي على لبنان عن 4 آلاف و63 قتيلا و16 ألفا و663 جريحا، بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء، إضافة إلى نزوح نحو مليون و400 ألف شخص، وتم تسجيل معظم الضحايا والنازحين بعد تصعيد العدوان في 23 سبتمبر/أيلول الماضي.

مقالات مشابهة

  • اقتصاد لبنان يعاني من آثار الحرب: "نبدأ من الصفر"
  • ‏مكتب الإحصاء الإسرائيلي: نحو 82 ألف إسرائيلي هاجروا خلال عام 2024 بسبب الحرب والضغوط المترتبة عليها
  • قرار وقف اطلاق النار سيطبق
  • آخر رسالة إسرائيلية لـحزب الله.. هل ستعود الحرب؟
  • رغد صدام حسين تنشر مقتطفات من مذكرات خطّها والدها بعد قرار إعدامه
  • نقضا للاتفاق.. الاحتلال يدرس البقاء في لبنان أكثر من 60 يوما
  • نقضا للاتفاق.. الاحتلال يدرس البقاء بلبنان أكثر من 60 يوما
  • لبنان ينتشل جثامين 5 قتلى وإسرائيل تواصل خروقاتها
  • إسرائيل تخطط للبقاء في جنوب لبنان بعد انتهاء مهلة الـ60 يوما
  • خبير إيراني لـبغداد اليوم: استمرار الصراع بين اليمن وإسرائيل سيدفع طهران للتدخل