أبا والشيوعيون: حين وقف حمار نميري في الجاسر
تاريخ النشر: 28th, November 2024 GMT
أبا والشيوعيون: حين وقف حمار نميري في الجاسر
عبد الله علي إبراهيم
تقديم عبد الخالق السر
(دار المصورات 2024)
قال الزعيم الإسلامي أحمد عبد الرحمن عن دورهم في معارضتهم المسلحة في أبا: “الله يبرئنا من دماء الأنصار ويغفر ليهم”.
لا أعرف حادثة مثل ضربة أبا حتّت تاريخها عن بكرة أبيه كالشجرة في الصقيع لتستبقي منه شيطاناً رجيماً واحداً هو الشيوعيون في حالنا.
فنجا من سعر اللوثة رئيس النظام المخلوع جعفر نميري وأركان حربه من كان بوسعهم وحدهم الأمر بالحرب واقتحام الجزيرة براً وجواً وبحراً. ومع ذلك أسبل عليهم الأنصار أنفسهم عفو الدنيا بعد ست سنوات من الواقعة. فغفروا لنميري ما تقدم من ذنبه فيهم في مصالحة 1977م. فتذرّع السيد الصادق المهدي لعقدها مع نظام مايو في رسالة للأنصار في 1979م مايو بانقشاع “الفئة التي تؤذي”، أي الشيوعيين. ومما يُستغرَب له انعقاد تلك المصالحة بعد ثمان سنوات طوالٍ من تخلُّص النظام من تلك الفئة المؤذية في 1971م. ومن ضمن ما تذرَّع به السيد الصادق لعقد تلك المصالحة وعد النظام بتأسيس” قانون السودان على الشريعة الإسلامية الغراء”، والاعتراف بمساهمة الإمام الهادي القتيل في خدمة الدين والوطن.
وما أعرف من نشط في تذنيب الشيوعيين بدم أبا مثل كُتّاب الحركة الإسلامية على أيامنا هذه يتوسَّلون بردمنا إلى مأرب معارض سفليٍّ للثورة. فحتى الأنصار غفروا في حين كفر الجيران. وتستغرب لمن لم يهدأ له مكر، قاصراً دور “الشرير” في أبا على الشيوعيين، في حين أكرمت دولتهم المبادة “سفاح” أبا المشير الركن جعفر نميري بجنازة دولة، حتى بعد أن خلعه الشعب لجرائمه بحقه بما في ذلك مقتلة أبا. بل ورسَّمت الإنقاذ أبو القاسم محمد إبراهيم، جنرال عموم حملة أبا، مشيراً ركناً من منازله تهفو إليه مجالسُها النيابية الباطلة بعد خمول.
بل لا أعرف وجهاً لكثيرين من الصفوة وسائر الشعب لا يفتأ يُحمِّلنا ضربة أبا وحدنا دون غيرنا، بينما يلهج بكرامات نميري الذي حكم فعدل فنام، ومات في بيت العائلة في ود نوباوي. يا للورع! ولا يتورع نفر من المستقلين، أو من يزعمون الاستقلالية كنوع من الورع السياسي، بمختلف المسميات، يتنادون إلى كورس إدانتنا متى تهيأ لهم. وهم الأصل في مايو. وكانوا الطاقم الذي تشبَّث بها حتى أخذتهم ثورة إبريل 1985م أخذاً وبيلاً. بل قال زين العابدين محمد أحمد، رئيس هيئة الأركان بالإنابة، الذي بعث، بأمر من نميري، أول دفعة طائرات مساء 27 مارس 1970م لضرب أبا كما سيرد، إن أول من طرح فتح أبا بالقوة في اجتماع مشترك لمجلس الثورة والوزراء كان موسى المبارك الحسن الذي بدأ السياسة مستقلاً، ثم وطنياً اتحادياً، ثم وزيراً في مايو حتى انتقل مُعجَلاً إلى رحمة الله. إنضم لقناة النيلين على واتساب
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
الإنترنت المرئي.. والوجه المظلم الذي يجب الحذر منه!
تنتشر عبر المواقع الإلكترونية الكثير من الإعلانات «الحقيقية والمظللة»، وهذا الخلط بين «المعقول واللامعقول» جعل الناس يرجحون كفة الأخيرة من باب حسن النوايا، والتفاؤل بحصول الأشياء من غير وعي أو إدراك وطعما في تحقيق ربح مادي أو معنوي.
هذه الإعلانات المغلوطة تدعو الناس ليل نهار إلى أخذ فكرة مجانية عن المنتجات التي يتم عرضها بشتى الوسائل والطرق، السعر قد يكون هو اللغز المحير لدى البعض، والمحور الرئيس للحوار بكامله؛ فتدنِّي الأسعار لفترة محدودة تغري بعض الناس في الإقبال على الشراء دون التيقُّن من مصدر الأشياء المعروضة أو التفكير ولو للحظة بأن هذا الإعلان الرقمي عبارة عن وهم «خادع وفخ محكم للإيقاع بالناس».
