صحا العالم يوم أمس الأربعاء على مواقف عظيمة كملت المواقف البطولية للوقفات الشجاعة وحالات الاستبسال الأسطورية التي ترجمها مجاهدو حزب الله في الجنوب اللبناني على مدى 63 يوماً ، فالصهيوني الحاقد اعتقد أنه في نزهة وأنه سيقتحم لبنان بكاملها خلال أيام كما حدث عام 1982م ، لم يُدرك أنه أوقع نفسه في ورطة كبيرة إلا حينما بدأ الهجوم البري، فلقد قوبل بإرادات فولاذية صلبة صدّت كل الهجمات التي حاول من خلالها الدخول إلى مناطق التماس في لبنان مع الأرض المحتلة، ولم تتمكن قوات العدو الصهيوني إلا من دخول بعض الكيلومترات كانت عقبها تتعرض لهجوم كبير من قبل المجاهدين الأبطال وكلهم يصرخون بصوت واحد “لبيك يا نصر الله”، وهكذا تكرر المشهد صباح الأربعاء وبعد الإعلان عن وقف إطلاق النار بأقل من ساعة تدافعت الجموع إلى مناطق الجنوب في طوابير كبيرة وحشود راكبة وراجلة كلهم يتحدثون عن التشبث بهذه الأرض والاستعداد الكامل للدفاع عنها وبذل المُهج والأرواح في سبيلها ، وكأن روح الشهيد العظيم القائد السيد حسن نصر الله كانت مُحلّقة في سماء هذه المناطق تحُث الجميع على الصمود والتحدي ، وتكاملت الصورة في ذلك الموقف الذي جسّده بعض اللبنانيين ممن تعرضت منازلهم للهدم والدمار والخراب ، لم يتأسفوا على ما فقدوه لكنهم وقفوا فوق الركام رجالاً وأطفالاً ونساءً رافعين شارات النصر ومؤكدين أن المقاومة ستبقى وستظل حتى يتحرر آخر شبر من الأرض اللبنانية .
هذا الموقف لاشك أنه دحض تخرُّصات بعض المحسوبين على العروبة من أصحاب الإرادات المهزوزة ممن سكنت الهزيمة نفوسهم وتعاقبوا للإطلالة من خلال القنوات المتصهينة والكل يتحدثون عن استحالة عودة اللبنانيين إلى المناطق التي خرجوا منها ، لأن الطرف اللبناني كما زعموا لم يأخذ ضمانات تؤمن هذه العودة كما عمل الجانب الصهيوني ، وإذا بالموقف ينقلب رأساً على عقب، فأصحاب الأرض الحقيقيين عادوا إلى أرضهم ومساكنهم دون أن ينتظروا التوجيه من أحد ، بينما المحتلون الصهاينة رفضوا العودة إلا بعد الحصول على ضمانات من أمريكا كما يعتقدون ، والموقف هُنا يقدم دلالات واضحة تؤكد أن صاحب الأرض والمالك لها ومن تعفر بترابها الطاهرة على استعداد لأن يُقدم كل شيء في سبيل الاحتفاظ بهذه الأرض ، بينما المحتل الطارئ الذي وفد إلى هذه الأرض وهو لا يعلم عنها شيئاً يظل الخوف مسيطراً عليه وغير قادر على التحرك إلا بعد أخذ ضمانات تؤكد توفر الأمن والاستقرار ، هذه هي المعادلة التي لم يفهمها القادة الصهاينة وستظل تُمنيهم بالهزائم تلو الهزائم حتى يرحلوا عن هذه الأرض ويعود إليها أهلها الأصليون ، وهم سيعودون – إن شاء الله – وقد بدأوا في العودة- طالما وجدت مثل هذه الإرادات القوية الحاسمة ، إنه موقف بديع يُثير كل الشجون ويبعث على الفخر والاعتزاز لدى كل عربي مؤمن بقضيته الأساسية قضية الشعب الفلسطيني والقدس على وجه الخصوص ، أما أولئك الذين ظلوا يتمنطقون بالسياسة ويقدمون التحليلات الزائفة وآخرها القول بأن حزب الله تخلى عن المبدأ الذي أعلنه سيد شهداء الأمة بالوقوف إلى جانب غزة إلى آخر رمق ، وكأن نفوسهم لم تطمئن لأن حزب الله استعاد هيبته وقوته وعلى استعداد لأن يخوض المعارك طالما ظل الاحتلال جاثماً على أرض فلسطين الجريحة ، ولأنهم كذلك أرادوا أن يستسلم هذا الحزب العظيم ويرفع الراية البيضاء كي تطمئن نفوسهم ، لأنهم يخشون صولته أكثر من الصهاينة ، كيف لا وقد أصبحوا مُتلبسين بالصهيونية بأجساد عربية وإرادات أمريكية متخاذلة بعيدة عن الحق مستسلمة للباطل .
