في الوقت الذي يواصل فيه السودان معركته ضد تبعات الحرب التي مزقت البلاد، يواجه آلاف من السودانيين المقيمين في مصر تحديات لا تقل صعوبة عن تلك التي أجبرتهم على مغادرة وطنهم. مئات الأسر السودانية في مصر وجهوا نداءً عاجلاً لرئيس مجلس السيادة الانتقالي، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، ووزير الخارجية السوداني السفير علي يوسف، مطالبين بتدخل عاجل لحل معضلة مواطنيهم الذين يقبعون في السجون المصرية.

هؤلاء السودانيون الذين جاءوا إلى مصر هربًا من ويلات الحرب، يجدون أنفسهم في سجون خارج حدود وطنهم، محاطين بمصير مجهول، في وقت كان من المفترض أن يكونوا فيه في مأمن.

مطالبات بتدخل الحكومة السودانية
في رسالة واضحة، طالبت الأسر السودانية التي تقيم في مصر رئيس مجلس السيادة السوداني والقائد العام للقوات المسلحة بالتدخل شخصيًا لحل معاناة أبنائهم. وقالوا في نداءاتهم إن هؤلاء المواطنين، الذين يحملون بطاقات مفوضية اللاجئين التي تمنحهم حقوقًا وحمايات دولية معترف بها، لا يستحقون هذه المعاملة القاسية. وطالبوا بأن تتم مخاطبة السلطات المصرية للنظر في أسباب القبض عليهم، خاصة أنهم لا يحملون أية تهم جنائية وإنما جاءوا إلى مصر بحثًا عن السلامة والأمان بعيدًا عن الدمار الذي أفرزته الحرب في وطنهم.

الضغط المتزايد على الأسر السودانية
تعكس المناشدات حجم الضغط النفسي والجسدي الذي تعيشه الأسر السودانية في مصر. فبينما يظل أبناؤهم خلف القضبان، تتزايد المخاوف من تأثير هذا الوضع على صحة ورفاهية المحتجزين وأسرهم. وفي ظل استمرار الاعتقالات، يزداد القلق على مصير الأطفال والقصر الذين يتواجدون ضمن المحتجزين. الأسر السودانية تطالب الحكومة السودانية بسرعة التواصل مع القيادة المصرية لضمان إخلاء سبيل هؤلاء المحتجزين، وتطالب بضرورة إيجاد حل يعيد لهم كرامتهم ويحفظ العلاقة الطيبة بين البلدين. هذه العلاقة التي أملوا أن تبقى قوية، لا أن تتأثر سلبًا جراء هذه القضية الإنسانية التي تتطلب تدخلاً سريعًا.

الانتقادات للتعامل مع السجناء السودانيين

واحدة من أبرز النقاط التي أثارها المحتجزون وأسرهم هي انتقادهم للمعاملة التي يتلقاها بعض السجناء السودانيين في السجون المصرية. فقد أشاروا إلى أنه لا يسمح لأسرهم بزيارتهم أو حتى بالاطمئنان على أحوالهم. وقد تعمق هذا الشعور بالظلم بسبب ما وصفوه بالتعامل القاسي وغير الإنساني مع رعاياهم. وتساءلوا عن الدور الذي يمكن أن يلعبه السفير السوداني في مصر في ظل هذا الوضع، مشيرين إلى ضرورة أن يتدخل بصورة فعالة لحل الأزمة. وفي حال عدم قدرة السفير على إتمام ذلك، طالبوا بضرورة تقديم استقالته وتسليم الملف لشخص قادر على تحمل المسؤولية بأمانة وحيادية.

دعوة عاجلة إلى القيادة المصرية

أدركت الأسر السودانية أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي يُعرف بحنكته السياسية ودهائه في التعامل مع الأزمات، قد يكون الأمل في إيجاد حل سريع لهذا الملف الشائك. وقد ناشدوا القيادة المصرية التدخل العاجل لحل المشكلة، سواء من خلال الإفراج عن السجناء السودانيين أو من خلال إيجاد حلول قانونية تلائم وضعهم الإنساني. وهذه الدعوة تعكس ثقة الأسر السودانية في قدرة الرئيس السيسي على إنهاء معاناتهم في أسرع وقت ممكن.

الطلب الملح بإيجاد حل نهائي
في الختام، أكد المحتجون على ضرورة أن تتخذ الحكومة السودانية خطوات فورية للتواصل مع السلطات المصرية، إما من خلال إطلاق سراح السجناء السودانيين أو من خلال ترحيلهم إلى وطنهم بصورة رسمية ونهائية. فحياة هؤلاء الأشخاص لم تكن في يوم من الأيام ترفًا أو خيارًا، بل كانت محكومة بالضرورات التي فرضتها الحرب والمأساة. وهم الآن يطالبون بحقهم المشروع في حياة كريمة، بعيدًا عن القلق والخوف المستمر. إن هذا الملف لا يؤثر فقط على الأفراد المعنيين بل يهدد بخلق توترات إنسانية بين بلدين تربطهما علاقة تاريخية قوية. لذا فإن الحل العاجل هو الأساس لتخفيف معاناة هؤلاء المواطنين، وضمان الحفاظ على الصلة الطيبة بين السودان ومصر.

