لم يوفق الكثيرون ممن سارعوا إلى الانتقاد ونشر كل ما هو سلبي عن خريف ظفار هذا الموسم، وحرصوا على تسجيل ونشر كل موقف سلبي تعرضوا له وبأقصى سرعة، دون مراعاة الأبعاد التي قد يسببها هذا الانتقاد، خاصة في ظل تنافس الدول حول العالم في الترويج السياحي واستقطاب السياح؛ نظرا لأهمية السياحة في رفد اقتصاد البلدان وإنعاشه، وتنمية المؤسسات والمشروعات بكافة مستوياتها.
وكان من المأمول أن يمارس الجميع، خاصة (المواطنين) أقصى درجات الحرص، والعمل على نقل المشهد الجميل والوجه المشرق لموسم الخريف، لا أن يسارع للنقد غير (البناء)، حيث شهد موسم الخريف هذا العام منذ بدايته سيلا من النقد والسلبية، وصل ببعض الأشخاص إلى التسابق في نشر أي موقف سلبي يتعرض له بأسرع وقت.
وإذا ما عددنا أن الانتقاد من باب ـ الحرص ـ على التطوير، إلا أنه لا يكون بتلك الطريقة التي عجت بها وسائل التواصل، فهذا موسم في منطقة محدودة مكانيا، يتوافد عليها آلاف الأشخاص في مدة زمنية محدودة أيضا، وظهور بعض الجوانب السلبية وارد دائما، ولا ينبغي أن تحسب بالضرورة ( تقصيرا)، بقدر ما هي تصرفات شخصية أحيانا ولا يمكن بأي حال من الأحوال تعميمها على موسم بأكمله؛ لذلك في مثل هذه المواسم السياحية المحدودة زمنيا ومكانيا، لن يحصل فيها كل شخص منا على كل ما يلبي رغبته أو يلائم ميوله وتوجهه، فهناك متسع من الفسحة المكانية والزمانية قد تلائمك وتتناسب مع ذوقك، وفي ظرف آخر لا تصل لمستوى ما تتمناه، ولكن يبقى التطوير من موسم إلى آخر هو الحاضر دائما، ولا يمكن إنكار ذلك.
لم أزر خريف هذا الموسم، إلا أنني حرصت على الاستماع إلى الكثيرين ممن زاروه، والغالبية تجمع أنهم قضوا أوقاتا ممتعة في أجواء خريفية وصفوها بأنها (لا تفوت)، ذاكرين جوانب مضيئة في هذا الموسم الاستثنائي الذي حبا الله به بلادنا العزيزة، فقد انصب حديثهم عن جمال الطبيعة والجهود التي تبذل من الجهات المعنية في مكافحة البعوض والحرص على نظافة الأماكن السياحية، ومراقبة الأسعار وغيرها من الخدمات المقدمة للزوار على طول الطريق المؤدي إلى محافظة ظفار، وصولا إلى أحيائها وطرقها ومرافقها، وكافة الأماكن السياحية والأسواق والمؤسسات الفندقية، وتسخير المؤسسات الصحية لتقديم الرعاية الصحية والعلاجية للجميع، والحرص على سلامة الزوار عبر منظومة أمنية تسهر على راحة الجميع وأمنهم.
ولا يخفى أن البعض تحدثوا عن جوانب بحاجة إلى إعادة تنظيم مثل: عشوائية الإيجارات والمكاتب العقارية في عملية الحجوزات، مطالبين بتنظيم هذا القطاع، كما تحدث بعضهم عن الزحمة الخانقة، ولكن كانت القناعة حاضرة في حديث الجميع بأن الموسم السياحي شهد تطورا قياسا بالمواسم السابقة، وأن استمتاعهم بالخريف لم يعكر صفوها بعض الجوانب البسيطة التي يمكن معالجتها مستقبلا.
إن الإفراط في النقد، لا يفضي إلى حلول، خاصة إذا كان النقد لمجرد النقد، أو لتسجيل حضور وسط مساحات شاسعة في عالم افتراضي شاسع، يروج لنشر السلبية والوجه المغاير للحقيقة أكثر مما يظهر الجانب الإيجابي والمشرق.
كما أن المؤسسات المعنية بالتطوير والعمل الميداني في موسم الخريف مشرعة أبوابها ومواقعها للجميع لتقديم مقترحاتهم وآرائهم وأفكارهم، وقد سجل المعنيون والمسؤولون حضورهم ووجودهم في الميدان وقاموا بخطوات فورية لمعالجة العديد من الجوانب، ووضعوا في خططهم معالجة جوانب عديدة تحتاج إلى مساحة زمنية ولا يمكن حلها آنيا، وهنا كان الأجدر بمن يطمح للتطوير أن يقدم مقترحاته وأفكاره وما يراه من جوانب سلبية بالطريقة التي تضمن الهدف وتؤكد الغاية.
