نساء غزة يطالبن بالسلام: أصوات تطالب بإنهاء الحرب والمعاناة
تاريخ النشر: 28th, November 2024 GMT
شهد قطاع غزة في الأيام الأخيرة مظاهرات نسائية ملهمة، عبّرت فيها النساء عن مطالبهن لإنهاء الحرب المستمرة ووضع حدٍ للمعاناة التي يعانيها سكان القطاع. في إحدى هذه المظاهرات، التي نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي عبر فيديو نشر من قبل طيف عصام البحيصي وحسابه علي انستجرام (taef (albohisi، اجتمعت النساء حاملات رسائل تدعو للسلام، الإفراج عن المعتقلين، والعودة إلى حياة كريمة وآمنة.
يطرح هذا التحرك النسائي تساؤلات عميقة: هل هذه بداية لحركة نسائية أوسع في غزة؟ وهل ستنجح النساء في تغيير مسار الأحداث وإيقاف الحرب؟
المتظاهرات عبّرن عن رغبة مشتركة في إنهاء دوامة العنف. أكدت المشاركات أنهن، كأمهات وزوجات وبنات، تحملن ويلات الحرب لفترة طويلة، ويرغبن في العيش بسلام بعيدًا عن الخوف والدمار. رفعت بعضهن شعارات تدعو للإفراج عن الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى الفصائل الفلسطينية، مشيرات إلى أن هذه الخطوة قد تكون مفتاحًا لإنهاء التصعيد وتحقيق تهدئة مستدامة.
تأتي هذه الاحتجاجات في سياق أزمة إنسانية غير مسبوقة، حيث يعاني سكان غزة من انعدام الخدمات الأساسية، مثل الكهرباء والمياه، فضلًا عن ندرة الإمدادات الطبية والغذائية. ومع استمرار الغارات وتفاقم أوضاع النزوح، أصبحت الحياة اليومية شبه مستحيلة. النساء المشاركات أكدن أن هذه الظروف دفعت بهن إلى المطالبة بالسلام، ليس فقط لأجلهن، ولكن لأجل أطفالهن وأسرهن التي تعاني من ويلات النزاع المستمر.
في تصريحات نُقلت عن المشاركات في المظاهرة، أكدت النساء أن الحرب لا تجلب سوى المزيد من الدمار والمعاناة للجميع. بعض النساء عبّرن عن استعدادهن لتقديم تنازلات من أجل تحقيق سلام شامل، بما في ذلك الدعوة للإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين في إطار أي اتفاق يحقق التهدئة.
هذه المظاهرات النسائية قوبلت بإشادة من بعض الجهات الحقوقية التي ترى فيها بارقة أمل وسط المشهد القاتم. ومع ذلك، لا تزال العقبات السياسية والعسكرية تقف في طريق التوصل إلى اتفاق شامل يوقف الحرب. التحدي الأكبر يكمن في إيجاد أرضية مشتركة تجمع بين الأطراف المتنازعة وتحقق العدالة للجميع.
تعكس هذه الاحتجاجات قوة وصمود النساء في غزة، اللواتي يرفعن أصواتهن من أجل التغيير. في ظل ظروف قاسية وأوضاع إنسانية متدهورة، تبقى أصواتهن دليلًا على إصرار الإنسان على الحياة والكرامة حتى في أصعب اللحظات.
المصدر: بوابة الفجر
إقرأ أيضاً:
«وباء العنف الجنسي» في حرب السودان
«وباء العنف الجنسي» في حرب السودان
عثمان ميرغني
«أشعر بالخجل لأننا لم نتمكن من حمايتكن، وأشعر بالخجل من أمثالي من الرجال بسبب ما فعلوه»… بهذه الكلمات خاطب توم فليتشر، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مجموعة من النساء هذا الأسبوع خلال فعالية في إحدى مدارس مدينة بورتسودان، بمناسبة اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة الذي يصادف الخامس والعشرين من نوفمبر (تشرين الثاني).
المسؤول الدولي تحدث عما وصفه بـ«وباء العنف الجنسي» المنهجي الذي تتعرض له النساء في ظل الحرب الدائرة في السودان، محذراً من توسع نطاق هذه الاعتداءات، وعده أمراً غير مقبول.
فليتشر لم يكن المسؤول الأممي الوحيد الذي تحدث عن هذه الظاهرة المشينة، فقد سبقته براميلا باتين، الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة المعنية بالعنف الجنسي في حالات النزاع والحروب، عندما أصدرت بياناً خاصاً تحت عنوان «حرب على أجساد النساء والفتيات» وثقت فيه لروايات نساء تحدثت إليهن في معسكرات اللاجئين السودانيين على الحدود التشادية. واستندت باتين في بيانها إلى ما سمعته من الضحايا عن جرائم الاغتصاب، واستخدام العنف الجنسي ضمن وسائل الاستهداف لدوافع عرقية، والاتجار بالنساء لأغراض الاستغلال الجنسي، وفي حالات عدة للإذلال والإخضاع حيث يرتكب الجناة الاغتصاب أمام أفراد الأسرة.
