في آخر إحصائية لوزارة الصحّة الفلسطينية، ارتفعت حصيلة عدوان جيش الاحتلال على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول إلى قرابة أربعة وأربعين ألف شهيد، في حين تجاوز عدد الجرحى والمصابين مائة ألف غزّي.

صحيح أن الشعب الفلسطيني قد خبر آلة القتل الصهيونية على امتداد تاريخ صراعه مع المحتل، ولكن تلك المجازر لم تأتِ جملة واحدة، بل كانت متفاوتة في حجمها، وفي تاريخها وفي جغرافيتها.

فقد جرت مجزرة حيفا في 1937، وباب العامود في 1947، والطنطورة في 1948، وكفر قاسم في 1956، ومخيم تل الزعتر في 1976، وصبرا وشاتيلا في 1982، ومذبحة الأقصى عام 1990، والحرم الإبراهيمي 1994… والقائمة تطول.

فإن كانت تلك المجازر قد جاءت متفرقة في الزمن، إلا أن المجازر الصهيونية منذ طوفان الأقصى جاءت بالجملة وليس بالتفصيل. ففي اليوم الواحد يمكن أن ترتكب القوات الصهيونية أكثر من مجزرة على امتداد غزة المحاصرة. وغالبًا ما ترافق عمليات القتل والتفجير مظاهر احتفالية موغلة في السادية.

هذا المقال يبحث في خلفيات تلك الروح العدوانية التي فاضت على أصحابها فلم نكد نعثر على شبيه لها في التاريخ. إذ لا يمكن أن ندرك الشراهة في القتل إلا بمغادرة المستوى السطحي للتحليل إلى المستويات الأكثر عمقًا. وهي المستويات التي ترتبط "بالنماذج الإدراكية الكامنة" مثلما يسميها الدكتور عبد الوهاب المسيري. وكي نتتبع تلك الخريطة الإدراكية علينا أن نتأمل كيف يجري استثمار النصوص الدينية في إدارة الصراع.

الادعاء الديني في فلسطين

الكيان الصهيوني هو تجمع استيطاني يعمل على توظيف "الديباجات اليهودية". فكثيرًا ما تركز الدعاية الصهيونية لتبرير اغتصاب فلسطين على "الوعد الإلهي". ففلسطين التي "تفيض لبنًا وعسلًا" مثلما يقول الكتاب المقدس، هي الأرض التي وعد الإله "يهوه" نبي الله إبراهيم عليه السلام بإعطائها له ولنسله من بعده. فقال له "لنسلك أعطي هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات".

ومن ثم ستتكيف العلاقة مع الأرض من خلال الترنسفير أو "تصفية الدياسبورا" عبر تسيير الهجرات اليهودية نحو فلسطين. فنهض المشروع الصهيوني على ضرورة بناء وطن قومي لليهود، يمتدُّ على الحدود التاريخية مثلما حددتها التوراة: "من الفرات إلى النيل".

وهي الحدود التي أعلن عنها ديفيد بن غوريون أمام الكنيست عام 1956. وعلى كل اليهود في العالم أن يهاجروا إليها كي يؤسسوا الدولة اليهودية الخالصة.

وقد عبّر وزير الحرب الإسرائيلي موشيه ديان بعد نكسة 1967 عن تلك العلاقة بين التوراة والأرض، فقال "إذا كنا نملك التوراة، ونعتبر أنفسنا شعب التوراة، فمن الواجب علينا أن نمتلك جميع الأراضي المنصوص عليها في التوراة". فالسيادة الحصرية على أرض فلسطين تسوّغها أحكام الشريعة اليهودية ونظرية "الخلاص".

وقد عُوقب رابين بالقتل لقبوله بـ "السلام" مع الفلسطينيين الذي التزم من خلاله بالتخلي عن جزء من الأرض لطالما اعتبرت من صميم دولتهم التاريخية. والقتل "أمر الرب" مثلما روج له القتلة. أما السكان الأصليون فيصبحون بناء على تلك الأيديولوجيا مشروعًا للقتل والطرد والتهجير.

