يتزايد الاهتمام الدولي والإقليمي بمنطقة القرن الأفريقي، لما لها من أهمية استراتيجية وثروات طبيعية هائلة، في ظل هشاشة أوضاعها الأمنية والسياسية، هذا الاهتمام المتزايد حوّل المنطقة إلى ساحة لتنافس محتدم بين القوى الكبرى والإقليمية، مما يهدد باندلاع صراع إقليمي واسع النطاق.

 

 النواحي الجغرافية

 

يشمل القرن الأفريقي أربع دول رئيسية: الصومال، جيبوتي، إريتريا، وإثيوبيا، ويتسع تأثيره ليطال دول الجوار مثل كينيا، أوغندا، السودان، واليمن.

تُعد المنطقة حلقة وصل رئيسية لحركة التجارة الدولية، حيث يمر عبر البحر الأحمر وخليج عدن نحو 12% من تجارة العالم، بقيمة تتجاوز تريليون دولار سنويًا. كما تُسهم في نقل ما بين 7 إلى 10% من إمدادات النفط العالمية، وفق تقارير مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد).

 


إعادة رسم خريطة التوازنات الإقليمية والدولية

من جانبه يرى الدكتور رمضان قرني، الخبير في الشؤون الإفريقية، أن صراع النفوذ في منطقة البحر الأحمر والقرن الإفريقي أصبح جزءًا من صراع دولي أوسع، مشيرًا إلى أن التحركات السياسية والاقتصادية الأخيرة في المنطقة تعكس إعادة رسم خريطة التوازنات الإقليمية والدولية.

 

 

أضاف قرني في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، أن منطقة القرن الإفريقي شهدت منذ عام 2022 اهتمامًا دوليًا متزايدًا، تمثل في تعيين 12 إلى 13 دولة كبرى، من بينها الولايات المتحدة، بريطانيا، الاتحاد الأوروبي، الصين، وروسيا، مبعوثين خاصين لهذه المنطقة الحيوية.

 

أكمل حديثه قائلًا:" إن هذا الاهتمام مرتبط بالأهمية الاستراتيجية للمنطقة، والتي تعد شريانًا لأمن الممرات المائية الكبرى، بما في ذلك البحر الأحمر، باب المندب، وقناة السويس لافتًا إلى أن جيبوتي، الدولة التي تعتمد على اقتصاديات القواعد العسكرية، تحتضن قرابة 9 قواعد عسكرية للقوى الكبرى، ما يجعلها محورًا أساسيًا في هذا الصراع، في ظل تنافس واضح بين الولايات المتحدة وحلفائها من جهة، والصين وروسيا من جهة أخرى".

 

 

وأكد قرني أن الصراع في القرن الإفريقي يمتد ليشمل الجوانب الاقتصادية، حيث تتنافس القوى الكبرى على إدارة الموانئ وتعزيز نفوذها البحري، مشيرًا إلى التحركات الروسية لإنشاء قاعدة عسكرية في بورتسودان، والدور الصيني المتزايد في جيبوتي.

كما نوه بـ أن الأدوار الإقليمية التي تلعبها قوى كبرى مثل مصر، السعودية، الإمارات، وتركيا في دعم الاستقرار السياسي والاقتصادي في الصومال، مشيرًا إلى التنسيق المصري-الصومالي لمواجهة التحديات الأمنية وتعزيز مؤسسات الدولة.

 

 

 

وفي حديثه عن التحركات الإقليمية، أوضح قرني أن هناك جهودًا حثيثة من قِبل مصر لإعادة بناء النظام الأمني في القرن الإفريقي، نظرًا لتأثيراته المباشرة على الأمن القومي المصري، خاصة ما يتعلق بتأمين قناة السويس، مضيفًا أن هذه الجهود تشمل تعزيز التعاون مع الصومال وإريتريا، فضلًا عن التنسيق الاقتصادي مع جيبوتي ودول الجوار.

 

 

 

واختتم المتخصص في الشؤون الإفريقية، أن السنوات المقبلة ستشهد تصعيدًا في الصراع على النفوذ بالقرن الإفريقي، خاصة في ظل التنافس الدولي على الموانئ والممرات المائية والقواعد العسكرية، مما يتطلب تكاتفًا إقليميًا ودوليًا لضمان استقرار المنطقة.

 

 

 

النفوذ السياسي والجيوسياسي

في نفس السياق أكد الدكتور رامي زهدي، الخبير في الشؤون الإفريقية،  أن منطقة القرن الأفريقي تشهد صراعًا متصاعدًا يعكس التنافس الإقليمي والدولي على النفوذ السياسي والجيوسياسي، مشيرًا إلى أن هذه المنطقة ذات الأهمية الاستراتيجية أصبحت مركزًا للتحركات الدولية التي قد تغيّر ملامحها بشكل جذري خلال السنوات المقبلة.

