لماذا يعتزم ترامب فرض تعريفات جمركية على الواردات؟
تاريخ النشر: 27th, November 2024 GMT
أكد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب أن أولى إجراءاته الاقتصادية بعد تنصيبه ستكون زيادة رسوم الجمارك على المنتجات الواردة من الصين فضلا عن كندا والمكسيك، في قرارات عزاها إلى الأزمات المرتبطة بالمواد الأفيونية والهجرة.
وفي منشور على حسابه في منصته (تروث سوشيال) للتواصل الاجتماعي، كتب ترامب "في أحد أوائل الأوامر التنفيذية الكثيرة التي سأصدرها في 20 يناير/كانون الثاني المقبل، سأوقع كل الوثائق اللازمة لفرض رسوم جمركية على المكسيك وكندا بنسبة 25% على كل منتجاتهما الواردة إلى الولايات المتحدة".
وفي منشور منفصل، كتب الرئيس الأميركي المنتخب إنه سيفرض أيضا على الصين رسوما جمركية إضافية بنسبة 10%، تضاف إلى الرسوم الحالية، وتلك التي قد يقررها مستقبلا "على كل السلع الكثيرة الواردة من الصين إلى الولايات المتحدة".
لماذا يفرض ترامب هذه التعريفات الجمركية؟يسعى ترامب إلى خفض عجز الميزان التجاري لبلده الذي يميل لصالح عدة دول وتكتلات اقتصادية في المعاملات البينية، كما يهدف إلى استعادة المصانع التي افتتحت في دول أخرى لاستغلال عوامل الإنتاج الأرخص، فضلا عن توفير المزيد من فرص العمل في الاقتصاد الأميركي.
ويعني العجز التجاري الأميركي أن الدولة تستورد أكثر مما تصدر.
وتظهر الأرقام الرسمية أن عجز الميزان التجاري الأميركي بلغ 861.4 مليار دولار في 2021 و945.3 مليار دولار في 2022 و773.4 مليار دولار في 2023.
لكن ثمة مخاوف من أن يستخدم ترامب التعريفات كأداة لمعالجة مشاكل لا تتعلق بالتجارة فقط، وفق ما ذكرت وكالة بلومبيرغ في وقت سابق.
ففي عام 2019، هدد بفرض رسوم جمركية بنسبة 5% على الواردات المكسيكية بغية وقف تدفق المهاجرين غير الشرعيين عبر الحدود، وهو تهديد انتهى بتوصل البلدين إلى اتفاق حول الهجرة.
ورغم أن العقوبات كانت جزءا كبيرا من السياسة الاقتصادية الأميركية، فإن تقرير بلومبيرغ أوضح أن العقوبات قد أصبحت أقل فعالية في الحد من تأثير الدول المستهدفة، خاصة مع تزايد محاولات بعض الدول، مثل دول بريكس، لتجنب الدولار في معاملاتها التجارية.
ولهذا أضاف ترامب خلال حملته الانتخابية، غرضا آخر لفرض التعريفات وهو حماية الدولار، وقال في سبتمبر/أيلول الماضي إنه يخطط لفرض تعريفات جمركية ضخمة تصل إلى 100% على الدول التي تحاول التجارة خارج النظام المالي القائم على الدولار، بهدف حماية مكانة الدولار كعملة احتياط عالمية.
وأضاف: "سنبقي الدولار الأميركي عملة احتياط العالم، وهو حاليا تحت حصار كبير".
هل هي مفيدة للولايات المتحدة؟أبدى بعض الاقتصاديين والخبراء تحفظات على خطة ترامب، فوفقًا لإسوار براساد، الزميل البارز في معهد بروكينغز، فإن "استخدام التعريفات بهذا الشكل قد يكون له تأثير عكسي، فهو يشجع الدول على تقليل اعتمادها على الدولار ومن ثم تقليل تعرضها لتقلبات السياسات الأميركية".
كما حذر أولريش لوختمن، الإستراتيجي في بنك (كوميرز بانك إيه جي)، من أن هذه الخطوة قد تسبب اضطرابا كبيرا في النظام الاقتصادي العالمي.
