القدس المحتلة- في الوقت الذي تسلط فيه وسائل الإعلام الإسرائيلية الضوء على مشاهد الدمار الذي خلفه عدوان جيش الاحتلال على جنوب لبنان والضاحية الجنوبية لبيروت لتأطير صورة انتصار، تتعمد تل أبيب حجب مشاهد الدمار في مستوطنات الشمال وتتكتم على حجم الخسائر والأضرار التي تكبدتها جبهتها الداخلية.

ورغم ذلك، أخذت تتكشف تقديرات أولية لحجم الخسائر مع بدء عودة عشرات آلاف الإسرائيليين الذي تم إجلاؤهم من 42 مستوطنة في الشمال مع اندلاع الحرب في أكتوبر/تشرين الأول 2023.

عكس هذا التكتم أزمة الثقة بين الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو وسكان ورؤساء هذه المستوطنات الذين وجهوا انتقادات شديدة اللهجة إلى الوزارات واتهموها بإهمالهم خلال الحرب، وشككوا في جدية الخطة الحكومية لإعادة إعمار مستوطنات الشمال والتي قد تستغرق سنوات.

خسائر فادحة

ومع دخول اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان حيز التنفيذ، أظهرت البيانات الأولية التي أفصحت عنها سلطة الضريبة والأملاك قائمة بحجم الدمار الذي تتكتم عليه إسرائيل، حيث تم تسجيل نحو 9 آلاف حالة تلف وضرر في المباني السكنية والمنازل، وتضرر أكثر من 7 آلاف مركبة خاصة، وتضرر قرابة 343 مزرعة خاصة تمتد على عشرات آلاف الدونمات، وتدمير 1070 منشأة اقتصادية وتجارية صغيرة.

وقدرت هذه البيانات أن إجمالي الخسائر بلغ قرابة مليارين ونصف مليار شيكل (675 مليون دولار)، دُفع منها 140 مليون شيكل (38 مليون دولار).

وبحسب صحيفة "كلكليست"، فإن هذه الإحصاءات أولية ومرحلية، فقد قُدمت رسميا خلال الحرب إلى سلطة الضريبة والأملاك 17 ألفا و276 دعوى تعويضات، ويتوقع أن تتضاعف الدعاوى مع وقف إطلاق النار والتمكن من الوصول إلى جميع الأماكن المتضررة والتي تعذر الوصول إليها بسبب القتال.

مع بدء الحرب في أكتوبر/تشرين الأول 2023، تم إجلاء حوالي 22 ألفا من سكان مستوطنة كريات شمونة البالغ عددهم 24 ألفا من منازلهم، وتبدو شوارع المدينة مهجورة ومعرضة لإطلاق نار يومي من لبنان، وتوقف النشاط التجاري والصناعي فيها، واضطر معظم أصحاب المصالح التجارية التي تقدر بالآلاف إلى إغلاقها أو نقلها إلى أماكن نائية وأكثر أمانا.

ووصف رئيس بلدية كريات شمونة أفيحاي شتيرن الاتفاق مع لبنان بأنه "اتفاق استسلام"، وقال في حديثه لـ"كلكليست" إنه سيعرض سكان الشمال لهجوم كبير مماثل لذلك الذي نفذته حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في الجنوب يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

ويضيف "لا أفهم كيف انتقلنا من النصر المطلق إلى الاستسلام الكامل، ولماذا لم يكمل الجيش الإسرائيلي العلمية العسكرية في جنوب لبنان، خصوصا بعد توجيه ضربات قاسية لحزب الله الذي سيستغل الاتفاق لإعادة ترتيب صفوفه وقدراته، بينما سيعود سكان كريات شمونة إلى مدينة مدمرة، بلا أمن وبلا أفق".

وبحسب بيانات مؤسسة التأمين الوطني، فإن 70% من المصالح الصناعية والتجارية الصغيرة والمتوسطة والكبيرة في كريات شمونة أغلقت أبوابها مع بدء الحرب، كما أن 68% من سكانها الذين سيعودون يوما ما إلى المدينة لن يجدوا وظائف وأماكن عمل.