الصورة كما قُلنا تُعبر عن أكثر من معنى ولا يمكن استيعاب تلك المعاني في هذه التناولة والكثيرين ربما سيتحدثون عنها كلاً بحسب فهمه لأبعادها وما اشتملت عليه من وضوح ودقة في التعبير عن القوة والاستعداد للتضحية في أي لحظة يتطلبها الأمر، وفي هذه الحالة نقول لأولئك الجبناء المتخاذلين هذا هو لبنان وهذا هو حزب الله الذي صنعه القائد العظيم والشهيد المقدس السيد حسن نصر الله ، وأنتم موتوا بغيظكم ولا نامت أعين الجبناء ، والله من وراء القصد ..
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
أقسى الضربات التي تبادلها حزب الله وإسرائيل في حربهما الأخيرة
أسدل اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان الستار مؤقتا على حرب لبنان الثالثة بين حزب الله وإسرائيل التي صعدت منذ منتصف سبتمبر/أيلول الماضي وانتقلت إلى ما وصف "بالهجوم الكاسح" بعد عام تقريبا من تصعيد منضبط.
وحددت إسرائيل في حربها التي أطلقت عليها اسم "أسهم الشمال" هدفا رئيسيا هو إعادة سكان مستوطنات الشمال إلى بلداتهم الملاصقة للحدود مع لبنان.
ووفق تقرير بثته الجزيرة للصحفي إلياس كرام، حمل الهدف الإسرائيلي في طياته خطة عسكرية إسرائيلية مبيتة تسعى إلى سحق حزب الله وقدراته العسكرية وبنيته التحتية.
وبدأت إسرائيل هجومها الكبير على حزب الله بتفجير أجهزة الاستدعاء "البيجر" والاتصال اللاسلكية المحمولة، موقعة آلافًا بين قتيل وجريح في صفوف مقاتلي حزب الله وقادته الميدانيين على مساحة جغرافية واسعة من لبنان.
ولم تكتفِ إسرائيل بذلك، بل انتقلت إلى مرحلة تصعيد أخرى باغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله وعدد كبير من قادة الحزب على المستويين السياسي والعسكري، لتحقق إنجازا تاريخيا ظلت تسعى إليه منذ عقود، وفق تصريحات رسمية إسرائيلية.
ووفق التقرير، بدت إسرائيل بعد اغتيال نصر الله أكثر جرأة وذهبت بعيدا في تنفيذ سلسلة اغتيالات وقصف مكثف للعاصمة اللبنانية وضاحيتها الجنوبية، إلى جانب استهداف مستودعات الأسلحة ومنصات إطلاق الصواريخ.
ومطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بدأت إسرائيل عملية برية قالت إنها محدودة ترمي إلى إبعاد مقاتلي حزب الله بضعة كيلومترات شمالا وتدمير أي تهديد عسكري له هناك، وإزالة خطر اجتياح الجليل على نحو مشابه لهجوم "طوفان الأقصى" والتأسيس لتسوية سياسية.
استفاقة حزب الله
في المقابل، استعاد حزب الله توازنه بعد الضربات القاسية التي تعرض لها، إذ أظهر قدرة صاروخية بقصف أهداف بالعمق الإسرائيلي وإطلاق مسيرات انقضاضية وصلت إلى نافذة غرفة نوم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في قيساريا.
كذلك تعرضت القوات الإسرائيلية في قرى الجنوب اللبناني لضربات يومية أوقعت قتلى وجرحى بالمئات، مما أشعر إسرائيل أنها تفقد شيئا فشيئا ما حققته من إنجازات عسكرية وأنها تغوص في الوحل اللبناني.
ويسود انقسام داخل إسرائيل بشأن اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان، فهناك من يرى الاتفاق فرصة لالتقاط الأنفاس إلى حين تولّي دونالد ترامب مقاليد الحكم في الولايات المتحدة، مقابل آخرين يرونه "ضياعا لفرصة تاريخية لتركيع حزب الله والقضاء على قدراته العسكرية".
اعتبارات سرية
بدورها، نقلت صحيفة يسرائيل هيوم عن وزراء في الحكومة قولهم إن ثمة اعتبارات "سرية" تدفع إسرائيل إلى الموافقة على التسوية مع لبنان الآن، على غرار نقص الذخيرة خاصة الصواريخ الاعتراضية التي تطلق بالعشرات يوميا للتصدي لصواريخ حزب الله.
وقد يكون من بين تلك الاعتبارات -وفق الصحيفة- شعور جنود الاحتياط بالتململ من الحرب المتواصلة منذ أكثر من عام، فضلا عن تفادي قرار في مجلس الأمن قد يفرض على إسرائيل وقفا لإطلاق النار دون أي منجزات سياسية.
ولا تستبعد الصحيفة أن تكون الاعتبارات أيضا مرتبطة بتحقيق رؤية الفصل بين الجبهات الذي أراده نتنياهو للتفرد بجبهة غزة أملا بإخضاع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإبرام صفقة لتبادل الأسرى، والتفرغ لاحقا مع الإدارة الأميركية الجديدة للمواجهة مع إيران.