ومن جانب آخر، من شأن التعريفات الجمركية أن تزيد قيمة الدولار عالميًا، فالدول تصدر منتجاتها للحصول على الدولار (عملة التجارة العالمية) وفرض تعريفات جمركية سيرفع سعر السلع المستوردة في الولايات المتحدة مما سيخفض الطلب عليها بالتبعية، بالتالي ستتراجع صادرات الدول إلى الولايات المتحدة مما سيؤدي إلى نقص في الدولار وارتفاع سعره، كما أن ترامب ينوي خفض الضرائب مما سيجعله يلجأ إلى الاستدانة وسيرفع العائد على السندات الأميركية ويمتص التمويل من الدول حول العالم إلى أقوى اقتصاد في العالم.
وقد يعوّض ارتفاع قيمة الدولار أمام العملات الأخرى ارتفاع أسعار السلع المستوردة في الولايات المتحدة بالنسبة للمستهلك، وفق ما ذكرت صحيفة فايننشال تايمز في تقرير سابق، لكن التأثير السلبي الأكبر سيكون على الشركات الأميركية التي تصدّر منتجاتها إلى العالم بالدولار الذي سيصير أعلى قيمة مما سيخفض تنافسية السلع والخدمات الأميركية مقابل منتجات المنافسين.
المتضررونحذر صندوق النقد الدولي خلال الشهر الجاري من أن التعريفات الانتقامية المتبادلة قد تُعيق آفاق النمو الاقتصادي في آسيا، وتؤدي إلى زيادة التكاليف وتعطيل سلاسل الإمداد، وذلك رغم توقعات الصندوق بأن تظل المنطقة محركا رئيسيا للنمو في الاقتصاد العالمي.
وأشار مدير صندوق النقد لمنطقة آسيا والمحيط الهادي، كريشنا سرينيفاسان خلال منتدى حول المخاطر النظامية في مدينة سيبو الفلبينية، إلى أن "التعريفات الانتقامية تهدد بتعطيل آفاق النمو في المنطقة، مما يؤدي إلى سلاسل إمداد أطول وأقل كفاءة".
وتُشير توقعات صندوق النقد إلى أن هذه التعريفات قد تُعرقل التجارة العالمية، وتؤثر سلبا على نمو الدول المصدّرة، وتزيد من معدلات التضخم في الولايات المتحدة.
وتشير التحليلات إلى أن سياسات ترامب في ولايته الثانية قد تترك تأثيرات واسعة النطاق على الاقتصادات العالمية، حيث تبرز المكسيك والصين وأوروبا بوصفها أكثر المناطق تأثرا.
ومع تنفيذ سياسات ترامب، قد تشهد الاقتصادات النامية أعباء إضافية بسبب ارتفاع تكلفة الديون بالدولار، وفق إيكونوميست.
ومن جهة أخرى، برزت دعوات لتجنب الرد بالمثل على سياسات التعريفات الجمركية، والتركيز بدلا من ذلك على تعزيز التنافسية من خلال إصلاحات اقتصادية.
وتبدو الصين هنا في موقع أفضل للتعامل مع هذه التغيرات، بفضل تركيزها على الطلب المحلي، وفق ما ذكرت صحيفة الإيكونوميست في تقرير، في حين يعاني الاتحاد الأوروبي تأخرا في تطوير سوقه الداخلية وتبني تقنيات الذكاء الاصطناعي.
وتشير إيكونوميست إلى أن الدول بحاجة إلى التكيف بسرعة مع هذه التغيرات، مع التركيز على الإصلاحات المحلية بدلا من التصعيد التجاري.
الشركات الأميركية أكثر المستفيدينمن خلال حملة ترامب الرئاسية برزت الشركات الأميركية التي تصنّع محليا وتلقى منافسة من لاعبين خارجيين في السوق الأميركية كداعمة لترامب، فهي المنتفعة من فرض تعريفات جمركية على السلع المستوردة المنافسة، ونجد في المقابل أن الشركات العابرة للقارات والتي تدعو للانفتاح الاقتصادي مثل عمالقة التكنولوجيا لم تكن من بين داعميه مما يكشف ضررا اقتصاديا ستتحمل تبعاته بسياسات الرئيس العائد إلى البيت الأبيض.
ارتفاع الدين الأميركيأما الاقتصاد الأميركي، فيُنظر إلى انتفاعه أو تضرره من سياسات ترامب من منظور سياسات الرئيس المنتخب بالكلية، فالرئيس المنتخب يسعى إلى خفض الضرائب وتعويض تراجع الإيرادات جزئيا من التعريفات الجمركية المرتفعة، لكنه على الأرجح سيرفع الدين العام الأميركي إلى مستويات تاريخية وفق تحليل لصحيفة فايننشال تايمز.
