صحيفة التغيير السودانية:
2024-11-28@04:48:00 GMT

«وباء العنف الجنسي» في حرب السودان

تاريخ النشر: 28th, November 2024 GMT

«وباء العنف الجنسي» في حرب السودان

 

«وباء العنف الجنسي» في حرب السودان

عثمان ميرغني

«أشعر بالخجل لأننا لم نتمكن من حمايتكن، وأشعر بالخجل من أمثالي من الرجال بسبب ما فعلوه»… بهذه الكلمات خاطب توم فليتشر، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مجموعة من النساء هذا الأسبوع خلال فعالية في إحدى مدارس مدينة بورتسودان، بمناسبة اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة الذي يصادف الخامس والعشرين من نوفمبر (تشرين الثاني).

المسؤول الدولي تحدث عما وصفه بـ«وباء العنف الجنسي» المنهجي الذي تتعرض له النساء في ظل الحرب الدائرة في السودان، محذراً من توسع نطاق هذه الاعتداءات، وعده أمراً غير مقبول.

فليتشر لم يكن المسؤول الأممي الوحيد الذي تحدث عن هذه الظاهرة المشينة، فقد سبقته براميلا باتين، الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة المعنية بالعنف الجنسي في حالات النزاع والحروب، عندما أصدرت بياناً خاصاً تحت عنوان «حرب على أجساد النساء والفتيات» وثقت فيه لروايات نساء تحدثت إليهن في معسكرات اللاجئين السودانيين على الحدود التشادية. واستندت باتين في بيانها إلى ما سمعته من الضحايا عن جرائم الاغتصاب، واستخدام العنف الجنسي ضمن وسائل الاستهداف لدوافع عرقية، والاتجار بالنساء لأغراض الاستغلال الجنسي، وفي حالات عدة للإذلال والإخضاع حيث يرتكب الجناة الاغتصاب أمام أفراد الأسرة.

البعثة الدولية لتقصي حقائق الوضع في السودان، التابعة لمجلس حقوق الإنسان الأممي وصفت حجم العنف الجنسي الذي رصدته بـ«المهول»، وتحدثت في تقريرها الصادر نهاية الشهر الماضي عن أن الاعتداءات شملت نساء وفتيات من مختلف الأعمار ولم يسلم حتى الأطفال من هذا العنف. ووثقت البعثة أيضاً في تقريرها اختطاف نساء وفتيات «لاستعبادهن جنسياً»، وهو أمر ورد في تقارير وشهادات عدة منذ بداية هذه الحرب.

في جل هذه الحالات والتقارير كانت الاتهامات المدعومة بشهادات الضحايا موجهة نحو قوات الدعم السريع، وهو ما وثق له كثير من منظمات حقوق الإنسان الدولية، ومنظمات المجتمع المدني السودانية، وكذلك الأمم المتحدة التي ذكرت في تقرير لها في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أنها أجرت تحقيقاً أكد أن معظم أعمال الاغتصاب ارتكبتها قوات الدعم السريع.

هناك قصص مروعة وردت في شهادات النازحين الذين هُجروا من مناطقهم عندما اجتاحتها قوات الدعم السريع. قصص عن نساء تعرضن للاعتداء الجماعي أمام عائلاتهن، وأخريات رمين بأنفسهن في النهر لكي يهربن، بينما روت فتيات أن أهلهن وفروا لهن سكاكين للدفاع أو قتل أنفسهن إذا واجهن تهديد الاغتصاب من المسلحين. كذلك نشرت بعض التقارير أن فتيات أقدمن على الانتحار بعدما تعرضن للاعتداء.

الآثار النفسية والمجتمعية لهذه الجرائم تبقى غائرة، وتحتاج إلى الاهتمام بالمعالجات وإعطاء أولوية للضحايا الآن وبعد الحرب لمساعدتهن في مسار التعافي، وتخصيص موارد لدعمهن ودعم المراكز المختصة بتوفير العلاج الطبي والدعم النفسي، وكذلك لدعم جهود التوعية المجتمعية لمكافحة الوصمة الاجتماعية، ومساعدة الناجيات على الاندماج عبر الدعم الاجتماعي حتى لا يقعن ضحية العزل والحياة على الهامش وقسوة المعاملة نتيجة الإحساس بالعار، وهن لا ذنب لهن فيما حل بهن. وفي هذا المجال هناك دور كبير للمنظمات السودانية التي ظلت تقوم بجهد مقدر في ظروف صعبة منذ بداية الحرب، لتوثيق الحالات، والاهتمام بضحاياها ودعمهن طبياً ونفسياً.

