كيف ستؤثر رئاسة ترامب الثانية على اليمن؟
تاريخ النشر: 27th, November 2024 GMT
حظيت الانتخابات الرئاسية الأميركية بمتابعة وثيقة في مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك في اليمن، الدولة التي مزقتها عقود من الصراع.
اليمن، أفقر دولة في العالم العربي، هي موطن لواحدة من أهم الجهات الفاعلة غير الحكومية في الشرق الأوسط: جماعة الحوثي المدعومة من إيران، والتي تسيطر على ما يقرب من نصف سكان اليمن.
وفي إظهار للتضامن مع الشعب الفلسطيني، تعهدت الجماعة بالرد على إسرائيل حتى توقف عملياتها العسكرية في غزة، واستهداف واختطاف السفن التي يزعم الحوثيون أنها مرتبطة بإسرائيل. وقد دفع هذا الموقف العدواني الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إلى تنفيذ غارات جوية على مواقع عسكرية للحوثيين داخل اليمن. كما تولت الولايات المتحدة زمام المبادرة في عملية عسكرية دولية تُعرف باسم عملية حارس الرخاء، حيث أسقطت طائرات بدون طيار تستهدف السفن بالإضافة إلى شن غارات جوية لمواجهة القدرات العسكرية الحوثية. وفي الوقت نفسه، شن الحوثيون أيضًا ضربات صاروخية محدودة على المدن الإسرائيلية، مما دفع إسرائيل إلى الرد بهجمات متعددة على اليمن. وفي هذا المسرح المعقد من الجغرافيا السياسية، ستكون قرارات السياسة الخارجية الأمريكية حاسمة في تشكيل مستقبل اليمن.
كانت نائبة الرئيس كامالا هاريس، المرشحة الرئاسية الديمقراطية التي خسرت في سباق الانتخابات، قد وعدت بالحفاظ على نهج الرئيس جو بايدن تجاه اليمن، والذي كان يميل إلى تجاهل العلاقة بين هجمات الحوثيين والحرب الجارية في غزة. في الماضي، كانت هاريس قد تحالفت مع أعضاء أكثر تقدمية في حزبها من خلال المشاركة في رعاية تشريع لإنهاء الدعم الأمريكي للعمليات العسكرية السعودية في اليمن. ومع ذلك، كان ذلك قبل تصاعد التهديد الحوثي للشحن الدولي في البحر الأحمر.
من جانبه، دعم ترامب الحرب التي تقودها السعودية على اليمن خلال فترة إدارته واستخدم حق النقض ضد جهود الحزبين لسحب الدعم الأمريكي للرياض. وعندما كان يغادر منصبه في يناير/كانون الثاني 2021، ذهب إلى أبعد من ذلك، حيث صنف الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية. وكانت هذه الخطوة تهدف إلى عزل الحوثيين بشكل أكبر، لكنها تؤدي قطع الإغاثة الإنسانية الدولية عن اليمنيين الواقعين في مناطق سيطرة الحوثيين. وتحت ضغط من المنظمات الإنسانية، التي حذرت من أنها قد تجعل الوضع المزري في اليمن أسوأ، رفعت إدارة بايدن التصنيف. وفي الوقت نفسه، انتقد ترامب خليفته لشن ضربات عسكرية ضد الحوثيين، مدعيا أن بايدن ” يسقط القنابل في جميع أنحاء الشرق الأوسط “. وهذا لا يعني أن ترامب لن يواصل هذه الإجراءات إذا عاد إلى منصبه أو أعاد الحوثيين إلى قائمة الإرهاب.
في عام 2022، وبدعم قوي من إدارة بايدن، تمكنت الهدنة التي توسطت فيها الأمم المتحدة من إيقاف الصراع الطويل الأمد بين الحوثيين والمملكة العربية السعودية، مما أعطى بعض الأمل في التوصل إلى تسوية سلمية. وعلى الرغم من انتهاء صلاحية هذه الهدنة من الناحية الفنية بعد تجديدها مرتين، إلا أن كلا الجانبين تمسك بها إلى حد كبير، حيث أوقف الهجمات الكبرى وفتح الباب لسلسلة من المحادثات الهادئة. لا يزال الجانبان يكافحان من أجل التوصل إلى اتفاقيات بشأن أمن الحدود والمسائل الاقتصادية، من بين قضايا أخرى. في أعقاب اندلاع حرب غزة العام الماضي، توقفت جهود السلام بسبب تصاعد هجمات الحوثيين في البحر الأحمر. وأشارت التقارير في مايو/أيار إلى أن الولايات المتحدة أعطت المملكة العربية السعودية الضوء الأخضر غير الرسمي لإحياء جهود السلام مع الحوثيين. لكن جهود إدارة بايدن لدعم السلام مع تدهور القدرات العسكرية الحوثية والحد من الهجمات على الشحن في البحر الأحمر جعلت من الصعب تحقيق تقدم دبلوماسي.
إن إدارة ترامب الثانية سوف تلعب دوراً حاسماً في تحديد مستقبل اليمن. والقرارات التي ستتخذ في الأشهر المقبلة لن تؤثر على مسار اليمن فحسب، بل ستمتد إلى مختلف أنحاء الشرق الأوسط الأوسع.