 

 

أضاف زهدي في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، أن موقع القرن الأفريقي، الذي يربط المحيط الهندي بالبحر الأحمر، ويشرف على مضيق باب المندب، يجعل منه نقطة ارتكاز محورية للتجارة العالمية، حيث يمر عبره نحو 10% من حركة التجارة الدولية مضيفًا أن المنطقة تزخر بثروات طبيعية، مثل النفط والغاز، وتمثل سوقًا استهلاكيًا واسعًا، مما يجعلها ساحة مفتوحة للتنافس بين القوى الكبرى والإقليمية.

 

وأشار زهدي إلى أن الصراع في القرن الأفريقي يحمل ملامح مواجهة شبيهة بالحرب الباردة، حيث تسعى القوى الكبرى لتعزيز وجودها العسكري والاقتصادي في المنطقة، موضحًا أن الصين تُعد من أبرز اللاعبين عبر استثماراتها الضخمة في البنية التحتية ومبادرة "الحزام والطريق"، فضلًا عن وجود قاعدة عسكرية في جيبوتي، في المقابل، تعمل الولايات المتحدة على تعزيز نفوذها عبر شراكات أمنية واقتصادية مع دول مثل إثيوبيا وكينيا.

 

أكمل أن روسيا وتركيا أيضًا تسعيان لترسيخ حضورهما، حيث تحاول موسكو إقامة قاعدة عسكرية في السودان، بينما تركز أنقرة على مشاريع تنموية في الصومال وجيبوتي، في إطار استراتيجيتها لتعزيز نفوذها في القارة الأفريقية.

 

على الصعيد الإقليمي، أكد زهدي أن الصراع بين مصر وإثيوبيا يمثل أحد أبرز محاور التوتر في المنطقة، مشيرًا إلى أن قضية سد النهضة الإثيوبي هي محور هذا النزاع، لافتًا إلى أن مصر تسعى للحفاظ على حقوقها التاريخية في مياه النيل من خلال التحركات الدبلوماسية والشراكات الإقليمية، بينما ترى إثيوبيا السد كمشروع سيادي يعزز مكانتها التنموية.

 

 

كما نوه بـ أن الموانئ البحرية تمثل إحدى أهم أدوات الصراع، حيث تُعد جيبوتي مركزًا رئيسيًا للنقل البحري، وتجذب استثمارات كبرى من قوى مثل الصين والإمارات، كما أن الصراع على موارد النفط والغاز في الصومال وإثيوبيا يعزز من تنافس القوى الدولية والإقليمية، ما يجعل المنطقة محورًا لصراعات اقتصادية واسعة النطاق.

 

على الصعيد الجيوسياسي، أوضح زهدي أن القرن الأفريقي يشهد تصاعدًا في تأثير التغيرات المناخية والهجرة والنزاعات المسلحة، مما يزيد من تعقيد الأوضاع، مشيرا إلى أن التوسع في إنشاء القواعد العسكرية، سواء من القوى الغربية أو الصين وروسيا، يزيد من احتمالية اندلاع مواجهات غير مباشرة.

 

 

واختتم المتخصص في الشؤون الإفريقية في تصريحاته بالتأكيد على أن منطقة القرن الأفريقي تواجه تحديات خطيرة، أبرزها تصاعد النزاعات المائية وزيادة عسكرة المنطقة، مضيفًا أن التعاون الإقليمي والدولي يمكن أن يكون الحل الأمثل للحفاظ على استقرار المنطقة.

 

لفت أن مصر تلعب دورًا محوريًا في هذا الإطار عبر تعزيز شراكاتها مع دول المنطقة، ودعم مشروعات تنموية وأمنية، وتقديم حلول شاملة للنزاعات، مؤكدًا أن القرن الأفريقي يقف أمام مفترق طرق، فإما أن يتجه نحو التصعيد والصدامات التي تعيد تشكيل خريطته السياسية، أو أن يسعى لإرساء نموذج جديد من التعاون الإقليمي والدولي يضمن التنمية والاستقرار.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: اريتريا أثيوبيا البحر الأحمر وخليج عدن التجارة الدولية الحرب الباردة السودان واليمن النزاعات المسلحة النفط والغاز النفط العالمي بورتسودان جذب استثمارات حركة التجارة الدولية منطقة القرن الإفريقي القرن الافريقى فی الشؤون الإفریقیة القرن الأفریقی القرن الإفریقی القوى الکبرى منطقة القرن مشیر ا إلى أن الصراع فی القرن ا إلى أن

إقرأ أيضاً:

المجلس الأعلى للشئون الإسلامية يعقد ملتقى فكريًّا للطلاب الوافدين من جيبوتي

عقد المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ملتقى فكريًّا للطلاب الوافدين من دولة جيبوتي، في إطار الدور الريادي والتثقيفي الذي يضطلع به المجلس، تحت رعاية الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، وبإشراف الأمين العام للمجلس الأستاذ الدكتور محمد عبدالرحيم البيومي. 

