بعد التنازلات الكبيرة.. بماذا يحتفل أنصار حزب الله؟
تاريخ النشر: 28th, November 2024 GMT
أثار اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل جدلاً واسعاً في لبنان، حيث اعتبره مراقبون تنازلاً كبيراً من الحزب ومؤشراً على تراجع نفوذه في المشهدين العسكري والسياسي. في المقابل، سعى حزب الله إلى تصوير الاتفاق كـ"نصر" من خلال بيان رسمي بالإضافة إلى احتفال مناصريه في شوارع الضاحية الجنوبية ومناطق عدة، حيث جابوا الطرقات عبر درجات نارية رافعين اعلام الحزب وشعارات تعزز رواية الانتصار.
يأتي هذا المشهد في ظل الضربات القاسية التي تعرّض لها الحزب منذ سبتمبر الماضي، والتي استهدفت قياداته، بما في ذلك أمينه العام حسن نصر الله، إضافة إلى مخازن أسلحته وأنفاقه، ما أثار تساؤلات حول مدى قدرة الحزب على استعادة قوته بعد سلسلة هذه الخسائر.
ومن أبرز بنود الاتفاق التي تمثل تنازلاً من حزب الله وتؤثر على سرديته حول حماية أرض لبنان وسيادته، انسحابه من جنوب نهر الليطاني، مع حصر حمل السلاح بالقوات الأمنية والعسكرية اللبنانية هناك، كذلك السماح للجيش الإسرائيلي بالبقاء في بعض البلدات الجنوبية اللبنانية لمدة تصل إلى 60 يوماً، مع ضمان حرية تحركه في حال رصد تهديدات أمنية، إضافة إلى تأجيل عودة سكان القرى التي تم إخلاؤها خلال التصعيد العسكري.
إذ رغم التصريحات المتكررة لحزب الله عن رفضه لمثل هذه الشروط لوقف إطلاق النار، عاد وقبل بها وعدّ نفسه منتصراً، ما يطرح تساؤلات حول أسباب هذا التناقض.
وكان حزب الله فتح جبهة جنوب لبنان، في 8 أكتوبر، غداة الهجوم الذي شنّته حركة حماس على إسرائيل، ليتطور بعدها التصعيد العسكري إلى اجتياح بري إسرائيلي لجنوب لبنان، مع توسع دائرة العمليات العسكرية لتشمل مناطق متعددة في البلاد، ما تسبب بخسائر بشرية ومادية كبيرة في لبنان.
نصر أم دعاية؟يقول الكاتب والصحفي مجد بو مجاهد، "حتى إن كانت ثمة محاولات يأخذها حزب الله على عاتقه للزعم أن اتفاق وقف النار هو بمثابة إنجاز أو انتصار لمصلحته، وذلك لاعتبارات خاصة بالبحث عن استرجاع قدرته على الإمساك بالزمام السياسية في الداخل اللبنانيّ، لكنّ تبعات المواجهات الحربية كانت كارثية وبخاصة على مناطق نفوذه الشعبيّ حيث الخسائر الشاسعة في البنى التحتية والأراضي الزراعية وهناك قرى حدودية جنوبية سوّيت أرضاً ولا يزال الجيش الإسرائيلي ماكثاً فيها".
كما أنه لا يمكن اغفال وفق ما يقوله بو مجاهد لموقع "الحرة" "الاستهدافات الإسرائيلية التي اغتالت غالبية من قادة حزب الله المرجعيين والعسكريين وخفّضت كثيراً من ترسانته الصاروخية، وقد شكّل اغتيال أمينه العام حسن نصر الله الذي كان يختصر حزب الله بشخصه في لبنان، تصدّعاً شديداً سيترك تأثيرات لا يمكن الاستهانة بها على محور "الممانعة" في لبنان وعلى حزب الله سياسيّاً واجتماعيّاً. وحالياً، لم ينسحب الجيش الإسرائيلي حتى اللحظة من مناطق في الجنوب اللبناني ولا يزال يقوم بضربات حربية في قرى حدودية".
من جانبه يقول الكاتب والباحث السياسي مكرم رباح، "لا يعترف حزب الله وأدبياته بالخسارة"، مشيراً في حديث لموقع "الحرة" إلى أن "سقوط المدنيين ليس مشكلة ضمن عقيدة الحزب السياسية والدينية التي تتبع إيران"، واصفاً الحديث عن "انتصار إلهي جديد أو إجبار إسرائيل على الانسحاب من جنوب لبنان" بأنه "ضرب من الخيال".
أما الخبير الاستراتيجي، العميد المتقاعد ناجي ملاعب فيوضح أن "المجموعات التي تشن حروب العصابات مع جيش نظامي تعتبر فشل جيش العدو في تحقيق أهدافه انتصار لها، وهو ما يحاول حزب الله إظهاره في حملاته الإعلامية حيث يروّج لنفسه كقوة منتصرة، بغض النظر عن الخسائر أو التداعيات".
