خبير عسكري: اتفاق وقف إطلاق النار مفروض على الطرفين ويجب تطبيقه
تاريخ النشر: 28th, November 2024 GMT
قال الخبير العسكري العميد إلياس حنا إن مسألة الخروقات ستظل موجودة طيلة الـ60 يوما المنصوص عليها في اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله، معربا عن اعتقاده بأن الاتفاق مفروض على الطرفين ويجب الالتزام به.
وأضاف حنا -خلال تحليل للمشهد العسكري في لبنان- أن استهداف جيش الاحتلال مسيّرة في "مركبا" لا يشكل خرقا للاتفاق وإنما هي محاولة لما يمكن تسميته "قواعد اشتباك جديدة"، مشيرا إلى أن لجنة مراقبة التنفيذ ستقوم برصد هذه الخروقات ونقلها للجانبين.
لكن الخطورة تكمن في استهداف مناطق مثل الخيام وصبيّا وشمع والناقورة التي تبعد 5 كيلومترات عن الحدود والتي لا يزال جيش الاحتلال موجودا فيها ويعتبرها الاحتلال مراكز أساسية لحزب الله، برأي حنا، الذي أكد أن الاتفاق "كبير جدا ومفروض من فوق".
وقال حنا إن هذه الخروقات لن تتوقف طيلة فترة الهدنة لأنها نتيجة الفوضى التي أحدها عام كامل من المواجهات بين الجانبين، معربا عن اعتقاده بأن الاحتلال يحاول فرض منطقة آمنة بعمق 5 كيلومترات لحين انتشار الجيش اللبناني على طول الحدود.
وختم بالقول إن الولايات المتحدة هي الوحيدة القادرة على منع إسرائيل من التصعيد والتنسيق مع الدولة اللبنانية في الوقت نفسه.
هجمات إسرائيلية
وفي وقت سابق اليوم الخميس، أفاد مراسل الجزيرة بإصابة 3 أشخاص في غارة بطائرة مسيرة إسرائيلية على سيارة في بلدة مركبا الحدودية جنوبي لبنان، وذلك في اليوم الثاني لوقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل.
كما رصدت الوكالة الوطنية للإعلام إطلاق دبابات إسرائيلية قذائف على مواقع عدة بجنوب البلاد.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه رصد وصول من وصفهم بالمشتبه بهم -وبعضهم بسيارات- إلى عدة مناطق في جنوب لبنان، وهو ما يشكل انتهاكا لاتفاق وقف إطلاق النار، حسب قوله.
وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي إن استهداف السيارة في بلدة مركبا "كان يهدف لإبعادها عن المنطقة المحظورة وليس قتل من فيها".
في الوقت نفسه، نقلت وكالة رويترز عن مصدرين أمنيين في لبنان أن دبابة إسرائيلية أطلقت قذيفتين على بلدة مركبا اليوم الخميس بعد 24 ساعة من سريان وقف إطلاق النار الذي يحظر "العمليات العسكرية الهجومية".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات وقف إطلاق النار
إقرأ أيضاً:
وقف النار في لبنان يعزز دعوات إسرائيلية لاتفاق مماثل بغزة
انشغلت الصحف الإسرائيلية، اليوم الأربعاء، بخبر توصل إسرائيل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع حزب الله في لبنان.
وحظيت صور العائدين اللبنانيين إلى قرارهم في الجنوب باهتمام لافت من هذه الصحف، مقابل غياب صور عودة الإسرائيليين إلى الشمال، بسبب مطالبة جيش الاحتلال لهم بانتظار التعليمات قبل المباشرة بذلك.
ولكن المدلولات السياسية للاتفاق كانت محط اهتمام وتعليق أبرز كتاب هذه الصحف، حيث كان جل التركيز على التساؤل، بل وحتى انتقاد غياب الإرادة السياسية لدى حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تحقيق وقف مماثل لإطلاق النار في غزة.