تداعيات الحرب

هذا الواقع الذي تكشف في المستوطنات الحدودية مع لبنان استعرضه الصحفي ناتي توكر، في تقرير له بصحيفة "دي ماركر"، تناول فيه الخسائر والأضرار التي خلفتها الحرب على الاقتصاد وسوق العمل في الشمال.

وبحسب توكر، فإن توقف الهجمات على شمال البلاد ووسطها وانخفاض التهديدات الأمنية القادمة من الجنوب على جبهة غزة يعيد إسرائيل إلى روتين الحياة الذي من شأنه أن يسمح بعودة النشاط الاقتصادي دون انقطاع.

ويضيف "قد تتبخر بعض آثار القتال وتداعياته بسرعة، لكن بعض عواقب الحرب وسلوك الحكومة لن يختفي بهذه السرعة. لقد خلقت الأشهر الـ14 من القتال فجوات عميقة غرقت فيها إسرائيل واقتصادها، وسيستغرق سدّها والخروج منها وقتا طويلا".

وعن سبب عمق الأزمة الاقتصادية والخسائر الأولية التي تكبدتها الجبهة الداخلية الإسرائيلية، يقول "لقد تم تخصيص 19 مليار شيكل (5 مليارات دولار) لإعادة إعمار غلاف غزة والنقب الغربي بعد وقت قصير من هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي".

ويتابع "إن ميزانية إعادة الإعمار في الشمال أقل بكثير وغير واضحة، ولا يزال السجال بين رؤساء المستوطنات والحكومة بشأن قيمتها في بداياته، إذ تقدر السلطات المحلية في المنطقة الأضرار بعشرات مليارات الشيكلات، بينما تتجه الحكومة لتخصيص 15 مليار شيكل فقط".

لا عودة

"جولة مثيرة للقلق في الجليل الأعلى وفي تخوم المستوطنات الحدودية"، هكذا وصفت صحيفة يديعوت أحرونوت -في تقرير لها- الواقع في الشمال مع دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، فدخول هذه المستوطنات بحاجة إلى تصريح خاص من الجيش الإسرائيلي، ويشمل ذلك أيضا السكان الذين نزحوا من المكان قبل نحو 14 شهرا.

هذا الواقع عبرت عنه عنبال شيني من كيبوتس (تجمع استيطاني) "مسغاف عام" وشككت في إمكانية صمود الاتفاق مدة طويلة، قائلة "من الواضح أن حزب الله سيفعل كل شيء للتغلب علينا. الغالبية العظمى من المنازل في المستوطنات الحدودية مدمرة، ليس من السهل العودة هكذا".

تعيش شيني في الكيبوتس منذ 35 عاما، ولم تتخيل أنه منذ أكثر من عام، حتى بعد مصادقة المجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت) ​​على وقف إطلاق النار في الشمال، ستكون زيارة المكان خطيرة وستتطلب تصريح دخول خاص.

ولا تنوي هذه المستوطِنة العودة قريبا إلى منزلها في الكيبوتس، وتوضح "ما عدت أثق في الحكومة ولن أستجيب لنداء الجيش إذا قال إن كل شيء آمن ويمكن أن تعود الحياة إلى طبيعتها. فحزب الله سيسعى إلى استعادة قدراته من جديد والعودة إلى جنوب لبنان ليهزمنا".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات أکتوبر تشرین الأول وقف إطلاق النار کریات شمونة فی الشمال

إقرأ أيضاً:

