جمعة: أول العلم الصمت فاجعل أذنك أكبر من لسانك
تاريخ النشر: 28th, November 2024 GMT
أكد الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء ومفتي الديار المصرية السابق، أن الصمت هو الخطوة الأولى في مسيرة العلم والتعلم، وهو ضرورة أساسية لتحقيق الاستماع الجيد والفهم العميق. وأوضح أن الإسلام يحث على التروي والتأمل قبل الكلام، مشيرًا إلى أن الإسراف في الحديث دون تدبر يؤدي إلى ضياع الفائدة وقد يوقع الإنسان في الأخطاء.
أول العلم الصمت": حكمة إسلامية تعزز الفهم والتدبر
في حديثه، أكد الدكتور علي جمعة على أهمية أن يكون الإنسان مستمعًا جيدًا، إذ قال: "اجعل أذنك أكبر من لسانك". ويعني ذلك أن من أراد تحصيل العلم لا بد أن يبدأ بالصمت، ثم ينتقل إلى الاستماع الفاعل، يليه الحفظ، ثم العمل بما تعلمه، وأخيرًا نشر هذا العلم بالطرق الصحيحة.
وأضاف أن القرآن الكريم والسنة النبوية أعلنا مرارًا أهمية ضبط اللسان. واستشهد بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت".
الصمت كقيمة تربويةأكدت تعاليم العلماء مثل الإمام الأصمعي أن الصمت ليس غاية بحد ذاته، لكنه وسيلة لتحقيق مراحل متقدمة من المعرفة. ويظهر ذلك من مقولته الشهيرة: "أول العلم الصمت، والثاني الاستماع، والثالث الحفظ، والرابع العمل، والخامس النشر"
كما يرتبط الصمت بضبط النفس والتفكر في ما يقال، وهو ما يعزز التواضع واحترام آراء الآخرين، مما يدعم بناء بيئة تعليمية صحية ومثمرة.
أثر الصمت في الحياة العمليةيشير الدكتور علي جمعة إلى أن الصمت يساعد الإنسان على التفكير المنظم واتخاذ قرارات واعية، كما يحميه من الوقوع في القيل والقال الذي قد يجلب الفتن. ولذا، يجب على المتعلمين، سواء كانوا طلبة علم أو عامة الناس، أن يدركوا أن العلم يبدأ بالصمت والتأمل، وهو ما يفتح الباب للفهم الصحيح وتحصيل المعرفة النافعة.
كيف يصمت الإنسان؟
الاستماع بعناية: الصمت لا يعني دائمًا التوقف عن الكلام فقط، بل يمكن أن يشمل الاستماع الفعّال. من خلال الاستماع بانتباه، يمكن للفرد أن يفهم ما يقال بشكل أفضل قبل الرد، مما يساعد في تجنب التفوه بالكلمات غير المدروسة أو المتسرعة.
التحكم في اللسان: في العديد من النصوص الدينية والفلسفية، يُنصح الإنسان بأن يراقب لسانه قبل التحدث، ويقيس الكلمات بشكل دقيق. الصمت هنا يكون تمرينًا على ضبط النفس والابتعاد عن الكلام الذي قد يكون ضارًا أو غير ضروري.
التأمل والتفكير: الصمت يوفر الوقت للتفكير قبل اتخاذ أي خطوة. بتخصيص وقت للتأمل الداخلي، يمكن للإنسان أن يفهم مشاعره وأفكاره بشكل أعمق ويختار الردود التي تتماشى مع مبادئه.
التفاعل من خلال الإيماءات: في بعض الأحيان، يمكن أن يكون الصمت أقوى من الكلمات. استخدم الإيماءات، مثل الإيماء بالرأس أو الابتسامة، لتوصيل مشاعر أو تأكيدات دون الحاجة للكلام.
الابتعاد عن الجدال: في المواقف التي قد تتطور إلى جدال أو نزاع، يمكن أن يكون الصمت هو الحل الأمثل لحفظ السلام الداخلي وتجنب التصعيد. أحيانًا، الصمت يكون أكثر تعبيرًا من محاولة الدفاع عن وجهة نظر قد لا تكون ذات جدوى.
الاستفادة من العزلة: يمكن للإنسان أن يختار أن يكون في حالة صمت داخلي من خلال الابتعاد عن المشتتات الاجتماعية والإلكترونية، مما يعزز قدرته على التركيز والتفكير بعمق.
التفكير في الفائدة: قبل أن يتكلم الإنسان، عليه أن يسأل نفسه: "هل ما سأقوله سيضيف قيمة أو سيكون مفيدًا؟". هذا يساعد في اتخاذ قرار الصمت عندما تكون الكلمات غير ضرورية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: جمعة علي جمعة الدكتور علي جمعة أثر الصمت أن یکون
إقرأ أيضاً:
سوق دقلو السياسي: من شفشفة البيوت إلى شفشفة السرديات!