منتدى مجمع البحوث الإسلامية للحوار يوصي بإطلاق مبادرات لتعزيز دور المرأة

أدار اللقاء الدكتور نور الدين قناوي، رئيس الإدارة المركزية للعلاقات الخارجية بالمجلس، وبدأ الملتقى بآيات قرآنية مباركة من التسجيلات النادرة لكبار القراء.  

استقبل المجلس الطلاب الوافدين بكلمة ترحيبية ألقاها الأمين العام نيابةً عن الأستاذ الدكتور أسامة الأزهري، إذ أكد فيها أهمية الدور الذي يقوم به المجلس الأعلى للشئون الإسلامية في نشر الفكر المستنير وتعزيز القيم الثقافية والدينية. كما أشار إلى الأنشطة المتنوعة التي ينظمها المجلس، من صالونات ثقافية ومعسكرات تثقيفية، وعرض أفلام تسجيلية تسلط الضوء على إسهامات المجلس في مختلف المجالات.  

أولويات المجلس وتاريخه العلمي والمعرفي

نظم الملتقى محاضرة تعريفية تناولت أولويات المجلس وتاريخه العلمي والمعرفي، بجانب الحديث عن دوره في الحفاظ على التراث الإسلامي. وألقى الدكتور سيمور، رئيس جمعية الصداقة المصرية الأذربيجانية، كلمة أعرب فيها عن شكره العميق للأمين العام للمجلس على هذا اللقاء المبارك، معربًا عن سعادته الغامرة بالعودة إلى أجواء المجلس التي عرفها منذ عام ١٩٩٧، حينما حضر معسكر أبي بكر الصديق بالإسكندرية.  

وأشاد الدكتور حسن خليل، مدير عام تجميع وتحقيق المخطوطات بالمجلس، في خلال كلمته بدور المجلس بوصفه نافذة لمصر على العالم الإسلامي، مبرزًا جهوده في إصدار كتب وموسوعات علمية مثل كتاب: «سبل الهدى والرشاد»، و«موسوعة الفقه الإسلامي».

وأشار إلى أن المجلس يعقد الصالونات الثقافية، ويصدر مجلتي «منبر الإسلام» و«الفردوس»؛ ما يعزز دوره في نشر المعرفة والتراث.  

زيارة طلابية لمسجد السيدة زينب -رضي الله عنها

اختتم الملتقى بزيارة طلابية لمسجد السيدة زينب -رضي الله عنها-، إذ أعرب الطلاب الوافدون عن سعادتهم البالغة بهذه الزيارة الروحية، مؤكدين تقديرهم للجهود التي يبذلها المجلس لتعزيز ارتباطهم بالتراث الإسلامي المصري. وتم توزيع نسخٍ من إصدارات المجلس القيمة؛ تعبيرًا عن حرصه على تقديم المعرفة وتعزيز الصلة بين الطلاب الوافدين ومصادر الفكر الإسلامي الوسطي المستنير.

مقالات مشابهة

  • المجلس الأعلى للشئون الإسلامية يعقد ملتقى فكريا للطلاب الوافدين من جيبوتي
  • الأعلى للشئون الإسلامية ينظم ملتقى فكري للطلاب الوافدين من جيبوتي
  • المجلس الأعلى للشئون الإسلامية يعقد ملتقى فكريًّا للطلاب الوافدين من جيبوتي
  • أبرزهم بالعدل والداخلية.. نزاهة السعودية تعلن إيقاف 145 موظفا لاستغلال النفوذ
  • صحيفة كابيتال: ليبيا انضمت للبنك الأفريقي لتمويل المنطقة الحرة مصراتة
  • تركيا تتصدر وإيران تتراجع.. لعبة النفوذ تتغير في دمشق
  • وزير الخارجية السوري: لن نكون مركز صراع بين القوى الإقليمية والدولية
  • عودة داعش.. استغلال الفراغ السياسي وتحولات النفوذ في سوريا
  • “عين شمس” تنافس على لقب أفضل جامعة للأنشطة الطلابية 2024/2025
  • ملتقى إقليمي يجمع 11 دولة عربية في الإسكندرية لحماية التراث الإقليمي