ماذا خلف اتفاقية وقف إطلاق النار؟
تاريخ النشر: 27th, November 2024 GMT
اتفاقية ثلاثية الأبعاد: إيران، التسليح، وفضّ الجبهات، ثلاث نقاط أشار إليها نتنياهو في خطابه الترويجي للاتفاقية التي تشبه، إلى حد بعيد، معاهدة "فرساي" الخاصة بالمنطقة، مخاطبًا الشارع الإسرائيلي، رغم أنّ الجمهور المستهدف كان المجتمع الدولي. فما الذي يكمن خلف هذه الاتفاقية؟ وما هي أبعادها؟
وصف إيران ليس محض صدفة، وليست مجرد استهلاك للرأي العام العابر، على الأقل ليس هذه المرة.
تحديدًا الآن، حيث تُرسم أبعاد علاقاتها الدولية والإقليمية من جديد، تحاول إسرائيل في هذه الاتفاقية تكريس معنى "شرطي الإقليم"، وهو المفهوم الذي ذكره نتنياهو في خطابه الأخير في الأمم المتحدة، حول "حلف الخير وحلف الشر الإقليمي". وبالتالي، إذا أرادت إسرائيل تشكيل هذا الحلف حولها، بحيث تكون الأطراف إما معها أو ضدها، كان عليها استغلال هذه الجبهة لترسيخ هذا المفهوم.
ولذلك، لن تقبل إسرائيل بالدخول إلى لبنان والخروج دون إحداث تغيير سياسي واضح – على الأقل فيما يتعلق بمدى ضلوع "محور الشر"، وفق تعريفها – في هذه الدولة.
ترتيب الصفوف كان أمرًا لازمًا بالنسبة لإسرائيل. لقد حاولت تحقيق ذلك عسكريًا، إلا أن الضربات الجوية لم تحقق الهدف، وميدانيًا واجهت مقاومة قوية تمثلت في عدّاد قتلى وجرحى امتلأ سريعًا بالأرقام الثلاثية.
هذا الوضع دفع إسرائيل للجوء إلى الورقة الدبلوماسية كخيار حتمي، عاجلًا أو آجلًا؛ لترجمة الضربات التكتيكيّة إلى محصلات إستراتيجية. فبالنسبة لإسرائيل، ما كان قبل هذه الحرب يجب ألا يكون كما بعدها.
الرسائل هنا موجهة إلى إيران وحلفها في سوريا، والعراق، واليمن، وكذلك إلى دول قريبة من مسار التطبيع، التي تحتاج لصك ضمان بأن تحالفها مع إسرائيل يعكس مصالح متقاطعة مع دولة قوية.
لذلك، عملت إسرائيل على ترجمة بنود الاتفاقية وفق "فنتازيتها"، كورقة استسلام شبيهة بأوراق استسلام اليابان وألمانيا إبّان الحرب العالمية الثانية، تحكمها لجنة معينة. ومع ذلك، فإن حسم هذا البعد لا يزال مبكرًا، فهو يقاس على المدى الطويل.
بيدَ أن هناك أسئلة عديدة تُطرح حول وظيفة اللجنة الخماسية: هل تقتصر على ترسيم الحدود بين إسرائيل ولبنان؟ أم ستتعدى ذلك لترسيم الحدود السياسية الداخلية للبنان؟
البعد الثاني: إعادة التسليحذكر نتنياهو أهمية إعادة تسليح الجيش الإسرائيلي المرهق، حتى يستعيد عافيته، مشيرًا إلى البعد الإستراتيجي الذي يرسم العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل. يأتي هذا الاتفاق ليثبت أن إسرائيل ليست حرة تمامًا في تصرفاتها ما بعد البحر والنهر، بل هي ملزمة بدفع صكوك الطاعة للرغبات الأميركية مهما حاولت المناورة والتهرب. فدائمًا هناك منفذ يمكن للولايات المتحدة اللجوء إليه إذا تمردت إسرائيل.