يتفق الجميع على أن السياحة (سمعة)، وكلما عمت السمعة الطيبة وطغت الجوانب الإيجابية على السلبية كان المردود السياحي أفضل، وفي سلطنة عمان لدينا إمكانات هائلة تدعم السياحة وترتقي بها، والتطور السياحي يمضي بشكل متقدم، ولكن تبقى الثقافة المجتمعية الحريصة على هذه السمعة عنصرا مهما في منظومة تكوين هذا الجذب السياحي، وبمصداقية وواقعية.
كما أن كل فرد في المجتمع من الضروري أن يكون حريصا على سمعة بلده ووطنه وكل ما قد يمسه، بما في ذلك المواسم السياحية التي تسعى الحكومة إلى النهوض بها، وإذا كان موسم الخريف قد مر هذا العام بكل ألق وجمال وتطور، فإن العام المقبل سيشهد المزيد من التطوير والتنظيم وهذا هو الواقع في صيرورة نهضة بلادنا العزيزة، بمضيها وتقدمها نحو الأمام بخطى واثقة وواقعية؛ لذلك من الضروري أن نكون أكثر حرصا على سمعة سياحتنا ومواسمنا السياحية، ومراعاة الأبعاد من نشر السلبية المفرطة، وذلك كله من أجل وطن نسعى فيه معا إلى تحقيق المزيد من التقدم والتطور.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: موسم الخریف
إقرأ أيضاً:
وزير التراث العماني: مصر تمتلك تجربة ملهمة بالقطاع السياحي
أكد وزير التراث والسياحة العماني سالم بن محمد المحروقي أن مصر تمتلك تجربة ملهمة ومهمة في القطاع السياحي، نظرا لما تمتلكه من مقومات سياحية وطبيعية، لافتا إلى أن سلطنة عمان تسعى إلى الاستفادة من التجربة المصرية، وخاصة في مجال حماية التراث المغمور بالمياه.
جاء ذلك خلال لقاء الوزير العماني مع عدد من الإعلاميين المصريين والعرب والأجانب على هامش الزيارة التي نظمتها وزارة الإعلام العمانية تزامناً مع الذكرى الخامسة لتولي السلطان هيثم بن طارق مقاليد الحكم في السلطنة.
وقال الوزير العماني إن المشروعات التي تنفذها مصر في المجال السياحي تعتبر مشروعات ذات أهمية كبيرة في المجال السياحي، وتعد نبراسا لشقيقاتها من الدول العربية للاستلهام منها ونقلها بما يعود بالنفع على الجميع، مشيرا في هذا الصدد إلى أن المتحف المصري الكبير يعد إضافة قوية في الجانب السياحي ليس لمصر فقط وإنما للعالم العربي بشكل عام.
وأضاف المحروقي أن قطاع السياحة يعد من القطاعات التي ينظر إليها ويعتمد عليه كمقوم اقتصادي، إذ يمتلك هذا القطاع في سلطنة عمان مقومات عديدة للغاية وإمكانيات كبيرة، كما أنه يساعد بشكل أساسي في توفير فرص العمل وإبراز المحتوى المحلي وتحقيق مستهدفات الاستدامة المتفق عليها على المستويين الوطني والدولي.
وسلط الضوء على طموحات بلاده الكبيرة في هذا القطاع، منوها بأنه تم خلال الفترة الماضية إنجاز العديد من الخطوات لاسيما في مرحلة ما بعد التعافي من جائحة كورونا التي ضربت العالم وأثرت على العديد من القطاعات، وعلى رأسها السياحة.
وذكر أن سلطنة عمان استطاعت الوصول إلى معدلات إعادة النمو بشكل ملحوظ، موضحا أن منطقة الشرق الأوسط أصبحت منطقة جاذبة ومقوماتها متعددة وفي وضع منافس لبقية المناطق والوجهات السياحية العالمية التقليدية لحجم الاستثمارات التي تتم في المنطقة.
وتابع وزير التراث والسياحة العماني أن بلاده تتميز بموقع جغرافي يعتبر هبة من الله، فهناك تنوع في التضاريس والأجواء، وبالتالي فإن السائح العربي والأجنبي أصبح يضع سلطنة عمان على قائمة أولوياته.
واستطرد قائلا: نعمل وفق أولويات عديدة على المستوى الوطني ونعمل على جذب الاستثمارات الخارجية والترويج من خلال أسواق تقليدية نستطيع من خلالها الانطلاق إلى أسواق غير تقليدية مثل أمريكا اللاتينية والولايات المتحدة ونيوزيلندا وأستراليا، وهناك مجموعة مبادرات يجري دراستها في الوقت الحالي.
