الثورة / وكالات

لا تزال أصداء حادثة مقتل الحاخام تسفي كوغان في دولة الإمارات العربية المتحدة تلقي بظلالها على حالة الكراهية الشعبية والعزلة الدولية التي باتت تتسع رقعتها كلما ازداد أمد الحرب التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ زهاء 14 شهرًا.
وفي بيان مشترك لكل من مكتب رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو والخارجية الإسرائيلية جاء أنه: “عثرت سلطات المخابرات والأمن في دولة الإمارات على جثة تسفي كوغان المفقود منذ يوم الخميس”، فيما كشفت وزارة الداخلية الإماراتية الاثنين الماضي عن تمكنها من القبض عن ثلاثة مشتبه بكونهم وراء الحادث، وأنهم جميعًا أوزبكستان، مضيفة أن السلطات الأمنية المختصة بدأت في إجراء التحقيقات الأولية مع الثلاثة تمهيدا لإحالتهم إلى النيابة العامة لاستكمال التحقيقات، من دون إضافة مزيد من التفاصيل.


وتسفي كوغان هو أحد ممثلي حركة “حباد” اليهودية في الإمارات، ويحمل الجنسية المولدوفية إلى جانب الجنسية الإسرائيلية، وحسب صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، كان كوغان (28 عامًا) يقيم في الإمارات بشكل رسمي بصفته مساعدًا للحاخام اليهودي الأكبر في أبو ظبي.
وعن تبعات مقتل كوغان نقلت وسائل إعلام ألمانية عن السفير الإسرائيلي في ألمانيا رون بروسور، قوله إن الإسرائيليين يخافون من السفر بمفردهم على القطارات الإقليمية ومترو الأنفاق أو التحدث بالعبرية على هواتفهم المحمولة في ألمانيا.
وأضاف بروسور في حوار مع صحيفة Die neue zeitung أن بعض الطلاب أخبروه أنهم لا يمكنهم الذهاب إلى الحمام إلا بصحبة زملائهم، مطالبًا السلطات الألمانية باتخاذ المزيد من الإجراءات ضد “معاداة السامية” في جميع أنحاء البلاد.
فيما نشرت القناة الثانية عشر العبرية عن مجلس الأمن القومي الإسرائيلي توصيته للإسرائيليين بتجنب السفر للإمارات إلا لضرورة قصوى، مخافة تكرار الحادث لأي من الإسرائيليين هناك، وذلك رغم أن الإمارات في صدارة الدول المطبعة مع الاحتلال الإسرائيلي.
حادثة مقتل الحاخام كوغان تثبت أن مظاهر العزلة الدولية للاحتلال الإسرائيلي على المستوى الرسمي، وكذلك موجة من الكراهية غير المسبوقة على المستويين الشعبيّ والنخبويّ تزداد يومًا بعد يوم، وذلك بسبب استمراره في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في حربه الدامية على قطاع غزة ومِن بعده لبنان، في تحدٍّ صارخ لكافة القوانين والأعراف الدولية، وعدم الانصياع لأيٍّ من القرارات المؤسسية، وعلى رأسها الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية، اللتين طالبتا سابقًا بوقف العدوان على غزة وتجنب استهداف المدنيين، إلا أن الاحتلال أمعن في غطرسته وعدم استجابته لتلك المطالب والقرارات، واستمر في ارتكاب جرائمه.
