السفير – عبدالله علي صبري
حتى مع القضية الفلسطينية العادلة والتي كانت محل إجماع عربي وإسلامي، فإن الموقف الديني يتم تدبيجه تبعا للموقف السياسي، وهكذا هي العادة مع مشايخ البلاط وفقهاء السلطة في مختلف العصور.
ولأن الموقف السياسي في مصر قد تغير لصالح التطبيع مع الكيان الصهيوني بعيد إعلان اتفاقية كامب ديفيد 1979م، فقد صدر عن شيخ الأزهر آنذاك الشيخ جاد الحق علي جاد الحق، فتوى تجيز الصلح والسلام مع الكيان الصهيوني، من منطلق أنه يجوز القبول بالظلم دفعا لظلم أكبر.
قريبا من هذه الفتوى وفي ظروف مشابهة، صدر عن الشيخ السعودي بن باز فتوى تجيز الصلح مع اليهود، في إطار التعليق على اتفاق أوسلو 1993، الذي وقعته منظمة التحرير الفلسطينية مع الكيان الصهيوني، ولا شك أيضا أن مثل هذه الفتوى جاءت بهدف إرضاء ولي الأمر في السعودية، الذي كان من المؤيدين لما يسمى بالسلام بين فلسطين وإسرائيل. وتوسع ابن باز إلى القول بأنه إذا اقتضت الهدنة ضرورة الدخول مع العدو في تبادل تجاري أو تبادل للتمثيل دبلوماسي، فلا بأس.
وعلى العكس من هذا الموقف المهادن، وجدنا لمثل هؤلاء العلماء مواقف متطرفة ليس حيال عدو خارجي، بل تجاه جماعة من المسلمين، فقد صدرت عشرات الفتاوى والبيانات تحرض على الجهاد والقتال في سوريا، وتدعو إلى القتال في اليمن ضد من يسمونهم بالحوثيين واعتباره واجبا شرعيا، بل إن أحدهم قال بأن لا مانع من قتل 24 مليون نسمة في اليمن من أجل مصلحة مليون شخص.
ومن أتكلم عنهم هنا ليسوا من جماعات داعش والقاعدة، وإذاً لهان الأمر.
من ميزات طوفان الأقصى والعدوان الصهيوني البربري على غزة أنه قد كشف حالة التبعية المذلة والتزاوج الباطل بين الأمراء والعلماء في مجتمعاتنا، فقد كان صوت مشايخ وعلماء الدين مغيبا وظل غائبا، إلا من أصوات محدودة جدا قياسا بالقطيع الكبير ممن يطلق عليهم رجال الدين في أمتنا العربية والإسلامية، وزد على ذلك أن هناك من خرج عن السياق، وأصدر فتاوى على الضد من الجهاد والمقاومة، حيث تداولت وسائل الإعلام في نوفمبر من العام الماضي فتوى للدكتور سلمان الداية – وهو من علماء غزة- يدين فيها هجوم حركة المقاومة الإسلامية حماس على الكيان الصهيوني في 7 أكتوبر.
وزعم الداية أن حماس انتهكت المبادئ الإسلامية التي تحكم ” الجهاد “، وقال: “إذا لم تتوفر أركان الجهاد أو أسبابه أو شروطه فلابد من تجنبه حتى لا نُهلك أرواح الناس، وهذا أمر يسهل على الساسة في بلادنا تخمينه، لذا كان لابد من تجنب الهجوم “.
أما الذين كانت لهم مواقف طائفية تجاه جبهات إسناد غزة وفلسطين، فحدث ولا حرج.
غير أن هذا لا يعني أن المشهد سوداوي تماما، فالعلماء في دول محور الجهاد والمقاومة كان لهم مواقف واضحة تجاه الجهاد الشرعي في فلسطين، وهي مواقف اتسقت حتى مع الضمير الإنساني العالمي، الذي رفع الصوت عاليا احتجاجا على جرائم الإبادة بحق الشعب الفلسطيني، وخرج الملايين منهم في تظاهرات شعبية شهدتها عواصم وجامعات الدول الغربية، فيما لزم الشارع العربي والإسلامي الصمت اتساقا مع مواقف علماء وفقهاء ومشايخ السلطة للأسف الشديد.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الکیان الصهیونی هذه الفتوى
إقرأ أيضاً:
خامنئي: غزة جعلت الكيان الصهيوني يجثو على ركبتيه.. وحزب الله ازدادت عزيمته
شدد المرشد الإيراني علي خامنئي، الثلاثاء، على أن قطاع غزة أجبر دولة الاحتلال الإسرائيلي على أن تجثو على ركبتيها بعد العدوان الوحشي الذي استمر 15 شهرا، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن حزب الله في لبنان ازدادت عزيمته بعكس ما ظنون "الأعداء والأصدقاء".
وقال خامنئي، حسب تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الإيرانية "تسنيم"، إن "المقاومة التي انطلقت من إيران أيقظت الشعوب المسلمة، وجعلت بعضها تتحرك على الساحة، كما أيقظت ضمائر الكثير من غير المسلمين".
وأضاف أن "نظام الهيمنة كان مجهولا لدى الكثير من الشعوب، لكن المقاومة أسهمت في كشفه وتعريفه للعالم".
وتطرق إلى قطاع غزة، قائلا "انظروا إلى غزة، هذه المنطقة الصغيرة والمحدودة استطاعت أن تُركع الكيان الصهيوني، وهو كيان مدجج بالسلاح ويحظى بدعمٍ كاملٍ من أمريكا"، متابعا "غزة جعلت الاحتلال يجثو على ركبتيه، فهل هذا أمر بسيط؟! هذه هي بركة المقاومة".
تجدر الإشارة إلى أنه بتاريخ 19 كانون الثاني/ يناير الجاري، انطلق سريان وقف إطلاق النار بين حركة حماس ودولة الاحتلال الإسرائيلي، وسيستمر في مرحلته الأولى لمدة 42 يوما، يتم خلالها التفاوض لبدء مرحلة ثانية ثم ثالثة، بوساطة مصر وقطر والولايات المتحدة.
ولليوم الثاني على التوالي، يواصل مئات آلاف النازحين الفلسطينيين العودة من محافظات الجنوب والوسطى إلى محافظات غزة والشمال، بعد انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من شارع الرشيد الساحلي، بموجب اتفاق وقف إطلاق النار في القطاع.
وفي سياق متصل، تحدث المرشد الإيراني عن اغتيال الأمين العام السابق لحزب الله في لبنان، حسن نصر الله، على أيدي الاحتلال الإسرائيلي بالعاصمة بيروت، عقب قصف استهدف الضاحية الجنوبية في نهاية أيلول /سبتمبر الماضي، مشيرا إلى أن الحزب "تكبد خسارة عظيمة برحيل نصر الله".
لكن خامنئي استدرك بالقول إن "الأعداء والأصدقاء ظنوا أن استشهاد السيد حسن نصر الله سيؤدي إلى نهاية حزب الله، لكن الحزب أثبت العكس، بل ازدادت عزيمته واستطاع أن يواجه الكيان الصهيوني بثبات أكبر"، وفق وكالة "تسنيم".