هدنة لبنان.. استراحة أم بداية تصعيد جديد؟
تاريخ النشر: 28th, November 2024 GMT
يرى راجان مينون، أستاذ فخري للعلاقات الدولية في كلية مدينة نيويورك، أن وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله يعكس واقعاً استراتيجياً معقداً
قد تذهب إسرائيل إلى أبعد من ذلك وتستأنف حملتها الجوية والبرية
وكتب مينون في مجلة "نيوستيتسمان" أنه بعد هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، قرر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو شن حرب شاملة مع وعد بعدم التوقف حتى يتم تدمير حركة حماس.
وبعد أكثر من عام من القتال، لا تزال حماس قوية، مما يترك لنتانياهو خياراً صعباً: الاستمرار في الحرب. فقد راهن ليس فقط على سمعة حكومته المتعثرة لتحقيق هذا الهدف، بل أيضاً على شركائه في الائتلاف اليميني المتطرف الذين يعتقدون بأن القضاء على حماس أمر ممكن، وأن أي تقاعس عن ذلك سيكون بمثابة خيانة للأمة، وإذا فشل في تحقيق هذا الهدف، فقد يواجه مشاكل قانونية تتعلق باتهامات بالفساد والاحتيال، مما قد يهدد منصبه.
أعباء الحرب المزدوجةويشير مينون إلى أن نتانياهو يدرك تماماً أن مواصلة الحرب ضد حماس في غزة وفي الوقت ذاته شن حرب ضد حزب الله في لبنان قد يكون أمراً شبه مستحيل. فبينما تفتقر حماس إلى قيادة موحدة، فقد تكبدت إسرائيل خسائر بشرية كبيرة في غزة، حيث قتل أكثر من 800 جندي إسرائيلي حتى يونيو (حزيران) 2024.
وفي مواجهة هذا الوضع، يرى نتانياهو أن حماس تشكل التهديد الأكبر، ما دفعه إلى اتخاذ قرار بوقف الحرب ضد حزب الله لكي يتمكن من تركيز القوة النارية الإسرائيلية على غزة. كما أشار في دفاعه عن اتفاق وقف إطلاق النار قائلاً: "يجب أن نركز على التهديد الإيراني".
“We need to be modest and realistic.”
The ceasefire deal between Israel and Hezbollah will enable the “calming” of Lebanon and allow Israel to focus on “addressing” Iran, says retired Israeli brigadier general Assaf Orion. @CaroleWalkerCW | #TimesRadio pic.twitter.com/RWmrP3DMER
وتخوض إسرائيل حرباً في الضفة الغربية أيضاً، حيث قُتل نحو 700 فلسطيني منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول).
وعلى الرغم من أن هذه الأعداد ضئيلة مقارنة بالقتلى في غزة، إلا أن هذا يشير إلى أن إسرائيل تقاتل على جبهتين، فاستمرار العمليات العسكرية في الضفة الغربية وغزة، إلى جانب القتال ضد حزب الله في لبنان، سيضع أعباءً هائلة على الجيش الإسرائيلي، وهو ما قد يكون غير قابل للاستمرار على المدى الطويل.
حسابات حزب اللهأما بالنسبة لحزب الله، فله أسبابه الخاصة للموافقة على وقف إطلاق النار، إذ أطلق الحزب صواريخ على شمال إسرائيل دعماً لحماس، مما دفع الحكومة الإسرائيلية إلى إجلاء 67500 شخص من منازلهم حتى نهاية سبتمبر (أيلول).
ويتمتع حزب الله بتاريخ طويل في مواجهة إسرائيل، وقد نجح في العديد من المرات في إرغامها على التراجع أو السعي نحو السلام.
ومقاتلو الحزب منضبطون، ذوو خبرة ومهارة عالية في المعارك، مما يمنحهم القدرة على اتخاذ قرارات استراتيجية مدروسة بشأن مسار المواجهة.
and surviving until the end of the war.
The new strategy aimed to shorten the war and achieve more than mere survival.
This plan was also designed to deter Israel.
As Iran’s “aircraft carrier” in the Middle East, Hezbollah used this strategy alongside its growing arsenal of pic.twitter.com/7fuJ9V05UG
لكن ما يفتقر إليه حزب الله هو الأسلحة المتطورة التي تمتلكها إسرائيل، بما في ذلك سلاح الجو.