الحماية الأمريكية للاحتلال التي تمثلت في إمداده بالمال والسلاح والأجهزة الاستخباراتية، واستخدام حق الفيتو في منع قرارات وقف إطلاق النار في غزة، والدفاع المستميت عنه في كل المحافل الدولية، لم يكن كافيًا لمنع الموجة العاتية من كراهية الاحتلال -حتى في أكثر البلاد دفاعًا عن إسرائيل- وتحول الرأي العام المساند لها إلى ثورة غاضبة لكل ما هو صهيوني أو مناصر للهمجية الإسرائيلية في الشرق الأوسط، حتى صار وصف “مجرمي الحرب” علامة ملاصقة لوصف نتنياهو وقادة جيشه.
كانت البداية اندلاع تظاهرات في الميادين والطرقات حاملة لافتات تدعو لوقف إطلاق النار، ثم تطور الأمر إلى احتجاجات أمام السفارات الإسرائيلية في الدول التي تدعم الاحتلال، ثم تصاعدت حتى تحولت إلى مطالب عملية في الجامعات الأمريكية والأوروبية لمنع التعامل مع الاحتلال، إلى أن تمت الاستجابة لبعض تلك المطالب، وكل ذلك تصاحبه حملات مقاطعة دولية للبضائع الإسرائيلية، بل والمنتجات التي تصدرها الدول الداعمة للحرب على غزة.
وفي الثامن من نوفمبر الحالي كانت العاصمة الهولندية أمستردام، على موعد مع مشهد جديد من مشاهد الغضب الشعبي في الشارع الأوروبي ضد إسرائيل وجرائمها؛ حيث اندلعت اشتباكات أسفرت عن إصابات مشجعي فريق “مكابي تل أبيب” بعد مباراته التي خسرها أمام أياكس أمستردام الهولندي ضمن منافسات الدوري الأوروبي لكرة القدم، وذلك بعد أن قام مشجعو الفريق الإسرائيلي بتمزيق العلم الفلسطيني، والهتاف بالموت ضد العرب.
على إثر ذلك طالب وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، نظيره الهولندي بالمساعدة في إخراج المشجعين الإسرائيليين بأمان، في أعقاب الحادث، وأرسلت إسرائيل طائرتين إلى هولندا، لإعادة المئات من المشجعين، فيما أعلن الجيش الإسرائيلي إرجاء إرسال مهمة إنقاذ تابعة له.
وهنالك محطات رئيسية في سياق عزل الاحتلال ونبذه دوليَّا، كان أهمها مطالبة المدعي العام لمحكمة العدل الدولية كريم خان بإصدار مذكرة اعتقال لنتنياهو ووزير حربه يوآف غالانت بوصفهما “مجرمي حرب”، ما يعد سابقة في التعامل الدولي مع كيان الاحتلال منذ نشأته، وكذلك التصادم الرسمي بين إسرائيل ومنظمة الأمم المتحدة والتي اتهمت الاحتلال بارتكاب جرائم ضد الإنسانية واستهداف المدنيين، إلا أن أهم مظاهر التصعيد الدولي ضد الاحتلال هو ما صدر عن المحكمة الجنائية الدولية منذ أيام من إصدار مذكرة اعتقال لكل من نتنياهو وغالانت.
صدمة الاحتلال ومن خلفها الإدارة الأمريكية من صدور مثل هذا الحكم، لم تكن أكبر مما تبعها من تجاوب العديد من الدول بشكل إيجابي معه، ما يعطي مؤشرًا واضحًا على أن كيان الاحتلال صار منبوذًا للدرجة التي دفعت هذه الدول للمبادرة بالقول إنها لن تتوانى في اعتقال قادة الاحتلال المطلوبين دوليًّا.