*كما للميليشيا أسواق دقلو للسلع المادية المشفشفة/ المنهوبة، أيضاً لأعوانها سوقهم للسرديات والسلع الرمزية المضروبة التي تسري عليها قوانين الندرة والتوزيع والهيمنة والطلب والعرض تماماً كما في أي نظام اقتصادي. وقد برز مفهوم ”اقتصاد الخطاب” عند بيير بورديو، وميشيل فوكو، وهو لا يتعامل مع الخطاب كمجرد محتوى لغوي، بل كـ”سلعة رمزية”. في إطار هذا الاقتصاد، يتم التعامل مع: الخطاب باعتباره رأسمالاً، يمكن استثماره، وتوظيفه*:
* *لأن الميليشيا حديثة عهد بالسياسة وإنتاج الخطابات فقد كلفت حاضنتها السياسية مهمة إدارة اقتصاد الخطاب “كسلطة منتِجة للخطاب” وإنتاج المعنى وتوزيعه وتدويره وتحديد دوائر تلقيه، ولم تملك “تقدم” إلا التنفيذ، وكانت خسارتها بسبب ذلك لا تعوض .*
* *في هذا الاقتصاد الكلمات عملة منها المشروعة ( كل الكلمات التي تخدم بقاء الميليشيا ونفوذها )، ومنها المحرّمة ( مليشيا، متمردة، إرهابية، خيانة، مرتزقة، عدوان أجنبي). والاقتصاد هنا يشمل الندرة، والتوزيع، والهيمنة، والطلب والعرض، تماماً كأي نظام اقتصادي.*
* *هذا السوق يخدم أسواق دقلو بالصمت وبالكلام، إذ تهمش “تقدم” جرائم النهب واسعة النطاق، ولا يتحدث قادتها وانصارها أبداً عن “أسواق دقلو”، بل ويحتج أحد قادتهم على قول الناس ( “والله العظيم شفشفوا بيوتنا” ) ويستدعي رواية غير موثقة من الماضي لتبرير واقع موثق في الحاضر، ليتحول الخطاب إلى أداة “لإعادة توزيع اللوم”. ولإعادة تعريف “العدو” فيما يخص المنازل والشفشفة، ولخلق “توازن أخلاقي زائف” تميل كفته لصالح الميليشيا!*
* *الاستجابة الانقسامية” : نفذت “تقدم” أمر انتداب جزء منها لحكومة الميليشيا، وهؤلاء وازنوا بين ربح التحالف ( مال، مناصب) وتكلفته ( التشيطن كالميليشيا تماماً )، ورأوا أن الربح أكبر، بينما قدر البقية أن موازنة الأرباح ( الدعم المالي والسياسي من الميليشيا) والتكلفة ( خسارة الرأي العام ) تحتم عليهم البقاء في المنطقة الرمادية.*
* *إدارة الاستثمارات الخطابية بعناية: لا تريد “تقدم” خسارة الشارع فتبقى على مسافة محسوبة من الميليشيا، مسافة تكفي لتقديم الخدمات وتسمح ب”الإنكار المعقول” كما تتصور!*
* *لا تملك “تقدّم” القوة العسكرية، لكنها تملك أدوات خطابية تُعيد تدوير خطاب الهيمنة. فهي تُعيد إنتاج مفاهيم مثل: “لا منتصر في الحرب”، “السودان يهدد الإقليم والعالم”،”يجب تفادي “العداء المجاني” للدول الصديقة”، وهذه المفاهيم ليست بريئة، بل هي جزء من آليات الهيمنة التي تسهم في خلق سردية تخدم مصالح الميليشيا ومصالح إقليمية ودولية.*
* *اقتصاد الإدانة: تستخدم تقدم “الخطاب الدبلوماسي” كغطاء سياسي لتحالفاتها المشبوهة، ولا تدين الدول التي تدعم الميليشيا. لأنها تدير حسابات دقيقة: إدانة هذه الدول لها “تكلفة” لا تريد أن “تدفعها” لناحية التأثير السلبي على علاقتها مع الميليشيا، ومع هذه الدول، ولناحية تجنب خدمة السردية المضادة لسردية الميليشيا. الصمت هنا “خيار اقتصادي”: يضمن لها تحقيق مصالحها، والبقاء في دائرة “الاعتدال” و”العقلانية المقبولة” لدى هذه الدول والميليشيا وحتى الغرب!*