ولم يتمكن الحزب من مواكبة قوة الجيش الإسرائيلي، وتكبَّد خسائر كبيرة، بما في ذلك مقتل العديد من قادته البارزين.
ومن بين الضحايا، كان حسن نصرالله، الزعيم الروحي لحزب الله، تلاه خليفته هاشم صفي الدين.
ولا شك أن نعيم قاسم، زعيم الحزب الحالي، أصبح هدفاً أيضاً وقد لا يظل في منصبه لفترة طويلة. ورغم أن حزب الله كان يمكنه الاستمرار في المقاومة، إلا أن ذلك كان سيعني تحمل المزيد من الخسائر الفادحة. وبالتالي، سيكون من الأفضل للحزب السعي للحصول على فترة راحة لإعادة البناء والتعافي.
سيناريو وقف إطلاق الناروفقاً للاتفاق، سيتم وقف إطلاق النار لمدة 60 يوماً، مما يسمح لحزب الله بسحب مقاتليه من جنوب لبنان إلى شمال نهر الليطاني، وفي الوقت نفسه، تسحب إسرائيل قواتها من الأراضي اللبنانية. لكن جزءاً من الاتفاق يتضمن تأكيد إسرائيل على حقها في استئناف غاراتها الجوية إذا تطلبت الظروف ذلك، وهو ما أكده نتانياهو في خطابه، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة تدعمه في هذا الصدد.
ويمنح هذا البند نتانياهو حرية كبيرة، ولكنه يترك الباب مفتوحاً لاحتمال انهيار وقف إطلاق النار إذا قررت إسرائيل استئناف الهجمات الجوية، فيرد حزب الله بما يتناسب مع ذلك.
التحديات المستقبليةإذا قرر حزب الله إعادة تجميع قواته في جنوب لبنان أو إعادة بناء مواقعه هناك أثناء وقف إطلاق النار أو بعده، قد تُستأنف العمليات الجوية والبرية الإسرائيلية.
كما يمكن أن يقرر حزب الله أن لا يظل مكتوف الأيدي بينما تقوم إسرائيل بطرد الفلسطينيين من قطاع غزة في إطار بناء المستوطنات في المناطق الشمالية، ما قد يؤدي إلى انهيار الاتفاق.
وهذا السيناريو ليس مؤكداً، لكن لا يمكن استبعاده تماماً خاصة في ظل عدم اليقين بشأن كيفية تنفيذ شروط الاتفاق.
إشراف الاتفاقتتمثل مهمة فرض تطبيق الاتفاق مرة أخرى في الجيش اللبناني وقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، وهو ما كان قد فشل في الماضي بموجب قرار مجلس الأمن رقم 1701 في أغسطس (آب) 2006.
وإذا انتهك حزب الله أو إسرائيل الاتفاق، فمن غير المتوقع أن تتوقف الأطراف المعنية عن الانتهاكات. رغم وجود آلية لمراقبة الامتثال، يبقى تنفيذ الاتفاق مسألة صعبة. فلا يمكن لأي اتفاق لوقف إطلاق النار أن يكون مثالياً، وحتى مع الشروط الواضحة والدقيقة، لا يمكن منع الكراهية وسوء التقدير من التأثير على الطرفين ودفعهما إلى انتهاك الاتفاقات.
في الختام، رغم أن صياغة اتفاق كهذا لم تكن سهلة، إلا أن انتقاده من بعيد يبقى أسهل بكثير، إذ لا يمكن ضمان نجاح اتفاق وقف إطلاق النار، لكن الأمل يبقى في أن يستمر، مع العلم أنه قد يكون مؤقتاً.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية نتانياهو حرب حماس حرب ضد حزب الله في لبنان الإيراني إسرائيل وحزب الله حماس نتانياهو عام على حرب غزة غزة غزة وإسرائيل إيران وإسرائيل وقف إطلاق النار حزب الله لا یمکن
إقرأ أيضاً:
إسرائيل تقصف الضاحية وحزب الله ينفي إطلاق صواريخ
استهدفت مقاتلات إسرائيلية، اليوم الجمعة، ضاحية بيروت الجنوبية للمرة الأولى منذ التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وربطت إسرائيل تلك الهجمات بإطلاق صواريخ من الجنوب نفى حزب الله أي علاقة له بها وأكد تمسكه بوقف إطلاق النار.
