بقلم- هاشم شرف الدين*
يروّج العدو الإسرائيلي وحلفاؤه الصهاينةُ العرب الذين يسعون إلى تقسيم وإضعاف محور المقاومة فكرةَ أن وقفَ إطلاق النار بين لبنان وكيان العدو يعني أن حزب الله يتخلّى عن غزة وشعبها، وأنه علامة ضعف، وأن محورَ المقاومة يتفكّك. لكننا نعرف خطتهم جيداً. فنحن نعلم أن المحورَ أقوى من أي وقتٍ مضى، وأن روابط التضامن بيننا لا تنكسر، وأن التزامنا جميعاً بالقضية الفلسطينية لا يتزعزع.ومع أن محور المقاومة هو أكثر من مجرد عمل عسكري؛ كونه يتعلق برؤية مشتركة وعمل حقيقي متنوع الأساليب والأدوات والوسائل من أجل التحرير والعدالة لجميع الشعوب المضطهدة من قبل أمريكا وإسرائيل في المنطقة، فإن وقف إطلاق النار ـ في الواقع ـ هو خطوة تكتيكية تسمح لحزب الله بإعادة تجميع صفوفه وإعادة تقييم استراتيجيته، مع الحفاظ على التزامه الثابت بالقضية الفلسطينية، ودعمه المطلق لها بطرق وأساليب متعددة.
إن قرار حزب الله بإعطاء الأولوية لاستقلال لبنان لا يعني أنه نسي غزة. بل على العكس من ذلك. فهذا يعني أن الحزبَ يتخذ خطوةً إلى الوراء لإعادة شحن بطارياته وتجديد موارده والتخطيط لخطوته التالية في الجهاد والمقاومة ضد العدو الإسرائيلي.
ولنتذكر أن محور المقاومة لا يقتصر على حزب الله فقط، فهو تحالفٌ من الشعوب والجماعات والمنظمات التي تتقاسم هدفاً مشتركاً: “مقاومة العدوان الإسرائيلي وإسناد الشعب الفلسطيني في نضاله من أجل الاستقلال”.
ولأن غزة جزءٌ لا يتجزأ من هذا النضال، فإن المحور سيواصل حتماً دعمَ إخوانه هناك بكل السُبل الممكنة.
لذا، دعونا لا ننخدع بالرواية الكاذبة، دعونا لا نتأثر بالدعاية والمعلومات المضلّلة التي تسعى إلى تقسيمنا. فالحقيقة الأكيدة هي أن محور المقاومة متحد وقوي وعازم على مواصلة النضال ضد العدو الإسرائيلي، بكل الأساليب والوسائل المتاحة، سواءً في لبنان أو غزة أو أي مكان آخر في المنطقة.
*وزير الإعلام في حكومة التغيير والبناء.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: محور المقاومة أن محور
إقرأ أيضاً:
صمت حزب الله… بين الردع المتراكم والصبر الاستراتيجي
كيان الأسدي
تتسع في الآونة الأخيرة دائرة التساؤلات، لا سيّما في أوساط المحبين والمؤيدين، حول صمت حزب الله إزاء التمادي الإسرائيلي والخروقات المتكررة للسيادة اللبنانية. هذا الصمت، في نظر البعض، قد يُفسَّر على أنه ضعف في القدرة على الرد، أو مؤشّر على أزمة داخلية تعيق اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب.
لكن لفهم حقيقة الموقف، لا بدّ من النظر بعين أعمق إلى المعادلات التي تحكم تعاطي المقاومة مع هذه المرحلة الدقيقة. وهنا، تبرز أربعة اعتبارات أساسية ترسم ملامح المشهد وتوضح الخلفية الاستراتيجية التي يتحرّك من خلالها حزب الله:
أولاً: الردع الاستراتيجي وتجنّب الاستنزاف
المقاومة، في جوهر عقيدتها القتالية، لا تعتمد سياسة الرد الانفعالي أو العشوائي، بل تتّبع نهج “الردع التكتيكي المتراكم”، الذي يؤسّس لمعادلات مستقبلية راسخة. من هذا المنطلق، فإن حزب الله لا يرى في كل خرق ذريعة لرد فوري، بل يحرص على بناء معادلة ردع متينة، بعيدة المدى، تؤتي ثمارها حين يحين وقتها، وتُسهم في لجم العدو عن الاستمرار في اعتداءاته.
ثانياً: الحسابات السياسية والإقليمية
تأخذ المقاومة في حسبانها تعقيدات الواقع اللبناني الداخلي، وعلى رأسها الأزمة الاقتصادية الخانقة، والحرص على عدم جرّ البلاد إلى حرب واسعة قد تكون تداعياتها أقسى من سابقاتها. كما توازن المقاومة بين تطلعاتها الميدانية وضغوط الواقع السياسي والدبلوماسي، سواء على مستوى الحكومة اللبنانية أو على الساحة الإقليمية، حيث تتداخل الملفات من غزة إلى صنعاء، ومن بغداد إلى طهران.
ثالثاً: تراكم الخروقات كذخيرة سياسية
قد تمنح المقاومة أحياناً هامشاً زمنياً أوسع للدبلوماسية اللبنانية والدولية، لتُسقِط الحُجج وتُراكم الأدلة. وفي خلفية هذا الأداء، يُبنى أرشيف موثّق بالخروقات، يُستخدم لاحقاً كمسوّغ سياسي وقانوني لأي ردّ محتمل، أو حتى لتبرير خيار “عدم الرد” أمام الحكومة اللبنانية والرأي العام، في حال اقتضت المصلحة العليا ذلك.
رابعاً: الخطوط الحمراء وقواعد الاشتباك الضمنية
منذ حرب تموز 2006، سادت بين المقاومة والعدو الإسرائيلي قواعد اشتباك غير معلنة، لكنها مفهومة ضمناً لدى الطرفين. ليس كل خرق بمثابة كسر لهذه القواعد، ولا كل انتهاك يستوجب ردّاً مباشراً. أحياناً، يكون الرد مكلفاً أكثر من جدواه، فتتقدّم الحكمة على الحماسة، وتُصان معادلات الردع بما يحفظ توازن الردع، لا ما يعرّضه للاهتزاز.
إننا أمام سلوك محسوب، يبدو للعيان صمتاً، لكنه في جوهره فعل استراتيجي دقيق، يستند إلى ما يمكن تسميته بـ”الردع المتراكم” و”الصبر الاستراتيجي”. وهو نهج يستهدف إدارة الصراع مع العدو على قاعدة تفويت الفرصة عليه لتغيير قواعد الاشتباك، أو لفرض معركة استنزاف طويلة الأمد في توقيت تختاره تل أبيب.
في هذا الصمت حسابات، وفي هذا الانتظار قرار، وفي هذا التمهّل قوّة… ستُترجم حين تحين اللحظة التي تختارها المقاومة، لا العدو.