يرفض بعناد في غزةوفي مقاله في صحيفة "هآرتس"، يوجه المحلل السياسي يوسي فيرتر انتقادات حادة لنتنياهو على تناقض مواقفه في التعامل مع الحروب في لبنان وغزة، ويشير إلى أن نتنياهو أظهر سهولة وسرعة في إنهاء الحرب في لبنان، في حين يصر على استمرار الحرب في غزة، مما يعكس نوعا من الانتهازية السياسية واستخفافا بحياة الجنود والمواطنين.
ويعرض فيرتر كيف أن نتنياهو أنهى التصعيد في لبنان بسرعة وبطريقة حاسمة، من خلال اتفاق وصفه بأنه "مثقوب"، إلا أنه يرفض تماما إيقاف الحرب في غزة على الرغم من مرور 13 شهرا من القتال العنيف هناك. هذا التباين في القرارات يراه فيرتر دليلا على التناقض الشديد في مواقف نتنياهو. إذ بينما كان من الممكن لإنهاء الحرب في غزة أن ينقذ العديد من الأرواح ويحقق أهدافًا إنسانية، فإن نتنياهو يصر على إطالة أمد الحرب هناك.
يشير المحلل الإسرائيلي إلى أن نتنياهو استخدم خطابا متعاليا ومغرورا في تسويق وقف إطلاق النار في لبنان، حيث وصف نفسه بـ"الجنرال الجريء" الذي قاد الجيش إلى النصر، ولكنه يرى أن هذا الخطاب مجرد محاولة لإعادة كتابة التاريخ، ويقول "نتنياهو لا يعترف بحقيقة أن الحرب في لبنان كانت من الممكن أن تستمر لفترة أطول لو لم يتخذ هذا القرار السريع، في وقت كانت الحكومة تواجه فيه ضغوطًا من شركائها في الائتلاف اليميني".
ويلفت في مقاله إلى أن قرار إنهاء الحرب في لبنان كان سياسيا بالدرجة الأولى، ولم يكن نابعًا من دوافع أمنية بحتة، بل لحاجة نتنياهو للحفاظ على استقرار حكومته، على العكس مما يحدث في غزة، حيث إن ضغوط شركائه من اليمين المتطرف مثل وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش الذين يصرون على الاستمرار في حرب غزة تحبط التوصل لهكذا اتفاق. ويضيف "إن هذا التناقض في المواقف يعكس أن نتنياهو يولي أهمية أكبر لاستمرار الائتلاف الحكومي وعدم تعريضه للانهيار أكثر من اهتمامه بحياة الجنود والمواطنين".
ويتهم في هذا السياق نتنياهو بأنه "يواصل التضليل والتسويف بشأن قضية إعادة الأسرى الإسرائيليين في غزة، دون أن يقدم أي خطوات ملموسة لحل هذه القضية"، مشيرا إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي استمر في التأكيد على تحقيق الأهداف العسكرية في غزة، لكنه فشل في تقديم حلول عملية أو إنسانية حقيقية.
كما يلفت الانتباه إلى أن نتنياهو استخدم وقف الحرب في لبنان كوسيلة للتخلص من جبهة أخرى، بهدف التركيز على الجبهة الإيرانية كما صرح هو.
ويخلص فيرتر إلى أن قرار نتنياهو بوقف إطلاق النار في لبنان ورفضه في غزة ليس له مبرر عسكري أو إنساني، بل هو تحرك سياسي بحت يهدف إلى الحفاظ على استقرار حكومته وتجنب الضغوط السياسية الداخلية، مما يظهر تلاعبا بمصير الجنود والمواطنين لتحقيق أهداف سياسية ضيقة.
اتهام ودعوة للاستقالةوفي معاريف، يوجه الكاتب السياسي المعروف بن كسبيت انتقادات شديدة لنتنياهو بشأن قراره بالموافقة على وقف إطلاق النار في لبنان، ويعرض تباينا لافتا في طريقة تعامله مع الحربين في لبنان وغزة.
