أوروبا تتبنى سياسة خطيرة في انتظار ترامب
تاريخ النشر: 28th, November 2024 GMT
بينما كانت أوروبا تستعد لمتابعة الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، يُظهر بعض قادتها قلقاً من غياب خطة واضحة للتعامل مع احتمال إدارة ثانية لدونالد ترامب، وهذا الشعور ينعكس أيضاً على الأوروبيين، الذين يبدون بدون استراتيجية بديلة لمواجهة هذا السيناريو.
الحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه ترامب صار أكثر جرأة بعد فوزه
ووفقًا لمجلة بوليتيكو الأمريكية، فإن محاولات التخطيط السري في أوروبا للتعامل مع إدارة ترامب الثانية لم تكن سوى نهج قائم على الانتظار والترقب، ما يجعله محفوفاً بالمخاطر بدلًا من أن يكون إجراءً وقائياً فعالًا.
ومع تراجع المواقف السياسية لكل من فرنسا وألمانيا، أكبر قوتين اقتصاديتين في أوروبا، بالإضافة إلى تصاعد الشعبوية اليمينية في الدول الشرقية، تبدو القيادة الجماعية للاتحاد الأوروبي أقل قدرة على اتخاذ خطوات حاسمة أو وضع خطط استباقية.
With Donald Trump’s return to the White House on the horizon, European leaders need to advance a unified strategy to ensure the continent’s peace and stability—and do so quickly, writes @n_roettgen. https://t.co/UDC82uzd5f
— Foreign Affairs (@ForeignAffairs) November 25, 2024يسعى الدبلوماسيون والمسؤولون الأوروبيون حالياً لفهم مدى تأثير وعود دونالد ترامب الانتخابية على أوروبا، لا سيما ما يتعلق بفرض تعريفات تجارية قد تؤثر على اقتصاد القارة وكيفية تعامله مع الحرب الروسية-الأوكرانية.
وبحسب مسؤولين ودبلوماسيين كبار في الاتحاد الأوروبي، فإن بروكسل تترقب بشكل كبير خطط ترامب المستقبلية، خاصة فيما يتعلق بالتجارة والأمن، بدلاً من اتخاذ خطوات استباقية قد تؤدي إلى ردود فعل مضرة.
أحد كبار الدبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي وصف الموقف الحالي للاتحاد بأنه "في وضع الاستماع"، موضحًا أن هذا النهج الحذر يعود إلى جرأة الحزب الجمهوري المتزايدة بعد فوز ترامب الأخير، مقارنة بمفاجأة فوزه في عام 2016، بالإضافة إلى المخاطر الكبيرة التي قد تواجه الاتحاد الأوروبي في حال تصاعد التوترات.
Two new sections added: #Estonia (Tony Lawrence @ICDS_Tallinn) & #Norway (Paal Sigurd Hilde @Forsvaret_no) to go with #Germany & #UK.
Read how European capitals are setting security & defence policy expectations for #Trump's 2nd term.
Check it out here➡️https://t.co/IcfCOiWVy4 pic.twitter.com/yaNte3AGa6
وبعد الانتخابات مباشرة، سارع الزعماء الأوروبيون إلى تهنئة نجم تلفزيون الواقع السابق ــ من دون الأسس الأخلاقية العالية التي هيمنت على رسائلهم في عام 2016. لقد كانوا حريصين على التعامل مع فريق ترامب الانتقالي، وبدأوا فعلاً في عرض الجزرة، من أجل وضع العلاقة على المسار الصحيح.
وقال الباحث في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية مارك ليونارد: "ستكون حكومة من نوع مختلف تماماً، وأكثر إزعاجاً للمصالح الأوروبية مما رأيناه في المرة السابقة، في وقت باتت فيه المخاطر أعلى بكثير".
في الأشهر الأخيرة التي سبقت الانتخابات الرئاسية الأمريكية، حرص الزعماء الأوروبيون على إظهار دعمهم العلني للناتو وأوكرانيا، رغم موقف ترامب العدائي تجاه استمرار المساعدات لكييف. وعود ترامب المتكررة بإنهاء الحرب بسرعة مع بداية ولايته أثارت قلق حلفاء أوكرانيا في الاتحاد الأوروبي، الذين يخشون تداعيات هذا التحول على دولة تعاني من الحرب، وعلى القارة التي تدعمها.
