فيروز.. همس الحب بصوت القمر
تاريخ النشر: 27th, November 2024 GMT
لبنان دوماً يعانق الأمل رغم الدمار والخراب التى عصفت به، لم ولن تفقد بريقها ولا روحها، حين تنظر إلى بيروت، ترى مدينة تروى قصص الألم والجمال معًا. ترى الأبنية التى دمرتها الانفجارات وأخرى تحكى عن زمنٍ جميل مضى، ترى فيه وجوه الناس التى تحمل تجاعيد القهر لكنها تخفى فى أعماقها عزيمة لا تنكسر، لبنان بلد يعيش فى حالة دائمة من التناقض، فهو ينبض بالحياة رغم الخراب، ويصر على البقاء رغم كل ما مر به، بلد الدمار فيها يعانق الجمال، شعب تعلم كيف يخلق من تحت الأنقاض حياة، من دماره يخلق ألحاناً يشدو بها رغم الاوجاع والانهيار، روح الشعب اللبنانى بقيت صامدة، يعرفون كيف يحولون الحزن إلى أغنية، وكيف يبنون رغم اليد التى قطعت، لبنان لا يزال يتنفس الأمل، رغم الخراب، لبنان باقٍ، لبنان ليس أرضًا، بل فكرة، وروح، وحياة، وأغنية تبعث الطمأنينة فى النفوس، وقهوة صباحية تجمع الأهل على الشرفة، وسماء تحتضن الجبال والبحر فى لوحة ربانية لا مثيل لها، يبقى لبنان وطنًا لا يشبه غيره، يعلّمنا أن الحياة تستمر مهما كانت قاسية، وأن الجمال يمكن أن ينمو حتى فى أصعب الظروف، سيظل لبنان، وطنًا فيروزى الطرب ثائراً، خلق للشدو والجمال والبقاء، فى ظل تلك الصراعات لا يمكن أن نتناسى «جارة القمر» تلك الرقيقة الجميلة، فى عيدها الـ ٩٠، فما زالت فيروز هى الوطن الحالم الذى يشدو دون ملل، فيروز حين يهمس الحب بصوت القمر.
فيروز ذاك الصوت المدلل الذى يأخذنا إلى عوالم لا تنتمى إلى الأرض، فى أغانيها نجد الوطن الذى نحلم به، والذكريات الهامسة التى لا تموت، والعشق الذى لا ينطفئ. أغانيها تحمل رائحة القرى اللبنانية وبساتين الياسمين، وخرير الأنهار الزرقاء، ودفء البسطاء، فهى بصدق أنشودة حب فى الوطن الباقى عندما تغنى فيروز تشعر وكأنها تخاطب الروح مباشرة.
فيروز، حالة من السمو فوق كل صخب وسكن الروح من كل عبث وسر الحياة إن كان للحياة سر، والشجن والوجع والفرح والترح عندما يغنى الكون كله، فيكون الصمت دربا عندما تغنى هى، إنها الصوت الذى يرافقنا فى وحدتنا ويحتوينا عندما نفتقد الأمان.
فيروز.. سيدة الصباحات الخالدة، والصباحات المبهجة، عندما تغنى ينبثق من سحر غنائها خيوط الشمس الأولى، ويتسلل فى الوجدان عبير صوتها كحلمٍ دافئ يبعث الحياة فى كل شيء، فهى رمز لأجمل ما فى الفن، قيثارة من السماء تعزف على أوتار قلوبنا ألحان الحب والحنين.
فيروز، تلك المرأة الاستثنائية، والصوت الاستثنائى، والشجن الاستثنائى والعشق الاستثنائى، فى صوتها القوة والحنان، وحروف أغانيها ثورة تحمل الشعر فى أبسط صورة، وتجعل المستمع يشعر بأنه جزء من لوحة فنية متكاملة، فيروز عندما تسمعها، تشعر بقدرتها على التوغل فى آفاق الخيال اللا محدود، فهى الأجدر بأن تكون للجميع، يغنيها المحب والعاشق، ويستمع إليها الحزين والمغترب. أغانيها لا تحتاج إلى تفسير، لأنها تتحدث لغة القلوب.
فيروز، حكاية جيل بعد جيل.، نهل من عبيرها الطفل والشاب ومجمل النساء، فصوتها إشراقة الصباح الذى لا نمل منه، والحنين الذى لا يشيخ، والجمال الذى لا ينتهى. فيروز.. ستبقى إلى الأبد رمزًا للحب، والفن، والوطن.
فيروز.. حين يهمس الحب بصوت القمر، وتسكن الروعة نفوس البشر، فكيف يمكن لصوت أن يكون نافذة على السماء؟ بحنجرة تجمع بين الحنين والرقة، بين الحلم والحقيقة؟ مع فيروز، يصبح الصوت أكثر من مجرد أداة للتعبير؛ إنه لغة للحب، نغماً يسكن فى الأعماق ويعيد تشكيل العالم من جديد.