القتل العقائدي

لقد وصف ثيودور هرتزل الصهيونية بأنها "فكرة استعمارية" تشكلت في سياق التوسع الإمبريالي. فورثت عنه العنف الكولونيالي والتقوقع القومي والرغبة في مراكمة الربح. ومن ثم فإن الدولة الصهيونية "لا يمكن أن تتواجد في حالة سلام"، وهو ما جعل إدارة الحرب من العناصر الأساسية في تماسك المجتمع الصهيوني.

وهكذا جرت عسكرة الدولة مثلما جرت عسكرة المجتمع. ولم يكن ذلك الخيار الصفري عملية عابثة، بقدر ما كان تمثلًا أمينًا "للخريطة الإدراكية للعقل الصهيوني" في نظرته للصراع. فخلف الممارسات الصهيونية تكمن سجف من التبريرات المتراكمة هي خليط من المرويات الدينية والأساطير. والأسطورة حين تُستدعى من التواريخ البعيدة، تصبح أداة للتعبئة والاستنفار، ففيها دائمًا يسكن "شبح مقاتل" مثلما يقول حسنين هيكل.

لقد تمحّض العالم في العقيدة الصهيونية إلى أخيار وأغيار. ومنحت تلك العقيدة للأخيار حق تصفية الأغيار أكانوا ذواتًا أم رموزًا أم مدنًا. فيصبح "كنعان ملعونًا"، وتصبح المدن مستباحة للتجريف والتدمير، ويصبح السكان موضوعًا للتقتيل والتهجير. فالإله "القومي" قد أفتى أتباعه أن "دمروا المدينة واقضوا بحد السيف على كل من فيها من رجال ونساء وأطفال وشيوخ حتى البقر والغنم والحمير".

وقد خلّد النص التوراتي مجزرة أريحا قبل ثلاثة آلاف عام، حين اجتمعوا بعد تيه، فـ "أهلكوا جميع ما في المدينة من رجل وامرأة وطفل رضيع، حتى البقر والغنم والحمير بحد السيف وأحرقوا المدينة وجميع ما فيها بالنار إلا الذهب والفضة وآنية النحاس فإنهم جعلوها في خزينة الرب".

وقد ظلت تلك المذبحة مثلما ذكرتها التوراة تُستعاد باطراد على مرّ تاريخ الصراع مع الكيان. وهو ما يفسر المجازر الصهيونية في فلسطين منذ ثلاثينيات القرن العشرين.

فلم يكن اغتيال الشيخ عز الدين القسام الخطيئة الأولى، ولا كان اغتيال إسماعيل هنية أو حسن نصر الله أو يحيى السنوار هو الجريمة الأخيرة على لائحة الجرائم الصهيونية، فهناك تاريخ من الدم المستباح من فؤاد حجازي ورفاقه إلى رموز النضال الوطني والإسلامي بكل توجهاتهم. ففي مجرى التأويل الديني يصبح كل مقاوم مشروعًا للقتل، وتصبح كل المدن المعادية موضوعًا للاستعباد والاستعمار.

وتأسيسًا على تلك القناعة الدينية تصبح غزة – المدينة المستعصية – في استحضار تلك التجارب وتلك التمثلات مدينة مستباحة.

مفردات القتل في السادية الراهنة

لقد بُني التاريخ الصهيوني على النشاط الحثيث للعصابات الصهيونية التي لم تدخر جهدًا في سفك الدماء. ومع النكبة تحولت العصابات إلى جيش احترف القتل والتهجير والتدمير. فمن نظرية الجدار الحديدي حتى خطة الجنرالات، مرورًا بخطة الضاحية كانت الخطط العسكرية تتفنن في الإبادة.