وتعليقًا على ذلك قال الكاتب الصحفي ديفيد هيرست في مقال له، على موقع “ميدل إيست آي”: “إن من شأن مذكرات التوقيف أن تضيق الخناق حول رقبة “إسرائيل” من قبل الرأي العام ومن قبل القانون الدولي، وذلك من شأنه بكل تأكيد أن يزيد في عزلتها العالمية، مشددًا على أنه “يجب على الولايات المتحدة أن تنأى بنفسها عن إسرائيل التي تزداد سمية”.
القرارات الدولية رغم أهميتها إلا أنها تبدو نتاجًا لغضب جماهيري تجاوز الأقطار والحدود واللغات والأعراق.. غضب انطلق من اليوم الأول للحرب على غزة، ولم يتوقف حتى اليوم، وكلما اتسع نطاقه، ضاقت الأرض بكيان الاحتلال وداعميه، حتى إن الإدارة الأمريكية والأنظمة الغربية التي ساندت الاحتلال، صارت تحصد من الكراهية الشعبية ما غرسته طوال شهور الحرب، وليس بعيدًا عن ذلك خسارة الحزب الديمقراطي الحاكم للولايات المتحدة الأمريكية مقعد الرئاسة وجُل مقاعد مجلسي النواب والشيوخ، بسبب صدارة إدارة بايدن في إدارة الحرب مع الاحتلال، ما اعتبره المراقبون “تصويتًا عقابيًّا” ضد بايدن جزاء مساندتهم لتلك الجرائم.
وقد أثبتت الأحداث مؤخرًا أن إسرائيل صارت تعاني من مخاوف حصاد جرائمها في الكثير من الدول الداعمة لها بشكل مباشر أو غير مباشر؛ حيث استهدف نشطاء “حركة فلسطين” مقر مجموعة “PHS” في جنوب لندن، وقاموا برشّ الطلاء الأحمر على المبنى احتجاجًا على تعاون المجموعة مع شركة “إلبيت” الإسرائيلية، وهي إحدى أكبر شركات إنتاج الأسلحة لصالح الاحتلال في المملكة المتحدة. وأكد الناشطون عزمهم على مواصلة استهداف الشركات البريطانية الداعمة للصناعة العسكرية الإسرائيلية.
وفي هولندا، قامت منظمات مؤيدة لفلسطين بمقاضاة الحكومة الهولندية بتهمة تعاونها مع الاحتلال الإسرائيلي في عدوانه على قطاع غزة، أما في ماليزيا فإن حركة المقاطعة للبضائع الإسرائيلية نجحت في تكبيد شركة ستاربكس الداعمة لإسرائيل، خسائر بلغت 7.1 مليون دولار أمريكي، بينما أغلقت سلسلة كارفور كافة فروعها في الأردن بعد نجاح حملات المقاطعة ضدها.
14 شهرًا من الحصار الإسرائيلي المطبق على قطاع غزة، لتحويلها إلى مدينة غير قابلة للحياة، وبهدف تهجير أهلها إلى خارجها، بينما مانت النتيجة أن غزة الجريحة المحاصَرة، جعلت من الاحتلال كيانًا منبوذًا حيثما تواجد، وألصقت صفة “الإجرام” بكل من يتعاون معه، ما دفع العديد من الدول إلى التراجع خطوات في دعمها لإسرائيل، وهكذا التفت حبال الحصار حول عُنق من أمسك بها لخنق غزة، فصارت إسرائيل هي المحاصَرة، لا يأمن المنتسبون إليها الإعلان عن أنفسهم خشية ما يمكن أن يلقوه من غضبٍ لم يعد قاصرًا على بلد دون آخر.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