صوت فيروز ليس مجرد صوت، بل هو إحساس يأخذك إلى مكان لا حدود له، كدفء يد حبيبة تلامس كتفك فى لحظة صمت وشوق، مع كل نغمة تنبعث من حنجرتها، تشعر أن الكون يختفي، وأنك وحدك مع هذا الصوت الذى يهمس بحكايات العشق والحنين، فوق حدود السماء التى لا يراها سواك ولا يشعر بها سواك.
فيروز، فعندما تشدو بـ «كيفك إنت؟» وكأنها تسأل كل عاشق عن أوجاع قلبه، أو عن ملاذ العشيق، فهى تعرف جيدًا أن فى الحب الفيروزى نبحث عن الطمأنينة، عن السؤال البسيط الذى يحمل بين طياته كل المشاعر.
فيروز، حين تصدح «أنا لحبيبى»، تأخذك بعيدًا عن مساحات الوجع، إلى براح الندى، عن كل واقع مرير، إلى عالم تصنعه هى فقط: عالم يملؤه عشق الفيروز النقى، فصوتها يشبه العناق الأول، والرجفة التى تأتى مع الاعتراف بالحب، والابتسامة الخجولة التى تسبق كلمة «أحبك».
فيروز هى تجسيد لكل تلك اللحظات التى نعيشها ونتمناها، صوتها يجعل حتى الألم فى الحب جميلًا، كأنه فصل فى رواية لا نريد أن تنتهى، أو فصول السنة المترنحة، صيفها صيف وربيعها عبير وخريفها وجع وشتاء عاصف يقتنص العشق قنصاً من قلوب المحبين، ففى أغانيها، مشاهد مكتملة من الرومانسية، تصف الطرقات، الأشجار، والمطر، تشعر أن الطبيعة كلها تحيا بعشقها. فيروز لا تغنى للحب فقط، بل خلقت له، موسيقاها تجعلنا نرى الحب بأعيننا ونسمعه بقلوبنا.
فيروز، حالة من الرقة التى تغسل القلب من صخب الحياة، من العذوبة التى تُعيد إلينا القدرة على الحلم، من الحب الذى يهمس فى أعماقنا كلما سمعنا خرير صوتها، مع فيروز، يصبح الحب أغنية لا تنتهي، وصوتها هو الموجة التى تحملنا بعيدًا، إلى عوالم لا يعرفها سوى العشاق.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: رادار بيروت ن التناقض الذى لا
إقرأ أيضاً:
مدير شرطة البحر الأحمر يشيد بجهود الإدارات الفرعية للإدارات العامة والمتخصصة والوحدات الشرطية بالولاية
بعد تسلمه مهامه مديرا لشرطة ولاية البحر الأحمر قام اللواء شرطة دفع الله طه دفع الله بجولة تفقدية شملت إدارات السجل المدنى والجوازات والهجرة وإدارة المباحث الجنائية المركزية وإدارة مكافحة المخدرات بالولاية.وتفيد متابعات (المكتب الصحفى للشرطة) أن السيد مدير شرطة الولاية وقف على طبيعة عمل هذه الإدارات الخدمية بالولاية مشيدا بجهودها فى تقديم معاملات خدمية متميزة للمواطنين مبينا أن تلك الخدمات تدعم العملية الأمنية وتساعد فى تحقيق الأمن الذى هو مسؤولية مشتركة بين الشرطة والمجتمع ووجه بتكثيف الجهود ومضاعفتها لتحقيق رضا طالبى هذه الخدمات بالصورة التى تبرهن مضامين ومفاهيم أن الشرطة حقيقة فى خدمة الشعب وفى ذات السياق قام سيادته بتفقد دائرتى الطوارئ والتدريب التابعتين لشرطة الولايةحيث تلقى سيادته شرحا عن سير العمل ودعا الى الإهتمام بالمظهر العام والإنضباط الأمر الذى يعكس هيبة القانون والدولة ووعد بتذليل كافة العقبات التي تعرقل وتعيق سير العمل وتوفير كافة المعينات والاحتياجات اللوجستية والفنية التى من شانها تطوير الأداء والإرتقاء به.وعلي صعيد متصل تفقد مدير شرطة الولاية مراكز الشرطة المجتمعية بديم عرب والميرغنية وحى الجناين ودار السلام كما وقف علي المبادرة المجتمعية بالإسكان لمشروع التكية التى تعمل على إطعام عدد خمسة الف وافد من الولايات المتأثرة بالحرب .سونا إنضم لقناة النيلين على واتساب