وقد ظل زئيف جابوتنسكي المغذي الرئيس لتيار اليمين على مر التاريخ الصهيوني. وليس نتنياهو إلا امتدادًا لتلك المدرسة. ففاضت على خطابه لغة الحديد والنار التي تتغذى من القناعة القائلة إن الفلسطيني ليس "كائنًا إنسانيًا له قيمة معترف بها". لذلك لم يكن مستغربًا أن يوغل الخطاب الصهيوني بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول في نزع الصفة الإنسانية عن الفلسطينيين.

كان وزير الدفاع المخلوع أول المبادرين. فقد وصف الفلسطينيين بـ "الحيوانات البشرية". والفلسطينيون في الخطابات الموتورة لنتنياهو هم "الوحوش المتعطشة للدماء"، وهم "أبناء الظلام"، وهم الهَمج والبرابرة، وهم الوحوش التي تقتل الأطفال".

ويجد لخطابه مبررات في عقيدته، فيرى في معاركه تلك المعارك التي كانت أو تلك المعارك التي يمكن أن تكون (هرمجدون). فيستشهد بالقصة التوراتية عن التدمير الكامل "للعماليق" على يد الإسرائيليين. فمعه يعاود التاريخ نفسه، ليجد نفسه وهو غارق في الدم الغزي يقاتل "الأغيار" من منظور العقيدة. وفي العقيدة نفسها ليس الصهاينة إلا أولئك الأخيار الذين يتماهون مع الخير والنور والحضارة.

وتجاوز بنكُ الأهداف عند إيتمار بن غفير، الذي تربى على تطرف مائير كاهانا، رجالَ المقاومة إلى "أولئك الذين يحتفلون وأولئك الذين يدعمون وأولئك الذين يوزعون الحلوى، فكلهم إرهابيون يجب تدميرهم".

ويتلذذ وزير التراث الإسرائيلي عميحاي إلياهو بمشاهد التدمير في غزة. فهي عنده "متعة للعيون". وهو لا يجد غضاضة في الدعوة إلى شنّ هجوم نووي على غزة. سادية لا تجد تفسيرها إلا في نصوص توراتية تلمودية ترى في القتل "واجبًا شرعيًا".

فكل المذابح شبيهة بمذبحة أريحا. وكل الأغيار مثل العماليق. ففيها جميعًا تتكرر فصول الإبادة الجماعية، وإهلاك الحرث والنسل وإحراق كل منجز وتدمير كل متحرك. وهم في كل ذلك أوفياء لأسفارهم.

ومما لا شك فيه أن تكثيف ذلك المعجم الديني في الخطاب الصهيوني ينمّ عن عمق التحول الذي شهده المجتمع الإسرائيلي نحو الصهيونية الدينية مع اليمين الديني المتطرف.

وهكذا فإن الموت يوزع على طول القطاع وعرضه باسم العقيدة القاتلة. وحين تغيب الأهداف العسكرية عن الجندي الصهيوني يصبح كل متحرك هدفًا. ليس بالضرورة أن تكون مقاومًا كي تكون عرضة للاستهداف. ففي مسرح العمليات الصهيوني لا قيمة للهويات. وآلة الحرب لا تستثني أحدًا. والكل في بنك الأهداف سواء.

بل إن تلك الشراهة في القتل قد تجاوزت البشر إلى قتل عناصر الحياة في غزة: الماء والغذاء والهواء، وحتى "قتل المكان"، فضَربت خزانات المياه ومَنعت دخول المواد التموينية، وشلت نشاط المستشفيات، فاستَهدفت الطواقم الطبية وشبه الطبية، ومنعت الدواء ولو استطاعت لمنعت الهواء عن أهل غزة.

ولن نجد في خاتمة هذا الحديث عن الخلفيات العقائدية للمحرقة الصهيونية في غزة أفضل مما قالت حنه آرنت عن الفاشية الصهيونية وهي تتورط في فلسطين: لقد أصبحت "تقوم بتبادل الأعمال مع هتلر".