ويشير ملاعب في حديث لموقع "الحرة" إلى أن "سكان جنوب لبنان لديهم تقليد راسخ بالعودة السريعة إلى قراهم فور انتهاء الحروب، كما حدث بعد حرب عام 2006، حيث عاد النازحون إلى منازلهم في اليوم التالي لتوقف القتال"، مؤكداً أن "حزب الله يستغل هذا السلوك الشعبي عبر آلة إعلامية ضخمة لتصويره على أنه إنجاز له، في ظل حاجته الماسة لتعزيز معنوياته الداخلية وسط التحديات السياسية والعسكرية".
تنازلات أم ضرورة؟"يشكّل اتفاق وقف النار بذاته متنفساً في كثير من المناطق اللبنانية لمواطنين لبنانيين تهجّروا على تنوّع انتماءاتهم السياسية، وهو أيضاً جعل حزب الله يحيّد نفسه عن خسائر إضافية وقد يكون الاتفاق أتى لمصلحته من هذه الناحية وجعله أيضاً أكثر قدرة على البحث عن أن ينظّم نفسه سياسيّاً"، كما يقول بو مجاهد.
لكنّ النقاط الخاصة بالاتفاق إذا نفّذت فإنها وفق بو مجاهد "ستشكّل ببساطة استرجاعاً لقرار الدولة اللبنانية وتفكيكاً لما تبقى من منشآت "حزب الله" وللمواقع العسكرية ومصادرة جميع الأسلحة غير المصرّح بها. ولا بدّ من التأكيد على أهمية البند الذي يلفت إلى أن تكون قوات الأمن والجيش اللبناني الرسميين الجهات المسلحة الوحيدة المسموح لها بحمل السلاح وتشغيل القوات جنوب لبنان".
وقف إطلاق النار أصبح مطلباً ملحاً للطرفين المتصارعين، حزب الله وإسرائيل، كما يقول ملاعب وذلك "نتيجة الإنهاك الميداني المتبادل، وهو ما يتماشى مع سياسة إيران التي تسعى لتجنب تصعيد الصراع إلى داخل أراضيها".
وتفتح هذه الاتفاقية كما يقول ملاعب الباب أمام سؤال جوهري بشأن جدوى استمرار وجود السلاح خارج إطار الشرعية، ويشدد "عندما نصل إلى هذه الإجابة، سيكون الرابح الحقيقي هو الدولة اللبنانية، وليس أي طرف آخر".
ويتوقع ملاعب أن تشهد المرحلة المقبلة في لبنان جهوداً لإعادة بناء المؤسسات السياسية، "بدءاً من انتخاب رئيس جديد للجمهورية، مروراً تشكيل حكومة، واستعادة القضاء لسلطته، ووصولًا إلى تعزيز انتشار الجيش اللبناني على كامل الأراضي"، ويوضح أن "هذا المسار السياسي يتكامل مع المسار الأمني ضمن آلية جديدة ترعاها الدول الغربية، لا سيما ألمانيا، التي أرسلت فرقاطة إلى المياه اللبنانية لمراقبة تهريب الأسلحة".
أما رباح فيقول إن "استمرار حزب الله في نهج الحروب والانتصارات الإلهية، سيؤدي إلى مزيد من عزل بيئته الشيعية عن باقي مكونات المجتمع اللبناني، الذي يطالب الحزب بالاعتراف بمسؤوليته عن الإساءة للبنان ككل"، معتبراً أن " سياسات حزب الله "أضرت بشيعة لبنان ولم تحمهم من الأخطار الإسرائيلية، كما لم تحم الحزب نفسه" وأن تسليم سلاح الحزب إلى الجيش والدولة هو "الخطوة الأولى لبناء وطن يستطيع الدفاع عن جميع أبنائه بمختلف انتماءاتهم السياسية والدينية".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: جنوب لبنان حزب الله فی لبنان
إقرأ أيضاً:
مغردون: هل تخلى حزب الله عن وصية حسن نصر الله تجاه غزة؟
اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله اللبناني كان الحدث الأبرز على منصات التواصل العربية، فبعد عام تقريبا من عملية الإسناد التي أعلنها الحزب لدعم المقاومة الفلسطينية، تم الاتفاق اليوم مع إسرائيل على وقف الاقتتال والحرب.
هذا الإعلان أثار حالة من الجدل والانقسام بين المدونين، فهناك من اعتبر أن حزب الله تخلى عن وصية أمينه السابق حسن نصر الله، الذي اغتالته إسرائيل، في إسناد غزة، وهناك من رأى أن الحزب قدم ما يستطيع لدعم وإسناد أهل غزة بكافة السبل وهو ما عجزت عنه دول حسب وجهة نظرهم.