سودافاكس

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الأسر السودانیة السودانیة فی من خلال فی مصر

إقرأ أيضاً:

هل ستكون حرب الستين يومًا آخر الحروب؟

ما شهدناه من ردّة فعل النازحين في مراكز الإيواء عندما أُعلن التوصّل إلى اتفاق على وقف النار قد يفوق برمزيته أي مشهد آخر. فبمجرد أن وصل إلى مسامع هؤلاء المبعدين عن بيوتهم وقراهم وأرزاقهم الانباء الأولية عن قرب انتهاء الحرب حتى عمّت الفرحة وعلت الزغاريد وأقيمت حلقات الدبكة. وإن دّلت ردّة الفعل العفوية لدى هذه الفئة من اللبنانيين على شيء فعلى رفضهم الضمني لهذه الحرب، التي قتلت من قتلت وهجّرت من هجّرت ودمّرت ما دمّرت. وهذا الرفض المعبَّر عنه بالزغاريد والرقص ليس سوى بداية النهاية على رغم معرفة هؤلاء المغلوب على أمرهم بأنهم عندما سيعودون إلى قراهم لن يتمكنوا من معرفة أين كان مكان منزلهم بالضبط. وهذا ما خبره جميع اللبنانيين الذين تهجّروا من قراهم، سواء في "حرب الجبل" أو في حرب تموز. فالعودة ستكون ناقصة ومنغصّة. ولكن وعلى رغم هذه "النغصة" فإن هؤلاء النازحين عازمون على العودة وما تشهده طرقات العودة من الازدحام خير دليل على ذلك.

لا يحسب هؤلاء العائدون إلى قراهم ومنازلهم المهدّمة أي حساب لما ينتظرهم من مشاهد سبق لهم أن شاهدوها عندما عادوا إليها بعد انتهاء حرب تموز. فما تهدّم سيعاد بناؤه. وفي الانتظار يفضّل هؤلاء نصب خيمة على أنقاض منازلهم بدلًا من أي مكان إيواء آخر، من دون أن ينسوا ما قُدّم لهم في هذه المراكز من محبة ومما يحتاج إليه المرء من أساسيات العيش، ولو بحدّها الأدنى. وعلى هذا الأساس التضامني يمكن إعادة التأسيس لمرحلة ما بعد الحرب. فما ينتظر اللبنانيين من حلول ممكنة ومتاحة أكثر بكثير مما هو متوقع. وإذا أراد المرء تعداد ما يجب القيام به في اليوم التالي فلن يتمّكن من إتمام هذه المهمة في وقت قصير.

فبداية البدايات ستكون حتمًا بانتشار الجيش حيث كان يجب أن يكون قبل حرب الاسناد وقبل الحرب الإسرائيلية التدميرية. وهذا الانتشار لن يكون صوريًا كما يحاول البعض تصوير الأمر، بل ستكون له مفاعيل ونتائج تفوق التوقعات والآمال. وهذا الدور المعَدّ للجيش مفصلي من حيث تلازمه مع موقف سياسي جامع ومتوافق عليه، باعتبار أن للمؤسسة العسكرية كامل الثقة بإمكانية بسط سلطة الدولة على كامل التراب الجنوبي وإعادة الهدوء إلى هذا الجزء من الوطن، الذي يحتاج اليوم إلى الاستقرار أكثر من أجزاء الوطن الأخرى.
أمّا ثاني البدايات فستكون بسحب "حزب الله" سلاحه الثقيل إلى شمال الليطاني، بالتزامن مع انسحاب إسرائيلي من القرى التي دخل إليها، وذلك في انتظار اكتمال مشهدية عودة النازحين إلى قراهم وبلداتهم في انتظار بدء ورشة إعادة الاعمار. وهذه الورشة تتطلب أولًا تدّفق المساعدات من الدول الشقيقة والصديقة، باعتبار أن كلفة إعادة الاعمار تفوق قدرة الدولة وامكاناتها المحدودة، مع مراعاة وضعية أصحاب هذه المنازل المهدّمة من الناحيتين النفسية والاجتماعية.

هذه الحرب كانت أكثر من قاسية، ولكنها انتهت وعسى أن تكون الأخيرة. فاللبنانيون الذين كوتهم هذه الحرب واستشهد منهم من استشهد، ودُمرّت منازل الكثيرين في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت، لم يعودوا قادرين على تحمّل المزيد من الكوارث والمآسي والويلات، وهم يتوقون إلى أن يعيشوا حياة طبيعية ومستقرّة من دون أن يكونوا عرضة للتجارب الموسمية. الامتحان صعب، خصوصًا أن ما ينتظر اللبنانيين من استحقاقات اليوم التالي أشدّ صعوبة مما يمكن تصوّره. فهل ستكون حرب الستين يومًا آخر الحروب؟     
  المصدر: خاص لبنان24

مقالات مشابهة

  • هل ستكون حرب الستين يومًا آخر الحروب؟
  • أبرزها العتاولة والمداح| دراما الأجزاء تسيطر على الموسم الرمضاني المقبل.. وناقدة فنية: ظاهرة ليست جديدة على الدراما المصرية
  • آليات جديدة من «التضامن» لدعم الأسر الأولى بالرعاية وتمكينها اقتصاديا 
  • فنانون سودانيون يسخرون من قرار مجلس المهن الموسيقية بسحب تراخيص الداعمين لـ «تقدم» 
  • «تضامن الغربية»: توزيع ملابس جديدة على 300 أسرة أولى بالرعاية في كفر الزيات
  • فصول تحت الأشجار وفي الميادين.. لاجئون سودانيون يصرون على التعلم
  • أزمة جديدة بالكرة المصرية.. مواجهة الغرق والفيوم "منسية" بكأس مصر
  • لاجئون سودانيون يواجهون العمل بالإكراه في مصر 
  • تفاصيل جديدة ومروعة حول الجريمة التي هزت إسطنبول