ويلاحظ بن كسبيت الذي دأب على توجيه انتقادات لاذعة لرئيس الوزراء الإسرائيلي، أن نتنياهو أنهى التصعيد في لبنان بسرعة نسبية، بينما يصر على مواصلة الحرب في غزة رغم التكاليف الباهظة على المستوى البشري والعسكري، كما يرى أن قرار وقف إطلاق النار في لبنان "هو اتفاق ضعيف ومثقّب"، مشيرا إلى أن "هذا الاتفاق لا يعرض الحكومة الإسرائيلية للخطر، ولا يسرع الانتخابات"، على عكس أي اتفاق يتم في غزة.
ويتفق بن كسبيت مع يوسي فيرتر بأن الدافع لذلك "لم يكن قرارا نابعا من الحاجة العسكرية أو الأمنية، بل كان قرارا سياسيا بحتا. فهو أراد إغلاق الجبهة اللبنانية بسرعة ليتفرغ للتركيز على الجبهة الإيرانية".
من جهة أخرى، يوجه الكاتب انتقادا شديدا لنتنياهو على استمرار إصراره على متابعة الحرب في غزة، رغم أن هذه الحرب تسببت في خسائر كبيرة في الأرواح، وتعرض الجيش الإسرائيلي لانتقادات بشأن طريقة إدارة العمليات العسكرية. وكان من المفترض حسب رأي كسبيت أن تكون حرب غزة هي الأولوية القصوى، ولكن بدلاً من ذلك، ظل نتنياهو يراوغ في تنفيذ أي وقف حقيقي للقتال، واستمر في التهرب من اتخاذ خطوات جادة لإعادة الجنود الإسرائيليين والمحتجزين من غزة.
وفيما يتعلق بلبنان، يوضح كسبيت أن نتنياهو قد وافق على اتفاق وقف إطلاق النار رغم وجود ثغرات كبيرة فيه، مثل عدم وجود منطقة عازلة على الحدود، وهو مطلب دائم للسكان في الشمال الذين كانوا يعانون من الهجمات المتبادلة. كما أن تنفيذ الاتفاق يعتمد على الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل الدولية، وهو أمر يعكس عدم الثقة في قدرة الحكومة اللبنانية على تنفيذ تعهداتها.
أما في غزة، فإن كسبيت يعتقد أن نتنياهو كان يكذب ويضلل الجمهور حول إمكانية تحقيق أهداف الحرب أو إعادة الرهائن، مشيرا إلى أن الحكومة فشلت في تحقيق تقدم حقيقي على الأرض، بينما استمروا في تقديم الوعود الفارغة. ولذلك فهو يرى أن "هذه التناقضات في السياسة تجعل نتنياهو في موقف غير مبرر، حيث يفضل التوسع في الحرب على غزة على حساب حياة المدنيين الإسرائيليين والفلسطينيين، فيما هو يوقف الحرب في لبنان حتى لا تكون على استقرار الحكومة"
أخيرا، يشير كسبيت إلى أن استمرار الحرب في غزة يخدم مصالح نتنياهو السياسية، وهو لا يريد أن يعرض نفسه لخطر فقدان تأييد اليمين المتطرف والشركاء مثل بن غفير وسموتريتش، الذين يضغطون من أجل الاستمرار في الهجوم على غزة.
وبالنظر إلى الاستطلاعات، يلاحظ الكاتب أن هناك إجماعا عاما في إسرائيل على ضرورة إنهاء الحرب والضغط من أجل صفقة للرهائن، لكن نتنياهو يرفض ذلك ويواصل تجاهل آراء الجمهور وتفضيل المواقف المتشددة التي تروج لها حكومته.
