حلقة نقاشية لـ«مركز الاتحاد للأخبار» تقرأ تأثير الذكاء الاصطناعي على مستقبل الإعلام
تاريخ النشر: 28th, November 2024 GMT
طه حسيب (أبوظبي)
خلال فعاليات اليوم الثاني من الكونجرس العالمي للإعلام وفي جناح شبكة أبوظبي للإعلام، نظم «مركز الاتحاد للأخبار» حلقة نقاشية بعنوان «كيف يغير الذكاء الاصطناعي مستقبل الإعلام؟». حضر الحلقة راشد القبيسي، الرئيس التنفيذي لشبكة أبوظبي للإعلام، والدكتور حمد الكعبي، الرئيس التنفيذي لمركز الاتحاد للأخبار، وعبدالرحيم النعيمي، الرئيس التنفيذي لدائرة التسويق والاتصال، وطالب سعيد الزعابي، الرئيس التنفيذي لدائرة الخدمات المساندة، وعيسى سيف المزروعي الرئيس التنفيذي لمركز المحتوى ونخبة من الإعلاميين.
شارك في الحلقة المهندس ناصر الراشدي، خبير في حوكمة الذكاء الاصطناعي، محمد المصلح، أستاذ مساعد في كلية الهندسة والعلوم بجامعة هيريوت وات دبي، ولطيفة الحمادي، الباحثة الإماراتية المتخصصة في تقنية المعلومات. الحلقة النقاشية أدارها سعيد الصوافي، رئيس قسم وجهات نظر والأخبار العالمية في مركز الاتحاد للأخبار بـ«أبوظبي للإعلام»، مؤكداً أن صناعة الإعلام تشهد اليوم ثورة غير مسبوقة؛ بفضل التطورات السريعة في تطبيقات الذكاء الاصطناعي، بما تحمله من قدرات فائقة من جمع البيانات وتحليلها، ومن صناعة المحتوى وإنتاجه، وتسريع عملية رصد الأخبار والتحقق منها، وإنشاء محتوى تفاعلي، وغيرها الكثير.
ريادة إماراتية
أكدت لطيفة الحمادي، في مستهل الحلقة النقاشية، أن دولة الإمارات اختارت مسار الريادة في الذكاء الاصطناعي، حيث تهدف استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي 2031 إلى تعزيز مكانة الدولة وريادتها العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي، عبر الاستثمار في الأفراد والقطاعات ذات الأولوية.
وتطرقت لطيفة الحمادي لتجربتها في تصنيع روبوت يحمل اسم «ربدان»، المكون من قطع طُبعت بالكامل باستخدام طابعات ثلاثية الأبعاد في المنزل، طول الروبوت 180 سنتيمتراً، ومهمته الأساسية التعامل مع الجمهور.
وأشارت، ضمن مداخلتها، إلى أن الذكاء الاصطناعي يوفر أدوات للإعلاميين تمكنهم من تحليل البيانات بدقة أكثر، ورصد وتصنيف اهتمامات الجمهور. وتنصح لطيفة الحمادي الإعلاميين، بأنه لا بد من مواكبة تقنيات الذكاء الاصطناعي وتبنيها، وأنه لا داعي للتخوف من الذكاء الاصطناعي، لأنه لن يلغي الدور البشري الذي يظل موجوداً في التخطيط والتوجيه؛ لأن الذكاء الاصطناعي سيقوم بالمهام الروتينية التي تستهلك الوقت، وكلما تبنى الإعلاميون تطبيقات الذكاء الاصطناعي ازدادت قدرتهم على الإبداع في إنتاج المحتوى.
وأكد الدكتور محمد المصلح أهمية الإعلام، واصفاً إياه بـ«المُمكّن الأول» لصنع أي سياسة؛ ذلك لأنه يعمل على نشر الوعي، مشيراً إلى أن الذكاء الاصطناعي قدم فرصة للإعلاميين، من خلال التعليم المستمر الذي يجعلهم قادرين على استيعاب التقنيات المتطورة في تسريع مهامهم، وتطوير ما ينتجونه من محتوى. وأوضح أن مساقات التدريب القصيرة (أيام قليلة، ربما أسبوع أو أسبوعين على الأكثر)، هي الأنسب للإعلاميين كونها تراعي طبيعة عملهم.
