الحزب الحاكم بالهند يستغل أفلاما تشوه صورة المسلمين بدعايته الانتخابية
تاريخ النشر: 16th, August 2023 GMT
يحاول حزب بهارتيا جاناتا الهندوسي القومي المتطرف الحاكم استغلال عدد من أفلام أنتجتها "بولييود" تشوه صورة المسلمين وتظهرهم مجرد "إرهابيين" في دعايته الانتخابية.
وحسب تقرير لوكالة "فرانس برس" يعد "حكاية كيرلا" من بين مجموعة أفلام تثير القلق من أن "بوليوود" تبثّ دعاية ثقافية لحشد الدعم للحزب الحاكم في الهند قبيل الانتخابات.
يشير المقطع الترويجي للفيلم الذي يتصدّر شباك التذاكر في الهند إلى أن العمل يصوّر "فتيات بريئات ... يتم الاتجار بهن من أجل الإرهاب"، بينما يؤكد بأنه "مستلهَم من العديد من القصص الحقيقية".
الفيلم الذي يروي قصة خيالية عن امرأة هندوسية اعتنقت الإسلام وتطرّفت حل في المرتبة الثانية من جهة الإيرادات عام 2023.
اتّهمه نقّاد وغيره من الأفلام الصادرة مؤخرا ببث الأكاذيب وإثارة الانقسامات بوسائل بينها شيطنة الأقلية المسلمة، قبيل الانتخابات الوطنية المقررة العام المقبل.
وقال مخرجه سوديبتو سين ردا عن سؤال "فرانس برس" بشأن ميوله السياسية "أقترح على جميع الأحزاب السياسية الاستفادة من فيلمي.. استخدموه لتحقيق مكاسب سياسية".
تعرف أكبر دولة ديمقراطية في العالم بتاريخها الطويل في الرقابة على الأفلام، لكن النقّاد يشيرون إلى أن القطاع يُنتج بشكل متزايد أفلاما تتشارك الإيديولوجيا ذاتها مع حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي القومية المتطرفة.
تملك السينما جاذبية خاصة بالنسبة للهنود، وتعد بالتالي وسيلة لا مثيل لها في قدرتها على الوصول إلى العامة، بحسب الصحفي والكاتب نيلانجان موكوبادياي.
وفي عهد مودي، استُخدمت الأفلام بشكل متزايد لنشر رسائل مثيرة للانقسامات تعزز الأفكار المسبقة المعروفة لدى القادة السياسيين، وفق ما أفاد " فرانس برس".
وأضاف "تقوم هذه الأفلام بالأمر ذاته: نقل الكراهية إلى الناس.. لخلق أحكام مسبقة ضد الأقليات الدينية".
"وسيلة اتصال"
تزامن صدور فيلم "حكاية كيرلا" في أيار/ مايو مع الانتخابات في ولاية كارناتاكا الجنوبية التي سخر لها حزب مودي "بهاراتيا جاناتا" القومي المتطرف كل إمكانياته وأدت إلى اندلاع اشتباكات بالحجارة في ولاية ماهاراشترا المجاورة أسفرت عن سقوط قتيل.
دعم مودي الفيلم خلال تجمّع انتخابي متهما حزب "المؤتمر" المعارض بـ"تأييد التوجّهات الإرهابية".
يرى البعض أن الفيلم قليل الكلفة يستند إلى نظريات "الحب والجهاد" التي تتّهم رجالًا مسلمين بالسعي لجذب الهندوسيات.
وتراجع صانعو الفيلم عن مزاعم باطلة صدرت عنهم سابقا تفيد بأن تنظيم الدولة جنّد 32 ألف امرأة هندوسية ومسيحية من كيرلا ذات التنوع الديني.
نظّم أعضاء حزب مودي عروضا مجّانية للفيلم الذي قال المتحدّث غوبال كريسنا أغاروال إنها تمثل "وسيلة اتصال" وليست سياسة رسمية.
وقال: "كيف توصل أفكارك؟ كيف توصل حياة وقصة زعيمك وإنجازاته؟ هذه هي طريقتنا.. يقوم أشخاص من الحزب بالأمر من منطلق فردي".
وفي مسعى لتشجيع المشاهدين، خفضت حكومتا ولايتين بقيادة "بهاراتيا جاناتا" الضرائب على التذاكر.
يرى المخرج أن فيلمه "ضرب على وتر حسّاس" في الهند التي تضم شريحة من المسلمين تعد من بين الأكبر في العالم (حوالى 14 في المئة من إجمالي سكانها البالغ عددهم 1,4 مليار نسمة).
وقال: "أؤمن بقوّة الحقيقة، الحقيقة التي نقلناها في الفيلم. هذا ما يريد الناس مشاهدته".
يعد فيلم "سين" واحدا من بين عدة أفلام بدأت تبتعد عن الأسلوب التقليدي المتبع في "بوليوود" والقائم على الرقص والغناء.
ركّزت مجموعة أفلام صدرت مؤخرا على الجيش لتروي قصصا قومية عن أعمال بطولية قام بها جنود وعناصر شرطة، من الهندوس عادة، في مواجهة أعداء من خارج الهند وداخلها.
دافع المخرج المخضرم سودير ميشرا عن التوجّه الجديد قائلا "لطالما استُخدمت السينما كأداة دعائية -- ألا تقوم هوليوود بذلك؟"، مشيرا على وجه الخصوص إلى سلسلة "رامبو" للنجم الأمريكي سيلفستر ستالون.
وأضاف: "أعتقد بكل تأكيد بأن بوليوود تتعرّض لهجوم".
"مؤدلجة بشدّة"
قبيل آخر انتخابات وطنية في 2019، رحّب مودي بحفاوة بنجوم "بوليوود" الذين نشروا صورهم معه على وسائل التواصل الاجتماعي وحظيت بآلاف المشاهدات. وذكرت تقارير إعلامية بأنهم ناقشوا "بناء الأمّة".
صدر فيلم "رئيس وزراء بالصدفة"، وهو عبارة عن سيرة ذاتية لسلف مودي وخصمه مانموهان سينغ، قبل شهور فقط من الانتخابات، علما بأن مفوضية الانتخابات أجّلت صدور فيلم "رئيس الوزراء ناريندرا مودي" القائم على تبجيل الزعيم الهندي القومي إلى ما بعد الاقتراع.
وأكد مخرج الأفلام الوثائقية سانجاي كاك بأن هذه الأفلام "تبدو مروَّضة نسبيا الآن".
وأضاف أن "الأفلام الجديدة مؤدلجة بشدّة وتنشر وجهة نظر المجموعة الحاكمة اليمينية والقومية الهندوسية والمعادية للمسلمين".
تشمل أبرز الأفلام الصادرة مؤخرا "ملفّات كشمير" (2022) الذي يروي تفاصيل مروّعة عن فرار مئات آلاف الهندوس هربا من المقاتلين المسلمين في شطر إقليم كشمير الخاضع للهند خلال العامين 1989-90.
في الأثناء، يروي فيلم "غودرا" المقبل أحداث حريق القطار عام 2002 الذي أسفر عن مقتل 59 حاجّا هندوسيا وأثار أعمال شغب طائفية دامية في غوجارات، فيما يشير المقطع الترويجي له إلى أن أعمال العنف كانت "مؤامرة" متعمّدة.
في الوقت ذاته، نفّذت الحكومة حملة أمنية ضد معارضيها شملت حظر وثائقي أعدّته "بي بي سي" عن دور مودي في أعمال العنف في غوجارات.
ووصفت تغطية "بي بي سي" بأنها "دعاية معادية وهراء مناهض للهند".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات بوليوود الهند الانتخابات الهند انتخابات مسلمون بوليوود سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
ترامب الذي انتصر أم هوليوود التي هزمت؟
ما دمنا لم نفارق بعد نظام القطب الواحد المهيمن على العالم تظل النظرية القديمة التي نقول إن الشعب الأمريكي عندما يختار رئيسه فهو يختار أيضا رئيسا للعالم نظرية صحيحة. ويصبح لتوجه هذا الرئيس في فترة حكمه تأثير حاسم على نظام العلاقات الدولية وحالة الحرب والسلم في العالم كله.
ولهذا فإن فوز دونالد ترامب اليميني الإنجيلي القومي المتشدد يتجاوز مغزاه الساحة الداخلية الأمريكي وحصره في أنه يمثل هزيمة تاريخية للحزب الديمقراطي أمام الحزب الجمهوري تجعله عاجزا تقريبا لمدة ٤ أعوام قادمة عن منع ترامب من تمرير أي سياسة في كونجرس يسيطر تماما على مجلسيه.
هذا المقال يتفق بالتالي مع وجهة النظر التي تقول إن اختيار الشعب الأمريكي لدونالد ترامب رئيسا للمرة الثانية ـ رغم خطابه السياسي المتطرف ـ هو دليل على أن التيار الذي يعبر عنه هو تيار رئيسي متجذر متنامٍ في المجتمع الأمريكي وليس تيارا هامشيا.
فكرة الصدفة أو الخروج عن المألوف التي روج لها الديمقراطيون عن فوز ترامب في المرة الأولى ٢٠١٦ ثبت خطأها الفادح بعد أن حصل في ٢٠٢٤ على تفويض سلطة شبه مطلق واستثنائي في الانتخابات الأخيرة بعد فوزه بالتصويت الشعبي وتصويت المجمع الانتخابي وبفارق مخيف.
لكن الذي يطرح الأسئلة الكبرى عن أمريكا والعالم هو ليس بأي فارق من الأصوات فاز ترامب ولكن كيف فاز ترامب؟ بعبارة أوضح أن الأهم من الـ٧٥ مليون صوت الشعبية والـ٣١٢ التي حصل عليها في المجمع الانتخابي هو السياق الاجتماعي الثقافي الذي أعاد ترامب إلى البيت الأبيض في واقعة لم تتكرر كثيرا في التاريخ الأمريكي.
أهم شيء في هذا السياق هو أن ترامب لم يخض الانتخابات ضد هاريس والحزب الديمقراطي فقط بل خاضه ضد قوة أمريكا الناعمة بأكملها.. فلقد وقفت ضد ترامب أهم مؤسستين للقوة الناعمة في أمريكا بل وفي العالم كله وهما مؤسستا الإعلام ومؤسسة هوليوود لصناعة السينما. كل نجوم هوليوود الكبار، تقريبا، من الممثلين الحائزين على الأوسكار وكبار مخرجيها ومنتجيها العظام، وأساطير الغناء والحاصلين على جوائز جرامي وبروداوي وأغلبية الفائزين ببوليتزر ومعظم الأمريكيين الحائزين على نوبل كل هؤلاء كانوا ضده ومع منافسته هاريس... يمكن القول باختصار إن نحو ٩٠٪ من النخبة الأمريكية وقفت ضد ترامب واعتبرته خطرا على الديمقراطية وعنصريا وفاشيا ومستبدا سيعصف بمنجز النظام السياسي الأمريكي منذ جورج واشنطن. الأغلبية الساحقة من وسائل الإعلام الرئيسية التي شكلت عقل الأمريكيين من محطات التلفزة الكبرى إلي الصحف والمجلات والدوريات الرصينة كلها وقفت ضد ترامب وحتى وسائل التواصل الاجتماعي لم ينحز منها صراحة لترامب غير موقع إكس «تويتر سابقا». هذه القوة الناعمة ذات السحر الأسطوري عجزت عن أن تقنع الشعب الأمريكي بإسقاط ترامب. صحيح أن ترامب فاز ولكن من انهزم ليس هاريس. أتذكر إن أول تعبير قفز إلى ذهني بعد إعلان نتائج الانتخابات هو أن ترامب انتصر على هوليوود. من انهزم هم هوليوود والثقافة وصناعة الإعلام في الولايات المتحدة. لم يكن البروفيسور جوزيف ناي أحد أهم منظري القوة الناعمة في العلوم السياسية مخطئا منذ أن دق أجراس الخطر منذ ٢٠١٦ بأن نجاح ترامب في الولاية الأولى هو مؤشر خطير على تآكل حاد في القوة الناعمة الأمريكية. وعاد بعد فوزه هذا الشهر ليؤكد أنه تآكل مرشح للاستمرار بسرعة في ولايته الثانية التي تبدأ بعد سبعة أسابيع تقريبا وتستمر تقريبا حتى نهاية العقد الحالي.
