خلال 9 أشهر.. توثيق «6779» حالة عنف قائم على النوع الاجتماعي بدولة جنوب السودان
تاريخ النشر: 28th, November 2024 GMT
كشف صندوق الأمم المتحدة للسكان عن توثيق «6779» حادثة عنف قائم على النوع الاجتماعي في جنوب السودان من يناير إلى سبتمبر 2024.
التغيير ــ وكالات
يأتي هذا في الوقت الذي أطلقت فيه البلاد حملة 16 يومًا من النشاط لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي يوم الاثنين في جوبا.
وقالت منسقة منطقة مسؤولية العنف القائم على النوع الاجتماعي في صندوق الأمم المتحدة للسكان، وونديماجن فانتا، إن المنظمة سجلت «6779» حادثة عنف قائم على النوع الاجتماعي تم الإبلاغ عنها في جميع أنحاء جنوب السودان بين يناير وسبتمبر 2024.
وقالت فانتا «من 1 يناير إلى 30 سبتمبر، تم الإبلاغ عن 6779 حادثة، ومع ذلك، فإن هذا الرقم ربما لا يمثل النطاق الكامل للقضية، حيث لا يتم الإبلاغ عن العديد من الحالات. هذا الرقم هو مجرد صورة خاطفة للوضع».
وأشارت فانتا إلى أن 99% من الناجين نساء وفتيات، و30% من الأطفال.
ودعت إلى اتخاذ إجراءات عاجلة من جميع أصحاب المصلحة لمعالجة العنف القائم على النوع الاجتماعي في جنوب السودان.
وبينت أن 30% من الناجين المبلغ عنهم هم من الأطفال، ومعظمهم من الفتيات المراهقات، و قالت :هذا يؤكد على الحاجة إلى حماية أطفالنا، لأنهم يمثلون مستقبل جنوب السودان.
العنف الجنسيوأبرزت كذلك أن العنف الجنسي يمثل 32% من حالات العنف القائم على النوع الاجتماعي المبلغ عنها، مما يشكل تحديًا كبيرًا للصحة العامة والأمن لحكومة جنوب السودان.
وأضافت فانتا :العنف الجنسي، بما في ذلك الاغتصاب والاعتداء الجنسي، يمثل 32% من حوادث العنف القائم على النوع الاجتماعي المبلغ عنها.
وقالت إنه من المؤسف أن العديد من حالات العنف القائم على النوع الاجتماعي لا يتم الإبلاغ عنها بشكل كافٍ بسبب الوصمة والخوف من الانتقام وعوامل أخرى.
وفي كلمتها، أكدت وزيرة النوع والطفل والرعاية الاجتماعية، آيا بنجامين واريلي، التزام وزارتها بمعالجة العنف القائم على النوع الاجتماعي في جنوب السودان.
وقالت واريلي: «إن الوزارة ملتزمة بمعالجة القضايا الحرجة التي تؤثر في رفاهية وحقوق النساء والفتيات في أمتنا».
وتابعت «تهدف حملة الـ 16 يومًا من النشاط، التي تبدأ اليوم، إلى زيادة الوعي وتعبئة العمل لإنهاء العنف ضد النساء والفتيات».
وتأتي الحملة تحت شعار «اتحدوا لإنهاء العنف ضد النساء والفتيات في جنوب السودان».
أصوات الناجياتودعت الوزيرة واريلي المجتمع المدني والشركاء الدوليين إلى التعاون في مكافحة جميع أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي خلال 16 يومًا من النشاط.
وقالت : «خلال هذه الفترة، سنركز على تضخيم أصوات الناجيات، وتعزيز المساواة بين الجنسين، والقضاء على جميع أشكال العنف ضد النساء والفتيات».
وتعهدت بالعمل بشكل وثيق مع منظمات المجتمع المدني والشركاء الدوليين والأفراد الملتزمين بحماية حقوق النساء والفتيات لضمان محاسبة مرتكبي العنف القائم على النوع الاجتماعي.
الوسومالعنف العنف الجنسي جنوب السودانالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: العنف العنف الجنسي جنوب السودان
إقرأ أيضاً:
جنوب السودان على شفا الحرب الأهلية
ينسب للدكتور فرنسيس دينق، المثقف والدبلوماسي السوداني - الجنوب سوداني المعروف، أنه مَن اقترح فكرة «دولة واحدة بنظامين»... حلاً لإنهاء النزاع في السودان قبل انفصال جنوب السودان. ينتمي فرنسيس دينق إلى منطقة آبيي الحدودية المتنازع عليها بين الدولتين؛ ولأن أبناء هذه المنطقة نشأوا في أجواء التداخل بين البلدين، فقد كان حريصاً على بقاء السودان موحداً؛ لهذا طرح صيغة دولة واحدة كونفدرالية تُحكَم بنظامين لكل جزء من البلاد. وعندما انفصل جنوب السودان وصار دولة مستقلة تحمل كل أدواء الدولة السودانية القديمة من فساد ونزاعات وحرب أهلية، صار الشعار الجديد الذي يصف الأوضاع في البلدين... «دولتان بنظام واحد».