ولفت إلى أنه تم خلال السنوات الماضية إنجاز العديد من المشروعات في المجال السياحي، حيث تم إنشاء ما يقارب من الألف منشأة فندقية، وهناك برنامج طموح في هذا المسار، منوها بأن هناك حرصا على توظيف وتطبيق أفضل الممارسات العالمية في مجال إدارة هذا القطاع، وذلك من خلال الحفاظ على البيئة الطبيعية.
وذكر أنه خلال العام الماضي بلغ مستوى السياحة المحلية ما يقارب الـ16 مليون سائح، فيما بلغ التدفق السياحي من الخارج الأربعة ملايين سائح، مشيرا إلى أن تأثيرات الوضع الإقليمي الراهن وما يجري في فلسطين كان له تداعياته وتأثيراته على القطاع السياحي.
وقال الوزير العماني إن بلاده تسعى إلى تحقيق قيمة مضافة من خلال قطاع السياحة اعتمادا على مواردها الطبيعية واستنادا إلى إمكانياتها الطبيعية المتعلقة بالجغرافيا والتضاريس ما يؤهلها لأن تكون وجهة مفضلة لسياحة المغامرات، موضحا أن بلاده حققت خطوات جيدة في هذا المجال من خلال تطبيق المبادئ التوجيهية لإدارة سياحة المغامرات مثل تسلق الجبال والطيران وركوب البحر والصحراء.
وأضاف أن وزارة التراث والسياحة قامت وفقا لخطة العمل بتطوير سياحة المغامرات وتركزت على وضع التصورات الخاصة بإدارة المخاطر والسلامة في ممارسة أنشطة سياحة المغامرات بهدف توفير متطلبات الأمن والسلامة للعاملين والمشاركين في ممارسة أنشطة المغامرات من خلال إعداد إطار قانوني وتنظيمي لنشاط سياحة المغامرات بالسلطنة بما يكفل تطبيق أنظمة ومعايير الأمن والسلامة من قبل مزاولي هذا النوع من الأنشطة السياحية والاستفادة من التجربة والنموذج النيوزيلندي في تنظيم وإدارة نشاط سياحة المغامرات التي تعتبر أحد أفضل النماذج في تطبيق معايير الأمن والسلامة في أنشطة سياحة المغامرات.
وأوضح أنه من أجل تحقيق تلك الأهداف، ركز برنامج تطوير سياحة المغامرات على تطوير عدة عناصر رئيسية هي الإطار التشريعي والتنظيمي من وثائق ومستندات لأنشطة المغامرة وتطبيق مفهوم التدقيق للأمن والسلامة وإيجاد البرامج التدريبية على أنشطة المغامرات بما فيها الإنقاذ والإسعاف والتوعية بمتطلبات الأمن والسلامة أثناء ممارسة أنشطة المغامرات وتشجيع المشروعات المرتبطة بأنشطة سياحة المغامرات، وشدد على أن الوزارة تسعى إلى تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في مشروعات سياحة المغامرات بمختلف أنواعها.
وأشار إلى أهمية توجيه الاستثمارات لبناء وجهات سياحية وتجارب يجني ثمارها الجميع وبناء ورفع القدرات على تبني وتنفيذ السياسات والممارسات الداعمة للمحتوى المحلي وتحقيق أهداف الاستدامة لاسيما في مجال التغير المناخي والمشاركة المجتمعية ودعم المنتجات الوطنية وإيجاد فرص العمل بما يضمن تعزيز النمو الشامل وتحقيق التكامل الاقتصادي والاجتماعي والثقافي على مختلف المستويات.
وأوضح أن العمل على معالجة التحديات التي تواجه قطاع السياحة يتطلب حلولًا تكاملية مستدامة، مضيفاً أن هذه الحلول تخدم التطلعات المشتركة نحو تعزيز السياحة كمحرك للتنمية الاقتصادية وتعزيز مكانة المنطقة في خارطة السياحة العالمية، وأكد أهمية العمل السياحي المشترك بين بلاده والدول العربية والأجنبية وذلك بتنظيم باقات سياحية مشتركة للدول المتقاربة جغرافيا.
اقرأ أيضاًوزير السياحة: حريصون على تدريب ورفع كفاءة العنصر البشري بالقطاع السياحي
رئيس الوزراء يؤكد ضرورة العمل على تذليل التحديات التي تواجه القطاع السياحي
شروط الاستفادة من مبادرة دعم القطاع السياحي بـ 50 مليار جنيه