تحليل: حديث أمريكا عن "محور" روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية " "غير مُجدي"
تاريخ النشر: 28th, November 2024 GMT
تحذر العديد من دوائر صناعة القرار والفكر السياسي في الولايات المتحدة من فكرة التقارب بين روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية منذ بدء الحرب الأوكرانية، باعتبار هذا المحور مُعاد للولايات المتحدة، لكن يوجين رامر الزميل الكبير في معهد الدراسات الاستراتيجية الوطنية وجامعة الدفاع الوطني الأمريكية يرى أن مصالح الدول الأربع متقاربة لكنها ليست متطابقة ولذلك فإن التعامل مع هذه الدول الأربع، التي تسترشد كل منها برؤيتها الخاصة، باعتبارها تحالفاً موحداً أمر لا معنى له، بل وقد يكون من غير المُجدي أيضاً.
ورغم ذلك حذر تقرير يوليو (تموز) 2024 الصادر عن لجنة استراتيجية الدفاع الوطني الأمريكية من أن الولايات المتحدة "يجب أن تكون مستعدة لمواجهة محور من الخصوم المتعددين"، في حين أن أعضاء هذا المحور الجديد لا يربط بينهم سوى عداء الولايات المتحدة.
تحالف ثلاثيويرى رامر الذي عمل سابقاً في وزارة الخارجية الأمريكية ومؤسسة راند للأبحاث أن المشكلة الأولى التي تعيب مفهوم "المحور" الذي أعيد إحياؤه هي أن التحالف الثلاثي الأصلي بين ألمانيا وإيطاليا واليابان الذي حمل هذا الاسم في الحرب العالمية الثانية، لم يكن موحداً أبداً كما يعتقد البعض.
ويقدم فيليب زيليكو تحليلاً لظهور "المحور" الأصلي وتاريخه المعقد في خضم الجغرافيا السياسية المضطربة والمعقدة في ثلاثينيات القرن العشرين.
والواقع أن الصفة التي اكتسبها "المحور" باعتباره تحالفاً استمر طيلة الحرب العالمية الثانية تتناقض مع التسلسل الزمني المذهل لأصوله وطبيعته الهشة التي أدت إلى تلاشيه بنهاية الحرب وهزيمة دوله.
المشكلة الثانية في رسم أوجه التشابه بين "المحور" الأصلي وتجسيده الحديث هي أنه بالمقارنة مع ثلاثينيات القرن العشرين، فإن الفترة الحالية مستقرة بشكل ملحوظ ولا توجد بها أي تطورات حادة. فالعلاقات بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية سيئة منذ نهاية الحرب الكورية في عام 1953 والعلاقات مع إيران مقطوعة منذ ما يقرب من نصف قرن من الزمان.
كما أن التوترات والخلافات الجوهرية بين الولايات المتحدة وروسيا تتراكم منذ تسعينيات القرن العشرين وكذلك الحال بالنسبة للعلاقات الأمريكية الصينية.
في حين كانت ثلاثينيات القرن العشرين التي شهدت ظهور المحور القديم مليئة بالتطورات المتلاحقة سواء على صعيد الدول نفسها أو على صعيد العلاقات والصراعات فيما بينها.
ثم المشكلة الثالثة في مفهوم "المحور" هي أنه لم يكن تحالفاً عالمياً حقيقياً في الحرب العالمية الثانية. فقد كانت مصالح وطموحات الأطراف الثلاثة إقليمية، فخطط اليابان التوسعية كانت في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، في حين كانت ألمانيا تسعى إلى فرض هيمنتها في أوروبا، وطموحات إيطاليا كانت في البحر الأبيض المتوسط، في حين لا يشكل تجمع المصالح الإقليمية تحالفاً عالمياً.
