"توترات متجددة".. اشتباكات مسلحة بين الفصائل الإرهابية في إدلب السورية
تاريخ النشر: 27th, November 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
يعيش أهالي منطقة إدلب السورية حالة من الانفلات الأمني الذي يدفع فاتورته المدنيون في كل الأحوال، هذا الانفلات يأتي نتيجة الاشتباكات الداخلية بين الفصائل الإرهابية المسلحة التي لا تتناغم بشكل كافٍ داخل إدلب، كما تعجز ميليشيا هيئة تحرير الشام الإرهابية "جبهة النضرة سابقا" عن وقف هذه الاشتباكات خاصة أنها منشغلة بتعقب النشطاء والمظاهرات التي تخرج ضدها منذ أشهر احتجاجا على سياسات الهيئة.
ولقي نحو 51 شخصًا مصرعهم وأصيب نحو 70 آخرين بجروح خطيرة في عدة حوادث تندرج تحت الانفلات الأمني، منذ مطلع العام الجاري، بمنطقة إدلب السورية الواقعة سيطرة ميليشيا هيئة تحرير الشام الإرهابية.
ووثق المرصد السوري لحقوق الإنسان حالات الإنفلات الأمني في إدلب، ووفقاً للمرصد فإن الحوادث الأمنية تتصاعد بشكل متسارع، ما يدفع فاتورتها المدنيون مع تزايد الصراعات والاشتباكات بين الفصائل المسلحة المتعددة، مما يعكس الواقع الذي يعانيه المدنيون في ظل غياب الأمن وانتشار الفوضى.
ووفقا لبيانات المرصد فإن نحو 61 حادثة تندرج تحت الفلتان الأمني ضمن مناطق نفوذ هيئة تحرير الشام والفصائل في إدلب والأرياف المحيطة بها، أسفرت تلك الحوادث عن مقتل 51 شخصا وإصابة 70 آخرين بجراح، منذ مطلع العام 2024 والقتلى هم: 42 مدنيين بينهم 6 أطفال و8 سيدات، 1 من الحزب الإسلامي التركستاني، 4 من هيئة تحرير الشام، 1 من فيلق الشام، 3 مجهولي الهوية.
على الجانب الآخر، تحاول ميليشيا الهيئة إسكات المظاهرات المستمرة في إدلب ضد سيطرة الهيئة الإرهابية وضد سياستها التي تقضي بمزيد من الاعتقالات بحث النشطاء والمتظاهرين الرافضين لسياسات ميليشيا الهيئة وسلوكيات ما يسمى بجهاز الأمن العام التابع للهيئة والذي يعمل على اعتقال العشرات لإسكات المظاهرات المستمرة ضد زعيمها أبو محمد الجولاني.
وتشهد منطقة ريف إدلب تصعيداً بين المليشيات المسلحة من ناحية وقوات النظام السوري من ناحية أخرى، حيث شن النظام مؤخرا قصفا بالمدفعية على عدة بلدات وقرى في ريف إدلب وريف حلب الغربي، كما هاجمت 10 طائرات مسيرة مواقع مدنية وعسكرية في قرى كفر نوران و العصوص ومحيط دارة عزة في ريف حلب الغربي، ومعارة النعسان ومحور معربليت ومجدليا في ريف إدلب.
و أسفرت الهجمات عن إصابة مواطنين اثنين وأضرار مادية في ممتلكات المدنيين وتضرر سيارات مدنية في قرية كفر نوران. ما قصفت مدفعية قوات النظام محور الرويحة والنيرب قرب سراقب في ريف إدلب، وكفرعمة في ريف حلب الغربي، دون وقوع إصابات، وذلك وفقا لبيان صادر عن المرصد السوري لحقوق الإنسان.
اعتقالات ومظاهرات
يشار إلى أن التوترات الداخلية بمنطقة إدلب السورية الواقعة تحت سيطرة ميليشيا هيئة تحرير الشام الإرهابية بزعامة أبو محمد الجولاني، تتزايد مع تواصل واستمرار مظاهرات منذ أشهر ضد زعيمها، احتجاجا على الممارسات القمعية للميليشيا الإرهابية.