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات یمکن أن

إقرأ أيضاً:

اتفاق غزة وتفكيك الخريطة السياسية في إسرائيل

شكّل اتفاق وقف إطلاق النار في غزة وصفقة تبادل الأسرى بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي بداية لتراجع الزخم القتالي وفي الوقت نفسه وضع حدا -ولو مؤقتا- لمشاريع اليمين الإسرائيلي المتطرف بالاستيطان والتهجير والاحتلال الدائم للقطاع.

وجاءت لحظة الحقيقة والحساب بعد سكوت صوت المدافع على جبهة غزة، فكانت استقالة رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي هرتسي هاليفي وقائد المنطقة الجنوبية يارون فينكلمان وقبلهم قادة كبار في هيئة الأركان والاستخبارات.

وعلى الصعيد السياسي، كانت استقالة وزير الأمن الداخلي إيتمار بن غفير من حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو احتجاجا على الاتفاق.

نرصد في هذا التقرير أهم تداعيات اتفاق وقف إطلاق النار على الوضع الداخلي في إسرائيل، في إطاره السياسي والعسكري، وهل تؤدي هذه التطورات إلى سقوط حكومة نتنياهو، وتغير الخريطة السياسة مع احتمالات إجراء انتخابات مبكرة.

التخلص من بن غفير

يبدو أن نتنياهو لم ينس كيف أجبره بن غفير على الحضور إلى اجتماع الحكومة على كرسي متحرك بعد خضوعه لعمليته الجراحية، لدعم ائتلافه في قانون الموازنة، وذكّرت صحيفة معاريف بأن نتنياهو قرر حينها التخلص سياسيا من بن غفير.

إعلان

ووفقا لمصدر في حزب الليكود تحدث لمعاريف، قال إن نتنياهو "سئم من ألاعيب بن غفير" ويريد أن يُخرجه من الكنيست في الانتخابات القادمة.

كما أعد رئيس الوزراء الإسرائيلي خطة لتقليص قوة بن غفير السياسية-كما يقول المصدر- وهو يعتزم في المستقبل القريب تفكيك حزبه من الداخل.

العلاقة مع سموتريتش

وفي المقابل، فإن بقاء وزير المالية بتسلئيل سموتريتش في الحكومة المشروط باستئناف الحرب على قطاع غزة بعد المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، دفع نتنياهو لاسترضائه، من خلال تحقيق بعض المطالب خصوصا تلك المتعلقة بالضفة، وأهمها:

إضافة توسيع نطاق عمليات جيش الاحتلال في الضفة الغربية المحتلة إلى أهداف الحرب الحالية. شن عملية عسكرية تحت اسم "الأسوار الحديدية" على جنين. زيادة عدد قوات الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية إلى 6 كتائب جديدة. زيادة الضغط على الحواجز في الضفة الغربية، وذكر تحقيق نشرته صحيفة هآرتس الأربعاء أن نحو 900 حاجز طرق منتشرة في جميع أنحاء الضفة الغربية، إضافة إلى الحواجز على الحدود بين إسرائيل والضفة الغربية.

سموتريتش يدعو لفرض السيادة على غزة والضفة عبر الاستيطان#حرب_غزة pic.twitter.com/CixbdHpwcp

— قناة الجزيرة (@AJArabic) October 27, 2024

شبكة أمان

ويطرح هنا تساؤل عن إمكانية وفاء نتنياهو بتعهداته كاملة لسموتريتش، وأهمها العودة للقتال في غزة بعد انتهاء المرحلة الأولى، خصوصا في ظل الالتزام الجدي من قبل المقاومة الفلسطينية ببنود الاتفاق والمتابعة من قبل الوسطاء.

ويستبعد المختص في الشؤون الإسرائيلية عماد أبو عواد أن تعود الحرب على قطاع غزة بنفس مستوى العمليات الحربية قبل وقف إطلاق النار، لكنه لم يستبعد عودتها على شكل عمليات محدودة إذا اضطر "نتنياهو المأزوم لإرضاء شركائه من اليمين المتطرف".