نتنياهو، الذي تلاحقه مذكرات اعتقال، خرج يوم أمس بإعلان قبول إسرائيل للاتفاق، متذرعًا بأهمية "إراحة الجنود"، ومشيرًا إلى اعتبارات تسليحية، ربما تعكس ضغوطًا أميركية. هذه الضغوط ارتبطت بإشارة الرئيس الأميركي جو بايدن قبل يومين إلى ضرورة تسريع تحرير جزء من الرزم العسكرية العالقة. هذا الأمر ترافق مع تهديد هوكشتاين بسحب ورقة الوساطة، وهي ورقة يحتاجها نتنياهو بشكل عاجل في ظل "ضعفه" الناتج عن مذكرات الاعتقال.
البعد الثالث: فضّ الساحاتلا يمكن إنكار أن هذه الجبهة كانت الأكثر إيلامًا بالنسبة لإسرائيل، بل إنها أوجعت الجبهة الداخلية بعمق. لذلك، وجب عليها التخلص من هذه الجبهة على المدى الميداني؛ لتحقيق صورة نصر عاجلة أمام الشارع الإسرائيلي، مثل إعادة السكان إلى بيوتهم؛ لبناء الثقة والعقد الاجتماعي بين المجتمع والدولة.
ومع ذلك، تبقى الحاجة ملحّة إلى تعجيل فضّ الجبهات؛ لتحقيق أهداف ميدانية وأمنية واقتصادية وسياسية، لأن هذه الحرب كشفت أنه من شبه المستحيل لإسرائيل التعامل وحدها مع تصعيدات متزامنة. بالتالي، فإن أية اتفاقية تُخمِد أية جبهة بعيدة عن البحر والنهر، هي هدف يجب ترسيخه سريعًا، خصوصًا أن نتنياهو يسعى لإبادة القضية الفلسطينية، عبر تركيزها في غزة، وربط غزة بحماس، وتصوير حماس كبُعد إيراني فقط.
خلاصة:تعاني إسرائيل من انقسامات سياسية عميقة، واحتجاجات داخلية ضد سياسات الحكومة، بالإضافة إلى مشهد اقتصادي هشّ. وبالتالي، فإن التهدئة على الجبهات الخارجية تخفف من الضغط الداخلي، وتتيح للحكومة التعامل مع أزماتها.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلاميةالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
مسيّرة من لبنان تخترق الحدود صوب إسرائيل للمرة الأولى منذ وقف إطلاق النار
في تطور أمني غير مسبوق، منذ وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل على طرفي حدود جنوب لبنان، أعلن الجيش الإسرائيلي، الخميس، اعتراض مُسيّرة لجمع المعلومات أطلقها «حزب الله» من جنوب لبنان، وذلك على وقْع تفجيرات ونسف منازل قام بها الجيش الإسرائيلي في 11 بلدة وقرية لا يزال يحتلها ويرفض عودة السكان إليها.
اقرأ ايضاًميتا تعتزم استثمار 65 مليار دولار في الذكاء الاصطناعي خلال 2025وعلى الرغم من تكتّم «حزب الله»، وعدم تبنِّيه عملية إطلاق المسيّرة، أكد الناطق باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي أن الجسم الجوي يعود للحزب، إذ قال: «اعترض سلاح الجو مُسيّرة جمع معلومات لـ(حزب الله) جرى إطلاقها نحو الأراضي الإسرائيلية، حيث لم يجرِ تفعيل إنذارات، وفق السياسة المتبَعة».
وفي حين كرّر أدرعي تهديداته للبنان بالإشارة إلى «التحرك لإزالة كل تهديد على دولة إسرائيل ومواطنيها»، واصل الجيش الإسرائيلي عملياته في تفجير وتجريف القرى التي لم يخرج منها.