وأظهر استطلاع أجرته رويترز بالتعاون مع إيبسوس خلال الشهر الجاري أن معظم الأميركيين يعتقدون أن الرئيس المنتخب دونالد ترامب سيدفع الحكومة الأميركية نحو ديون أكبر خلال فترة ولايته القادمة.
وكشفت نتائج الاستطلاع، الذي استمر يومين واختُتم الخميس الماضي، أن 62% من المشاركين -بما في ذلك 94% من الديمقراطيين و34% من الجمهوريين- يعتقدون أن سياسات ترامب "ستدفع الدين الوطني الأميركي إلى الارتفاع".
أشارت رويترز إلى أن خطط ترامب لتخفيض الضرائب قد تضيف نحو 7.5 تريليونات دولار إلى الدين الوطني خلال العقد القادم، وذلك وفقًا لتقديرات اللجنة غير الحزبية للموازنة الفدرالية المسؤولة. وبينما يعرب الديمقراطيون عن قلق أكبر تجاه الوضع المالي في ظل سياسات ترامب، إذ عبر 89% منهم عن خشيتهم من ارتفاع الدين العام، ويرى 19% فقط من الجمهوريين هذه المخاوف مبررة.
والشهر الماضي، توقعت لجنة الميزانية الفدرالية الأميركية أن الخطط الاقتصادية التي طرحها ترامب خلال حملته الانتخابية في حال تطبيقها ستؤدي إلى زيادة الدين الفدرالي بنحو ضعف الزيادة المتوقعة للخطط الاقتصادية المقترحة من قبل منافسته السابقة كامالا هاريس.
ووفقًا لتحليل اللجنة غير الحزبية، رجحت أن يتضخم الدين الفدرالي بحلول عام 2035 بمقدار 7.5 تريليونات دولار إذا فاز ترامب ونفذ تعهده بخفض الضرائب على الأفراد والشركات، وطبّق تعريفات جمركية كبيرة على السلع المستوردة ورحّل ملايين المهاجرين، مع إجراءات أخرى يعتزم تطبيقها.
ويبلغ الدين الأميركي حاليا 99% من الناتج المحلي الإجمالي، وفق مكتب الميزانية في الكونغرس، ومن المتوقع أن يرتفع إلى 125% بعد 10 سنوات من الآن إذا لم تكن ثمة تغييرات في القوانين الحالية.
وفي حال تطبيق برنامج ترامب الاقتصادي يتوقع أن يزيدها 17% إلى 142% من الناتج المحلي الإجمالي الذي يربو على 28.8 تريليون دولار.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات التعریفات الجمرکیة الولایات المتحدة السلع المستوردة تعریفات جمرکیة سیاسات ترامب على الدول دولار فی إلى أن
إقرأ أيضاً:
بين تعريفات ترامب وذكاء ديب سيك.. هل تتغير موازين أسواق العملات؟
شهدت أسواق العملات تقلبات حادة أثارت قلق المتداولين وأربكت التوقعات، مع تصاعد التهديدات الجمركية الأميركية وإطلاق شركة "ديب سيك" نموذجها الجديد للذكاء الاصطناعي.
اعلانو استفاد الدولار الأميركي من التهديدات الجمركية الجديدة التي أطلقها الرئيس دونالد ترامب، ليحقق مكاسب أمام كل من الين واليورو. وجاء هذا التحسن بعد حركة عنيفة شهدتها الأسواق يوم الاثنين، إثر المخاوف من تراجع الهيمنة الأميركية في تقنيات الذكاء الاصطناعي لصالح منافسين صاعدين.
رغم توقف ترامب عن رفع التعريفات فور توليه المنصب الأسبوع الماضي، إلا أن تهديداته الأخيرة بفرض رسوم على رقائق الحواسيب والأدوية والفولاذ المستورد قد أثارت مخاوف عالمية. وأكد ترامب أن الهدف من هذه الخطوة هو إعادة الإنتاج إلى الداخل الأميركي.
وقد جاءت تصريحات ترامب بعد توصل الولايات المتحدة وكولومبيا إلى اتفاق حال دون اندلاع حرب تجارية، عندما وافقت كولومبيا على استقبال طائرات عسكرية تحمل مهاجرين مرحّلين.
في ظل هذه الأجواء، قال سيم موه سيونغ، محلل العملات في بنك سنغافورة: "ما نشهده هو تقلبات حادة في تحركات الدولار نتيجة العناوين المتضاربة حول التعريفات الجمركية. يصعب التنبؤ بما سيحدث خلال الساعات القادمة".