لكن التحديات لا تقتصر على الأمن والدفاع. بينما يواجه الاتحاد الأوروبي أزمة تكاليف المعيشة، نتيجة تداعيات جائحة كوفيد-19 والحرب في أوكرانيا، تلوح في الأفق تهديدات التعريفات التجارية الأمريكية التي قد تعمق الانكماش الاقتصادي. فقد تعهد ترامب بفرض رسوم جمركية شاملة بنسبة تتراوح بين 10% و20% على البضائع الأوروبية، مستهدفًا ألمانيا بشكل خاص، بوصفها من أكبر مصدري السيارات.
وفي أكتوبر (تشرين الأول)، قبل أسابيع من انتخابات الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني)، صرح ترامب قائلاً: "الدول الأوروبية الصغيرة اللطيفة التي تجتمع لا تقبل سياراتنا أو منتجات مزارعنا... سيتعين عليها أن تدفع ثمناً باهظاً".
هذا الموقف يضع الاتحاد الأوروبي أمام تحدٍ كبير للحفاظ على وحدته، في ظل محاولات محتملة من ترامب لاستغلال حساسيات الدول الأعضاء واختلافاتها السياسية والاقتصادية لتفريق الكتلة الأوروبية.
لطالما دفعت باريس نحو تعزيز استقلالية الاتحاد الأوروبي في مجالي الدفاع والأمن. وبعد فوز ترامب، سارع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال اجتماع في بودابست إلى تحذير القادة الأوروبيين، قائلاً: "العالم يتألف من حيوانات آكلة للأعشاب وأخرى آكلة للحوم. إذا اخترنا أن نظل حيوانات تأكل الأعشاب، فستنتصر الحيوانات آكلة اللحوم وسنصبح سوقاً لها".
على الصعيد السياسي، يواجه الاتحاد الأوروبي مرحلة انتقالية معقدة. فقد استغرق تشكيل المفوضية الأوروبية الجديدة عدة أشهر، ولن تبدأ عملها قبل الأول من ديسمبر.
وفي ألمانيا، تلوح انتخابات جديدة في الأفق خلال فبراير (شباط)، ما يجعل أي اقتراح لزيادة الإنفاق الأوروبي المشترك أو تقديم مساعدات عسكرية إضافية لأوكرانيا قضية شائكة في الحملة الانتخابية. المستشار الألماني أولاف شولتس، المنتمي للحزب الديمقراطي الاشتراكي، يقدم نفسه كخيار "الحكيم" للناخبين، متمسكًا بموقفه الرافض لتزويد كييف بصواريخ "توروس" الألمانية بعيدة المدى.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية عودة ترامب الاتحاد الأوروبی
إقرأ أيضاً:
وول ستريت جورنال: ترامب يقلب النظام العالمي الذي بنته أميركا رأسا على عقب
قالت صحيفة وول ستريت جورنال إن احتضان الرئيس الأميركي دونالد ترامب للرئيس الروسي فلاديمير بوتين جعل الحلفاء القدامى للولايات المتحدة ينظرون إليها، لا باعتبارها حليفا غير موثوق به فقط، بل باعتبارها تهديدا محتملا لأمنهم.
وذكرت الصحيفة -في تقرير بقلم ياروسلاف تروفيموف- أن بقاء أميركا لمدة 80 عاما كقوة خيرية نسبيا مهيمنة في العالم، جذب لها شركاء وحلفاء راغبين في التعاون، وذلك يعود إلى مبادرتين رئيسيتين أطلقتهما استجابة للاضطرابات التي أحدثتها الحرب العالمية الثانية.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2جيروزاليم بوست: هل معاهدة كامب ديفيد للسلام في خطر؟list 2 of 2صحف عالمية: ترامب يرضي اليمين الإسرائيلي وحكم غزة صعب دون رضا حماسend of listكانت الأولى عقد مؤتمر بريتون وودز عام 1944، الذي كرس فكرة التجارة الحرة والتعريفات الجمركية المنخفضة، وأدى إلى ازدهار غير مسبوق بالنسبة للغرب، وكانت الثانية قيادة إنشاء حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وهو التحالف الذي انتصر في الحرب الباردة وضمن السلام في أوروبا.