قناة أمريكية: حزب الله يدفع فاتورة باهظة لحرب 2024 مقارنة بحرب 2006

كشف تقرير نشرته قناة “سي بي أس” الأمريكية أنه بعد إعلان وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله اللبناني، يجد الحزب اللبناني نفسه أمام حصيلة تدمير واسعة شهدها هو وكذلك لبنان، تتفوق بشكل كبير عن تلك الخسائر التي حدثت في حرب عام 2006.
وبحسب القناة، أظهرت أحدث الإحصائيات أن الحرب الأخيرة التي اندلعت في العام 2024 قد خلفت دمارًا هائلًا في لبنان، حيث تجاوزت الخسائر المادية والإنسانية بكثير تلك التي خلفها نزاع عام 2006. فقد أسفرت هذه الحرب عن مقتل آلاف المدنيين وتشريد مئات الآلاف، فضلًا عن تدمير البنية التحتية وتعطيل عجلة الاقتصاد. 
وبحسب التقديرات الأولية، فإن الخسائر المادية التي لحقت بلبنان نتيجة لهذه الحرب تتجاوز الـ 11 مليار دولار، أي ضعف ما تكبده لبنان في حرب 2006. وشملت هذه الخسائر دمارًا واسع النطاق في قطاع الإسكان، وتدمير للمؤسسات التجارية، وتدهورًا في البيئة والزراعة، فضلًا عن خسائر اقتصادية غير مباشرة ناجمة عن تعطيل النشاط الاقتصادي.

ولفتت القناة إلى أن الأضرار التي تعرضت لها لبنان جراء الحرب الحالية تتخطى 11 مليار دولار، مقسمة بين خسائر في البنية التحتية تبلغ 580 مليون دولار، وخسائر في قطاع الإسكان تقترب من 5 مليار دولار، وخسائر المؤسسات التجارية والبيئة والزراعة تقترب من 1.5 مليار دولار، إضافة إلى خسائر اقتصادية غير مباشرة ومقدرة بنحو 4 مليار دولار.
ويفوق هذا الرقم الخسائر التي منيت بها لبنان خلال حرب عام 2006، والتي قدرت بـ 5.3 مليار دولار، مقسمة بين خسائر في البنية التحتية بـ 900 مليون دولار، وخسائر الإسكان والمؤسسات التجارية بنحو 900 مليون دولار، وخسائر قطاع الزراعة بـ 250 مليون دولار، وخسائر اقتصادية غير مباشرة بـ 1.2 مليار دولار.
ولفتت القناة إلى أن الأرقام الفلكية في خسائر حرب عام 2024، تكشف حجم الدمار الذي خلفته، وتسلط الضوء على التحديات الجسام التي تواجه لبنان في المرحلة المقبلة. فإعادة إعمار ما دمره الحرب يتطلب موارد مالية ضخمة، قد لا تكون متاحة في ظل الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها لبنان.
وأكد خبراء، حسب القناة، أن هذه الحرب قد كشفت عن هشاشة الوضع في لبنان، وأن حزب الله يتحمل مسؤولية كبيرة عن هذه الخسائر الفادحة. فهم يرون أن الحزب قد وضع مصالحه الحزبية فوق مصلحة الوطن، وأن سياساته الطائفية والمذهبية قد أدت إلى جر لبنان إلى حروب لا نهاية لها.

مقالات مشابهة

  • قناة أمريكية: حزب الله يدفع فاتورة باهظة لحرب 2024 مقارنة بحرب 2006
  • تقديرات لحجم الخسائر وكلفة الإعمار في لبنان و"إسرائيل"
  • تقديرات لحجم الخسائر وكلفة الإعمار في لبنان وإسرائيل
  • فياض يكشف حجم الخسائر بسبب الحرب
  • إعلام عبري: “إسرائيل” لا تملك القوة للقضاء على حزب الله ولن تحقق نصرا كاملا في غزة 
  • صحفية: الاحتلال الإسرائيلي يُريد أن تكون الصورة الأخيرة للحرب هي الدمار
  • الحرب على لبنان تكبّد المستوطنات الإسرائيلية خسائر فادحة
  • الجزيرة ترصد الدمار الذي خلفه القصف الإسرائيلي على بلدات بعلبك
  • حزب الله دمّر 8 آلاف منزل في شمال إسرائيل.. ورئيس بلدية كريات شمونة يتوقع موجة هجرة جديدة بعد الحرب