دور المؤسسات التعليمية
أضاف المصلح أن الخبرة والعلم والتعلم، أمور مهمة للاستفادة من أنظمة الذكاء الاصطناعي في الإعلام، وغيره من المجالات، ولدى الجامعات والمؤسسات التعليمية دور رئيسي في إتاحة فرص التعليم المستمر لتعظيم الاستفادة من هذه الأنظمة التقنية في الإعلام.
من جانبه، أكد المهندس ناصر الراشدي، الخبير في حوكمة الذكاء الاصطناعي، أنه لا مجال للتخوف من الذكاء الاصطناعي، خاصة في مسألة فقدان الوظائف، فالطفرة التقنية لن تستبدل البشر القادرين على تطوير قدراتهم عبر التعليم المستمر. ولدى الراشدي قناعة بأن الإعلاميين قادرون على الاستفادة من تطبيقات الذكاء الاصطناعي في صناعة المحتوى، وتحليل احتياجات السوق وتطوير منصات بث المحتوى.
أدوات «التصنيف والتوصية»
أوضح الراشدي أن الذكاء الاصطناعي وسيلة واعدة لتطوير الإعلام، عبر استثمار كثافة البيانات والقوة الحوسبية، ومن الضروري حوكمة استخدام الذكاء الاصطناعي لضمان الاستفادة الإعلامية القصوى من الطفرة التقنية. وأشار الراشدي إلى أن الذكاء الاصطناعي يقدم أدوات «التصنيف والتوصية»، ومن ثم النمذجة التي تستطيع فهم تجارب الجمهور وتقييم اتجاهاتهم، ومن ثم بناء توصيات لمستخدمين آخرين للترويج لمحتوى معين، وبالفعل يقول الراشدي كانت نسبة 70% من مشاهدات منصة «يوتيوب» في بعض الأوقات تعتمد على هذه الأدوات، وفي بعض المنصات بلغت النسبة 80%.
سؤال السيطرة
وتساءل عبدالله سراي الجنيبي، المستشار الإعلامي لشؤون المحتوى في شبكة أبوظبي للإعلام، هل يمكن للإنسان السيطرة على الذكاء الاصطناعي؟ وأجاب الدكتور محمد المصلح بأن الطفرة التقنية تحمل في طياتها تحديات، وفي مجال الإعلام هناك الأخبار الكاذبة، لكن البحث العلمي متواصل لمواجهة هذه التحديات واحتوائها. ولفت سعيد الصوافي الانتباه إلى أن المؤسسات الإعلامية التي تتبنى الذكاء الاصطناعي بشكل استراتيجي ستتمكن من البقاء في طليعة المشهد الإعلامي، إلا أن هناك تخوفاً من أن يُقصي الذكاء الاصطناعي البشر من بعض الأدوار، لكن الحقيقة أن دوره يكمل دور الصحفيين بدلاً من أن يحل محلهم، ويستطيع الصحفيون الاستفادة من الأدوات المدعومة بالذكاء الاصطناعي للتركيز على الجوانب الابداعية والتحليلية التي لا يمكن للخوارزميات القيام بها بالجودة المنشودة.
فرص واعدة
أكد المشاركون أن الذكاء الاصطناعي يطرح فرصاً واعدة للإعلام، وتطبيقات الذكاء الاصطناعي أصبحت واقعاً لا بد من التعامل مع معطياته واستثماره إعلامياً في مجالات تطوير المحتوى ورصد احتياجات الجمهور واستثمار البيانات.
المشاركون استنتجوا أن الإمارات اختارت الريادة في مجال الذكاء الاصطناعي، تطبيقات الذكاء الاصطناعي ليست جديدة، فالبشرية تستخدمها منذ خمسينيات القرن الماضي. المطلوب الآن مواكبة هذه التطبيقات، من خلال التعليم المستمر والتطوير المتسارع للمحتوى الصادر باللغة العربية.