وقال الجيش الإسرائيلي إن سلاح الجو هاجم منشأة لتخزين الطائرات المسيّرة تابعة لحزب الله في الضاحية الجنوبية، وأضاف في بيان أن إطلاق الصواريخ صباحا باتجاه الجليل الأعلى يشكل انتهاكا صارخا للتفاهمات بين إسرائيل ولبنان وتهديدا مباشرا على الإسرائيليين.
وتوعد الجيش الإسرائيلي بأنه سيواصل العمل لإزالة كل تهديد على إسرائيل.
وسبقت الهجوم الإسرائيلي على الضاحية 3 غارات تحذيرية على المبنى، ما دفع سكان المنطقة المستهدفة إلى المغادرة على عجل، كما أقفلت المدارس والمؤسسات التعليمية في المنطقة بعد إصدار وزارة التربية قرارا بإغلاقها نظرا للتهديدات الإسرائيلية.
من جانب آخر، قالت وزارة الصحة اللبنانية إن 3 أشخاص قتلوا وأصيب 18 آخرون في حصيلة غير نهائية لغارة إسرائيلية على بلدة كفر تبنيت جنوبي البلاد.
وكان الجيش الإسرائيلي قد قال في وقت سابق إنه هاجم أهدافا عسكرية لحزب الله في جنوب لبنان. بينما أفاد مراسل الجزيرة بأن المدفعية الإسرائيلية قصفت محيط بلدات يحمر وزوطر وكفرصير والطيبة وحولا ومركبا جنوبي لبنان.
إعلانكما قصفت المدفعية الإسرائيلية بالقذائف الحارقة بلدة الخيام في القطاع الشرقي من جنوب لبنان. وشنت المقاتلات الإسرائيلية سلسلة غارات على مرتفعات جبل الريحان في إقليم التفاح.
وأكد حزب الله أنه ملتزم بوقف إطلاق النار في جنوب لبنان، وأشار في بيان إلى أنه لا علاقة له بإطلاق الصواريخ باتجاه شمال فلسطين المحتلة.
وقال الحزب إنّ هذه الحوادث "تأتي في سياق افتعال ذرائع مشبوهة لاستمرار العدوان على لبنان".
الجيش اللبناني يتحركوأعلن الجيش اللبناني أنه تمكن من تحديد موقع إطلاق الصواريخ في منطقة قعقعية الجسر شمال نهر الليطاني وباشر التحقيق في ذلك.
وقال الجيش اللبناني إن "العدو الإسرائيلي صعّد اعتداءاته على لبنان متذرعا بإطلاق صاروخين من الأراضي اللبنانية نحو الأراضي الفلسطينية المحتلة".
وأضاف أن "العدو الاسرائيلي استهدف مناطق في الجنوب وصولا إلى بيروت في انتهاك متكرر لسيادة لبنان وخرق لاتفاق وقف إطلاق النار".
وأكد الجيش اللبناني أنه مستمر في اتخاذ التدابير اللازمة ومواكبة التطورات عند الحدود الجنوبية بغية ضبط الوضع.
وقال رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام إن الاستهداف الإسرائيلي الذي طال الضاحية الجنوبية لبيروت تصعيد خطير. وطالب إسرائيل بوقف خروقاتها والانسحاب الكامل من النقاط التي تحتلها.
وكان رئيس الوزراء اللبناني قد حذر في وقت سابق من تجدد العمليات العسكرية على الحدود الجنوبية للبلاد، مؤكدا أن الدولة اللبنانية هي صاحبة قرار الحرب والسلم حصرا.
وشدد على أن لبنان يتمسك بتطبيق القرار 1701 وترتيبات وقف إطلاق النار، وأن الجيش وحده هو المكلف بحماية الحدود.
في المقابل، قال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس اليوم الجمعة إن على الحكومة اللبنانية فرض تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله على جانبها من الحدود، وإلا ستواصل إسرائيل شن الهجمات.
إعلانوذكر في بيان "أوجه رسالة واضحة للحكومة اللبنانية: إذا لم تفرضوا تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، سنفرضه نحن".
وتواصل إسرائيل عدوانها على مناطق في جنوب لبنان بذريعة مهاجمة أهداف لحزب الله، وذلك رغم سريان اتفاق وقف إطلاق النار منذ 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024.
وتنصلت إسرائيل من استكمال انسحابها من جنوب لبنان بحلول 18 فبراير/شباط الماضي خلافا للاتفاق، إذ نفذت انسحابا جزئيا مع استمرار احتلالها 5 تلال لبنانية ضمن مناطق احتلتها في الحرب الأخيرة.