التوريش والتنمية السياسية المستقلة
تاريخ النشر: 28th, November 2024 GMT
لا أفهم ضرورة هذه الإجتماعات والورش التي لا تنقطع لنفس منتدي الجماعة السياسية في أكثر عواصم أوروبا غلاء في الأسعار.
مصدر حيرتي هو أن هذه الحرب تدور بين جيش وجنجويد قرار الحرب والسلم بيدهما والقوي السياسية المستورشة فقدت الشارع ولا تاثير لها علي وقوف الحرب من إستمرارها.
الحوار من أجل السلام أجدي حين يكون بين ممثلي الطرفين المحاربين أو من ينوب عنهما بالتفويض الواضح.
ثانيا، معظم المشاركين في هذه الإجتماعات والورش – التي يتم فيها إعادة تدوير كليهشيهات أبدية ملها الشعب حد السقم – يقيمون في دول الجوار العربي والأفريقي لذا لا أفهم عقدها في مدن أروبية فاحشة الغلاء. من يدفع ولماذا؟
يبدو أن الغرض من هذه هذه الإجتماعات والورش ليس بالضبط أو فقط السعي لايقاف الحرب كهدف وحيد. أهم من ذلك الهدف هو ترتيب توزيع السلطة في فترة ما بعد الحرب بما يضمن تمثيل جيد للمجموعات السودانية الصديقة للجهات الممولة.
وفي هذا إعادة لمشهد ٢٠١٨، حيث أقيمت العديد من الورش، أشهرها رباعية شاتم هاوس، والتي لم تساهم في إسقاط نظام البشير ولا بصفر ولكنها نجحت في تصميم هندسة الفترة الإنتقالية وإختيار توجه السياسية الخارجية والإقتصادية اللاحق والشخصيات التي ستتولى أهم المناصب بما يضمن تنفيذ التوجه.
أحيانا بحسن نية واحيانا بغيرها، لعب المال الغربي دورا حاسما في إفساد التطور السياسي السوداني إذ انصرفت قطاعات هامة من الطبقة المتعلمة من النضال المتجرد للأجيال السابقة، أخطا أو أصاب، وتحولت إلي مطاردة التمويل الغربي باسم منظمات المجتمع المدني وما شابه.
ومن طارد التمويل تغني بما يطرب صاحب المال كما يفهمه ولا يحتاج إلي أوامر ما يطلبه المانحون إذ أن أولوياتهم معروفة. وايضا يتجنب مطارد المال الأراء التي يعتقد أنها لا تسلي صاحب الجزلان حتي لا يتم عزله من التمويل والدعوات لسفر الورش الذي يرفع البرستيج ويوفر النثريات والترفيه السياحي في وقت عزت فيه فيزات السفر إلي أقل الدول شأنا دع عنك دول الاستكبار.
عبر هذه الميكانزيمات وغيرها تموقعت،في مفاصل إستراتيجية، منظمات أجنبية صاحبة أجندة مشبوهة أو في أحسن الأحوال حسنة النية لكن يتميز فهمها لتعقيدات المشهد السوداني بضعف بائن وضحالة لا يمكن التغطية عليها.
يقود هذا القصور المعرفي إلي مواقف تضر وتلعب دورا حاسما في تحديد الأفراد والجماعات التي يسمح لها بتمثيل الصوت المدني وفي عزل جماعات واصوات منافسة. وفي هذا إستعمار، مقصود أو غير مقصود. النتيجة واحدة وهي الوصايا الأجنبية بفرز الممنوعين والمسموح لهم بتمثيل الشعب المدني.
بقولي هذا لا أهدف إلي توزيع إدعانات أو إتهامات بقدر ما أقصد إضاءة بروز واقع مالي موضوعي شديد التاثير إن لم نستطع صرفه علي الأقل يجب أن نفهم دوره في تشويه التنمية السياسية وانحراف الفكر الوطني وان نستصحب تداعياته في التحليل والتقييم والتموقع من أجل تنمية سياسية مستقلة.
معتصم أقرع
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
المستقبل يهيئ مطرقة العمل للعودة السياسية
كتب مجد بو مجاهد في" النهار": كانت الأيام التي قضاها الرئيس سعد الحريري في بيروت إحياءً للذكرى العشرين لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري، كفيلة بوضع بعض النقاط المحدودة على الخريطة التحضيرية لسلوك درب الرجوع عن تعليق العمل السياسيّ.