تدريب الكوادر الإعلامية
استنتج الصوافي أنه يمكن للإعلام استثمار الذكاء الاصطناعي بطرق متنوعة لتحسين الإنتاج، تعزيز تجربة الجمهور، وزيادة الكفاءة والإيرادات. ومع ذلك، يتطلب هذا الاستثمار استراتيجية واضحة، تتضمن تدريب الكوادر الإعلامية. وأكد الصوافي أن المؤسسات الإعلامية التي تنجح في تبني الذكاء الاصطناعي بشكل فعّال ستكون أكثر قدرة على المنافسة، والبقاء في صدارة الصناعة أخبار ذات صلة
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الكونغرس العالمي للإعلام شبكة أبوظبي للإعلام الذكاء الاصطناعي مركز الاتحاد للأخبار حمد الكعبي الإمارات تطبیقات الذکاء الاصطناعی أن الذکاء الاصطناعی الرئیس التنفیذی الاتحاد للأخبار التعلیم المستمر أبوظبی للإعلام فی مجال إلى أن
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعى يعيد رسم مستقبل العرب
وزير الاتصالات: التكنولوجيا ليست رفاهية.. بل مفتاح النهضة العربية
مجلس الوزراء العرب للاتصالات يقر رؤية موحدة لدعم التحول الرقمى
فى ظل التطورات التكنولوجية المتسارعة التى يشهدها العالم، أصبح الذكاء الاصطناعى محورًا رئيسيًا فى تشكيل المستقبل الاقتصادى والاجتماعى والسياسى، وفى هذا الإطار، عقدت «دائرة الحوار العربية حول الذكاء الاصطناعى فى العالم العربي: تطبيقات مبتكرة وتحديات أخلاقية» بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، تحت رعاية أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية.
التحول التكنولوجى غير المسبوق
فى كلمته الافتتاحية، أكد الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، أن قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات يشهد تحولًا غير مسبوق فى دوره على الساحة الدولية خلال العامين الماضيين، وأشار إلى أن هذا القطاع لم يعد مجرد أداة داعمة، بل أصبح قوة دافعة تعيد تشكيل الاقتصادات، وتحدث ثورة فى الصناعات، وتغير المجتمعات بشكل مستمر.
وأوضح طلعت أن التكنولوجيات الناشئة مثل الذكاء الاصطناعى، وسلاسل الكتل (Blockchain)، والحوسبة الكمومية، وإنترنت الأشياء، لم تعد مجرد وعود مستقبلية، بل أصبحت واقعًا يعيد تشكيل العالم سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، وأضاف أن هذه التكنولوجيات تتداخل مع قطاعات حيوية مثل الزراعة، الصحة، التعليم، والقطاع المصرفى، مما يجعلها محورًا رئيسيًا فى تحقيق التنمية المستدامة.
التحديات الجيوسياسية والرقمية
وأشار الوزير إلى أن التطورات التكنولوجية أدخلت تحديات جديدة على الحكومات عالميًا، بما فى ذلك المنافسة الجيوسياسية فى السباق الرقمى، وسد الفجوة الرقمية، ومواجهة المخاطر السيبرانية، وأكد على ضرورة أن تواجه الدول العربية هذه التحديات برؤية موحدة تضمن حضورًا دوليًا فاعلًا يعبر عن إرادة الشعوب العربية وتطلعات الحكومات.
وأضاف أن جامعة الدول العربية تلعب دورًا محوريًا كمنارة لتبادل الرؤى حول القضايا الأهم للشعوب العربية، وفاعل رئيسى فى تبنى استراتيجيات موحدة حول التكنولوجيات الناشئة، وأشار إلى أن هذا المحفل يأتى فى إطار الجهود العربية لبناء الوعى الجمعى حول أهمية الذكاء الاصطناعى وتأثيره على المجتمع والاقتصاد.
الرؤية العربية الموحدة للذكاء الاصطناعي
وتطرق الدكتور طلعت إلى رئاسة مصر للدورة الثامنة والعشرين لمجلس الوزراء العرب للاتصالات والمعلومات، مشيرًا إلى أن المجلس أقر خلال اجتماعه فى يناير 2025 «الرؤية العربية الموحدة للذكاء الاصطناعي»،. وتهدف هذه الرؤية إلى الارتقاء بالأداء الحكومى، والاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعى فى تقديم الخدمات الحكومية للمواطنين، وتحقيق الريادة للدول العربية فى مجال الإبداع الرقمى والشركات الناشئة المعتمدة على الذكاء الاصطناعى.