ولتشكيل هذا النظام من الفوضى، وعلى أنقاض الحرب العالمية الثانية، كما كتب دين أتشيسون، المستشار الرئيسي للرئيسين فرانكلين روزفلت وهاري ترومان المعادي للانعزاليين الذين ينادون بشعار "أميركا أولا"، يجب أميركا أن "تبذل جهدا خياليا فريدا من نوعه أكثر حتى من ذلك الذي بُذِل في فترة الحرب السابقة".
إعلان
البحث عن رد
ورأت الصحيفة أن إرث هاتين المبادرتين بدأ يتراجع بسرعة مذهلة بسبب مساعي ترامب الذي استهدفت إدارته الثانية أقرب حلفاء أميركا برسوم جمركية عقابية، وأمرت بوقف مفاجئ للمساعدات العسكرية لأوكرانيا، وجمدت المساعدات الخارجية، وتميل إلى إعادة تنظيم جيوسياسي جانح لروسيا الاستبدادية، على حد تعبير الصحيفة.
وقد دفعت تحركات ترامب هذه بقية العالم -حسب الصحيفة- إلى البحث عن رد، وقال النائب الكندي إيفان بيكر، مرددا وجهة نظر أصبح عليها إجماع أوروبا "لقد غيرت الولايات المتحدة من وقوفها مع الديمقراطيات مثل كندا وفرنسا واليابان، وهي تقف الآن مع الدكتاتوريين مثل بوتين، ويجب أن يشعر الناس في البلدان الحرة في جميع أنحاء العالم بالقلق الشديد".
وفي خطاب دراماتيكي، طالب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بحملة إعادة تسليح كبرى، وقال إن أوروبا لا يمكنها السماح لواشنطن وموسكو بتحديد مستقبلها، وبالتالي يجب عليها الآن الاستعداد لأميركا التي لم تعد إلى جانبها.
وإذا كان ترامب -كما ترى الصحيفة- شكك أثناء رئاسته الأولى، علنا في قيمة التحالفات والتجارة الحرة، وأعرب عن إعجابه بالزعماء الاستبداديين واحتقاره للديمقراطيات الأخرى، لا سيما في أوروبا، فإنه اليوم يعود بلا معارضة تقريبا لمتابعة هذه الدوافع بقوة غير مقيدة وبلا مثيل، مضيفا إليها المطالبات المفترسة بأراضي الغير، مثل كندا وغرينلاند وقناة بنما وحتى قطاع غزة.
وقال مايكل فوليلوف، المدير التنفيذي لمؤسسة لوي للأبحاث في أستراليا، إن "ترامب في ولايته الأولى، اعتقد أن أميركا كانت ضحية للخداع، وكان رد فعله هو التقشف، أما في ولايته الثانية، فيدفعه الاعتقاد نفسه لطلب المزيد من أموال الحماية والمزيد من الأراضي، وهو مستعد لاستخدام الإكراه للحصول على هذه الأشياء".
إعلانوحذرت إيفلين فاركاس، المديرة التنفيذية لمعهد ماكين، من أن المزيج المتفجر من مذهب ترامب التجاري الجديد واحتضانه التفكير الإمبراطوري الذي يشبه القرن التاسع عشر قد يدفع العالم نحو حريق جديد، لأن "كلا من جانبي سياسته الخارجية، المكون الأمني وكذلك المكون التجاري والاقتصادي، يحملان الكثير من الخطر، ليس فقط بالنسبة للولايات المتحدة، بل والعالم".
