100 عام على استشهاد الماظ
تاريخ النشر: 27th, November 2024 GMT
1924_2025 قوة دفاع السودان
كل السلاح إلى جراب الدولة
ياسر عرمان
لأن عبد الفضيل الماظ كحل على رمش الوطن، فلنحتفي اليوم بمرور 100 عام على استشاهده الباسل في ضحوة الجمعة 28 نوفمبر 1924 في موقع مستشفى العيون حالياً، بعد أن خاض معركة النهر الثانية كما أسميها، ففي يومي الخميس والجمعة 27 _28 نوفمبر كان الماظ ابن 28 عاماً في وهج الشباب برتبة ملازم أول وهو يقود قوة من الضباط وضباط الصف والجنود السودانيين الأخيار والأحرار معاً، ويوقع أكبر خسائر لحقت بالإنجليز منذ معركة كرري.
عبد الفضيل الماظ سليمان عيسى من جهة الأب ينحدر من النوير، ومن جهة الأم من المورو والماظ سيد شهداء السودانوية ورأس مال معنوي لوحدة الجنوبيين والشماليين، والماظ يجسد مأزقنا الحالي بعد استقلال دولة جنوب السودان، فمن جرحه النازف حينما يعود الماء مرة أخرى، ونحن نعلم أن عودة الماظ أكيدة ليوحد الرايات والشعوب، ويظل سؤاله قائماً ومشرعاً أي جواز سيحمل عبد الفضيل الماظ؟ من دولة السودان أم من دولة جنوب السودان؟ أم سنصدر له جوازاً جديداً باسم الاتحاد السوداني؟ حتى نصحح أخطأنا وأخطأ التاريخ.
عبد الفضيل ألماظالاتحاد السوداني بين دولتي السودان ولكل علمه الخاص مثل الاتحاد الأوربي مع عملة واحدة وفضاء حيوي واحد يعطي حق التنقل والعمل والتملك من نمولي إلى حلفا ومن كرنوي والجنينة إلى بورتسودان، والحقوق سواسية للشماليين والجنوبيين، فالبلدان الفقيرة وبلدان الجنوب العالمي عليها أن تتحد لتواجه هذا العالم المضطرب الذي يقسو على الفقراء ولتكن وحدتنا مدامك لأفريقيا من رأس الرجاء الصالح حتى القاهرة، ومن أكرا إلى أديس أبابا.
عودة السلاح إلى جراب الدولة:حينما غزا كتشنر السودان وهو أشهر وزير حربية بريطاني لاحقاً، وكان بمعيته وينستون تشرشل كمراسل حربي ولاحقاً أشهر رئيس وزراء بريطاني حتى يومنا هذا، دمر كتشنر الخرطوم وخصوصاً أم درمان وحينما رجع لبلاده وفي مهامه اللاحقة لم يُعثر على جثته في الساحل الاسكتلنديّ حتى اليوم!
غزو السودان كان بثنائية الجيشين، القوى البريطانية- الأورطة المصرية / السودانية، والسودان دائماً على قدر مع الثنائيات من الهلال والمريخ والأنصار والختمية والشمال والجنوب، انتهت الثنائية بتمرد السودانيين من ضباط وجنود الأورطة، وقام الإنجليز في عام 1925 بدمج الجيشين في قوة واحدة هي قوة دفاع السودان، وفي العام القادم 2025 سوف تمر 100 عام على إنشاء قوة دفاع السودان التي تطورت للقوات المسلحة السودانية وهي الآن في مفترق الطرق، ولا زالت تعددية الجيوش تحيط بها من كل جانب وهي التي قامت بصنع معهم حتى أورطة كسلا الأخيرة.