“Hong Kong has shifted from a trusted global financial center to a critical player in the deepening authoritarian axis of the People’s Republic of China, Iran, Russia and North Korea,” the lawmakers said.https://t.co/LKPSY9joAM
— Jonathan Cheng (@JChengWSJ) November 28, 2024 نتائج عكسيةويقول رامر في تحليل نشره موقع مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي إن المحاولات الأخيرة لبعض الدوائر الأمريكية لإحياء مفهوم "المحور" تأتي بنتائج عكسية إلى حد كبير، ولم تنجح في تعزيز الأمن الأمريكي. ذلك أن وصف "محور الشر" الذي استخدمته إدارة جورج بوش الابن في وصف العراق وإيران وكوريا الشمالية كان جزءاً من مبررات غزو العراق عام 2003، الذي تسبب في دمار هائل واضطرابات في مختلف أنحاء الشرق الأوسط، في حين لم يحقق شيئاً يذكر لتعزيز الأهداف الأمريكية الدائمة المتمثلة في استقرار الشرق الأوسط، ومنع إيران من امتلاك الأسلحة النووية، وضمان أمن إسرائيل.
والواقع أن قرار إدارة بوش بخوض الحرب مع العراق ربما كان سبباً في تعزيز عزم إيران وكوريا الشمالية على مواصلة برامجهما النووية باعتبارها الوسيلة الوحيدة لحمايتهما من التهديد الذي تشكله الولايات المتحدة.
ويضيف رامر أنه من الصعب إثبات أن إيران جزء من تحالف عالمي يعارض الولايات المتحدة في المحيط الهادئ أو أن كوريا الشمالية تعمل كحليف لإيران في مواجهتها مع الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. بل إن الشراكة "بلا حدود" التي كثيراً ما يستشهد بها في واشنطن بين روسيا والصين لها حدود حقيقية واضحة. ومن السمات الأساسية لهذه الشراكة أنه على الرغم من طموحاتهما العالمية، فإن المصالح الرئيسية لكل دولة تقتصر في الغالب على مسارح جغرافية منفصلة بشكل واضح، لا تشكل محوراً ولا تحالفاً حقيقياً.
ورغم غياب الأسس الموضوعية التي تبرر تعامل الولايات المتحدة مع الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية باعتبارها محورا معاديا، فإن العلاقات بين واشنطن وتلك الدول مثقلة بالعداء وتمضي إلى طريق المواجهة إلى الحد الذي لا يسمح بإجراء محادثات ذات مغزى حول الإصلاحات أو الحلول. لذلك يتعين على السياسة الخارجية الأمريكية إدارة هذه المشكلة بدلا من السعي لحلها لآنها غير قابلة للحل في الوقت الراهن.
والحقيقة أن محاولة إدارة مشكلة ما، ناهيك عن حلها، استنادا إلى فهم خاطئ أو مضلل لطبيعتها، من شأنه أن ينتهك مبدأ "عدم الإضرار" في السياسة الخارجية. في الوقت نفسه فإن محاولة التعامل مع التحدي المتمثل في الصين وروسيا وكوريا الشمالية وإيران باعتبارها "محوراً" قد تؤدي إلى تفاقم التحديات التي تشكلها هذه الدول على مصالح الولايات المتحدة، وربما يخلق نبوءة تحقق ذاتها من خلال دفع هذه الدول إلى التقارب وتشكيل محور بالفعل.
"'Russia enters World War IV while the West sleeps.' To strategically defeat
this Axis of dictators, 'we must link together the threats that Russia, Iran,
North Korea, and China pose' Ben Hodges" by Chris Snow
Hodges errs only on the last point in video.https://t.co/FjujSupW6k
لذلك فالمهمة الأولى هي الاعتراف بأن الولايات المتحدة تواجه أربعة تحديات مختلفة ومنفردة، ولها أصولها الخاصة تمثلها الدول الأربع وبالتالي لا يمكن البحث عن حلول واحدة تناسب الجميع. ولا يعني أن هذه البلدان لا تشكل تهديدا للولايات المتحدة أو مصالحها أو لكليهما، أو أنها لن تنتهز الفرص وتستغل المواقف التي يمكنها فيها الإضرار بالمصالح الأمريكية أو تعزيز مصالحها الخاصة على حساب الولايات المتحدة. فهذه البلدان تشكل تهديدا حقيقيا للمصالح الأمريكية. ولكن للتعامل مع هذا التهديد، يتعين على الولايات المتحدة أن تتوصل إلى استراتيجيات فردية تتناسب مع الظروف الخاصة بكل بلد، بدلا من جمعها كلها تحت نفس القاسم المشترك.