* *محو الفاعل الحقيقي: الحديث عن الكارثة الإنسانية دون ذكر الميليشيا المتسببة فيها، بل واستخدامها لصالحها عبر اتخاذها ذريعةً للتفاوض معها، وتقديم تنازلات كبيرة لها. حين يُمحى الفاعل الحقيقي لغوياً، يُمحى بالتدريج من الذاكرة الجمعية. وهذا يُشكل جزءاً من “صناعة النسيان”، بحيث تُعاد صياغة السردية العامة بشكل يعفي الجناة من المحاسبة. هذا المحو ليس خللاً لغوياً عفوياً، بل قرار استراتيجي.*
* *إعادة توزيع الذنب مسبقاً : ( الجيش هو الذي أشعل الحرب) وهو أسلوب يُستخدم لإعادة توزيع الذنب مسبقاً، عبر استباق النقاش وطرح تفسير عام يعفي طرفاً محدداً من المسؤولية، هذه طريقة لإعادة ترتيب مشهد الذنب لتجنيب الحليف السياسي اللوم المباشر.*
* *حوسبة الاتهام: وهي استعارة تشير إلى طريقة حسابية أو “برمجية” تُوزّع فيها التهم والخطايا على الأطراف كما لو كانت نتائج خوارزمية لا تحمل انحيازًا، بينما في الواقع تم تعديل المعادلة لتخدم طرفًا معينًا. هذا يحدث عندما يُستخدم الخطاب كآلة حساب محكومة بالمصالح الخاصة، لا كأداة للعدالة.*
* *حذف الفاعل من المشهد اللغوي: التركيز على معاناة المدنيين دون تحديد الجهة المسؤولة، وهذا ليس مجرد خطأ أسلوبي، بل هو أداة في الصراع على السردية، تُستخدَم لضبط حدود الإدانة، وتوجيه بوصلة الرأي العام، وتوفير حماية للمعتدين باسم الحياد . الحذف هنا فعل سياسي استراتيجي، يقوم به خطاب “تقدم” عن عمد.*
* *”اقتصاد الصمت”: هو أحد الضرورات في لحظات الصراع، وهو ليس مجرد امتناع عن الحديث، بل تكتيك رمزي/سياسي عميق، تُدار عبره موازين القوى ، لا سيما في السياقات التي يكون فيها الكلام محفوفاً بالكلفة أو العواقب. وهو يشير إلى “الأنماط المنظمة التي يتم بها تبرير، وتوظيف، وتوزيع الصمت في المجال العام، وفقاً لحسابات رمزية وسياسية ومعنوية”. أي أنه ليس “غياباً للقول”، بل “قولٌ من نوع آخر”، صمتٌ له وظيفة، وموقع، وسياق، ويُنتج تأثيراً بقدر وربما أكثر من الكلام أحياناً.*
* *”المحايد الناشط”: هو الفاعل الذي يُعلن حياده، لكنه ينشط فعلياً في خدمة طرف معين من خلال مواقف منتقاة، صمت انتقائي، أو نشاط إعلامي موجه. ووظيفته صناعة غطاء أخلاقي وقانوني للانحياز، من داخل إطار يبدو “مستقلاً”، وهنا يتحوّل الحياد إلى أداة فاعلة في تثبيت رواية المليشيا.*
* *”الخطاب الرمادي” : لا يعيش في الهواء، بل في بيئة شبكة تضليل محكمة التنظيم، يُعاد فيها إنتاج الصمت والتبرير وتجميل الانحياز. و”تقدم” ليست حالة شاذة بل نموذج واضح لما يسميه بورديو:”هيمنة بلا عنف، وصراع بلا سلاح، يُخاض في ميدان المعاني.”*
* *إنتاج معنى مربح: من الجريمة إلى الشرعية، وفق اقتصاد الخطاب، ما هو مهم ليس الحقيقة، بل ما يمكن بيعه من المعنى. حين تضغط “تقدم” للتفاوض بشروط الميليشيا، فهي تساهم في إنتاج معنى جديد: الميليشيا ليست خصماً، بل طرف سياسي، التسوية ليست خيانة، بل ضرورة. المحاسبة ليست أولوية، بل عرقلة للسلام. هذا المعنى مربح في سوق يفضل الأرباح على الحقيقة.*
*وهكذا، نجد أن جماعة “تقدّم” تدير خطابها مثلما تُدار الميزانية: بحساب، وتكلفة، وتوازن بين الصمت والتصريح لخدمة مصالحها ومصالح حلفائها في سوق دقلو آخر يمثل “المعادل السياسي” لأسواق دقلو، ويحمل ذات الخلل الأخلاقي لدى البائعين والمشترين.*
إبراهيم عثمان
إنضم لقناة النيلين على واتساب