وكان أول ما أعاد مغردون تداوله جزءا من الخطاب الأخير لنصر الله وقال فيه "إن المقاومة في لبنان لن تتوقف عن مساندة غزة، رغم كل التضحيات التي قدمتها".
الكابينيت الإسرائيلي يقر رسميًا عن دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ صباح الغد في الساعة العاشرة صباحاً، وهذا متجاوزًا وصية الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله الأخيرة: “جبهة لبنان لن تتوقف قبل وقف العدوان على غزة.”
لن نخدع أنفسنا ، إسرائيل نجحت الليلة في فصل الجبهات، تاركة غزة… pic.twitter.com/Wmy3VW5Hzb
— Tamer | تامر (@tamerqdh) November 26, 2024
وعلق مغردون على اتفاق وقف إطلاق النار بالقول إن هذا الاتفاق تجاوز وصية الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله الأخيرة أن "جبهة لبنان لن تتوقف قبل وقف العدوان على غزة". وأضاف هؤلاء بالقول "لن نخدع أنفسنا، إسرائيل نجحت الليلة في فصل الجبهات، تاركة غزة وحيدة وهذا أصبح واقعا الآن، هذا السيناريو كان مطروحًا منذ بداية الحرب: وقف الدعم لغزة وانسحاب حزب الله من جنوب الليطاني، وهو ما تم الاتفاق عليه في النهاية حسب تفسيرهم.
انتهت التكهنات…
حزب الله إلى شمال الليطاني مع تفكيك البنية التحتية جنوبه، ومنع تسليحه، بل وحصاره لبنانيا عبر الجيش ودوليا باليونيفيل والولايات المتحدة…
وحدة الساحات المفترضة انتهت…
محور المقاومة المفترض انتهى…
لكن…
وهنا لكن كبيرة…
الحرب لم تنته…
لا في لبنان…
ولا…
— د. ابراهيم حمامي (@DrHamami) November 26, 2024
وكتبت إحدى المدونات معلقه على هذا الاتفاق "اليوم واليوم فقط أحسسنا بفقدان السيد/حسن نصر الله الذي وعد بألا يتخلى عن إسناد غزة في كفاحها الشريف من أجل الكرامة الإنسانية والحرية، ولكن قبول الحزب للهدنة مع إسرائيل فهو يتعرض لخسارة كبيرة".
يريد هذا العالم الظالم أن يرسخ في نفوس أهل #غزة ومقاومتها فكرة أنهم ‘متروكون’ معزولون كما قال مجرم الحرب نتنياهو الليلة..
بعد 70 يوماً ، نجحت ماردة النفاق "أمريكا" في فرض قرار بوقف إطلاق النار في #لبنان، بينما ترفع، في المقابل، ورقة الفيتو في وجه أي قرار دولي يوقف آلة القتل التي…
— ???????? أدهم أبو سلمية (@AdhamPal922) November 26, 2024
في المقابل هناك من رأى أن الحزب قدم ما عليه من نصرة المقاومة في غزة وأنه خسر أمينه العام وصف القيادات الأولى من أجل دعم وإسناد المقاومة الفلسطينية، وأضافوا بأن حزب الله أدى ما عليه وقدم التضحيات الكبيرة بدءا بقياداته السياسية والعسكرية، وأنه في النهاية هو ليس قوة عظمى بل حركة مقاومة في بلد صغير وكل العالم ضده.
حتى ان تم اقرار وقف النار فان هذا لا يمس من الثوابت التي جمعت المقاومة في فلسطين و لبنان و اليمن و العراق فدماء الشهداء التي سالت من اجل القضية لا يجب خذلانها حيث استطاعات الوقوف امام مشروع صفقة القرن المدعوم عالميا للاسف باموال عربية فالاستمرارية و الثبات هام جدا هو خضوع العدو
— rekik mohamed (@rekikmohamed12) November 26, 2024
ورأى آخرون أن إسرائيل رضخت لوقف إطلاق النار مع حزب الله لعدة أسباب من أهمها فصل جبهة حزب الله عن غزة والاستفراد بحماس، كذلك عجز إسرائيل بريا في #لبنان مثل عجزها في #غزة رغم تفوقها الجوي.
قرار 7 اكتوبر تم اخذه بدون المشاوره مع الحزب ولا مع قيادات حماس في الخارج وما قدمه الحزب في بدايه الحرب اسناد بسيط سخره الله للمجاهدين في غزه. خلاصه القول حماس قادره على الاستمرار ف حربها المقدسه وتكسير عظام الاحتلال دون الحاجه لاحد فقط اراد الله امرا كان مقضيا عنده سبحانه وتعالى
— abu Feisal (@fahad72062757) November 27, 2024