تأتي هذه التظاهرات في وقت حساس حيث تخطط الهيئة لاستغلال المستجدات السياسية على المشهد السوري، حيث تقليص عناصر حزب الله فى عدة بلدات ومواقع عسكرية سورية وسحبها إلى لبنان، على إثر التصعيد العسكرى بين حزب الله اللبنانى ودولة الاحتلال الإسرائيلي.
كما تسعى الهيئة و الميليشيات التابعة لها لاستغلال انشغال الميليشيات الموالية لإيران بالتوترات بينها وبين القواعد العسكرية لقوات التحالف الدولي، التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية.
وعلى الرغم من أن التقارير أشارت إلى نية ميليشيا الجولاني فى تجديد القتال ضد النظام السورى فى جبهات جديدة، إلا أن المظاهرات التي لا تتوقف تحدث خلخلة داخلية قد تعصف بطموحات الجولاني في المنطقة التي يريد تحقيقها على حساب المتغيرات السياسية الطارئة.
وأفاد المرصد السورى لحقوق الإنسان، فى بيان له، بأن الاحتجاجات الرافضة لسياسة ميليشيا الهيئة التى اندلعت منذ أشهر تصاعدت فى الفترة الأخيرة، مطالبة بإسقاط الجولاني، ورفض سياسة التطبيع مع النظام السوري، والتأكيد على فتح الجبهات ضد قوات النظام.
شارك العشرات من النساء في مظاهرة بشوارع مدينة إدلب، للمطالبة بالكشف عن مصير المعتقلين فى سجون هيئة تحرير الشام والعمل على متابعة شئونهم والإفراج عنهم. وقد تجمع المتظاهرات أمام ديوان المظالم فى محاولة للوصول إلى مسئول الديوان، إلا أن حراس البوابة منعوا النساء من الدخول.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: إدلب السورية داعش سوريا هیئة تحریر الشام إدلب السوریة ریف إدلب فی إدلب فی ریف
إقرأ أيضاً:
ما الأسباب الجوهرية التي قادت إلى سقوط نظام الأسد؟
نشرت صحيفة "إندبندنت" البريطانية، تقريرا، أعدته بيل ترو، أشارت فيه إلى الوسائل التي استخدمتها هيئة تحرير الشام لهزيمة جيش بشار الأسد. وقالت إن: "مسيّرات فالكون والمقذوفات الصاروخية وقناصة بالمناظير الليلية كانت وراء انتصار المعارضة، وجاء نتاجا لتخطيط دام سنوات أطاح في النهاية بنظام الأسد".
وبحسب التقرير الذي ترجمته "عربي21" فإن: "قادة المعارضة كشفوا بأن الأسلحة المصنعة محليا والتي تشمل على مناظير ليلية وأنظمة صاروخية والمركبات المدرعة، كانت محورية في الإطاحة السريعة ببشار الأسد في سوريا، حيث أعلنت الحكومة المؤقتة أن الفصائل المسلحة ستحل وتندمج لتشكيل وزارة دفاع سورية جديدة".
وفي مقابلات مع صحيفة "إندبندنت"، أوضح كبار المسؤولين في هيئة تحرير الشام، الفصيل المعارض الإسلامي الذي قاد الهجوم، كيف خططوا للهجوم لأكثر من أربع سنوات، بعد الخسائر المدمّرة على أيدي نظام الأسد في عام 2020 التي أجبرتهم على بناء "عقيدة عسكرية جديدة" من الصفر.
وشمل هذا التحول برنامج أسلحة جديد، بما في ذلك أنظمة قناصة مصنعة محليا سمحت لهم، للمرة الأولى، بالقتال في الليل، فضلا عن توحيد الجماعات المتفرقة في هيكل عسكري رسمي وتشجيع الانشقاق عن النظام والتخطيط الدقيق لـ"اليوم التالي" بعد الأسد.