أصعب مهمة تواجه السودان منذ استقلاله هي كيفية بناء قوات مسلحة مهنية واحدة لا شريك لها وغير مسيسة، وتعكس التنوع السوداني، وعلى أساس المواطنة بلا تمييز، ولا تخوض حروب الريف، ولا تشهر أسلحتها ضد مواطنيها، وتحترم خيارات المواطن والوطن. في يوم الأربعاء ١٣ ديسمبر ٢٠٢٣ نشرت مقالاً بعنوان (99 عاماً على استشهاد عبد الفضيل ألماظ 28 نوفمبر 1924 -2023 ثنائية الجيش وقضية تأسيس القوات المسلحة). وأعيد نشرها مرة أخرى حتى يعود كل السلاح الضال إلى جراب مؤسسات الدولة، وينتهي اختطاف الإسلاميين للدولة ومؤسساتها، ويتسع الفضاء والحكم المدني على طريق التنمية والنهوض والسلام المستدام.
الإهداء: إلى المتخلفين الذين بعد مائة عام من استشهاد الماظ يسيرون خلف الانصرافي وعمسيب وعبد المنعم الربيع، ويشعلون خطاب الكراهية.
الوسومعبد الفضيل ألماظ ياسر عرمانالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: عبد الفضيل ألماظ ياسر عرمان عبد الفضیل
إقرأ أيضاً:
عبد الرحمن الداخل صقر قريش
ولد عبد الرحمن في دمشق أميرا أمويا، وتلقى من العلم والأدب والسياسة ما يتلقاه الأمراء وأبناء الملوك.
وكان جده هشام بن عبد الملك آخر خلفاء بني أمية الأقوياء. وكانت هناك نبوءة تتردد زمن هشام تقول إن ملك بني أمية في المشرق سيزول وسوف يعيد الدولة في المغرب رجل منهم، أي أمير أموي له علامات، وكان هشام يرى في عبد الرحمن أنه المقصود بهذه النبوءة.
وانتقل الحكم من الأمويين إلى العباسيين، ولم تكن هناك رحمة من العباسيين تجاه أمراء بني أمية، حيث كانوا إذا لقوا أميرا أمويا ذبحوه على الفور.
واستطاع عبد الرحمن أن يفر إلى المغرب، ومن هناك أرسل خادمه إلى الأندلس، وقابل وجهاءها وقال لهم: إذا أتاكم أمير أموي هل تبايعونه؟ فقالوا: نعم.
ودخل عبد الرحمن إلى جزيرة الأندلس (ولذلك سمي عبد الرحمن الداخل) وبويع وأسس دولة قوية، وصارت قرطبة عاصمة تضاهي بغداد في العلم والحضارة والرقي.
وفي أحد الأيام كان الخليفة جعفر المنصور في بغداد في مجلسه، فسأل الحاضرين: أتعلمون من هو صقر قريش؟ فقالوا: أنت يا أمير المؤمنين، ورد عليهم: لا بل هو عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك، دخل الأندلس وحيدا شريدا طريدا فجند الجند ودوّن الدواوين ومصّر الأمصار وأسس دولة قوية.
إعلانوقال جعفر المنصور هذا الكلام في عدوه عبد الرحمن الداخل، وهو الذي كان يطلبه من أجل أن يعرضه على السيف.
وكان عبد الرحمن الداخل كثير الشوق إلى الشام، ويقول:
أيها الراكب الميمم أرضي أقرِ من بعضي السلام لبعضي
إن جسمي كما علمت بأرض وفؤادي وساكنيه بأرض
ومن حنينه إلى الشام وما فيها أنه استجلب نخلة من المغرب إلى الأندلس، وكان كلما داهمه أمر طاف بها وصار يخيل إليه أنه يحدثها وتحدثه:
وتبدت لنا وسط الرصافة نخلة تناءت بأرض الغرب عن بلد النخل
فقلت شبيهي في التغرب والنوى وطول التباكي عن بني وعن أهلي
نشأت بأرض أنت فيها غريبة فمثلك في الإقصاء والمنتأى مثلي
وكان تأسيس الدولة الأموية في الأندلس من قبل عبد الرحمن الداخل سببا في وجود دولة إسلامية قوية لم تبق أموية، واستمرت على وضعها الحضاري والفكري والإسلامي على اختلاف المسميات. ويحسب لهذا الرجل أنه أقام دولة قوية للإسلام في الغرب، كما جاء في حلقة "تأملات".
25/3/2025