من الوارد وبشدة كبيرة ألا يتم اعتقال نتانياهو أو وزير دفاعه السابق جالانت، رغم مذكرات الاعتقال التى أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحقهما، لكن رغم ذلك فإن هذا التطور يمثل انتصارا للقضية الفلسطينية، فى ضوء ادانته ليس للقياديين الإسرائيليين المطلوب اعتقالهما فحسب وإنما للسياسة الإسرائيلية ككل تجاه الاوضاع فى غزة.
ورغم اعلان مجموعة الدول الكبرى السبع اعتزامها الوفاء بالتزاماتها الخاصة فيما يتعلق بمذكرة التوقيف إلا أن الواضح أن الولايات المتحدة قد تسعى لتفريغ تلك المذكرة من مضمونها، حيث راح الرئيس الحالى بايدن يسارع إلى وصف مذكرات التوقيف بأنها مشينة، فيما راح ممثلون من ادارة الرئيس ترامب المستقبلية يعدون برد قوى على التحيز المعادى للسامية من قبل المحكمة الجنائية الدولية عندما يتولى ترامب منصبه رسميا بعد شهرين.
وإن كان موقف دولة مثل بريطانيا قد يشير إلى تداعيات مختلفة ونتائج ايجابية لموقف المحكمة حيث لمحت الى أن نتانياهو يمكن أن يتعرض للاعتقال بمقتضى مذكرة التوقيف اذا سافر للمملكة المتحدة.
ولعل قراءة فى الموقف الدولى وتباين ردود الفعل بشأن مذكرة التوقيف تشير الى مجموعة مؤشرات مهمة فى هذا الصدد على رأسها أن السياسات الرسمية للدول وموقفها من الحرب على غزة تبدو منفصلة تماما عن الموقف الشعبى المتعاطف مع الموقف الفلسطينى.
من ناحية ثانية، فإن الموقف الأمريكى ومن يسايره مثل موقف المجر يشير الى الطبيعة الانتقائية بشأن العدالة الدولية، ما يجعل من المحكمة الجنائية مجرد وسيلة للبعض يستخدمها كيفما يشاء وفق موقفه من القضايا التى تبث فيها.
ولعل تصريح المدعى العام الدولى كريم خان رئيس المحكمة بشأن ما أكده له مسئولون أوربيون من أن المحكمة إنما تم انشاؤها من أجل الدول الأفريقية ودول مثل روسيا ما يعزز تلك الفكرة، بمعنى أنها تأتى من أجل الاستخدام ضد دول بعينها وليس فى المطلق.
فضلا عن ذلك فإن الموقف الإسرائيلي، ورغم أنه طبيعى أن يرفض مذكرة التوقيف إلا أنه يبدو مثيرا للدهشة، على صعيد موقف نتانياهو الذى راح يربط بين شخصه وبين معاداة السامية وكأنه هو السامية ذاتها!! على شاكلة اعتبار رجل الدين نفسه يكتسى بمسحة إلهية وأى محاولة للنيل منه تعتبر نوعا من المساس بالذات الإلهية! وذلك أن حيثيات موقف المحكمة واضحة وتستند الى حقائق على الأرض وتتمثل فى استخدام التجويع كأسلوب فى الحرب والجرائم ضد الإنسانية من قتل واضطهاد وأفعال لا إنسانية أخرى فضلا عن جريمة الحرب المتمثلة فى توجيه هجوم متعمد ضد السكان المدنيين..
على المستوى العربى والإسلامى رغم ترحيب الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامى إلا أنه يبدو أن الدول العربية الفاعلة لا ترى فى المذكرة ما يمثل خطوة قوية لإدانة اسراييل ويبدو من الغريب غياب رد فعل قوى لها.
وعلى ذلك فإن احتمال اعتقال نتانياهو أو جالانت يبدو ضعيفا، وإن كان ذلك لا يعنى أن حكم المحكمة والعدم سواء، فلا شك أنه سيؤثر على تحركات رئيس الوزراء الإسرائيلى وسيمثل ادانة اخلاقية لاسرائيل وسياساتها فى الحرب على غزة امام المجتمع الدولى تضعف موقفها.. وهو ما قد يمثل فى التحليل النهائى تقويضا للنظام القضائى الدولي، وعصفا بجانب أساسى من جوانب تحقيق العدالة فى ظل غياب سلطة دولية تقوم على تطبيق تلك العدالة، وهو ما يؤكد الفرضية التى يقوم عليها النظام الدولى الحالي، أو ما سبقه فى مراحل مختلفة من مسيرة ذلك النظام وهى أن القوة هى اللغة الوحيدة التى يعترف بها ذلك النظام أو يتم التعامل على أساسها فيه.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: تأملات د مصطفى عبدالرازق أصدرتها المحكمة الأوضاع في غزة
إقرأ أيضاً:
الاحتلال يعتقل أربعة مواطنين من مسافر يطا
الخليل - صفا
اعتقلت قوات الاحتلال، يوم الأربعاء، أربعة مواطنين من مسافر يطا جنوبي الخليل جنوبي الضفة الغربية المحتلة.
وأفاد الناشط ضد الاستيطان أسامة مخامرة بأن قوات الاحتلال داهمت خربة "الطوبا" في المسافر، واعتقلت حمزة أبو جندية، وعلي رشاد عوض، وإسماعيل علي عوض وإبراهيم ناصر عوض، بعد تصديهم لاقتحام مستوطنين.
وأوضح أن عدداً من المستوطنين أطلقوا ماشيتهم في محيط منازل المواطنين وفي أراضيهم الزراعية، ما دفع الأهالي للتصدي لهم ومحاولة طردهم قبل وصول قوات الاحتلال واعتقال المواطنين الأربعة.
وداهم مستوطنون برفقة ماشيتهم أراضي زراعية تعود لعائلتي المخامرة والعمور، في خربتي "مغاير العبيد" و"الركيز" بالمسافر.