عاشت تل أبيب منذ نشأة إسرائيل فى ١٥ مايو ١٩٤٨ تقول إنها عاصمة ديمقراطية، وإن المنطقة حولها ليست كذلك، وإن هذا ما يميزها عن عواصم العرب.
ويمكن القول إن هذا كان صحيحًا إلى حد كبير، وإنه بقى صحيحًا إلى ديسمبر من السنة الماضية، عندما قام بنيامين نتنياهو
بتشكيل حكومته الجديدة فى تل أبيب. فما قبل هذا التاريخ فى الدولة العبرية شيء، وما بعده شيء آخر تمامًا.
لم تكن هذه هى الحكومة الأولى لنتنياهو؛ لأنه شكّل الحكومة من قبل مرات، ولكنها كانت المرة الأولى التى يصل فيها إلى رئاسة الحكومة، ثم يبدأ على الفور فى العمل على ألا يتركها أبدًا إلا عند نهاية فترته وبأى ثمن.
وهو قد فعل ذلك لسببين؛ أولهما أن الانتخابات التى جاءت به إلى السلطة هذه المرة كانت الخامسة من نوعها على مدى السنتين الماضيتين، وبالتالى فهو يخشى أن تأتى انتخابات سادسة فى وقت قريب لتطرده إلى خارج الحكومة. والسبب الثانى أنه لا يضمن بقاءه حرًا خارج الحكومة؛ لأن قضايا كثيرة تتهدده أمام القضاء، ولأنه تقريبًا مدان فيها، ولذلك فهو يريد أن يحتمى بكرسى رئيس الحكومة من أى ملاحقات قانونية.
وهو لم يشأ أن يبدد وقته فيما لا يفيد منذ اللحظة الأولى له على رأس الحكومة، فسارع يجهز مشروع قانون للإصلاح القضائي، وكان السطر الأول فى هذا المشروع أن من حق رئيس الحكومة ألا يغادر موقعه، إلا إذا اعترف هو نفسه بالعجز البدنى أو العقلى عن القيام بمهمته فى مكانه.
كان مشروعه للإصلاح فريدًا من نوعه، وغير مسبوق فى تاريخ الدولة العبرية، وقد قامت الدنيا ضده فى داخل الدولة وفى الولايات المتحدة، وكان رأى إدارة الرئيس الأمريكى جو بايدن أن هذا المشروع لا بد من إلغائه، لا مجرد تأجيله، ولكن نتنياهو لم يسمع له، ومضى فى سبيله يستكمل مشروع القانون، ويذهب به إلى الكنيست، ويحصل على موافقة البرلمان على مادة من مواده، هى تقريبًا المادة الأهم فى المشروع.
كان المشروع ولا يزال يواجه معارضة قوية فى الداخل، وكانت واشنطن ولا تزال لا ترى له أى ضرورة، ثم تدعو إلى الإقلاع عنه دون تأخير، وقد رفضت استقبال نتنياهو فى أمريكا ما دام هذا المشروع له وجود، وكان هذا مما أصابه بما يشبه الجنون؛ لأن كل رئيس وزراء سبقه فى مكانه كان يطير إلى الولايات المتحدة خلال شهره الأول فى منصبه، إلا هو الذى مضى عليه ما يقرب من السنة فى منصبه، دون بارقة أمل على أن الزيارة ستتم فى وقت قريب.
بدت إسرائيل مع بنيامين نتنياهو دولة لا علاقة لها بالديمقراطية، التى عاشت تردد حديثها على أسماعنا، ثم بدت وهى ترتد إلى دولة أخرى لا تعرف الديمقراطية كأداة فى الحكم ولا تعرفها الديمقراطية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: كانت خط احمر إسرائيل السنة الماضية الدولة العبرية
إقرأ أيضاً:
ونيس: تشكيل الحكومة الموحدة قيد المناقشة مع البرلمان.. والتباطؤ سببه انقسام مجلس الدولة
قال رئيس لجنة الأمن القومي بمجلس الدولة الاستشاري، سعيد ونيس، إن تشكيل الحكومة الموحدة قيد المناقشة مع البرلمان، والتباطؤ سببه انقسام مجلس الدولة
وأضاف في تصريحات صحفية، أنه لا تتوفر ملامح، أو حتى موعد تقريبي لظهور الحكومة الموحدة المرتقبة حتى الآن.
وأوضح أن الخيار الرئيسي ينحصر في اتفاق النواب والدولة على تشكيل تلك الحكومة، وفقاً لما تنص عليه الاتفاقيات السياسية الحاكمة للبلاد، لكن حتى الآن لم يتحقق هذا التوافق.
ونوه بأن الأمر قيد المناقشة بين أعضاء المجلسين، رغم حدوث بعض التباطؤ على خلفية انقسام مجلس الدولة قبل 4 أشهر بسبب المنافسة على رئاسته.
وذكر أن الآلية المقترحة من قبل البرلمان بحصول المرشحين لرئاسة الحكومة المرتقبة على عدد معين من التزكيات من أعضاء المجلسين بشكل فردي، مرفوضة من طرف غالبية أعضاء مجلس الدولة.
وبين أن الخلافات قد تجد طريقها بين الأفرقاء، فيتجدد الانقسام الذي يعد البيئة الخصبة للفساد الإداري والمالي، ليتواصل بذلك تدهور أوضاع الليبيين المعيشية من حكومة لأخرى.
الوسوممجلس الدولة مجلس النواب