وقد تراجع اليورو بنسبة 0.54% ليصل إلى 1.0435 دولار، في ظل اقتراب الموعد النهائي الذي حددته الإدارة الأميركية لفرض رسوم تصل إلى 25% على الواردات من كندا والمكسيك، إضافة إلى تهديدات مماثلة تجاه الاتحاد الأوروبي والصين.
Relatedتجربة فريدة في هلسنكي.. الذكاء الاصطناعي يبتكر قهوة "AI-conic" بمزيج جديد ومثير للإعجابمن الجدة ديزي إلى الكراسي المتحركة وروبوتات الدردشة: كيف يُغير الذكاء الاصطناعي حياتنا اليومية؟"حدثت أمور مدهشة".. تقارير تزعم أن غوغل زودت الجيش الإسرائيلي بأحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي في حربهأما مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأميركية أمام ست عملات رئيسية، فقد ارتفع بنسبة 0.08% ليصل إلى 107.89 بعد أن شهد أدنى مستوى له منذ ديسمبر يوم الاثنين.
كما جاءت التقلبات الأخيرة أيضاً نتيجة إطلاق شركة "ديب سيك" الصينية نموذج ذكاء اصطناعي مجاني ومفتوح المصدر، مما أثار تساؤلات حول مستقبل شركات الذكاء الاصطناعي الأميركية الكبرى مثل "إنفيديا".
تطبيق ديب سيك الصيني المنافس لشات جي بي تيAndy Wongوفي الوقت نفسه، تستعد الأسواق لاجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، حيث يتوقع المستثمرون أن يبقي على أسعار الفائدة دون تغيير، مع ترقب أي إشارات بشأن تخفيضات مستقبلية إذا انخفض التضخم نحو المستهدف السنوي البالغ 2%.
ولا تزال التطورات السياسية والاقتصادية العالمية، من سياسات ترامب إلى ابتكارات الذكاء الاصطناعي، تُلقي بظلالها على الأسواق، مما يضع المتداولين أمام تحديات كبيرة في محاولة قراءة المشهد القادم.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية شاهد: الملك تشارلز الثالث يطلع على أولى العملات النقدية التي تحمل صورته البرلمان الأوروبي يتبنى قواعد لتنظيم قطاع العملات الرقمية ترامب يوقّع أمرًا تنفيذيًا لطرد المتحولين جنسيًا من الجيش الأمريكي دولار أمريكيدونالد ترامبالذكاء الاصطناعيأسهمأسواق العملاتالولايات المتحدة الأمريكيةاعلاناخترنا لكيعرض الآنNextمباشر. عودة النازحين مستمرة لشمال غزة وإسرائيل تؤكد إصابة 15 ألف جندي في صفوفها وتعيد انتشارها بجنوب لبنان يعرض الآنNext ترامب: تحدثت مع الرئيس المصري وسيوافق كما سيوافق ملك الأردن على استقبال الفلسطينيين.. والسيسي ينفي يعرض الآنNext روسيا تهاجم خاركيف جوًا.. إصابات في صفوف المدنيين وخسائر مادية كبيرة يعرض الآنNext ترامب يوقّع أمرًا تنفيذيًا لطرد المتحولين جنسيًا من الجيش الأمريكي يعرض الآنNext كوريا الجنوبية.. ما السيناريوهات التي قد يواجهها الرئيس يون بعد اتهامه بالتمرد؟ اعلانالاكثر قراءة نحو 300 ألف نازح عادوا لشمال قطاع غزة وإسرائيل توسع عملياتها بالضفة وحزب الله يرفض أي تمديد للهدنة لصوص يستخدمون المتفجرات لسرقة قطع أثرية من متحف في هولندا الاتحاد الأوروبي نحو "تعليق" العقوبات عن سوريا.. وكايا تؤكد: "خطوة تتبعها خطوة" واشنطن تمدد الهدنة في لبنان لثلاثة أسابيع وقوافل الجنوبيين تستعد للدخول إلى القرى الحدودية عنوة إليكم الدولة الأكثر اكتئابًا في أوروبا.. هل بلدكم ضمن القائمة؟ اعلانLoaderSearchابحث مفاتيح اليومإسرائيلقطاع غزةحركة حماسغزةدونالد ترامبمهرجانأزمة إنسانيةتقاليدضحاياروسياالاتحاد الأوروبيالحرب في أوكرانيا الموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2025