الحال أنّ دخول مضمار السياسة بمعناها المتعارف عليه لن يكون صَوْلة واحدة، إنما سيحاول "تيار المستقبل" الانسجام التدريجيّ مع مدّ المجريات اللبنانية وجزرها رغم استقرار رئيس "التيار الأزرق" خارج لبنان. ولكن، أي تدابير
تنسيقية يمكن أن يتخذها "المستقبل" مع القوى السياسية في فترة وجود الحريري خارج لبنان؟ وماذا عن مطرقة العمل المهيِّئ للرجوع السياسيّ؟
ثمّة دلالة لحضور النائبة السابقة بهية الحريري الاجتماعات السياسية التي عقدت في "بيت الوسط"، مع تأكيد المعطيات البحث بجديّة في إمكان تولّيها إدارة العمل التنفيذيّ والتنسيقيّ على الأرض في "تيار المستقبل" خلال المرحلة الانتقالية التحضيرية التدريجية نحو مزاولة السياسة تحت سقف رئيس "التيار الأزرق" وفي كنف مرجعيته. وإذ تحدّث الحريري عن صيغة جديدة ستُتّبع، فإنّ "المستقبل" سيعلن في الوقت الذي يراه مناسباً كيفية متابعة الاجتماعات
مباشرة ضمن تلك المنهجية أثناء وجود رئيس "المستقبل" خارج لبنان، وسبل حيازة "مطرقة العمل" داخليّاً والتواصل مع المرجعيات.
الاحتمالات على الطاولة، لكنّ حظوظ السيدة بهية الحريري تبقى الأكثر تقدّماً، والقرار النهائي سيعلن للرأي العام عند اتخاذه، فيحدّد الصيغة التي كان تحدّث عنها سعد الحريري في خطابه. وكذلك، سيكلّف رئيس "المستقبل" شخصيات للاضطلاع بمهمات داخل لبنان.
في معطيات لـ"النهار"، يتهيّأ "تيار المستقبل" لخوض الاستحقاقات الآتية بدءاً من الانتخابات البلدية، وسيتعامل مباشرةً مع ثلاث مدن رئيسية هي بيروت وصيدا وطرابلس، ويهتمّ بإبقاء المناصفة بين المسلمين والمسيحيين في المقاعد البلدية ضمن بيروت. ويترك القرار للعائلات في القرى والمناطق التي يغلب عليها الطابع المجتمعي لا السياسي. ويتوق إلى الانخراط في المعادلة الوطنية، على أن تكون الانتخابات النيابية اللاحقة محطة يستطلعها في ميزان العمل السياسيّ. ويدعم عهد الرئيس جوزف عون وخطاب قسمه على أنه يمثّل "المستقبل"، مع حضه اللبنانيين على دعم الحكومة أيضاً. ولن تكون هذه المرة الأولى يتابع الحريري تطورات الحياة السياسية من خارج لبنان، على أن يجري التعامل مع الاستحقاقات اللبنانية ضمن مرجعيته.
في المحصلة، يحضّر "المستقبل" لأسلوب آخر بعد سنوات من تعليق العمل السياسي، لإعادة شدّ العصب الشعبيّ حتى يكون على جهوزية للاستحقاقات.
غالبية الاجتماعات التي عقدها الحريري في لبنان، لم تأتِ على ذكر التنسيق السياسيّ مع الأحزاب. استنتج بعض الأفرقاء أنّه سيوكل إلى بهية الحريري استحقاق الانتخابات البلدية. وثمة انطباعات فحواها أنّ المعطى الاقليميّ لم ينضج لتسهيل رجوع رئيس "التيار الأزرق" كلّياً بالشكل السابق إلى الحياة السياسية. ولقد أكّدت اللقاءات مع حلفاء من مرحلة "انتفاضة الاستقلال" علاقة جيّدة وانتفاء الشوائب وانقسامات السنوات الأخيرة التي سبقت تعليق العمل السياسي، بما لا يمنع إمكان التعاون حالياً مع "تيار المستقبل" المهتمّ بالتركيز على بعض القضايا الإصلاحية، وسط تجانس مع القوى السيادية لناحية أولوية حصر السلاح وضمان الاستقرار.
في استنتاج حلفاء، العدّة تتحضر لمزاولة "المستقبل" السياسة ضمن مجالات محدودة، على أن يتضح إمكان التعاون مع أحزاب في استحقاقات لاحقة بعد أن يُستكمل التنسيق بادئ ذي بدء بين المسؤولين داخل "المستقبل" قبل انتقاله إلى القوى السياسية.