وهذا هو مربط الفرس في السؤال الكبير الأول هل يدعم هذا المؤشر الخطير التيار المتزايد حتى داخل بعض دوائر الفكر والأكاديميا الأمريكية نفسها الذي يرى أن الإمبراطورية ومعها الغرب كله هو في حالة أفول تدريجي؟
في أي تقدير منصف فإن هذا التآكل في قوة أمريكا الناعمة يدعم التيار الذي يؤكد أن الامبراطورية الأمريكية وربما معها الحضارة الغربية المهيمنة منذ نحو٤ قرون على البشرية هي في حالة انحدار نحو الأفول. الإمبراطورية الأمريكية تختلف عن إمبراطوريات الاستعمار القديم الأوروبية فبينما كان نفوذ الأولى (خاصة الإمبراطوريتين البريطانية والفرنسية) على العالم يبدأ بالقوة الخشنة وبالتحديد الغزو والاحتلال العسكري وبعدها يأتي وعلى المدى الطويل تأثير قوتها الناعمة ولغتها وثقافتها ونظمها الإدارية والتعليمية على شعوب المستعمرات فإن أمريكا كاستعمار إمبريالي جديد بدأ وتسلل أولا بالقوة الناعمة عبر تقدم علمي وتكنولوجي انتزع من أوروبا سبق الاختراعات الكبرى التي أفادت البشرية ومن أفلام هوليوود عرف العالم أمريكا في البداية بحريات ويلسون الأربع الديمقراطية وأفلام هوليوود وجامعات هارفارد و برينستون ومؤسسات فولبرايت وفورد التي تطبع الكتب الرخيصة وتقدم المنح وعلى عكس صورة المستعمر القبيح الأوروبي في أفريقيا وآسيا ظلت نخب وشعوب العالم الثالث حتى أوائل الخمسينات تعتقد أن أمريكا بلد تقدمي يدعم التحرر والاستقلال وتبارى بعض نخبها في تسويق الحلم الأمريكي منذ الأربعينيات مثل كتاب مصطفى أمين الشهير «أمريكا الضاحكة». وهناك اتفاق شبه عام على أن نمط الحياة الأمريكي والصورة الذهنية عن أمريكا أرض الأحلام وما تقدمه من فنون في هوليوود وبروداوي وغيرها هي شاركت في سقوط الاتحاد السوفييتي والمعسكر الشيوعي بنفس القدر الذي ساهمت به القوة العسكرية الأمريكية. إذا وضعنا الانهيار الأخلاقي والمستوى المخجل من المعايير المزدوجة في دعم حرب الإبادة الإسرائيلية الجارية للفلسطينيين واللبنانيين والاستخدام المفرط للقوة العسكرية والعقوبات الاقتصادية كأدوات قوة خشنة للإمبراطورية الأمريكية فإن واشنطن تدمر القوة الناعمة وجاذبية الحياة والنظام الأمريكيين للشعوب الأخرى وهي واحدة من أهم القواعد الأساسية التي قامت عليها إمبراطورتيها.
إضافة إلى دعم مسار الأفول للإمبراطورية وبالتالي تأكيد أن العالم آجلا أو عاجلا متجه نحو نظام متعدد الأقطاب مهما بلغت وحشية القوة العسكرية الأمريكية الساعية لمنع حدوثه.. فإن تطورا دوليا خطيرا يحمله في ثناياه فوز ترامب وتياره. خاصة عندما تلقفه الغرب ودول غنية في المنطقة. يمكن معرفة حجم خطر انتشار اليمين المتطرف ذي الجذر الديني إذا كان المجتمع الذي يصدره هو المجتمع الذي تقود دولته العالم. المسألة ليست تقديرات وتخمينات يري الجميع بأم أعينهم كيف أدي وصول ترامب في ولايته الأولى إلى صعود اليمين المتطرف في أوروبا وتمكنه في الوقت الراهن من السيطرة على حكومات العديد من الدول الأوروبية بعضها دول كبيرة مثل إيطاليا.
لهذا الصعود المحتمل لتيارات اليمين المسيحي المرتبط بالصهيونية العالمية مخاطر على السلم الدولي منها عودة سيناريوهات صراع الحضارات وتذكية نيران الحروب والصراعات الثقافية وربما العسكرية بين الحضارة الغربية وحضارات أخرى مثل الحضارة الإسلامية والصينية والروسية.. إلخ كل أطرافها تقريبا يمتلكون الأسلحة النووية!!
حسين عبد الغني كاتب وإعلامي مصري