فمن خلال الرابط المرفق مع الإعلان المغري للعين والجاذب للعقل، يسرح الخيال في اقتناء ما لا يمكن اقتناؤه في الواقع بسهولة، أسعار بخسة وكمية كبيرة من المنتجات، والدفع يكون إلكترونيا والعملية تتم في غضون ثوان معدودة دون الحاجة إلى عناء «الذهاب والعودة» أو الانتظار لفترة طويلة.
هذه الإعلانات الكثير منها عبارة عن «نصب والاحتيال وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي»، ولذا أصبح لدى شريحة عريضة من الناس فهم تام، ووعي متقد بأن التزييف والتحريف في الإعلانات أصبح أمرا واردا جدا.
وبالرغم من الوسائل الحديثة التي تمكّن البعض من اكتشاف هذه الحيل والألعاب المخادعة إلا أن فرحة البعض وانجذابهم للمعروضات من خلال التطبيقات الرقمية، تعمي بصائرهم عن اكتشاف الأمر إلا بعد فوات الأوان، فعملية التدقيق والسؤال والانتظار لاستكشاف الأمر لا تحدث إلا عندما يتساقط الضحايا واحدًا تو الآخر. يوميًا هناك صفحات إلكترونية تعرض للجمهور بضائع غير موجودة في أرض الواقع أو منتجات غير مطابقة للمواصفات الفنية والصحية ولها آثار سلبية على حياة الناس، لذا أصبح من الضروري التحكم بالعواطف من خلال التأكد من مصدر الإعلانات؛ لأن التزييف الإلكتروني خاصة بعد انتشار خاصية «الذكاء الاصطناعي» أصبح أكثر سهولة وإقناعًا للعامة وضياعًا للأموال.
ولكن هذا لا يعني أن جميع المواقع «مزيفة أو غير حقيقية» فبعضها يلتزم بتسلم ما يتم الإعلان عنه أو عرضه على الصفحات والمواقع الإلكترونية بدقة متناهية، وربما هذا هو السر الذي أصبح يغذّي عقول الناس بالمعلومات ويرفع من مستوى الثقة بالتجارة الإلكترونية عبر الإنترنت، ولسنا بصدد ذكر أسماء العلامات التجارية الرائدة في التسويق الإلكتروني سواء محليًّا أو عالميًّا. قد يقول البعض: إن الإنترنت جميعه سيء دون أن يعلم أقسامه ومدى خطورته وفوائده، ومن خلال البحث حول هذه النقطة وجدنا أن «الإنترنت» ينقسم إلى ثلاثة أقسام رئيسية، الجزء السطحي الذي نستخدمه حاليًا، والجزء العميق الذي لا يمكن الوصول إليه بالطرق التقليدية، بالإضافة إلى جزء مظلم داخل الجزء العميق ولكن لهذه الأقسام خصوصية معينة يتم من خلالها إجراء ملايين عمليات البيع والشراء سواء القانونية أو غير القانونية. ما يهمنا هو الحديث عن الخوادم التي تعمل جميعها على مدار الساعة، والتي تسمى بالإنترنت «المرئي» أو الويب السطحي أو المفتوح»- للمواقع التي يمكن الوصول إليها باستخدام محركات البحث التقليدية مثل «جوجل كروم» و«إنترنت إكسبلورر» و«فايرفوكس» وغيرها، وعادة ما تسجل المواقع الإلكترونية بأسماء نطاقات مثل «com» و«org»، ويمكن العثور عليها بسهولة باستخدام محركات البحث الشائعة، هذه المعلومة مؤكدة وموثقة في الكثير من المواقع الموثوق بها.
إذن نحن لا نذهب إلى الأعماق لنتحدث عن «الوجه المظلم والمخيف» الذي يتوارى عن الأعين ويعجّ بالسلبيات والتي قد لا يتخيلها العقل البسيط، لكن ما يهمنا هو الجهود الكبيرة التي تقوم بها المؤسسات الرقابية في دول العالم للحد من خطر الإنترنت المرئي على الناس وحملات التظليل والتزييف والإساءة وغيرها من الأمور غير القانونية والتي يجرمها القانون وترصدها الجهات المختصة، بالطبع الجانب المظلم أو المخيف له بابه المختلف وعالمه الموازي، ولسنا هنا لنفتح أبواب الجحيم على أنفسنا بالتعرض له، لكن الإنترنت الذي يبدو عاديًا في ظاهره أصبح يعجّ بالخداع والتضليل والإساءة، مما يستوجب منا التحذير والتنبيه
فلا تكاد تمرّ فترة زمنية إلا ونسمع عن حوادث استغلال وترويج أفكار خاطئة أو الإعلان عن منتجات سيئة الاستخدام وأثرها يحمل من الخطورة الكثير على الإنسان.
باتت العلامات التجارية الشهيرة هدفًا لعمليات انتحال ممنهجة، في ظل سوق رقمي مفتوح لبيع الأوهام واستدراج البسطاء عبر إعلانات وروابط جذابة توهمهم بمفاجآت سارة، لكنها ما تلبث أن تتحول إلى فخّ ينتهي بكارثة وسلب للمال وربما ما هو أكثر.