بعد اتفاق وقف الحرب بين حزب الله اللبناني وإسرائيل المشتعلة منذ أكثر من عام، عاد الاهتمام إلى قطاع غزة الذي أنهكته الحرب، لكن من المرجح أن تتبدد الآمال بالتوصل لاتفاق سريع ينهي الحرب في القطاع، وفق مراقبين.

فقد دخل حيز التنفيذ فجر أمس الأربعاء اتفاق لوقف إطلاق النار بين حزب الله اللبناني والجيش الإسرائيلي بعد شهور من عمليات عسكرية متبادلة بين الطرفين، بسبب إسناد حزب الله لجبهة غزة بعد عملية طوفان الأقصى.

أهداف مختلفة

خلال إعلانه الاتفاق في لبنان أول أمس الثلاثاء، قال الرئيس الأميركي جو بايدن إنه سيجدد مساعيه الرامية للتوصل إلى اتفاق هدنة في غزة، وحث إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) على اغتنام اللحظة.

ورغم تصريحات بايدن، لا توجد مؤشرات على أن قادة إسرائيل يريدون وقف الحرب التي يشنونها على القطاع الفلسطيني منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، فتصريحات وزراء الاحتلال الإسرائيلي تؤكد أن أهداف حربهم على غزة مختلفة تماما عن أهداف حربهم على لبنان.

ففي تصريحات أدلى بها بهذا الشأن، قال وزير الزراعة الإسرائيلي آفي ديختر إن "غزة لن تشكل تهديدا لإسرائيل مرة أخرى، وسنحقق نصرا حاسما هناك. ولبنان مختلف".

وقال ديختر، وهو عضو سابق في مجلس الأمن الداخلي ورئيس سابق لجهاز المخابرات "الشاباك"، "هل نحن في بداية لنهاية الحملة على غزة؟ بالتأكيد لا. ما زال لدينا الكثير مما يتوجب القيام به".

وأمس الأربعاء، اتهم القيادي في حركة حماس سامي أبو زهري إسرائيل بـ"عدم المرونة"، وأكد أن الحركة لا تزال تريد التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب في غزة المستعرة منذ 14 شهرا.

ونقلت عنه وكالة رويترز قوله "نأمل أن يمهد هذا الاتفاق (مع حزب الله) الطريق للتوصل إلى اتفاق ينهي حرب الإبادة الجماعية ضد شعبنا في غزة".

بصيص أمل

تلقى سكان غزة -المنهكون بسبب الحرب التي حصدت أرواح أكثر من 44 ألفا منهم على مدى 14 شهرا، ودمرت معظم القطاع- أخبار وقف حزب الله القتال ضد إسرائيل بمشاعر متضاربة، فهناك من رأى في الخطوة بصيص أمل يشير إلى إمكان التوصل لحل مماثل في غزة.

فالنازحة الغزية آية (30 عاما) التي تعيش الآن في خيمة بوسط القطاع، علقت على الحدث بالقول "يقولون إنه إذا هطل المطر في مكان ما، فإن ذلك مؤشر جيد بالنسبة للناس في مكان آخر. نأمل أن تتركز الجهود بعد لبنان على غزة لإنهاء الحرب".

ومؤشر آخر يبعث بصيص أمل، فقد صرح مصدران أمنيان مصريان بأن إسرائيل أبلغت القاهرة بإمكانية استئناف مواصلة العمل على اتفاق بشأن غزة، إذا استمر وقف إطلاق النار في لبنان.

مصالح نتنياهو

ورغم ما سبق، يرى المحلل السياسي الإسرائيلي عوفر شيلة، الباحث البارز في معهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب، أن فصل الجبهات قد يجعل إنهاء إراقة الدماء في غزة أمرا أكثر صعوبة.

ونقلت وكالة رويترز عن شيلة قوله تعليقا على اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل "لم يعد هناك الآن ضغط حقيقي على إسرائيل بشأن غزة".

وقال المحلل السياسي الإسرائيلي إن التوصل لاتفاق سلام مع حركة حماس في وقت قريب لا يخدم مصالح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، "لأن ذلك قد يتسبب في تمزيق حكومته المليئة بصقور الحرب، الذين ندد بعضهم بالاتفاق اللبناني ويريدون السيطرة على غزة".

وختم بالقول "أعتقد أن من مصلحة نتنياهو السياسية أن تستمر الحرب، لأن نهاية الحرب في غزة قد يشكل تهديدا حقيقيا لائتلافه" الحكومي.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات حزب الله على غزة فی غزة

إقرأ أيضاً:

هل باتت غزة قريبة من اتفاق لوقف إطلاق النار على غرار لبنان؟

ينظر الفلسطينيون في قطاع بتفاؤل كبير بشأن الوصول إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة قريبا، على غرار ما جرى في لبنان، لتنتهي بذلك معاناة متواصلة منذ أكثر من عام، بفعل العدوان الوحشي وحرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال في غزة.