أما المهمة الثانية في التعامل مع هذه البلدان فتتلخص في مراجعة سجل السياسة الأمريكية تجاهها وتقييم مدى فاعلية هذه الأساليب، وهل أسفرت عن نتائج إيجابية، أو تستحق الاستمرار في المستقبل. وهل أسفر إصرار الولايات المتحدة على تخلي كوريا الشمالية عن أسلحتها النووية أو تخلي إيران عن طموحاتها النووية عن أي نتائج إيجابية؟ وهل أدت محاولات الولايات المتحدة لتعزيز الديمقراطية أو مكافحة الفساد في الصين أو روسيا أو كوريا الشمالية أو إيران إلى تحسين الظروف في هذه البلدان؟ وهل من المنطقي أن نستمر في نفس النهج ونتوقع نتائج مختلفة، أم أن الوقت قد حان لتغيير المسار؟.
وأخيراً يقول رامر إن تبنى سياسة واحدة تناسب الجميع وعدم بذل أي جهد لفهم دوافع ومصالح وتصورات كل خصم من خصوم الولايات المتحدة، والعمل على جمع مجموعة متنوعة من البلدان ذات الثقافات الاستراتيجية المختلفة تحت مظلة واحدة هي وصفة أكيدة للفشل.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الأمريكية روسيا الصين أمريكا الصين روسيا وإیران وکوریا الشمالیة إیران وکوریا الشمالیة الولایات المتحدة القرن العشرین هذه البلدان فی حین
إقرأ أيضاً:
ارتفاع أعداد المشردين في الولايات المتحدة بنسبة 18%
بغداد اليوم - متابعة
أعلنت السلطات الأمريكية، اليوم السبت (28 كانون الأول 2024)، ارتفاع عدد المشردين المسجّلين في الولايات المتحدة في 2024 إلى 770 ألف شخص، ما يعادل نسبة 18% عن عددهم في 2023.
وعزت وزارة الإسكان الأمريكية هذه الزيادة إلى أسباب عدّة، من أبرزها عدم توفر مساكن منخفضة التكلفة، والتضخّم، وتدفّق مهاجرين على البلاد، وتوقف بعض المساعدات التي قُدّمت خلال جائحة كوفيد-19، والكوارث الطبيعية العديدة التي شهدتها الولايات المتّحدة.
ويعكس هذا العدد القياسي المشكلة الضخمة التي يعاني منها أكبر اقتصاد في العالم والمتمثّلة بانعدام المساواة الاقتصادية والاجتماعية.
وبحسب الوزارة فإنّ الدراسة أظهرت ارتفاعا ملحوظا في عدد العائلات المشرّدة، ومردّ ذلك بشكل خاص إلى "التأثير الملحوظ بشكل خاص" للهجرة.
كذلك فإنّ الكوارث الطبيعية التي تتزايد وتيرتها مع ظاهرة الاحتباس الحراري، ساهمت في زيادة عدد المشرّدين، وفق التقرير.
ومن هذه الكوارث الحريق الذي اندلع في جزيرة ماوي بأرخبيل هاواي وشرّد 5200 شخص تمّ إحصاؤهم في ملاجئ الطوارئ في نفس الليلة التي جرى فيها التعداد.
ومذاك، شهدت الولايات المتحدة كوارث طبيعية أخرى، مثل الإعصارين هيلين وميلتون اللذين اجتاحا جنوب شرق البلاد في الأشهر الأخيرة وتسبّبا بتهجير العديد من السكّان.
ولفتت الوزارة إلى أن نسبة المشرّدين من الأمريكيين السود أو الأفارقة بلغت 32%، في حين أنّ هذه الشريحة الإثنية لا تشكّل سوى 12% من إجمالي سكّان الولايات المتّحدة.
ويعيش ما يقرب من رُبع المشرّدين في الولايات المتحدة في ولاية كاليفورنيا.