وأشار أبو عواد إلى أن سموتريتش يضغط على نتنياهو بخصوص ملف غزة ليحصل على إنجازات في ملف الاستيطان في الضفة الغربية "الذي لن يكون سهلا، ولن يستطيع نتنياهو أن يقدم لسموتريتش كل ما يريد، فهذا الملف سيصطدم بالإدارة الأميركية الجديدة التي تركز على ملفات أكبر وأوسع، منها التطبيع والاستقرار في الشرق الأوسط مع قطف ثمار ذلك كله بإنجازات اقتصادية وأمنية وسياسية تساعدها على تجاوز أزماتها الداخلية".

إعلان

ويتابع أبو عواد أن "سموتريتش لن يخرج من الحكومة، فمصلحته هو وبن غفير هي بقاء حكومة اليمين التي يرأسها نتنياهو، فالمكتسبات التي يحصلون عليها في ظل هذه الحكومة غير مسبوقة، على مستويات ملف الضفة الغربية وتغيير شكل إسرائيل إلى دولة مسيحانية على مستويات الثقافة والتعليم والدين، ومؤسسات الحكم، وعلى رأسها القضاء والجيش".

وأضاف أنه حتى لو خرج سموتريتش من حكومة نتنياهو فإنه لن يقوم بإسقاطها، "فإسقاط حكومة نتنياهو يعني وصول تيار الوسط واليسار إلى سدة الحكم، وهذا مرفوض عند التيار الديني القومي".

ومن البدائل التي يراهن عليها نتنياهو وجود شبكة أمان لحكومته قد يوفرها حزب راعام "القائمة العربية الموحدة" بقيادة منصور عباس الذي تعهد بذلك لنتنياهو مقابل إنفاذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

وقد ذكر الكاتب بن كاسبيت -في مقال بصحيفة معاريف نشر يوم الجمعة الماضي- خيار انضمام بيني غانتس بمقاعده الثمانية إلى حكومة نتنياهو بدلا من سموتريتش.

من البدائل التي يراهن عليها نتنياهو وجود شبكة أمان لحكومته قد يوفرها حزب راعام بقيادة منصور عباس (رويترز) زلزال سياسي

وضعت استطلاعات الرأي الأخيرة -التي نشرتها وسائل الإعلام الإسرائيلية المختلفة بعد وقف إطلاق النار- ائتلاف نتنياهو ومكوناته في دائرة الخطر، ضمن تشكيل خريطة سياسية جديدة بعد الحرب.

وفي استطلاع بصحيفة "إسرائيل اليوم" جاء أنه "ليس من الضروري أن تكون معلقا سياسيا عظيما لكي تفهم أنه إذا لم يعد نتنياهو للقتال، فهذا يعني تقديم موعد الانتخابات، وفي هذه الحالة، قد يحاول نتنياهو إدخال غانتس وغادي آيزنكوت إلى الحكومة، ولكن حتى لو وافقا على القيام بذلك، فإن الحد الأدنى للثمن سيكون موعدا متفقا عليه للانتخابات".

وحسب نتائج استطلاع "إسرائيل اليوم"، فإن 70% من الإسرائيليين يريدون الاتفاق على إعادة الأسرى حتى النهاية.

إعلان

وعلى خلفية إنذار سموتريتش بأنه سيسقط الحكومة إذا لم يعودوا للقتال بعد المرحلة الأولى من الاتفاق، فمن المثير للاهتمام أن نرى أن موقف سموتريتش لا يعكس جميع ناخبيه، فوفقا لاستطلاع الرأي فإن 33% فقط من ناخبي الصهيونية الدينية يؤيدون العودة إلى الحرب.