تلعب اليمن دورًا مهمًا بسبب موقعها الاستراتيجي على طول البحر الأحمر، وهو طريق تجاري عالمي بالغ الأهمية. ويثير قربها من المصالح الأمريكية مخاوف عندما يهدد الحوثيون الأصول الأمريكية، بما في ذلك القواعد العسكرية في جيبوتي وإريتريا. وقد أدت الهجمات الحوثية الأخيرة إلى تعريض سلاسل التوريد العالمية والاستقرار الإقليمي للخطر. وبدعم من إيران، يتحدى الحوثيون حكومة اليمن والدول المجاورة، وخاصة حلفاء الولايات المتحدة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. وفي الوقت نفسه، يشكل تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية في اليمن تهديدًا مباشرًا من خلال التخطيط لهجمات على أهداف عسكرية ودبلوماسية، وتجنيد المتطرفين، ونشر الدعاية المناهضة للولايات المتحدة التي يمكن أن تلهم الإرهاب العالمي.
كانت السياسة الأميركية في اليمن في معظمها رد فعل. ولابد أن تعتمد على استراتيجية أكثر جرأة ورؤية على فن الدبلوماسية، وأن تتعامل مع الأسباب الجذرية للاضطرابات المستمرة في اليمن، فضلاً عن التنافسات الإقليمية والحروب بالوكالة.
يتعين على الإدارة الأميركية المقبلة أن تتبنى نهجا متعدد الأوجه يركز على منطقتين رئيسيتين: أولا، من الأهمية بمكان الاعتراف بالصلة بين هجمات الحوثيين في البحر الأحمر والصراع في غزة. وينبغي لهذا الاعتراف أن يدفع إلى التحول نحو تيسير التوصل إلى حل شامل يبدأ بوقف إطلاق النار في غزة.
ثانياً، يتعين على الإدارة أن تدعم إنشاء حكومة يمنية موحدة سياسياً وعسكرياً لتعزيز الدولة اليمنية، وتمكينها من التصدي بفعالية لمختلف التهديدات، بما في ذلك نفوذ الحوثيين، سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي. وفي الوقت نفسه، يتعين على الإدارة أن تعطي الأولوية لعملية سلام شاملة تشرك جميع أصحاب المصلحة المعنيين وتيسرها.
*أفراح ناصر هي زميلة غير مقيمة في المركز العربي في واشنطن العاصمة. وهي حائزة على جائزة حرية الصحافة الدولية من لجنة حماية الصحفيين وعملت سابقًا كباحثة في شؤون اليمن في هيومن رايتس ووتش.
*نشر أولاً في “مركز هنري ستيمسون“
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق *
الاسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
Δ
شاهد أيضاً إغلاق آراء ومواقفالله لا يلحقه خير من كان السبب في تدهور اليمن...
الإنبطاح في أسمى معانيه. و لن ترضى عنك اليهود و النصارى حتى...
تقرير جامعة تعز...
نور سبتمبر يطل علينا رغم العتمة، أَلقاً وضياءً، متفوقاً على...
تم مشاهدة طائر اللقلق مغرب يوم الاحد 8 سبتمبر 2024 في محافظة...
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: الولایات المتحدة فی البحر الأحمر وفی الوقت نفسه الشرق الأوسط الحوثیین فی فی الیمن فی غزة
إقرأ أيضاً:
دعوات أممية لإطلاق سراح موظفي الإغاثة المعتقلين في سجون الحوثيين
جددت الأمم المتحدة والمنظمات الدولية العاملة في اليمن دعوتها لجماعة الحوثيين للإفراج عن كافة موظفيها المحتجزين منذ أكثر من نصف عام، بمناسبة حلول شهر رمضان.
جاء ذلك في بيان مشترك، صادر عن كل من المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في اليمن، ومكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، والبرنامج الإنمائي، واليونسكو، وصندوق الأمم المتحدة للسكان، ومفوضية اللاجئين، واليونيسف، وبرنامج الغذاء العالمي، والصحة العالمية، ومنظمتي "أوكسفام" و"أنقذوا الأطفال" الدوليتين.
وقال البيان إنه "انطلاقاً من روحية شهر رمضان الكريم، شهر السلام والتضامن، ندعو سلطات الحوثيين في صنعاء إلى إنهاء الاحتجاز التعسفي لزملائنا، ليتمكنوا من الاحتفال في هذا الشهر الفضيل مع عائلاتهم وأحبائهم".
وأضاف أن الأزمة الإنسانية في اليمن تستمر في التدهور، حيث يواجه الملايين الجوع والمرض والأوضاع الاقتصادية المتردية، ويكافحون لتلبية احتياجاتهم الأساسية وسط ظروف تزداد سوءا، خاصة النساء والأطفال الذين يعدون من بين الأكثر تضرراً، حيث تهدد الأمراض القابلة للوقاية والعلاج حياة الأطفال دون سن الخامسة بشكل مستمر.
وجدد البيان التزام الأمم المتحدة والمنظمات الدولية وشركاء العمل الإنساني بتقديم المساعدات المنقذة للحياة وحماية الفئات الأكثر ضعفاً في اليمن رغم التحديات المتزايدة.
وأكد أن "استمرار الاحتجاز التعسفي لعشرات الموظفين والعاملين الإنسانيين لدى الحوثيين، يعوق العمليات الإنسانية ويحد من الوصول إلى الأشخاص الذين هم في أمس الحاجة للمساعدة".
ودعت وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المجتمع الدولي إلى دعم المساعدات الإنسانية القائمة على المبادئ لصالح الشعب اليمني في هذا الوقت الحرج.
وقالت "عسى أن يحمل هذا الشهر الفضيل الأمل والتخفيف من المعاناة، وتعزيز الالتزام العالمي بدعم اليمنيين".