الآن، وبينما تمزّق الحرب الدولة السودانية، فإن دولة جنوب السودان تسير في الطريق نفسها، وتقف على شفا الحرب الأهلية بعد اعتقال الرئيس سلفا كير ميارديت نائبه الدكتور رياك مشار ومعه عدد من قادة حركته، بعد تجدد النزاع المسلح في منطقة الناصر.
الحقيقة أنه ومنذ استقلال دولة جنوب السودان في عام 2011، لم تتوقف النزاعات بين الرجلين، فقد بدأت مبكراً في عام 2013 باتهام الرئيس سلفا كير نائبه مشار بتدبير محاولة انقلاب ضده، وخرج مشار ليكوّن انشقاقاً من التنظيم الذي كان يجمعهما، الحركة الشعبية لتحرير السودان (SPLM)، وكوّن مشار تنظيم الحركة الشعبية في المعارضة (SPLM-IO).
وتكررت النزاعات أكثر من ثلاث مرات خلال الفترة من 2013 وحتى 2025، ودائماً ما تمر بمرحلة خروج رياك مشار أو عزله من جانب الرئيس، ثم تتوسط دول الجوار والمنظمات الإقليمية والدولية ليوقّع الرجلان على اتفاقية سلام، سرعان ما يتم خرقها. تكرر هذا أكثر من مرة، وتم التوقيع على اتفاق سلام في 2018، وتم تفعيله في عام 2020 وتشكيل الحكومة.
ولأن العامل القبلي هو الأكثر تأثيراً؛ فإن سلفا كير يعتمد على تأييد ودعم الدينكا، أكبر المجموعات القبلية في جنوب السودان، بينما ينتمي مشار إلى قبيلة النوير، ثاني أكبر القبائل التي تملك مقاتلين أشداء.
وقد تفجَّرت الأزمة الأخيرة بصدام عسكري في منطقة الناصر بين وحدات من قوة دفاع شعب جنوب السودان، الجيش الرسمي، ومجموعات من الجيش الأبيض، وهي ميليشيا من قبيلة النوير التي ينتمي إليها رياك مشار، وليست جزءاً من جيش مشار، لكنها تقاتل إلى جانبه في كل صدام مع الحكومة. وقد تصاعد القتال لدرجة اغتيال قائد حامية الناصر اللواء ماجور داك بإسقاط طائرة تابعة للأمم المتحدة كانت تحاول نقله خارج المنطقة المحاصرة.
رأى سلفا كير أن نائبه الأول مشار مسؤول عن هذه الحادثة، وأخضعه لاعتقال منزلي بحراسة مشددة، وقرر تقديمه للمحاكمة. وقد تقاطر الوسطاء من «الإيغاد» والاتحاد الأفريقي على العاصمة جوبا للتوسط لحل النزاع، لكن لم يُسمح لهم بمقابلة نائب الرئيس المعتقل مشار.
تزامن ذلك مع تغييرات أجراها الرئيس سلفا كير في طاقم نوابه الخمسة، المعينين طبقاً لاتفاق تقاسم السلطة في عام 2020؛ إذ أقال النائب الممثل لحزبه الحركة الشعبية، جيمس واني أيقا، وعيَّن مكانه الرجل الغامض والقادم بقوة بنيامين بول ميل، كما أقال حسين عبد الباقي، ممثل أحد فصائل المعارضة وعيَّن مكانه جوزفين لاقو.
ومن الواضح أن هناك ارتباطاً كبيراً بين هذه التعيينات والأوضاع السياسية في البلاد. فالسيد بول ميل الذي تقدم ليشغل منصب نائب الرئيس ليس من القيادات التاريخية المعروفة للحركة الشعبية، ومعظم نشاطه لم يكن سياسياً، وإنما في مجال الاقتصاد والاستثمار، وهو من المقربين للرئيس سلفا كير وموضع ثقته. وهناك اعتقاد شائع في جنوب السودان أن سلفا كير يؤهّله ليخلفه في منصب الرئيس؛ ولهذا فإن قرار إقالة ومحاكمة رياك مشار الغرض منه إزاحته من أي سباق محتمل على الرئاسة. ومشار، رغم أنه يقف في المعارضة، ولا ينتمي إلى قبيلة الدينكا التي غالباً سيأتي الرئيس من صفوفها، فإنه في حال ترشحه للرئاسة قد يضعف حظوظ بول ميل بحكم أنه من القيادات التاريخية للحركة الشعبية وله خبرات طويلة في العمل السياسي والتنفيذي.
يقف الجنوب الآن على شفا حرب أهلية، يبدو ظاهرها الصراع السياسي على السلطة، لكن بحكم الجذر القبلي القوي للسياسة في جنوب السودان فستتحول صراعاً إثنياً دموياً يهدّد وحدة جنوب السودان. وهو صراع لن تتحمله بنية الدولة الوليدة المثقلة بالصراعات والفقر والفساد والمهدَّدة بالمجاعات، وستتقاطع مع الحرب الدائرة في السودان، فتشتعل كل المنطقة.
فيصل محمد صالح
نقلا عن القدس العربي