البعثة الدولية لتقصي حقائق الوضع في السودان، التابعة لمجلس حقوق الإنسان الأممي وصفت حجم العنف الجنسي الذي رصدته بـ«المهول»، وتحدثت في تقريرها الصادر نهاية الشهر الماضي عن أن الاعتداءات شملت نساء وفتيات من مختلف الأعمار ولم يسلم حتى الأطفال من هذا العنف. ووثقت البعثة أيضاً في تقريرها اختطاف نساء وفتيات «لاستعبادهن جنسياً»، وهو أمر ورد في تقارير وشهادات عدة منذ بداية هذه الحرب.
في جل هذه الحالات والتقارير كانت الاتهامات المدعومة بشهادات الضحايا موجهة نحو قوات الدعم السريع، وهو ما وثق له كثير من منظمات حقوق الإنسان الدولية، ومنظمات المجتمع المدني السودانية، وكذلك الأمم المتحدة التي ذكرت في تقرير لها في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أنها أجرت تحقيقاً أكد أن معظم أعمال الاغتصاب ارتكبتها قوات الدعم السريع.
هناك قصص مروعة وردت في شهادات النازحين الذين هُجروا من مناطقهم عندما اجتاحتها قوات الدعم السريع. قصص عن نساء تعرضن للاعتداء الجماعي أمام عائلاتهن، وأخريات رمين بأنفسهن في النهر لكي يهربن، بينما روت فتيات أن أهلهن وفروا لهن سكاكين للدفاع أو قتل أنفسهن إذا واجهن تهديد الاغتصاب من المسلحين. كذلك نشرت بعض التقارير أن فتيات أقدمن على الانتحار بعدما تعرضن للاعتداء.
الآثار النفسية والمجتمعية لهذه الجرائم تبقى غائرة، وتحتاج إلى الاهتمام بالمعالجات وإعطاء أولوية للضحايا الآن وبعد الحرب لمساعدتهن في مسار التعافي، وتخصيص موارد لدعمهن ودعم المراكز المختصة بتوفير العلاج الطبي والدعم النفسي، وكذلك لدعم جهود التوعية المجتمعية لمكافحة الوصمة الاجتماعية، ومساعدة الناجيات على الاندماج عبر الدعم الاجتماعي حتى لا يقعن ضحية العزل والحياة على الهامش وقسوة المعاملة نتيجة الإحساس بالعار، وهن لا ذنب لهن فيما حل بهن. وفي هذا المجال هناك دور كبير للمنظمات السودانية التي ظلت تقوم بجهد مقدر في ظروف صعبة منذ بداية الحرب، لتوثيق الحالات، والاهتمام بضحاياها ودعمهن طبياً ونفسياً.
أجهزة الدولة لديها مسؤولية كبيرة في هذا المجال، ويمكنها الاستفادة من تجارب الدول الأخرى التي عانت من هذه الجرائم، والاستعانة بخبرات المنظمات المحلية والدولية المعنية بهذه القضايا. ويمكن للدولة أن تنظر في إنشاء محاكم خاصة، أو هيئات قضائية تمنح لها صلاحيات استثنائية تمكنها من الاستفادة من تطبيق القوانين الدولية التي تصنف العنف الجنسي جريمة حرب، وجريمة ضد الإنسانية، ومن الأفعال التي تدرج أيضاً ضمن جرائم الإبادة لأسباب العرق أو الجنس والنوع. فدولة رواندا مثلاً نظرت في قضايا العنف الجنسي في محاكمها بموجب قوانين الإبادة الجماعية، ضمن المعالجات الواسعة في مرحلة ما بعد الحرب.
أهمية مبدأ المحاسبة تجعل من الضروري إدراج قضايا العنف الجنسي ومحاكمة المسؤولين عنها ضمن بنود المعالجات، حتى لو انتهت الحرب على طاولة المفاوضات. فهذه الجرائم لا عذر فيها، وإنصاف ضحاياها يتطلب أشد درجات الردع بحيث تكون الرسالة واضحة لكل المتفلتين.
يبقى من المهم أيضاً دعم مشاركة المرأة في بناء السلام وحل المنازعات، لا لأنها دائماً مع الأطفال في مقدمة ضحايا الحروب، بل لأنها تستطيع أيضاً أن تعطي رؤية مختلفة أكثر حساسية في النظر إلى جريمة العنف الجنسي البشعة ومعالجاتها المتشعبة.
الوسوماغتصاب الدعم السريع العنف الجنسي عثمان ميرغني