ويقول 8% إنه لا توجد حاجة على الإطلاق للتوصل إلى اتفاق مع حماس، بينما يعتقد 59% من الصهيونية الدينية أنه يجب الالتزام باتفاق عودة الأسرى حتى النهاية، بما في ذلك المراحل الثانية والثالثة.

وفي مقابل تهديدات سموتريتش بإسقاط الحكومة، تشير نتائج استطلاعات للرأي نشرتها القناة الـ13، ومعاريف والقناة الـ12، و"إسرائيل اليوم" إلى حصول حزب جديد برئاسة رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق نفتالي بينيت على نصيب الأسد.

فإذا ترشح بينيت وغدعون ساعر مع الليكود في الانتخابات القادمة، سيحصل حزب بقيادة بينيت على 28 مقعدا، في مثل هذه الحالة يخسر الليكود 5 مقاعد ويتراجع إلى 23، ويخسر غانتس 7 مقاعد وينخفض إلى 11، ويخسر يائير لبيد 5 مقاعد، ويهبط إلى 9 مقاعد.

وفي مثل هذا الوضع ومع استكمال النتائج المتوقعة لباقي الأحزاب، فإن كتلة نتنياهو ستحصل على 47 مقعدا، وسيحصل معارضوه على 63 مقعدا، بينما ستحصل الأحزاب العربية على 10 مقاعد.

 

إذا ترشح بينيت (بالخلف) وساعر مع الليكود في الانتخابات القادمة سيخسر الليكود 5 مقاعد ويتراجع إلى 23 (غيتي) على مذبح السياسيين

شكلت استقالة هاليفي بداية لحقبة "كباش الفداء"، كما وصفها عاموس هرائيل في مقال نشرته هآرتس، واعتبر أن "الجيش الإسرائيلي لا يزال ينظر إلى نفسه على أنه جسد منهك في ظل المذبحة. إذا لم يتم انتخاب شخص قوي بما فيه الكفاية، فهناك خطر أن تتكرر فيه قصة انهيار الشرطة في عهد الوزير بن غفير حينها سيتكرر نفس سيناريو الانهيار في صفوف الجيش الإسرائيلي".

إعلان

من جهته، قال اللواء المتقاعد إسحق بريك في مقابلة مع إذاعة الجيش إنه "كان ينبغي لرئيس الأركان أن يستقيل منذ أكثر من عام، كما أنه وعلى طول الطريق قام بعدة أشياء خطيرة أخرى مثل تعيين أصدقائه، الأمر الذي ضرب مثالا صارخا وسيئا للقواعد الأساسية للجنود، ولهذا السبب فقد معظم القادة الثقة به أيضا".

في المقابل، قال بن كسبيت في مقال في صحيفة معاريف إن هاليفي "وجد نفسه في دور البغل الكسول العنيد، الذي يحتاج إلى حثه على الهجوم فمنذ تعيين يسرائيل كاتس في منصب وزير الجيش، ارتفعت الهجمات على هاليفي بدرجة كبيرة".

وقال أحد المقربين من رئيس الأركان مؤخرا: "كان من الواضح أن كاتس لم يتم تعيينه في منصب إعادة الأمن إلى البلاد، بل تم تعيينه لطرد هاليفي إلى منزله".

واعتبر بنزي روبن -في مقال بمعاريف- أن استقالة رئيس الأركان هرتسي هاليفي تشكل زلزالا في النظام السياسي الإسرائيلي، وقد تعيد تشكيل ميزان القوى في الائتلاف في واحدة من أكثر لحظاته حساسية، لكن توقيتها يخلق فرصا وتحديات لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو كما أن تعيين رئيس أركان جديد وسلسلة قيادة جديدة ومختلفة قد يمنح نتنياهو "شريان حياة" مناسبا لتهدئة سموتريتش وشركائه في التيار اليميني المتشدد، حتى لو لم تكن هناك عودة كاملة للقتال في غزة.