وأفادت مصادر ميدانية، لـ«الشرق الأوسط»، بأن «القوات الإسرائيلة واصلت أعمال التجريف في حي المفيلحة بميس الجبل، وذلك مقابل نقطة تمركز مستحدَثة للجيش اللبناني». وفي سياق متصل، استهدفت مدفعية الاحتلال منطقة شعب القلب، في أطراف بلدة شبعا، بقذيفتين.
وقامت القوات الإسرائيلية بتدمير عدد من المحالّ التجارية والسيارات في بلدة برج الملوك، كما قامت بإحراق مزرعة لتربية الدواجن وتجميع البيض في منطقة تل النحاس، وأضرمت النيران في قصرٍ بأطراف بلدة طلوسة.
وكان رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، الثلاثاء، قد دعا الجنرال الأميركي جاسبر جيفرز، الذي يرأس لجنة مراقبة وقف إطلاق النار إلى الضغط على إسرائيل لتطبيق الاتفاق وفقاً للقانون الدولي.
* محاولات دخول متكررة
ويواصل أهالي الجنوب اللبناني، لليوم الخامس على التوالي، محاولة دخول قراهم وبلداتهم التي لا يزال يحتلها الجيش الإسرائيلي، بعد انتهاء المهلة المحددة بـ60 يوماً للانسحاب، بموجب اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، في حين تُواصل قوات العدو وجودها في بعض المناطق الحدودية بجنوب لبنان، في خرق صريح للاتفاق.
* قتلى وأسرى
اقرأ ايضاًلا أسماء ولا حقائب وزارية.. تأخر إعلان الحكومة اللبنانية الجديدةإلى ذلك، تحدثت معلومات في وسائل إعلام محلية عن توثيق 7 أسرى لـ«حزب الله»، احتجزهم الجيش الإسرائيلي في معارك جنوب لبنان خلال الحرب، أحدهم جرى اقتياده من البترون في شمال لبنان، ضمن عملية كوماندوس بحرية، و6 آخرين في قريتين حدوديتين.
أما عن توثيق عدد القتلى منذ يوم الأحد الماضي، فقد ذكرت وزارة الصحة اللبنانية أن القوات الإسرائيلية قتلت 24 شخصاً على الأقل، وأصابت 141 في جنوب لبنان، يومي الأحد والاثنين، في الوقت الذي كان آلاف الأشخاص فيه يحاولون العودة إلى منازلهم هناك، في تحدٍّ لأوامر الجيش الإسرائيلي.
ويواصل الجيش اللبناني الانتشار في منطقة جنوب الليطاني، بالتنسيق مع اللجنة الخماسية، للإشراف على اتفاق وقف إطلاق النار. كما يتابع مواكبة المواطنين في البلدات الحدودية، كما يواصل العمل على تطبيق القرار 1701 وتنفيذ الإجراءات الميدانية الضرورية في عدة مواقع بمنطقة جنوب الليطاني. وقال، في بيان، الأربعاء، إن عملية الانتشار «تأتي وسط تمادي العدو الإسرائيلي في اعتداءاته، بما في ذلك إطلاق النار على الجيش والمواطنين أثناء الانتشار، إلى جانب الغارتين الأخيرتين على منطقة النبطية».
Via SyndiGate.info
Copyright � Saudi Research and Publishing Co. All rights reserved.
محرر البوابةيتابع طاقم تحرير البوابة أحدث الأخبار العالمية والإقليمية على مدار الساعة بتغطية موضوعية وشاملة
الأحدثترند مسيّرة من لبنان تخترق الحدود صوب إسرائيل للمرة الأولى منذ "وقف إطلاق النار" مي العيدان: طليقة زوج أصالة نصري فائقة الجمال.. وتسي لـ نوال الزغبي عبارات لطيفة عن نهاية الأسبوع اتجاهات تنظيم الأعراس لعام 2025 الكشف عن تفاصيل الموسم الثاني من مسلسل MO Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا حل مشكلة فنية الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTubeاشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن
اشترك الآن
© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter