تعيش المنطقة حالة من الترقب الشديد بعد الإعلان عن وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، مما أثار العديد من التساؤلات بين المتابعين حول موعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية،  فبينما يعكس الاتفاق العسكري بين الجانبين بداية مرحلة جديدة من الهدوء النسبي، إلا أن العديد من القضايا العالقة لا تزال تثير القلق والتساؤلات، خصوصًا فيما يتعلق بالانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان.

الوقف المؤقت للقتال والقلق من المماطلة

تم الإعلان عن وقف إطلاق النار برعاية الولايات المتحدة وفرنسا في أعقاب سلسلة من الهجمات المتبادلة بين حزب الله اللبناني والجيش الإسرائيلي. الاتفاق، الذي دخل حيز التنفيذ منذ أيام، نص على انسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية من بعض المناطق اللبنانية، في الوقت الذي يلتزم فيه حزب الله بعدم التصعيد العسكري.

لكن رغم هذا التوقف المؤقت للقتال، يظل السؤال الأبرز لدى المتابعين هو: متى ينسحب الجيش الإسرائيلي بشكل كامل من الأراضي اللبنانية؟

وقد أثير هذا التساؤل بعد التأكيد على أن الانسحاب الإسرائيلي سيكون تدريجيًا على مدى 60 يومًا، وهو ما يراه البعض فترة طويلة وقد يؤدي إلى مماطلة أو تأخير في تنفيذ الاتفاق على الأرض، و الكثير من المتابعين يراقبون عن كثب لتحديد ما إذا كانت هذه الفترة الزمنية ستشهد انسحابًا حقيقيًا على الأرض أم أنها ستكون مجرد خطوة سياسية لتخفيف الضغوط الدولية.

المشهد العسكري على الأرض: 

العديد من المحللين العسكريين يشيرون إلى أن انسحاب الجيش الإسرائيلي يتطلب العديد من الإجراءات اللوجستية المعقدة. فإسرائيل لا تستطيع ببساطة سحب قواتها بشكل مفاجئ دون التأكد من تأمين المناطق التي تحتلها، خصوصًا في ظل وجود عناصر حزب الله في المناطق الجنوبية، والتهديدات المستمرة التي قد تطرأ من قبل الجماعات المسلحة.

كما أن التحركات على الأرض قد لا تكون بالأمر السهل، حيث أن القوات الإسرائيلية قد تحتاج إلى إتمام انسحابها عبر إجراءات محددة تتعلق بإزالة المنشآت العسكرية، تفكيك البنى التحتية التي أقامتها خلال فترة وجودها في الأراضي اللبنانية، إلى جانب تنسيقها مع قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) لضمان سير العملية بسلاسة.

التحديات السياسية والضغوط الدولية

القلق الأكبر يتزايد في لبنان والمجتمع الدولي بشأن تأخر الانسحاب الإسرائيلي. في الوقت الذي يُعتبر القرار 1701 الصادر عن الأمم المتحدة عام 2006 مرجعية رئيسية لتنظيم العلاقات بين لبنان وإسرائيل، فإن تنفيذ هذا القرار في سياق الوضع الراهن يتطلب التزامًا حقيقيًا من جميع الأطراف، بما في ذلك إسرائيل.

وتحت ضغط المجتمع الدولي، بما في ذلك الولايات المتحدة وفرنسا، التي رعت اتفاق وقف إطلاق النار، قد تضطر إسرائيل إلى تسريع خطواتها لتفادي الانتقادات أو تدهور الوضع في المنطقة. ومع ذلك، يشير البعض إلى أن إسرائيل قد تسعى للاستفادة من فترة التوقف الحالية لإعادة تقييم موقفها العسكري وتعزيز وجودها الأمني على الحدود، وهو ما قد يسبب تعثرًا في عملية الانسحاب الفعلي.

ماذا عن حزب الله؟

في المقابل، يطرح البعض تساؤلات حول دور حزب الله في هذه المرحلة، هل سيظل ملتزمًا باتفاق وقف إطلاق النار أم أنه سيواصل تحركاته العسكرية في مناطق معينة؟ وكيف ستؤثر تحركاته على تقدم أو تأخير انسحاب الجيش الإسرائيلي؟

خبراء في الشأن اللبناني يشيرون إلى أن حزب الله قد يبقى في حالة من التأهب على طول الحدود الجنوبية، استعدادًا لأي تصعيد مستقبلي من قبل إسرائيل، خاصة في ظل عدم وجود ضمانات ملموسة بتنفيذ كامل للانسحاب الإسرائيلي. كما أن عدم ضمانات خروج القوات الإسرائيلية قد يزيد من انعدام الثقة بين الأطراف، مما يعرقل تنفيذ الاتفاق بالكامل.

أستاذ علوم سياسية: وقف إطلاق النار في غزة يتطلب ترتيبات أمنية واستراتيجية

انسحاب طويل الأمد أو حل سريع؟

بينما يترقب الجميع الانسحاب الإسرائيلي في ظل وقف إطلاق النار، يبقى السؤال الأهم في أذهان المتابعين هو: هل سيحدث الانسحاب فعلاً في الوقت المحدد أم أن العملية ستواجه عراقيل جديدة؟

التوقعات تشير إلى أن تطبيق الاتفاق بشكل كامل قد يستغرق وقتًا أطول مما تم الإعلان عنه. في النهاية، ستكون هناك العديد من العوامل التي ستؤثر على هذه العملية، بدءًا من الوضع العسكري على الأرض، وصولًا إلى الضغوط الدولية والداخلية على إسرائيل. في الوقت نفسه، تبقى الأنظار معلقة على كيفية تعامل حزب الله مع هذه التطورات، وكيف سيتصرف الطرفان في المستقبل القريب.

الوجه الحقيقي للجيش الإسرائيلي :

قال المحلل السياسي اللبناني محمد الرز قبيل، إن الإعلان عن وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل جاء بعد سلسلة من الهجمات التي شنتها قوات الاحتلال الإسرائيلي على مناطق عدة في لبنان، بما في ذلك العاصمة بيروت، والمناطق الجنوبية والبقاع، حيث قصف الجيش الإسرائيلي ضاحية بيروت الجنوبية في 22 غارة جوية.

وفي تصريحات تليفزيونية، أوضح الرز أن هذا الهجوم يعكس الوجه الحقيقي للجيش الإسرائيلي الذي يصفه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بـ "الجيش الأكثر أخلاقية في العالم"، لافتًا إلى أن هذه "الأخلاقية" تركت آثارًا دامية على المدنيين اللبنانيين، لاسيما النساء والأطفال، وذلك قبل ساعات فقط من الإعلان عن وقف إطلاق النار.

وأشار المحلل السياسي إلى أن الاتفاق يمثل فترة انتقالية مدتها 60 يومًا، تفصل بين مرحلة الحرب والدمار وبين فترة الهدنة غير المباشرة، التي تهدف إلى تهدئة الجبهة الجنوبية للبنان وفقًا للقرار الأممي رقم 1701،  ورغم التفوق الإسرائيلي في الغارات الجوية والحرب الاستخباراتية، إلى جانب تهجير نحو 1.2 مليون لبناني من مناطق الجنوب والبقاع، أكد الرز أن إسرائيل فشلت في تحقيق أهدافها الاستراتيجية.

شريط حدودي عازل:

وأوضح الرز أن إسرائيل لم تتمكن من إقامة "شريط حدودي عازل" بين لبنان وفلسطين المحتلة كما كان مخططًا، وفشلت أيضًا في إعادة النازحين الفلسطينيين من الشمال إلى ديارهم. كما أخفق الاحتلال في إشعال فتنة داخلية بين اللبنانيين أو بين النازحين والمواطنين في المناطق الآمنة.

وفيما يتعلق بحزب الله، أكد الرز أنه رغم الخسائر الكبيرة التي تكبدها في صفوفه نتيجة الحرب الاستخبارية الإسرائيلية، إلا أنه نجح في منع الجيش الإسرائيلي من احتلال الأرض اللبنانية، وكبّد الاحتلال خسائر بشرية فادحة، حيث قُتل وأصيب أكثر من ألف جندي وضابط إسرائيلي، كما أطلق حزب الله نحو 24 ألف صاروخ على العمق الإسرائيلي من تل أبيب إلى حيفا وعكا.

ورأى الرز أن إسرائيل حققت "انتصارًا تكتيكيًا" على الأرض، لكنها فشلت في تحقيق أهدافها الاستراتيجية، بينما خسر حزب الله تكتيكيًا لكنه لم يفشل استراتيجيًا.

مع الإعلان عن وقف إطلاق النار، توقع الرز أن يتم تنفيذ الإجراءات على الأرض، بما في ذلك انسحاب مقاتلي حزب الله إلى شمال نهر الليطاني، بينما سينسحب الجيش الإسرائيلي تدريجيًا، كما يشمل الاتفاق إشراف لجنة خماسية تضم الولايات المتحدة وفرنسا وإسرائيل ولبنان، إلى جانب قوات الطوارئ الدولية، على تطبيق القرار الأممي رقم 1701.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الوقف المؤقت وقف إطلاق النار لبنان وإسرائيل لانسحاب الإسرائيلي الولايات المتحدة الإعلان عن وقف إطلاق النار الانسحاب الإسرائیلی الجیش الإسرائیلی الإسرائیلی من أن إسرائیل بما فی ذلک العدید من بین لبنان على الأرض انسحاب ا فی الوقت حزب الله إلى أن

إقرأ أيضاً:

ثلاثة شهداء في غارة إسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية.. وعون يعلق

استشهد ثلاثة أشخاص وأصيب آخرون، الثلاثاء، جراء غارة إسرائيلية شنها الاحتلال على مبنى في الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت، في خرق متواصل لاتفاق وقف إطلاق النار بين الجانبين.