كما تسعى الرؤية إلى رفع الوعى العام بهذه التكنولوجيا، وتشجيع البحث والتطوير فى التطبيقات القائمة على الذكاء الاصطناعى فى مختلف القطاعات، وجذب الاستثمارات فى البنية التحتية الرقمية، وأكد الوزير أن استخدام الذكاء الاصطناعى بشكل آمن وأخلاقى وفعال ليس بالأمر الهين، مما يستوجب وضع إطار تنظيمى متوازن لحماية الشعوب العربية من المخاطر السيبرانية والأخلاقية، دون تقييد للإبداع الرقمى.
الميثاق العربى لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي
وأشار طلعت إلى المبادرة المصرية لمجلس الوزراء العرب للاتصالات والمعلومات، والتى تدعو إلى الانتهاء من صياغة «الميثاق العربى لأخلاقيات الذكاء الاصطناعى»، وسيكون هذا الميثاق بمثابة مرجعية للدول العربية فى تحقيق التوازن بين تحفيز الابتكار والاستخدام الآمن والمسؤول للذكاء الاصطناعى، وأكد أن الميثاق سيعكس المعتقدات والأولويات والثقافة العربية، وسيضمن الشفافية وإرساء مبادئ المساءلة فى تصميم ونشر أنظمة الذكاء الاصطناعى.
بناء القدرات البشرية وتعزيز الشراكات الدولية
كما لفت الوزير إلى أهمية بناء القدرات البشرية وتنمية الوعى العام تجاه قضايا الذكاء الاصطناعى، ودعم الشركات الناشئة العربية فى هذا المجال الحيوى، وأكد على ضرورة تعزيز الشراكات الدولية والتعاون مع المنظمات الدولية والإقليمية لضمان استمرارية المشاركة الفاعلة للدول العربية على الساحة الدولية، وتحسين ترتيبها فى المؤشرات الدولية للذكاء الاصطناعى.
دعوة لتبادل الرؤى والخروج بتوصيات عملية
وفى ختام كلمته، دعا الدكتور طلعت الباحثين والخبراء والمطورين وصناع السياسات من الحكومات والقطاع الخاص إلى تبادل الرؤى خلال فعاليات هذا المحفل، للخروج بمقترحات عمل موضوعية لتنفيذ خارطة الطريق التى رسمتها الرؤية الاستراتيجية العربية الموحدة للذكاء الاصطناعى، وأعرب عن تطلعه إلى توصيات دائرة الحوار العربى فيما يتعلق بمبادئ وأخلاقيات الذكاء الاصطناعى، بما يسهم فى تبنى وثيقة عربية موحدة تعكس أولويات الدول العربية وخططها التنموية.
فعاليات دائرة الحوار العربي
فعاليات «دائرة الحوار العربية» تُنظم بشكل مشترك من قبل الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا وجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية بالمملكة العربية السعودية، بالتعاون مع الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، وتشارك فى الفعاليات نخبة من الخبراء والمتخصصين فى مجالات الذكاء الاصطناعى، لمناقشة أحدث التطبيقات والتطورات، وتبادل الخبرات والأفكار حول التحديات الأخلاقية المترتبة على استخدام الذكاء الاصطناعى وتأثيره على المجتمع والاقتصاد فى العالم العربى.
يُعد الذكاء الاصطناعى أحد أهم المحركات التى ستشكل مستقبل العالم العربى، ولكن تحقيق الاستفادة القصوى منه يتطلب مواجهة التحديات الأخلاقية والسيبرانية، وبناء إطار تنظيمى متوازن يعكس أولويات الشعوب العربية، وتأتى فعاليات «دائرة الحوار العربى» كخطوة مهمة نحو تحقيق هذا الهدف، من خلال تبادل الخبرات وصياغة رؤى مشتركة تعزز التعاون العربى فى هذا المجال الحيوى.