هكذا تُموّل الامارات آلة الحرب الإسرائيلية على الفلسطينيين

 

الثورة نت/..

تشهد تجارة الألماس بين دولة الإمارات وإسرائيل انتعاشا كبيرا والتي تساهم بنحو مليار دولار سنويا في وزارة الجيش الإسرائيلي وهو ما يسام هم في تمويل آلة الحرب الإسرائيلية على الفلسطينيين.

وفي الوقت الذي لا تزال فيه غزة ترزح تحت القصف الإسرائيلي المتواصل، وتُسجل أعداد الشهداء من المدنيين أرقاماً مفجعة، تنشط خلف الكواليس شبكة علاقات تجارية تموّل بشكل مباشر وغير مباشر آلة الحرب الإسرائيلية والمستوطنات في الضفة الغربية.

وأبرز موقع (UAE71) المعارض، أن من بين هذه العلاقات، تبرز “تجارة الألماس” بين أبوظبي وإسرائيل، التي تمثل إحدى أبرز صور “التطبيع الاقتصادي المُربح” الذي يضخ مليارات الدولارات في خزينة الاحتلال، في وقت يعاني فيه قطاع غزة، وفلسطين عموماً، من حصار ودمار شامل.

ولطالما كان الألماس عنصراً رئيسياً في الاقتصاد الإسرائيلي، وتُشكّل تجارته جزءاً هاماً من اقتصاد اليهود تاريخياً، وتضاعف عقب احتلال فلسطين عام 1948. وتعد دولة الاحتلال لاعباً مهماً في إنتاج قطع الألماس بالجُملة، ولديه بورصة رئيسية لتجارته في مدينة رامات غان، والتي تعد مركزاً تجارياً عالمياً، وواحدة من أكبر بورصات الألماس وأكثرها نفوذاً في العالم.

ومثّلت تجارة الألماس إحدى أهم النقاط التي شكلت حلقة وصل بين أبوظبي والاحتلال الإسرائيلي، حيث شكلت خلال سنوات التطبيع الأولى أكثر من ثلثي إجمالي حجم التبادل التجاري، وتزايدت بشكل ملحوظ بتسهيل إماراتي كبير.

وارتفعت تجارة الإمارات من الألماس الخام خلال عامين ونصف فقط من توقيع اتفاقية التطبيع بنسبة 72٪، والألماس المصقولة بنسبة 50٪، حيث كان التطبيع أحد العوامل الرئيسية لهذا الارتفاع.

وتشير التقارير إلى أن تجارة الألماس بين أبوظبي والاحتلال الإسرائيلي ليست حديثة عهد تولّدت خلال السنوات الأخيرة، بل تنامت بشكل سري على مدى عقدين من الزمان قبل إعلان اتفاق التطبيع في سبتمبر 2020، حيث يقف وراء ذلك التواصل السري أحمد بن سليم، المدير التنفيذي لمركز دبي للسلع المتعددة، والرئيس التنفيذي لبورصة دبي للألماس، كما تفيد وسائل الإعلام العبرية.

وقبل التطبيع، كانت شركات الألماس الإسرائيلية تضطر إلى اتباع طرق غير مباشرة (مثل أوروبا أو آسيا) لتوصيله إلى الإمارات، لكن اتفاقية التطبيع فتحت الباب أمام الشحنات المباشرة من الألماس الخام والمصقول، مما قلل التكاليف والوقت على تجار الألماس الإسرائيليين.

إضافة إلى ذلك، أدت اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين أبوظبي والاحتلال الإسرائيلي، التي تم التوقيع عليها في مايو 2022، ودخلت حيز التنفيذ في أبريل 2023، إلى إلغاء الرسوم الجمركية على الألماس، لتجعل من أبوظبي من نفسها مركزاً لتسهيل عبوره إلى دولة الاحتلال.

عقب توقيع اتفاقية التطبيع، لم تتأخر أبوظبي كثيراً في إخراج تجارة الألماس مع الاحتلال إلى العلن، فقد وقعت اتفاقية لتعزيز التجارة بين بورصة الألماس الإسرائيلية وبورصة دبي للألماس، في 17 سبتمبر 2020، بعد يومين فقط من توقيع اتفاقية التطبيع.

وفي إطار هذه الاتفاقية، افتتحت بورصة دبي مكتبها في رامات غان في العام نفسه، بينما افتتحت بورصة الألماس الإسرائيلية مكتبها في دبي في فبراير 2022 وأعلن رسمياً عنه بحلول نهاية العام، لتصبح الإمارات بذلك بوابة رئيسية لتوريد الألماس الخام إلى “إسرائيل”، ومنفذاً إستراتيجياً لإدارة الألماس القادم من أفريقيا، بعيداً عن الرقابة الدولية.