وقال مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة اللبنانية، في بيان، إن"غارة العدو الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية أدت في حصيلة محدثة إلى سقوط ثلاثة شهداء وإصابة سبعة أشخاص بجروح".

وبحسب وكالة الأنباء اللبنانية، فإن الغارة الإسرائيلية استهدفت مبنى يقع في محيط مجمع الكاظم عند تقاطع صفيرـ معوض في الضاحية الجنوبية، ما أدى إلى إلحاق أضرار في عدد من المباني المجاورة.


وأشارت الوكالة اللبنانية إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي استهدف بصاروخين الطوابق الثلاث الأخيرة من المبنى.

من جانبه، زعم جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه هاجم ما وصفه بأنه "عنصر ارهابي من حزب الله قام بتوجيه عناصر من حماس في الآونة الأخيرة.

وقالت القناة "14" الإسرائيلية، إن "أجهزة الأمن تلقت معلومات تؤكد أن المستهدف بالغارة على الضاحية الجنوبية لبيروت كان يخطط لعملية ضد طائرة إسرائيلية في قبرص"، حسب زعمها.

وأدان الرئيس اللبناني جوزيف عون الغارة الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية التي تأتي عقب أيام قليلة من هجوم مماثلة شنه الاحتلال، معتبرا أنها "إنذار خطير حول النيات المبيتة ضد لبنان".

وقال عون في تصريحات نقلتها الرئاسة اللبنانية عبر منصة "إكس"، إن "التمادي الإسرائيلي في عدوانيته يقتضي منا المزيد من الجهد لمخاطبة أصدقاء لبنان في العالم، وحشدهم دعما لحقنا في سيادة كاملة على أرضنا".

وأضاف عون " سنعمل مع الحكومة ورئيسها لوأد أي محاولة لهدر الفرصة الاستثنائية لإنقاذ لبنان"، حسب تعبيره.

يأتي ذلك على وقع تواصل الهجمات الإسرائيلي على مناطق وأهداف مختلفة من جنوب لبنان، في انتهاك متواصل لاتفاق وقف إطلاق النار الموقع بين الجانبين العام الماضي.


ومنذ سريان اتفاق وقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2024 في لبنان، ارتكبت دولة الاحتلال أكثر من ألف خرقا له، ما خلف أكثر من 88 شهيدا و284 جريحا على الأقل، بحسب بيانات رسمية.

ووفقا لاتفاق وقف إطلاق النار، فإنه كان يتعين على قوات الاحتلال أن تستكمل انسحابها الكامل من جنوب لبنان بحلول فجر 26 كانون الثاني/ يناير الماضي، لكنها طلبت تمديد المهلة حتى 18 شباط/ فبراير الماضي.

وواصلت حكومة الاحتلال المماطلة بالإبقاء على وجودها في خمس تلال داخل الأراضي اللبنانية على طول الخط الأزرق، رغم مضي فترة تمديد المهلة، وذلك دون أن تعلن حتى الساعة عن موعد رسمي للانسحاب منها.

وبحسب وكالة الأناضول، فإن دولة الاحتلال الإسرائيلية شرعت مؤخرا في إقامة شريط حدودي يمتد لكيلومتر أو اثنين داخل أراضي لبنان.

مقالات مشابهة

  • في "تطورات مقلقة" : أربعة قتلى بينهم مسؤول من حزب الله بغارة اسرائيلية على ضاحية بيروت
  • استشهاد 322 طفلاً في غزة خلال عشرة أيام من القصف الإسرائيلي
  • لبنان يدين الغارة الإسرائيلية .. إنذار خطير وخرقا واضحا لاتفاق وقف إطلاق النار
  • ثلاثة شهداء في غارة إسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية.. وعون يعلق
  • كتائب القسام تعلن تفجير دبابة إسرائيلية بعبوة ناسفة شرق خانيونس
  • لبنان.. اعتقال مشتبه بهم في إطلاق صواريخ على إسرائيل
  • ماكرون: دعوت نتنياهو للانسحاب من لبنان
  • ماكرون يطالب نتنياهو بوضع حد للضربات على غزة
  • ماكرون: أرفض التهجير في غزة ودعوت نتنياهو للانسحاب من لبنان
  • قنابل فوسفوريّة وإطلاق نار... إليكم كيف يبدو الوضع في جنوب لبنان