هل ستكون حرب الستين يومًا آخر الحروب؟
تاريخ النشر: 28th, November 2024 GMT
ما شهدناه من ردّة فعل النازحين في مراكز الإيواء عندما أُعلن التوصّل إلى اتفاق على وقف النار قد يفوق برمزيته أي مشهد آخر. فبمجرد أن وصل إلى مسامع هؤلاء المبعدين عن بيوتهم وقراهم وأرزاقهم الانباء الأولية عن قرب انتهاء الحرب حتى عمّت الفرحة وعلت الزغاريد وأقيمت حلقات الدبكة. وإن دّلت ردّة الفعل العفوية لدى هذه الفئة من اللبنانيين على شيء فعلى رفضهم الضمني لهذه الحرب، التي قتلت من قتلت وهجّرت من هجّرت ودمّرت ما دمّرت.
وهذا الرفض المعبَّر عنه بالزغاريد والرقص ليس سوى بداية النهاية على رغم معرفة هؤلاء المغلوب على أمرهم بأنهم عندما سيعودون إلى قراهم لن يتمكنوا من معرفة أين كان مكان منزلهم بالضبط. وهذا ما خبره جميع اللبنانيين الذين تهجّروا من قراهم، سواء في "حرب الجبل" أو في حرب تموز. فالعودة ستكون ناقصة ومنغصّة. ولكن وعلى رغم هذه "النغصة" فإن هؤلاء النازحين عازمون على العودة وما تشهده طرقات العودة من الازدحام خير دليل على ذلك.
لا يحسب هؤلاء العائدون إلى قراهم ومنازلهم المهدّمة أي حساب لما ينتظرهم من مشاهد سبق لهم أن شاهدوها عندما عادوا إليها بعد انتهاء حرب تموز. فما تهدّم سيعاد بناؤه. وفي الانتظار يفضّل هؤلاء نصب خيمة على أنقاض منازلهم بدلًا من أي مكان إيواء آخر، من دون أن ينسوا ما قُدّم لهم في هذه المراكز من محبة ومما يحتاج إليه المرء من أساسيات العيش، ولو بحدّها الأدنى. وعلى هذا الأساس التضامني يمكن إعادة التأسيس لمرحلة ما بعد الحرب. فما ينتظر اللبنانيين من حلول ممكنة ومتاحة أكثر بكثير مما هو متوقع. وإذا أراد المرء تعداد ما يجب القيام به في اليوم التالي فلن يتمّكن من إتمام هذه المهمة في وقت قصير.
فبداية البدايات ستكون حتمًا بانتشار الجيش حيث كان يجب أن يكون قبل حرب الاسناد وقبل الحرب الإسرائيلية التدميرية. وهذا الانتشار لن يكون صوريًا كما يحاول البعض تصوير الأمر، بل ستكون له مفاعيل ونتائج تفوق التوقعات والآمال. وهذا الدور المعَدّ للجيش مفصلي من حيث تلازمه مع موقف سياسي جامع ومتوافق عليه، باعتبار أن للمؤسسة العسكرية كامل الثقة بإمكانية بسط سلطة الدولة على كامل التراب الجنوبي وإعادة الهدوء إلى هذا الجزء من الوطن، الذي يحتاج اليوم إلى الاستقرار أكثر من أجزاء الوطن الأخرى.
أمّا ثاني البدايات فستكون بسحب "حزب الله" سلاحه الثقيل إلى شمال الليطاني، بالتزامن مع انسحاب إسرائيلي من القرى التي دخل إليها، وذلك في انتظار اكتمال مشهدية عودة النازحين إلى قراهم وبلداتهم في انتظار بدء ورشة إعادة الاعمار. وهذه الورشة تتطلب أولًا تدّفق المساعدات من الدول الشقيقة والصديقة، باعتبار أن كلفة إعادة الاعمار تفوق قدرة الدولة وامكاناتها المحدودة، مع مراعاة وضعية أصحاب هذه المنازل المهدّمة من الناحيتين النفسية والاجتماعية.
هذه الحرب كانت أكثر من قاسية، ولكنها انتهت وعسى أن تكون الأخيرة. فاللبنانيون الذين كوتهم هذه الحرب واستشهد منهم من استشهد، ودُمرّت منازل الكثيرين في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت، لم يعودوا قادرين على تحمّل المزيد من الكوارث والمآسي والويلات، وهم يتوقون إلى أن يعيشوا حياة طبيعية ومستقرّة من دون أن يكونوا عرضة للتجارب الموسمية. الامتحان صعب، خصوصًا أن ما ينتظر اللبنانيين من استحقاقات اليوم التالي أشدّ صعوبة مما يمكن تصوّره. فهل ستكون حرب الستين يومًا آخر الحروب؟
المصدر: خاص لبنان24
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
أردوغان: إعصار كبير سيضرب الاقتصاد العالمي بسبب الحروب التجارية
#سواليف
قال الرئيس التركي رجب طيب #أردوغان إن #الحروب_التجارية ستكون لها تداعيات في جميع أنحاء #العالم وستؤدي إلى ” #إعصار_مدمر “.
وأضاف الرئيس التركي، في كلمة ألقاها أمام البرلمان بأنقرة يوم الأربعاء: “من الواضح أن النظام العالمي الراسخ يتصدع من جذوره. نشهد نمو هيكل حمائي. في كل مكان تقريبا، تطور الدول سياسات تهدف إلى تعزيز المجتمع والاقتصاد، ونرى أن الاستعدادات جارية لمرحلة جديدة من النضال. جميع المشاركين في السياسة الدولية بدأوا رحلة بحث جديدة، ومن الواضح أن للحروب التجارية عواقب وخيمة، ولن أبالغ إذا قلت إن إعصارا قويا قادم سيؤثر على الجميع، كبارا وصغارا”.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت يوم الثلاثاء إن الولايات المتحدة رفعت الرسوم الجمركية على السلع الصينية إلى 104%، اعتبارا من صباح الأربعاء بالتوقيت المحلي. وفي وقت سابق، ذكرت صحيفة “تركيا” نقلا عن آراء خبراء، أن المصنعين الصينيين قد يعيدون توجيه جزء من إمداداتهم إلى السوق التركية بعد فرض الولايات المتحدة رسوما جمركية قياسية. وعلى المدى القصير، من المرجح أن يؤدي هذا إلى انخفاض الأسعار في تركيا، لكن المنتجين الأتراك قد يعانون من هذا، حسبما أوضح التقرير.
مقالات ذات صلة ترامب يوقف مؤقتا الرسوم الجمركية لمدة 90 يوما على دول لم تتخذ ردا انتقاميا 2025/04/09