وتقول ترو: "إنهم الآن، يستعدون للكشف عن هيكلهم العسكري الجديد، حيث قال رئيس هيئة تحرير الشام الذي أصبح الزعيم الفعلي للبلاد، أحمد الشرع -المعروف باسم أبو محمد الجولاني- الثلاثاء، إنهم توصلوا لاتفاق مع رؤساء الفصائل المتفرقة لتوحيد صفوفهم، تحت إشراف وزارة الدفاع وبناء جيش جديد مع أولئك الذين انشقوا عن قوات الأسد".
أخبر قادة هيئة تحرير الشام صحيفة "اندبندنت" إنهم قاموا وعلى مدى أربعة أعوام بالتخلي عن "عقلية الميليشيا المعارضة، وتبنوا عقلية الدولة"، بما يعني: إنشاء برامج تواصل لتشجيع الجنود على الهروب والإنشقاق والإنضمام إلى القوة العسكرية الجديدة. كما منع المقاتلون من شن هجمات انتقامية ودرّبوا على الولاء لـ"مؤسسة وطنية واحدة وجيش وطني من خلال خطة واضحة ومدروسة".
ونقلت الصحيفة عن رئيس المجلس العسكري، أبو حسن الحموي، قوله: "أهم شيء تعلمناه هو إحياء العلوم داخل المؤسسة العسكرية".
وتحدّث الحموي للصحافية من اللاذقية التي كانت يوما معقلا للنظام السابق. وعقد الحموي في المدينة لقاءات مع قادة الطائفة العلوية والتي تنتمي إليها عائلة الأسد، وبهدف بناء دولة جديدة.
وقال: "واحدا من الإبتكارات العسكرية الأولى كانت إنتاج معدات عسكرية سمحت لهم بالقتال ليلا ما سرع في انهيار النظام، وعطل قدرة قواته على تجميع نفسها". موضحا أنهم ركزوا أيضا على إنتاج العربات المدرعة القادرة على العمل في المناطق الجبلية.
وأبرز أنهم قاموا بتصنيع قاذفات الهاون والذخيرة عيار 82 ملم و120 ملم لاستخدامها في العربات، مردفا: "بالإضافة إلى ذلك، قمنا بتطوير نظام مدفعية صاروخية، حيث قمنا بإنتاج صواريخ مماثلة لصواريخ الكاتيوشا -المدفعية الصاروخية التي استخدمها الاتحاد السوفييتي لأول مرة في الحرب العالمية الثانية- عيار 114 ملم، كما قمنا بتطوير صواريخ عيار 220 ملم".
كذلك، نقلت الصحيفة عن أحد قادة الجناح العسكري لهيئة تحرير الشام البارزين، الشيخ شريح الحمصي، قوله: إنهم أنتجوا مسيرات فالكون من طراز شاهين؛ قال إنها كانت متقدمة أكثر من مسيرات النظام وقادرة على "استهداف تجمعات النظام".
وبحسب التقرير نفسه، فإنه: "بعد أكثر من عقد من القتال وخطوط القتال المتجمدة، نجحت قوات المعارضة بقيادة هيئة تحرير الشام التي تحالفت يوما مع القاعدة، في الإطاحة المذهلة بالحكم الاستبدادي الطويل، بداية الشهر الحالي".
وقال رئيس الوزراء السوري المؤقت، محمد البشير، الأسبوع الماضي، إن: وزارة الدفاع الجديدة سيتم إعادة هيكلتها وستضم ضباطا انشقوا عن جيش الأسد. وعين حكام سوريا الجدد مرهف أبو قصرة، وهو شخصية بارزة في قوات المعارضة التي أطاحت بالأسد، وزيرا للدفاع في الحكومة المؤقتة.
ومع ذلك، تواجه الحكومة الجديدة مهمة توصف بـ"الشّاقة" تتمثل في تجنب الاشتباكات بين المجموعات العديدة والحفاظ على السلام في بلد ممزق ومصاب بصدمة شديدة. فيما تشهد مناطق شمال- شرق البلاد، اشتباكات بين الجماعات الموالية لتركيا وقوات سوريا الديمقراطية التي يهيمن عليها الأكراد.