أجهزة الدولة لديها مسؤولية كبيرة في هذا المجال، ويمكنها الاستفادة من تجارب الدول الأخرى التي عانت من هذه الجرائم، والاستعانة بخبرات المنظمات المحلية والدولية المعنية بهذه القضايا. ويمكن للدولة أن تنظر في إنشاء محاكم خاصة، أو هيئات قضائية تمنح لها صلاحيات استثنائية تمكنها من الاستفادة من تطبيق القوانين الدولية التي تصنف العنف الجنسي جريمة حرب، وجريمة ضد الإنسانية، ومن الأفعال التي تدرج أيضاً ضمن جرائم الإبادة لأسباب العرق أو الجنس والنوع. فدولة رواندا مثلاً نظرت في قضايا العنف الجنسي في محاكمها بموجب قوانين الإبادة الجماعية، ضمن المعالجات الواسعة في مرحلة ما بعد الحرب.

أهمية مبدأ المحاسبة تجعل من الضروري إدراج قضايا العنف الجنسي ومحاكمة المسؤولين عنها ضمن بنود المعالجات، حتى لو انتهت الحرب على طاولة المفاوضات. فهذه الجرائم لا عذر فيها، وإنصاف ضحاياها يتطلب أشد درجات الردع بحيث تكون الرسالة واضحة لكل المتفلتين.

يبقى من المهم أيضاً دعم مشاركة المرأة في بناء السلام وحل المنازعات، لا لأنها دائماً مع الأطفال في مقدمة ضحايا الحروب، بل لأنها تستطيع أيضاً أن تعطي رؤية مختلفة أكثر حساسية في النظر إلى جريمة العنف الجنسي البشعة ومعالجاتها المتشعبة.

الوسوماغتصاب الدعم السريع العنف الجنسي عثمان ميرغني

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: اغتصاب الدعم السريع العنف الجنسي عثمان ميرغني

إقرأ أيضاً:

الحرب التي تحدث في الجزيرة الآن هي في حقيقتها حرب مؤجلة.. وتحققت!

صديق عبد الهادي

(1)

هذا المقال لا يقدم رصداً تاريخياً، بقدر ما أنه يحاول أن يبين الخيط الذي ينتظم حقائق تاريخية لأجل الوصول لفهم حقيقة الهدف من وراء الحرب التي تم نقلها إلى أرض الجزيرة وليس إلى أي أرض أخرى، رغم حقيقة أن منطقة الجزيرة في الأساس هي منطقة إنتاج، حيث يبقى الاحتياج إليها مستقرة وآمنة في وقت الحرب لهو أكثر ضرورة منه في أي وقتٍ آخر، أي لا بد أن تبقى بمنأى عن الحرب، وذلك لأنها ستوفر الغذاء المطلوب في ظل مثل هذه الظروف، ولكن السؤال لماذا حدث العكس؟!

(2)

إن منطقة الجزيرة، والتي هي في حقيقة الأمر تضم منطقة وسط السودان بشكل عام، اكتسبت أهميتها القصوى بعد تفكك دولة الفونج وانهيارها الذي تمّ على مشارف القرن التاسع عشر. ولتبدأ من بعده تحولها التاريخي المعاصر مع تأسيس الدولة التركية في العام 1821. ومن هذه النقطة التاريخية تحديداً، وبمفهومها الحقيقي كدولة مركزية، بدأت العلاقة بين الدولة ووسط السودان، أي علاقتها بالجزيرة. وهي علاقة لم تكن تشبهها أي علاقة أخرى للدولة المركزية مع أيٍ من بقية مناطق السودان الأخرى.

ومنها، فقد مرّتْ أربع دول مركزية على السودان حتى الآن، وتلك الدول المركزية هي الدولة التركية (1821-1885)، الدولة المهدية (1885-1898)، دولة الحكم الثنائي/ الإنجليزي المصري (1898-1956) والدولة الوطنية بعد الاستقلال، أي من عام 1956، وإلى يومنا هذا. وكلها دول مختلفة في طبيعتها وتركيبتها بشكل عام، إلا أنها تشترك في سمة واحدة وأساس، وتلك السمة هي علاقتها بمنطقة الجزيرة تحديداً. اعتمدت كل تلك الدول المركزية في اقتصادها على منطقة الجزيرة باعتبار أنها منطقة زراعية من الدرجة الأولى، وكذلك لقربها من مركز إدارة سلطة الدولة المركزية. وهتان الحقيقتان إستوعبتهما القوى الاجتماعية وأنظمتها الحاكمة التي كانت تدير تلك الدول المركزية. جاء مكتوبٌ لمحمد علي باشا قائلاً فيه “من أجل تعمير الزراعة في سنار التي فتحناها بجهدٍ كبير نحتاج إلى فنيين لهم دراية، فلا تهملوا هذا الأمر وإلا ستندموا عليه كثيراً”. وبسنار يقصد محمد علي باشا دولة الفونج. ومن جانب آخر يمكن أن تكون أكثر عبارة أوضحت وأشارت، ليس فقط للنشاط الذي كان يسود منطقة الجزيرة، وإنما أفصحت عن الارتباط القوي لإنسان الجزيرة بالأرض، هي عبارة الخليفة عبد الله التعايشي في عدم رضائه، وفي ذمِّه لأهل الجزيرة حينما رفضوا الخوض في وحل الحرب الداخلية التي كان يديرها الخليفة داخل دولته، حيث قال إنهم، ويقصد أهل الجزيرة، “يميلون إلى حب الأطيان والإقامة بالأوطان”!.

(3)

ومع بدايات الحكم الثنائي، أي الإنجليزي المصري، كتب “جون ج لانق”، قنصل الولايات المتحدة في القاهرة إلى “ديفيد ج هيل” مساعد وزير الخارجية الأمريكي، قائلاً “تسعى حكومة البلاد بشدة إلى تطوير الموارد الزراعية في البلاد على أسس ليبرالية لتشجيع رأس المال والهجرة. لقد أصبح السفر إلى المدن الواقعة على النيل الأبيض والأزرق أكثر ملائمةً، إذ يمكن لأي مسافر أن يترحل” وإلى أن يقول “هناك احتياج للأدوات والآليات الزراعية… عليكم القدوم باكراً لتأمين موقع راسخ في أسواق البلاد”. إن “تطوير الموارد الزراعية في البلاد على أسس ليبرالية” والذي أشار إليه القنصل الأمريكي في عبارته إنما يعني به المساعي التي تمخض عنها إنشاء مشروع الجزيرة، في نهاية نجاحاتها في 1925. وهو المشروع الذي أصبح تحت سلطة الدولة المركزية الوطنية وأنظمة الحكم التي تعاقبت خلالها منذ الاستقلال، وبعد ذهاب دولة المستعمر.

وعلى نفس منوال تأكيد أهمية منطقة الوسط والتي تضم الجزيرة جاءت، أيضاً، أكثر الإفادات إفصاحاً وتركيزاً من الاقتصادي الإسلامي وأحد منظري نظام الإنقاذ “عبد الرحيم حمدي” الذي قال، ” إن الجسم الجيوسياسي في المنطقة الشمالية المشار إليه أعلاه، وسأطلق عليه اختصاراً {محور دنقلا – سنار + كردفان} أكثر تجانساً.. وهو يحمل فكرة السودان العربي/الإسلامي بصورة عملية من الممالك الاسلامية القديمة قبل مئات السنين.. ولهذا يسهل تشكيل تحالف سياسي عربي/إسلامي يستوعبه”. وهو أيضا “الجزء الذي حمل السودان منذ العهد التركي/الاستعماري/الاستقلال.. وظل يصرف عليه.. حتى في غير وجود النفط؛ ولهذا فإنه حتى إذا انفصل عنه الآخرون {إن لم يكن سياسياً واقتصاديا عن طريق سحب موارد كبيرة منه} لديه إمكانية الاستمرار كدولة فاعلة، يصدق هذا بصورة مختلفة قليلاً حتى إذا ابتعدت دارفور.. رغم إمكانية خلق علاقات اقتصادية أكثر مع دارفور، حتى لو انفصلت أو ابتعدت سياسياً.” (انتهى).

عُرف هذا النص في أدب الاقتصاد السياسي السوداني بنص تأسيس “مثلث حمدي”! وهو نص نظري مهم، مثَّلَ ملخص لبرنامج الحركة الإسلامية للتغيير الاجتماعي المتكامل، وكشف عما تضمره الحركة الإسلامية تجاه منطقة الجزيرة وكيفية محاولة تجييرها في صالح ذلك البرنامج الذي يرمي في نهاية الأمر لإقامة الدولة الإمارة!. وبالفعل قد بينت وحددت محاولات تنفيذه شكل العلاقة بين منطقة الجزيرة ونظام الإنقاذ، والتي لا تزال تداعياتها تترى وتتتابع حتى اليوم.

(4)

على ضوء هذه الخلفية المختصرة، ليست التاريخية وحسب، وإنما الاقتصادية السياسية، وكذلك من خلال النظر المتأمل في علاقة منطقة الجزيرة بكل النظم الحاكمة التي مرت على البلاد منذ العهد التركي وحتى الآن نود أن ننظر إلى هذه الحرب الكارثية الغاشمة التي تجري الآن في منطقة الجزيرة، وكما تمت الإشارة في مقدمة المقال، ولنقف أيضاً على طبيعتها، وعلى أصل الأهداف التي خُطِطَ لتحقيقها من وراء زج منطقة الجزيرة في أتونها.

إن العلاقة بين الجزيرة وجميع الحكومات المركزية في تاريخ السودان الحديث، كانت في صعودها وهبوطها تخضع للسلاسة مرات وللتوتر مرات أخرى، وذلك بالقطع ما هو من طبيعة العلاقة بين الحاكم والمحكوم. وقد كانت تخضع تلك العلاقة كذلك للأشكال والأدوات المعروفة التي تستخدم في الصراع لأجل تحقيق المصالح بين الأطراف، من تفاوضٍ واحتجاجاتٍ وإضراباتٍ وبل اعتصامات خاصة عندما أخذت العلاقة تحتكم لأشكال حديثة وأرقى، تمثلت في القوانين التي حولت تلك العلاقات لتصبح هي الأخرى علاقات حداثية مبنية على عقدٍ اجتماعيٍ وعلى علم، وذلك بفضل الأرضية التي خلقها مشروع الجزيرة كركيزة لنهوض القطاع الحديث. فالاستثناء الوحيد في سجل تلك العلاقة مع الأنظمة الحاكمة في التاريخ الحديث للسودان كانت علاقة منطقة الجزيرة مع نظام الإنقاذ، أي نظام الإسلاميين!، إذ إنه كان النظام الوحيد الذي ناصب المزارعين العداء والفجور في الصراع، حيث تمت فيه ملاحقة المزارعين؛ ومن ثم إيداعهم السجون لا لسبب سوى أنهم مزارعون! وتلك كانت الخطوة الأولى في تغيير طبيعة التعامل مع المشروع ومكوناته البشرية والمادية، وكذلك كانت الخطوة الأولى نحو تفكيكه كوحدة اقتصادية/ اجتماعية. ومن ثم تداعت بعد ذلك، وتلاحقت الدعاوى بفشل المشروع، وكانت في معظمها دعاوى كذوبة قصد منها التمهيد للقضاء على المشروع، وذلك بتصفية ممتلكاته الأساسية؛ ومن ثم بنياته التحتية، وقد كان. وقد قالها الراحل حسن الترابي في دار اتحاد المزارعين حين اجتماعه بكبار موظفي ومهنيي المشروع في أوائل أيام حكمهم، بأن يجب التخلص من مشروع الجزيرة. والمقصود بالتخلص منه، هو أن يتم ذلك عن طريق تغيير طبيعة ملكية الأرض فيه. وكذلك رددها عوض الجاز بأنه لا يود سماع “أن يذهب جنيه واحد لدعم مشروع الجزيرة”!، وكذلك قالها البشير، وحتى البرهان قالها، “عفو الخاطر” في مخاطبته لأحد لواءات جهاز الأمن، وهو من أبناء الجزيرة، “إنت من الجزيرة وكيف وصلت للرتبة دي؟!”. فإن لم يكن ذلك هو العداء المضمر فما العداء إذاً؟!

في ظل نظام الإنقاذ تمت صياغة الأداة القانونية والتشريعية الكفيلة بتصفية المشروع (صدور قانون 2005). وكان ذلك في مواءمة تامة مع الإطار النظري الذي استند إليه “مثلث حمدي”، أي برنامج التغيير الاقتصادي /الاجتماعي/ السياسي للحركة الإسلامية السودانية، والقاضي بإقامة الدولة الإمارة!

(5)

لم تسقط رايات ذلك البرنامج حتى بعد ثورة ديسمبر 2018، بل زاد التمسك به على رأس المصالح الضخمة التي من أجلها تم إشعال الحرب! فشلت كل محاولات تغيير طبيعة ملكية الأرض في منطقة الجزيرة عن طريق “الحرب الناعمة” لأن أهل الجزيرة انتصروا في جميع المواجهات القانونية التي تمت إبان فترة حكم الإنقاذ، وقد نجحت الثورة في تجميد العمل بقانون 2005، وذلك رغماً عن عدم التمكن من إجازة القانون البديل الذي كان تحت الإعداد بعد الثورة.

وضح للإسلاميين أن تغيير ملكية الأرض لن يتم إلا عن طريق الإحلال، أي عن طريق ما يعرف بالتغيير الديمغرافي، وليس بوسيلة “الحرب الناعمة” أي ليس بواسطة التشريع والقانون، وإنما عن طريق “الحرب الخشنة” أي باستخدام الحديد والنار. فلذلك كان قرار اللجنة الأمنية للحركة الإسلامية هو نقل الحرب وبكامل قبحها وقوتها التدميرية إلى أرض الجزيرة، وليس إلى أي منطقة أخرى! فقرار نقل الحرب وإخلاء الجيش السوداني وترك أهل الجزيرة العزل في مواجهة وحشية قوات الدعم السريع ودمويتها، هو قرار لا علاقة له بالتكتيك العسكري أو القتالي أو الحربي، لأن التكتيك العسكري الحصيف والمعروف لا ينقل المعارك إلى مناطق الإنتاج، فالحرب، وكما هو معلوم، تحتاج لأن تكون هناك عملية للإنتاج مستمرة دون اضطراب، وهذا ما تفهمه العقليات الحربية وما تحض عليه كافة العلوم العسكرية. ولكن ما تم من قرار بأن تصبح أرض الجزيرة هي أرض المعركة الأم، فقد كان ذلك هو، وفي صميمه إعلان وإفصاح، بل وتحقيق عملي لحرب كانت مؤجلة ولزمن طويل!. ولا أدلَّ على ذلك من أن العالم كله يشهد اليوم كابوس إخلاء أهل منطقة الجزيرة وبهذا العنف الدامي، ويقف كذلك شاهداً على بدء التمهيد لعملية الإحلال القسري في أرض الجزيرة وكما خطط لها الإسلاميون وحلفاؤهم من برابرة العصر.

فهذه الحرب ليست حرب صدفة، وإنما حرب كانت مؤجلة والآن قد تحققت، وبالفعل.

(6)

إن العالم، وكل العالم، ملزم قانونياً وأخلاقياً بالعمل على وقف عملية الاقتلاع التي تتم الآن في حق أهل الجزيرة وذلك بأن يمتثل لنص قوانين الأمم المتحدة وخاصةً إعلانها المتعلق بحماية حقوق السكان الأصليين (295/61)، الصادر في 13 سبتمبر 2007. وخاصةً المادة (10) المتعلقة بحماية الأرض. فأهل الجزيرة، ولا شك، ممنْ تنطبق عليهم تلك الحماية وفقاً للتعريف الذي تتبناه الأمم المتحدة بخصوص أرض السكان الأصليين.

لنعمل جميعاً على المطالبة بوقف هذه الحرب ولنعمل على المناشدة بالحماية ليست لأهل الجزيرة وحدهم، وإنما التمسك بالحماية لكافة أهل السودان.

الوسومصديق عبدالهادي

مقالات مشابهة

  • الحرب التي تحدث في الجزيرة الآن هي في حقيقتها حرب مؤجلة.. وتحققت!
  • كيف يستخدم الاغتصاب سلاح حرب في السودان؟.. المأساة أكبر من المعلن (شاهد)
  • الاغتصاب سلاح حرب في السودان.. حالات انتحار واسترقاق وضحايا يعانين في صمت
  • الاغتصاب سلاح حرب بالسودان.. حالات انتحار واسترقاق وضحايا يعانين في صمت
  • تحذير أممي من “وباء عنف جنسي” ضد النساء في السودان
  • تحذير من “وباء عنف جنسي” في السودان
  • تحذير أممي من وباء عنف جنسي ضد النساء في السودان
  • مسؤول أممي يحذّر من "وباء عنف جنسي" ضد النساء في السودان  
  • السودان يجدد مطالبته للمجتمع الدولي بتصنيف الدعم السريع جماعة إرهابية