ويختم مقاله، بدعوة نتنياهو للاستقالة من منصبه مذكرا إياه بما فعلته رئيسة الوزراء الإسرائيلية غولدا مائير، وذلك "بعد أن عانينا من أسوأ كارثة في تاريخنا، وبعد عام وشهرين أحاطنا بالدماء والنار وأعمدة الدخان والقتلى والجرحى والمختطفين".
إرضاء ترامبوكررت الكاتبة سيما كدمون في يديعوت أحرنوت ما قاله زميليها في هآرتس ومعاريف، حينما تطرقت إلى التناقضات في مواقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن وقف إطلاق النار في لبنان مقابل استمرار الحرب في غزة، وركزت على التساؤل المحوري الذي بقي دون إجابة: لماذا يمكن لنتنياهو أن يوافق على إنهاء الحرب في لبنان بينما يرفض نفس الحل في غزة؟
تشدد كدمون على أن نتنياهو وافق على وقف إطلاق النار في لبنان بعد معارك استمرت لمدة عام وشهرين، إلا أنه يصر على استمرار الحرب في غزة، وهو ما تراه تناقضًا غير مبرر، وتؤكد أن نتنياهو لا يريد ذلك، "لأنه يخشى انهيار حكومته وافتقاده لقاعدته الشعبية، بالإضافة إلى تأثير ذلك على محاكمته".
وترى الكاتبة أن نتنياهو حاول تسويق مسألة إتمام اتفاق مع لبنان على حساب وقف الحرب في غزة على إعادة الأسرى الإسرائيليين في غزة، كما لو أن "الانتصار" على حزب الله، يعوض عن فقدان الرهائن".
وتُشير الكاتبة إلى أن نتنياهو في خطاب النصر الذي ألقاه لم يُقنع الجمهور بأن الحرب قد انتهت بنجاح. وتقول إنه رغم محاولاته لتقديم نفسه كقائد منتصر، إلا أن معظم الإسرائيليين لا يثقون في قيادته، خاصة في ظل استمرار الأوضاع في غزة، وتجاهله لحاجة سكان الشمال إلى الأمان بعد الهجمات الصاروخية.
ورغم أن الكاتبة تُظهر تعاطفها مع سكان الشمال الذين دفعوا ثمنا باهظا نتيجة تصعيد الحرب مع حزب الله. لكنها تؤكد في الوقت ذاته أنه لا يوجد بديل حقيقي لتحقيق السلام في لبنان سوى التوصل إلى اتفاق، ما يشير إلى أن الحلول العسكرية وحدها لم تعد كافية.
وتتساءل كدمون عن السبب وراء الموافقة السريعة من قبل نتنياهو على وقف إطلاق النار في لبنان، مشيرة إلى أن القرار كان مدفوعا بشكل أساسي بالضغط الأميركي. وحسب قولها، فإن نتنياهو لم يتخذ هذا القرار لمصلحة إدارة الرئيس جو بايدن، بل لأنه يدرك أن إدارة دونالد ترامب القادمة قد تطلب منه إنهاء القتال في لبنان، وهو ما قد يساعده في الحفاظ على مكانته السياسية.
في النهاية، ترى الكاتبة أن قرار نتنياهو بوقف إطلاق النار في لبنان ليس بسبب وجود أهداف أمنية واضحة تم تحقيقها، بل هو قرار سياسي بحت. ووفقا لها، كان الهدف من هذا الاتفاق هو إرضاء اليمين المتطرف في الحكومة، وتجنب تدهور الوضع العسكري في لبنان الذي قد يؤدي إلى مزيد من الخسائر البشرية.
تختم كدمون مقالها بالتأكيد على أنه لا ينبغي الخلط بين الانتصار العسكري في لبنان والتعامل مع الحرب في غزة، مشيرة إلى أن قرار وقف إطلاق النار في لبنان قد يكون بمثابة بداية لحل الأزمات الإسرائيلية، لكنه لا يمثل نهاية للصراع في غزة.