وقال الحموي: "التجنيد في القوات العسكرية وقوات الشرطة سيكون الخطوة الأولى لتعزيز الأمن، حيث من المقرر أن تبدأ حملة التجنيد بمختلف المدن في الأيام المقبلة".
وأضاف: "هذا يعتمد على لم شمل المجتمع الممزق"، متابعا: "أنا موجود حاليا في محافظة اللاذقية حيث التقيت بقادة علويين ورؤساء مؤسسات أغلبهم من العلويين؛ كان نهجنا العام هو الدخول إلى هذه المناطق سلميا وتجنب أي حديث عن الانتقام. نحن نهدف إلى إعادة بناء النسيج الاجتماعي الذي مزقه النظام".
"سوف يتم اتخاذ خطوات لاستعادة هذا التماسك الاجتماعي حتى تتمكن الأجهزة الأمنية والخدمات العامة من العمل بشكل فعال لتلبية احتياجات المواطنين" بحسب الحموي.
وتعلّق الصحيفة بأن: خطوط القتال ظلّت جامدة ولعدة سنوات، حيث نجحت قوات نظام الأسد المخلوع بشلّ قوات المعارضة لأكثر من عقد بدعم من الإيرانيين والروس. وكانت هناك مخاوف من استمرار الحرب بدون نهاية، وحتى الهجوم السريع الذي شنّ بداية كانون الأول/ ديسمبر، ما أدّى لانهيار صادم لعائلة الأسد التي حكمت البلاد لأكثر من نصف قرن.
إلى ذلك، استغلّت قوات المعارضة لحظة ضعف نظام الأسد، حيث انخرط داعموه الروس في حرب مدمرة في أوكرانيا، وكانت الجماعات المدعومة من إيران مثل حزب الله تعاني من آثار الصراع الأخير مع دولة الاحتلال الإسرائيلي. وفي الوقت نفسه يئس سكان البلاد من حدوث التغيير بعد سنوات من الحرب والاختفاء القسري والصعوبات الاقتصادية.
وأكد الحمصي، أنهم لم يعتمدوا بشكل أساسي "على العوامل الخارجية"، بل وركزوا على قيادة موحّدة وتأكدوا من عدم حدوث عملية معزولة أو مظاهر فوضى "أثرت بشكل سلبي على المناطق المحررة". وركزوا أيضا على الجهود المباشرة لبناء الدولة، بما في ذلك إنشاء المؤسسات والتواصل مع السكان المحليين وبخاصة الأقليات في تم تحريرها من للنظام.
أما الخطوة المقبلة، يقول قادة هيئة تحرير الشام، هي: "إعادة سوريا إلى الحظيرة الدولية. ويضغط قادة الهيئة على الدول مثل الولايات المتحدة لشطبها عن قائمة الإرهاب"، وهو تصنيف يصفه الحموي بأنه "ظالم".
وقال الحموي: "إذا تحدثنا عن الإرهاب، فإننا نراه فقط في نظام الأسد، نحن بحاجة إلى دعم دولي لإعادة بناء سوريا وإزالة القيود الاقتصادية والسياسية حتى تتمكن سوريا من إعادة بناء نفسها بشكل صحيح".
وبحسب المتحدث نفسه، هناك قضية أخرى تتعلق بدولة الاحتلال الإسرائيلي المجاورة، التي طالما كانت منخرطة في معارك مع الجماعات المدعومة من إيران والتي دعمت نظام الأسد المخلوع ذات يوم.
وقصف الاحتلال الإسرائيلي بشكل مستمر البنى التحتية العسكرية في سوريا منذ الإطاحة بالأسد. وقال الحموي إنّ: "هذه الإجراءات لم يكن لها مبرر سوى استغلال المرحلة الانتقالية في سوريا؛ كما ندعو إسرائيل للانسحاب من الأراضي السورية".
وختم الحموي بالقول: "عانت سوريا بشكل كبير على مدى السنوات الـ14 الماضية، والآن نسعى إلى الاستقرار والأمن وإعادة البناء؛ ونريد أن نركز على تحسين الخدمات والاقتصاد وظروف معيشة الناس، مع الحفاظ على كرامتهم وأمنهم".