عزز ذلك مكانة إسرائيل كواحدة من أكبر مراكز صناعة الألماس في العالم؛ ما ساهم بشكل مباشر في دعم الاقتصاد الإسرائيلي، إذ تُعتبر تجارة الألماس من المصادر الرئيسية للموارد المالية التي تُموَّل منها المؤسسات الحكومية الإسرائيلية، بما فيها المؤسسة العسكرية التي تفتك الأسلحة بأرواح الأطفال والنساء والرجال الفلسطينيين.

وحتى نهاية 2022، كانت هناك ٧٨ شركة إسرائيلية تتواجد في مركز دبي للسلع المتعددة، ثلثها يعمل في مجال الألماس، بحسب تصريحات رئيس بورصة دبي للألماس أحمد بن سليم، الذي كشف أنه ظل يتردد على إسرائيل منذ عام 2001 لتعزيز تجارة الألماس.

وفي ظل استمرار العدوان على غزة، تبدو تجارة الألماس بين أبوظبي والاحتلال أكثر من مجرد تجارة أحجار ثمينة، بل تُمثل نموذجاً واضحاً حول كيف يمكن أن تُستخدم العلاقات الاقتصادية في تغذية القتل وتمويل آلته.

وتُظهر البيانات المتاحة أن تجارة الألماس بين الجانبين ليست رمزية، بل ذات طابع استراتيجي؛ ففي عام 2021، صدّرت دولة الاحتلال ما قيمته 188 مليون دولار من الألماس الخام إلى الإمارات، بينما استوردت منها ما قيمته 244 مليون دولار، وهو ما يمثل 11.8% من إجمالي وارداتها من الماس الخام في ذلك العام.

أما في عام 2022، بلغت قيمة تجارة الألماس بين الجانبين 1.75 مليار دولار، بنسبة ارتفاع بلغت 163% عن العام السابق 2021، وفقا لإحصائيات أصدرها مركز دبي للسلع المتعددة.

ورغم انخفاض حجم تجارة الألماس الخام في إسرائيل عام 2023، إلا أن إحصائية إسرائيلية كشفت أن تجارة الألماس مع الإمارات خلال نفس العام كانت تمثل 27٪ من إجمالي واردات وصادرات الاحتلال الإسرائيلي.

وفي مارس 2024 لوحده، وفي خضم الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والمقاطعة الاقتصادية الشديدة التي تلقاها الاحتلال الإسرائيلي، استوردت تل أبيب من الإمارات الماس خام بقيمة 57 مليون دولار، ما يُمثل 51% من وارداتها لذلك الشهر فقط، في الوقت الذي استوردت الإمارات ما قيمته 20 مليون دولار من الألماس الخام، يمثل 19% من الصادرات الإسرائيلية.

ويذهب جزء من الألماس الذي تستورده دولة الاحتلال الإسرائيلي إلى المؤسسة العسكرية للتصنيع العسكري، في حين يتم إعادة تصدير الجزء الآخر بعد قطعه وصقله في مراكز متخصصة في تجارة أهم الأحجار في العالم.

وتساهم صناعة الألماس بنحو مليار دولار سنويا في وزارة الجيش الإسرائيلية، مما يجعلها مصدرا ضخما لتمويل عمليات الاحتلال الوحشية في الأراضي الفلسطينية.

وتشير التقارير إلى أن نسبة كبيرة من المشاركين في هذه التجارة هم من الجنرالات السابقين في الجيش الإسرائيلي، وعملاء الموساد الذين انتقلوا إلى تجارة الأسلحة، واستخدموا أرباحهم لدعم الآلة العسكرية التدميرية للاحتلال، وتمويل بناء المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية.

من بين هؤلاء بواز مولداوسكي رئيس بورصة الألماس الإسرائيلية الذي خدم كضابط في سلاح الجو الإسرائيلي، وافتتح المكتب في دبي عام 2022، وتفاخرت به مجلة “نيو جولري” الإماراتية الناطقة بالإنجليزية.

