كتبت من قبل فى مدح الدكتور عباس شراقى أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، على خلفية موقفه بشأن سد النهضة، وأعيد اليوم الكتابة عنه والإشارة إلى جانب ربما يفتقده الكثيرون ممن يتعاطون مع مثل هذه القضايا.. هذا الجانب هو المتعلق بالناحية الفنية أو التكنوقراطية فى موقفه أو فى لغته. موقفه يذكرنى بفترة من زمن مضى كان يتردد على مسامعى فيها عبارة أن مصر فى حاجة إلى حكومة تكنوقراط، بمعنى حكومة يقيس الوزراء فيها الأمور بما تحتاجه على الصعيد العملى وليس من منظور السياسة، بمعنى آخر حكومة لا تضع الاعتبارات السياسية فى المقدمة.
الدكتور شراقى كسر هذه القاعدة، وربما يغفر له ذلك أنه ليس سياسيا أو يمارس السياسة على أرض الواقع، فالرجل أكاديمى فى الأساس، ومن هنا فهو يحرص على أن يكون مخلصًا لتلك الزاوية، وتشعر حينما يتحدث بأن السياسة بالنسبة له ليس لها أى اعتبار أو وزن، هو يتحدث من منظور فنى وأكاديمى وعلمى وواقعى، وأى حاجة ثانية ليس لها علاقة بالسياسة، رغم أن الموضوع الذى يتحدث فيه ويطل علينا بسببه ليل نهار متناولا إياه كله سياسة، هو موضوع من أوله إلى آخره سياسة، بل هو السياسة بعينها.
أحيانا أشعر بنوع من الحسد تجاه الدكتور شراقى، أتمنى لو سلكنا جميعا مسلكه.. ولم لا والأمر يشير إلى أن نفسنا قصير ولم نصمد كثيرا فى مواصلة الاهتمام بقضية السد.. كلنا نفضنا أيدينا منها ولم تعد حتى مجالا لحديث موسمى أو غير موسمى. على المستوى الشخصى، حينما أتذكر اهتمامى بأزمة سد النهضة وتراجع هذا الاهتمام أجدنى أقول بينى وبين نفسى بصوت خفيض: حتى أنت يا بروتس! غير أنى أجد عزائى فى النهاية فى قول القائل: يا قوم أليس بينكم رجل رشيد.. ويخيّل إلىّ أن عباس هو هذا الرجل الرشيد.
جانب من هذا الموقف، المتعلق بانفضاضنا من حول قضية سد النهضة يمكن تفسيره فى طول الفترة التى استغرقتها الأزمة.. لقد زهقنا، مللنا، والإنسان فى النهاية بطبعه ملول، جانب آخر ربما يتعلق بفنية القضية وأبعادها المعقدة التى ربما تتجاوز فهم الشخص العادى، وإن كان الجانب الأهم هو ثقة المواطن فى الدولة وقدرتها على التعامل مع الأمر بما يحفظ حقوق الوطن، وهى ثقة كلنا يقين بأنها فى محلها إن شاء الله.
مع ذلك وربما لكل ذلك يبدو عباس شراقى كالصارخ فى البرية، منبهًا إلى أضرار سد النهضة التى تتنوع ما بين أضرار مائية واقتصادية وسياسية واجتماعية وبيئية حسبما نشر منذ يومين فى كلام أخير له على صفحته على الفيس بوك ونشرته مواقع إخبارية عدة. فى موقفه ذاك لا ينطلق عباس شراقى من حس المعارضة أو الموالاة، فتلك أمور ربما تكون أبعد شيء عن ذهنه، وإنما من حس أنه «ابن الدولة» الغيور على واقعها ومستقبلها، والعائش فى الحقيقة بشأن ما ستؤول إليه الأمور من سوء لو تركت دون وقفة؛ ولذلك أيضا أعتقد أن كلام عباس شراقى يلقى وسيلقى آذانًا صاغية. صحيح أن ما حدث قد حدث، ولكن المنطق فى الوقت ذاته يقول إن ما لا يدرك كله لا يترك كله.
حفظ الله مصر وأمنها من كل خوف.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: مصطفى عبد الرازق عباس تأملات خلفية الدكتور عباس شراقي سد النهضة
إقرأ أيضاً:
علماء آثار يكشفون: الأوروبيون القدماء ربما أكلوا أدمغة أعدائهم
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- تشير دراسة جديدة إلى أنّ البشر القدماء الذين عاشوا في أوروبا ربما كانوا يستخرجون أدمغة أعدائهم الموتى ويأكلونها.
وفي الدراسة التي نُشرت في دورية Scientific Reports الأسبوع الماضي، فحص الباحثون عظام ما لا يقل عن 10 أشخاص من الثقافة المجدلية الذين عاشوا في أوروبا منذ 11 ألف إلى 17 ألف عام.
وباستخدام تقنيات التصوير، حدد فريق الباحثين من معاهد في فرنسا، وإسبانيا، وبولندا أنواع العلامات والجروح "المرتبطة بإزالة النخاع في العظام الطويلة والدماغ في الجمجمة".
وأظهرت دراسات أخرى متعددة أن أكل لحوم البشر كان شائعًا نسبيًا بين شعب المجدلية، سواء كطقوس جنائزية أو كشكل من أشكال العنف.
ولكن هذه الحالة المحددة "كانت تعد حالة حرب"،بحسب زعم فرانسيسك مارجينيداس، المؤلف المشارك الرئيسي للدراسة، إذ أنه "لم يكن هناك أي نوع من المعاملة الخاصة مقارنة بالمواقع المجدلية الأخرى"، ولا وجود لقحف الجمجمة "وهو ما يرتبط بطقوس الجثث".
وكان مارجينيداس، عالم آثار أيضًا في المعهد الكتالوني لعلم البيئة البشرية القديمة، والتطور الاجتماعي في إسبانيا، جزءًا من فريق يدرس العظام المودعة في كهف Maszycka، بالقرب من مدينة كراكوف في بولندا، وهو موقع ما قبل التاريخ المعروف الذي خضع لدراسة مستفيضة على نطاق واسع لعقود من الزمن.
وخلال ذلك الوقت، ظهرت نظريات مختلفة لتفسير سبب قيام المجدلية القدماء بفتح جماجم الجثث.
وبينما خلصت دراسة أجريت في التسعينيات إلى أن هؤلاء البشر القدماء كانوا يستهلكون أدمغة أعدائهم، سلّطت دراسات لاحقة الضوء على عدم وجود علامات أسنان بشرية على الجماجم، ما يقوّض فرضية أكل لحوم البشر.
لكن بالنسبة لمارجينيداس، فإن كل الأدلة "تجعلنا نعتقد أن الأمر يتعلق بالعنف والصراع أكثر من كونه طقوسًا جنائزية"، بحسب ما قال لـCNN، الثلاثاء.
وقد استخدم وفريقه المجهر الإلكتروني لدراسة العظام، وتحديد العلامات والجروح على نسبة 68% منها، وإثبات أنها من صنع البشر وليس من خلال عمليات طبيعية.