وقال فلسطينيون في غزة لمراسل "عربي21" إنه آن الأوان لوقف العدوان، معبرين عن فرحتهم بوقف نزيف الدماء في لبنان، ومتمنين أن يتوقف القتل الوحشي في غزة أيضا في وقت قريب.

وأضافوا أن الأولية والجهود يجب أن تنصب حاليا على إنهاء معاناة أهالي القطاع الذي شردوا ودمرت بيوتهم، ومازالوا يعانون القتل والجوع والحرمان منذ عام ويزيد، مؤكدين أن وقف إطلاق النار هو اختبار حقيقي للإنسانية وللإرادة الدولية التي ظلت عاجزة، وما زالت عن وقف بطش الاحتلال بحق شعب أعزل، في ظل دعم أمريكي مطلق للعدوان.

وعبروا عن أملهم في أن يؤدي اتفاق لبنان إلى تحريك المياه الراكدة نحو التوصل إلى اتفاق مماثل في قطاع غزة، معبرين في الوقت نفسه عن خشيتهم من أن لا ينعكس ذلك سلباً على القطاع؛ من خلال تكثيف جيش الاحتلال للمجازر وحرب الإبادة.

وبدأ الأربعاء، سريان اتفاق لوقف إطلاق النار بين حزب الله والاحتلال، يمتد إلى 60 يوما متواصلة، بعد جهود ووساطة فرنسية أمريكية، وسط ترحيب دولي واسع.

مؤشرات تدعو للتفاؤل
ورغم حالة الجمود في ملف المفاوضات بين دولة الاحتلال والمقاومة في غزة، والتعنت الذي تبديه حكومة الاحتلال بشأن مطالب المقاومة، إلا أن مؤشرات جديدة قد تدعو للتفاؤل، بينها توجه وفد أمني مصري رفيع إلى تل أبيب الخميس، لإجراء محادثات مع المسؤولين الإسرائيليين بشأن مناقشة وقف إطلاق النار في غزة.

يأتي هذا التحرك، عقب ساعات قليلة من تصريح للرئيس الأمريكي، جو بايدن قال فيه، إن الولايات المتحدة سوف تعمل مع الشركاء خلال الأيام المقبلة على وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وأضاف بايدن في منشورعبر حسابه في "إكس": أنه "خلال الأيام المقبلة، ستبذل أمريكا جهدا آخر مع مصر وقطر وتركيا وإسرائيل وآخرين للتوصل لوقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح المحتجزين وإنهاء الحرب".

"أكثر واقعية"
رئيس دولة الاحتلال الإسرائيلي، إسحاق هرتسوغ، قال الأربعاء، إنّ: "التسوية في لبنان تفتح نافذة فرص أمام إعادة الأسرى المتواجدين في غزة"، داعيا إلى "عدم إهدار فرصة أخرى".

وأضاف هرتسوغ، خلال مؤتمر، من  القدس المحتلّة: "يجب أن نعمل بجهد وبكل قوتنا للوفاء بواجبنا الأسمى، وهو إعادة إخواننا وأخواتنا المختطفين في غزة".

بدوره، يعتقد الخبير العسكري والاستراتيجي نضال أبوزيد، أن الذهاب إلى وقف إطلاق النار في غزة أصبح أكثر واقعية حاليا، خاصة مع ارتفاع فاتورة تكاليف الاحتلال سياسيا واقتصاديا وعسكريا واجتماعيا.

ورأى أبوزيد في حديث خاص لـ"عربي21" أنه "حتى وإن تنازلت المقاومة عن بعض شروطها ضمن معيار التمسك بشرط تبادل الأسرى، فإن ذلك يعتبر بيئة يمكن أن تدفع إلى صياغة مبادرة قد تكون مقبولة الآن أكثر من أي وقت مضى".

انعكاس اتفاق لبنان على غزة
وفي تعليقه على موافقة الاحتلال على اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، وانعكاس ذلك على الموقف الاستراتيجي للحرب في غزة قال أبو زيد، إن حركة حماس والمقاومة في غزة التي رحبت بالاتفاق، تدرك طبيعة ما يجري والمعادلة بشأن وحدة الساحات، والتي تحكم العلاقة الاستراتيجية لمحور المقاومة".

مضيفا: "وحدة الساحات واستقلالية الجبهات والتصرف بما تقتضيه مصلحة فصائل المقاومة، هي معادلة تفهمها المقاومة في غزة وتدرك منذ البداية أن إسناد حزب الله ساعد بإشغال الاحتلال، ولكن لم يكن جزءا من معركة المقاومة في غزة، ولذلك جاءت تصريحات المقاومة في غزة عشية الموافقة على الاتفاق في لبنان بالاستمرار بالقتال واستنزاف قوات الاحتلال في غزة".