في المقابل، من المتوقع أن تؤدي استقالة اللواء هاليفي وقائد المنطقة الجنوبية فينكلمان إلى موجة أخرى من الرحيل في المنظومة الأمنية ​​وزيادة الضغوط لتحمل المسؤولية على المستوى السياسي أيضا. بعد مغادرة معظم القيادات العليا في الجيش الإسرائيلي واستبدال وزير الجيش أيضا.

سقوط حكومة نتنياهو

واعتبر المختص في الشؤون الإسرائيلية عادل شديد أن "استقالة هاليفي المتأخرة جاءت نتيجة للضغوطات التي تعرض لها من قبل نتنياهو واليمين، لتعيين خلفا له والأوفر حظوظا هو اللواء المتقاعد إيال زامير مدير عام وزارة الجيش، الذي كان مرشح سارة زوجة نتنياهو قبل هاليفي".

إعلان

وأضاف أن نتنياهو سيعمل على تعيين خلف لكل القادة العسكريين والأمنيين الذين ستتم إقالتهم أو استقالتهم بقادة عسكريين وضباط جدد قريبين وموالين لنتنياهو ولليمين، وهذا هو جوهر مشروع نتنياهو وشركائه في المرحلة الحالية، وهذا التوجه ستكون له تداعيات كبيرة، على شكل الجيش المستقبلي كوقود لمحرقة نتنياهو والمنظومة السياسية.

وأضاف أن ذلك سيحول الجيش إلى "وسيلة اتخاذ القرارات لجهات من خارج المنظومة المهنية والمختصة، وهذا له تداعياته أيضا على شكل الجيش في المستقبل المنظور، وعلاقته بالمستوى السياسي، وهذا يكسر محرمات نشأت عليها إسرائيل، بكون الجيش هو البقرة المقدسة الممنوع الاقتراب منها أو المس بها".

وأكد شديد أن المعارضة الضعيفة والمنقسمة في إسرائيل أظهرت هشاشتها أمام ألاعيب نتنياهو، ولم تستطيع قيادة حراك جدي في قضية مثل الأسرى في غزة، أو إيقاف الحرب، وظهر ذلك جليا في تحييد غانتس وآيزنكوت عبر توريطهما في إدارة الحرب.

كما نجح نتنياهو في إرجاع المنشق غدعون ساعر ومن معه إلى حظيرة الليكود، لذا فقدرة المعارضة على إحداث تغيير بإسقاط حكومة نتنياهو مستبعدة في المنظور القريب، وسيكون انهيار ائتلاف نتنياهو من مكوناته الداخلية، خصوصا أن أكثر ما يخشاه نتنياهو هو لجان التحقيق، التي سننضم إلى مشنقة القضايا الجنائية الأخرى التي تلتف حول عنقه.

مقالات مشابهة

  • العقيدة الإسلامية من الدلالة الغيبية النظرية المؤسّسة إلى البعد العملي
  • النائب العام يستقبل رئيس استئناف الإسكندرية لعرض الكشوف ربع السنوية
  • «ضربة الفأس القاتلة ».. كيف تحول غضب الأب إلى فاجعة في زاوية حاتم؟
  • البخيتي: استقرار المنطقة مرهون بالتزام الكيان الصهيوني بوقف إطلاق النار في فلسطين ولبنان
  • لازاريني: عمل الأونروا في فلسطين سيتعطل بسبب الحظر الصهيوني
  • قراءة فكرية في التغيرات الكبرى التي صنعها السيدُ حسين بدرالدين الحوثي
  • الإشكالية الطائفية في الخريطة السياسية السورية!
  • وزير الخارجية: نتحدى أي دولة في العالم أن تستضيف هذا العدد الهائل من الضيوف وتقدم لهم خدمات كاملة مثل مصر
  • وزير الخارجية: لدينا أكثر من 9.5 ملايين ضيف أجنبي يتم معاملتهم كمواطنين مصريين
  • اتفاق غزة وتفكيك الخريطة السياسية في إسرائيل