وذكرت وول ستريت جورنال أن الولايات المتحدة، التي لم تكن دائما قوة عالمية حميدة، لم تحاول طوال قرن من الزمان الاستيلاء بشكل دائم على أراضي دول أخرى، رغم أنها دعمت الانقلابات والدكتاتوريات القمعية في أميركا اللاتينية وأفريقيا وآسيا، وغزت واحتلت العراق عام 2003.
غير أن حروب ترامب التجارية -كما تقول الصحية- وإذلاله الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وتهديداته لكندا وبنما والدانمارك، وتهميشه الحلفاء الأوروبيين أدت إلى تآكل هذا الإرث في جميع أنحاء العالم، وغيّرت صورة أميركا في آسيا "من دولة محررة إلى دولة هدامة"، كما قال وزير الدفاع السنغافوري نغ إنغ هين، أحد أقرب شركاء واشنطن الآسيويين.
والسؤال الحاسم الذي يطرحه الحلفاء الآسيويون على أنفسهم هو الآن: هل إدارة ترامب، بعد أن بدت وكأنها تقبل حق روسيا في منطقة نفوذ بأوروبا، ستسعى أيضا إلى إيجاد تسوية مماثلة فوق رؤوسهم لتقاسم العالم مع الرئيس الصيني شي جين بينغ، خاصة بعد أن قال وكيل وزارة الدفاع الأميركية للشؤون السياسية إلبريدج كولبي إن تايوان، رغم أهميتها الكبيرة بالنسبة للولايات المتحدة، ليست "مصلحة وجودية؟".
الصين أم أوروبا؟وفي هذا السياق، قدمت الصين نفسها للأوروبيين على أن نهجها الدبلوماسي يؤكد على السلام والصداقة وحُسن النية والتعاون المربح للجانبين، معربة عن فظاعة تعامل ترامب معهم، واتفقت معهم على أن مستقبل أوكرانيا لا ينبغي أن تقرره واشنطن وموسكو وحدهما.
إعلانويأتي ذلك -حسب الصحيفة- في وقت أدركت فيه الحكومات الأوروبية أن الولايات المتحدة تتحول من حليف إستراتيجي إلى مفترس، مما يعني أن إعادة التوازن أمر لا مفر منه، وإن كانت لا تزال تتشبث بالأمل في أن الرابطة عبر الأطلسي التي استمرت 8 عقود من الزمان سوف تبقى بطريقة أو بأخرى.
وتساءلت ريم ممتاز، المحللة في مؤسسة كارنيغي بباريس، هل الأوروبيون قادرون على أن يصبحوا القطب الرابع، بحيث لا يتم استيعابهم في مجالات نفوذ روسيا ولا الولايات المتحدة ولا الصين، أم إنهم مقتنعون بأنهم لا يستطيعون ذلك، ومن ثم سيكون هناك تقسيم لأوروبا".
وقال المارشال الجوي المتقاعد إدوارد سترينغر، رئيس العمليات السابق في هيئة أركان الدفاع البريطانية، إن نوعا من "تحالف شرق الأطلسي"، ربما يشمل كندا، قد يحل محل الناتو في السنوات المقبلة، وأوضح "أن أوروبا لديها فرصة عابرة لمواجهة التحدي الذي يفرضه بوتين وترامب بشكل مباشر وغير مباشر".
وقال ثورستن بينر، مدير معهد السياسات العامة العالمية في برلين، متحدثا عن أوروبا "لقد اتبعنا دائما مبدأ الأمل في الأفضل، ولكننا الآن نستعد أخيرا للأسوأ، بأن تصبح الولايات المتحدة قوة معادية علنا متحالفة مع روسيا"، وتساءل: هل فات الأوان؟
في حين أن تآكل التحالفات بين الولايات المتحدة والديمقراطيات الأخرى يصب في مصلحة الصين، فإن الفائز الأكبر في النهاية قد يكون أوروبا، كما يرى الأدميرال البحري الأميركي المتقاعد جيمس ستافريديس، الذي يقول "إن الأحداث التي تنسحب فيها الولايات المتحدة من الممكن أن تدفع أوروبا إلى التوحد والإرادة والوحدة، وتجعلها قوة أكثر أهمية في العلاقات الدولية".