وأكد أبو زيد أن قوات الاحتلال المستنزفة إلى حد بعيد في جنوب لبنان و ألوية النخبة (غولاني، وحدة ايغوز، فرقة المظليين 98 ) التي اشتركت في جنوب لبنان تعرضت لخسائر كبيرة لن تمكنها من العودة إلى القتال في غزة لمدة 3-4 أشهر على الأقل، لأنها تحتاج إلى إعادة ترميم نتيجة الخسائر التي تعرضت لها، ما يعني أن المقاومة قادرة على استنزاف الـ 6 الوية الموجودة في غزة وعلى رأسها لواء كفير ولواء غفعاتي الذين استنزفوا شمال غزة، وتكبدوا خسائر عالية، ما جعل قوات الاحتلال في غزة أمام واقع صعب، وضيق في الخيارات العسكرية أمام فاتورة التكاليف الباهظة، وهذا قد يدفعها لاتفاق في غزة أيضا.

ولفت إلى أن الرابح من اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان ماديا ومعنويا هو حزب الله ومحور المقاومة، وذلك لارتباط ما يجري بعدة أسباب، أبرزها أن حكومة نتنياهو تنازلت عن شروطها فيما يتعلق بوجود فرنسا ضمن لجنة مراقبة الاتفاق، وتنازلت أيضا عن شرط حرية الحركة الجوية والبرية داخل لبنان، بل وقبلت بالتحفظات اللبنانية على الشروط التي تنتهك السيادة اللبنانية.

وأضاف أبوزيد أن مبادرة وقف إطلاق النار التي وافق عليها نتنياهو لم تكن الأولى حيث سبقها مبادرة في أيلول/ سبتمبر الماضي، ولكن رفضها الاحتلال، رغم أنها كانت تتضمن نفس البنود الحالية، متسائلا: "لماذا رفض  نتنياهو تلك المبادرة وعاد ووافق عليها الآن؟"، مضيفا: "الاجابة بكل وضوح الفشل الذي تعرض له جيش الاحتلال في تحقيق أي إنجاز ميداني يمكن من خلال أن يقوي وضع الاحتلال التفاوضي".

وبوساطة مصر وقطر، ودعم الولايات المتحدة، تجري دولة الاحتلال وحركة "حماس" منذ أشهر مفاوضات غير مباشرة لوقف إطلاق النار بغزة وتبادل أسرى، لكنها تعثرت بسبب تعنت نتنياهو وإصراره على مواصلة الإبادة في غزة.

وأعلنت حماس مرارا استعدادها لتنفيذ الاتفاق المستند إلى مقترح أعلنه الرئيس الأمريكي جو بايدن نهاية آيار/ مايو الماضي، وتتهم نتنياهو بالتراجع عنه ومحاولة فرض شروط ومقترحات جديدة لإطالة الحرب والبقاء في منصبه.

ولليوم الـ418 على التوالي، يواصل جيش الاحتلال ارتكاب المجازر المروعة في إطار حرب الإبادة الجماعية التي يشنها على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، مستهدفا المنازل المأهولة والطواقم الطبية والصحفية.

وارتفعت حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة إلى ما يزيد على الـ44 ألف شهيد، وأكثر من 104 آلاف مصاب بجروح مختلفة، إضافة إلى آلاف المفقودين تحت الأنقاض، وفقا لوزارة الصحة في غزة.

مقالات مشابهة

  • باحثة سياسية: اتفاق وقف إطلاق النار في الجنوب اللبناني لا يعني نهاية الحرب
  • هل هُزم حزب الله، أم فشلت إسرائيل؟ تعرف على بنود اتفاق وقف الحرب في لبنان
  • استسلام وفشل.. انتقادات واسعة داخل إسرائيل حول اتفاق إنهاء الحرب.. إيلى بار أون: الاتفاق نتيجة مباشرة لفشل المناورة البرية للجيش الإسرائيلي
  • هل باتت غزة قريبة من اتفاق لوقف إطلاق النار على غرار لبنان؟
  • مشاعر متباينة في إسرائيل حيال وقف النار.. هل تعود الحرب؟
  • وقف إطلاق النار في لبنان.. نهاية للعدوان الإسرائيلي أم هدوء يسبق العاصفة؟
  • رويترز: بايدن وماكرون بصدد إعلان اتفاق هدنة بين حزب الله وإسرائيل
  • مسؤول اميركي: إسرائيل ولبنان اتفقا على شروط إنهاء الحرب
  • هبوط جماعي لمؤشرات البورصة في نهاية تعاملات اليوم الإثنين