كما يبرز اسم الملياردير الإسرائيلي، وقطب الألماس البارز، ليف ليفيف، وهو مالك شركة “أفريقيا إسرائيل” للاستثمارات وشركتها التابعة دانيا سيبوس، المتورطتان في بناء مشاريع داخل المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية.

وقد أثار تورط شركات ليفيف في بناء المستوطنات انتقاداتٍ وتحركاتٍ دولية. على سبيل المثال، في عام 2008، ألغت الحكومة البريطانية خططاً لنقل سفارتها إلى مبنى تملكه شركة “أفريقيا إسرائيل” بسبب أنشطة الشركة الاستيطانية.

ورداً على هذه الأنشطة، نظمت جماعات مناصرة للقضية الفلسطينية حملاتٍ تحث على مقاطعة أعمال ليفيف، ما أدى إلى نأي العديد من المنظمات والشخصيات العامة بنفسها عنه؛ فعلى سبيل المثال رفضت منظمتا اليونيسف وأوكسفام علناً تبرعات ليفيف، بسبب مخاوف بشأن دور شركاته في بناء المستوطنات.

لذلك لا يقتصر أثر الألماس الإماراتي على الاقتصاد الإسرائيلي فحسب، بل إنه يُعيد تشكيل منظومة “التطبيع الاقتصادي غير المشروط”، التي تمنح إسرائيل المزيد من الموارد دون أي التزام بتغيير سياساته تجاه الفلسطينيين، فرغم وعود أبوظبي بوقف الاستيطان والعمل على إقامة دولة فلسطينية، إلا أن اتفاقيات التطبيع مع تل أبيب لا تتضمّن أي بنود تحفظ حقوق الفلسطينيين.

وفي الوقت الذي يعاني فيه الشعب الفلسطيني من الحصار والعدوان المستمر، تستمر هذه الشراكات الاقتصادية في تأمين إيرادات ضخمة للاحتلال، مما يساهم في تمويل الحروب ضد الفلسطينيين وزيادة معدلات العنف والدمار في الأراضي المحتلة.

والألماس الذي يتلألأ في متاجر تل أبيب هو في الحقيقة ليس مجرد زينة فاخرة يتسابق إليها الأثرياء، بل جزءاً من منظومة اقتصادية تغذّي آلة عسكرية لا تتوقف عن سحق جماجم الأطفال العرب في فلسطين.

وفي الوقت الذي تُحاصر فيه غزة، ويُقصف فيها كل شيء دون استثناء، تتدفق مليارات الدولارات في قطاع الألماس إلى خزائن الاحتلال، وتُضخ في ميزانيات تصنع القنابل والطائرات التي تفتك بأجساد الفلسطينيين.

مقالات مشابهة

  • أهم التهديدات التي تواجه الأمن القومي المصري.. ندوة بجامعة الملك سلمان الدولية
  • لبنان.. العفو الدولية تتهم إسرائيل بشن هجمات عشوائية على المدنيين
  • هل تفلح الضغوط الدولية على إسرائيل في إدخال المساعدات لغزة؟
  • الاحتلال الإسرائيلي يستهدف مدرسة يافا التي تؤوي نازحين بحي التفاح
  • الدفاع المدني بغزة: حجم الغارات الإسرائيلية يفوق قدرتنا على الإغاثة
  • قادة وكالات الفضاء العربية يجتمعون في القاهرة لرسم خارطة الطريق 2025
  • الصين تتوعد الدول التي تسير على خطى أمريكا لعزل بكين
  • رزق:الأطراف الدولية مسؤولة عن إنهاء التطرف الإسرائيلي
  • هكذا تُموّل الامارات آلة الحرب الإسرائيلية على الفلسطينيين
  • مؤتمر لندن.. ما هي مجموعة الاتصال الدولية التي أراد تشكيلها