خبير مصري يبتكر بصمة جغرافية لكل موقع علي سطح الأرض
تاريخ النشر: 27th, November 2024 GMT
في خطوة تهدف إلى تحسين نظم العنونة في مصر، قام الدكتور أيمن سليمان؛ خبير نظم المعلومات الجغرافية، بابتكار منهجية جديدة لحفظ ومشاركة العناوين بدقة فائقة، وذلك من خلال منصة تفاعلية وتطبيق ذكي يحمل اسم "3locators" (ثري لوكيتورز)، يتيحا لأي شخص أو مؤسسة إنشاء كود تعريف مميز وفريد مكون من 12 حرفًا، بالإضافة إلى رمز استجابة سريع (QR Code) لكل موقع على سطح الأرض بدقة فائقة.
هذا الكود يسهل حفظه ومشاركته عبر وسائل التواصل الاجتماعي للوصول إلى الموقع بسهولة، كما أنه متوافق مع خرائط جوجل وخدماتها، مثل تحديد الاتجاهات للوصول من مكان إلى آخر.
وصرح الدكتور أيمن سليمان بأن فكرة هذا الابتكار نبعت من حرصه على توظيف خبراته الأكاديمية والمهنية لابتكار حلول تتماشي مع جهود الدولة المصرية في التحول الرقمي وأيضاً مع الطفرة العمرانية وزيادة عدد المدن الذكية في مصر في ظل الجمهورية الجديدة، موضحاً أنه من خلال التطبيق يمكن إنشاء كود تعريفي ورمز استجابة سريع لأي موقع علي سطح الأرض ليُمثل بذلك بصمة جغرافية متفردة خاصة بالأشخاص والمؤسسات يسهل تداولها.
وأضاف سليمان أن هذا الابتكار يُعد الأول من نوعه في الوطن العربي والشرق الأوسط، ويقدم حلول ذات أهمية كبيرة للقطاعات الحكومية والمؤسسات مثل البنوك وشركات النقل وخدمات الإسعاف والطوارئ، بالإضافة إلي الحلول التي يقدمها للعديد من المشكلات التي يواجهها الناس مع نظام العنونة التقليدي، ومنها: عدم وجود نظام ترقيم منتظم للأبنية في المناطق ذات الكثافة السكانية والبنائية العالية، والتشابه في بعض أسماء الشوارع، أو أرقام المباني في بعض الأماكن مما يجعل تحديد العنوان بدقة أمرًا صعبًا، ونقص العلامات الدالة، وصعوبة حفظ ومشاركة العناوين التقليدية، بالإضافة إلى التغيرات المستمرة في أسماء الشوارع وأرقام المباني، وعدم توافق الأنظمة التقنية، والتحديات في المناطق الريفية والنائية التي تفتقر إلى نظام عنونة واضح.
وفيما يلي يستعرض سليمان الخدمات والحلول التي يوفرها الابتكار:
1. يُتيح التطبيق إمكانية الوصول إلى أي عنوان في أي مكان في العالم بدقة فائقة، وهو متوافق مع خرائط جوجل وخدماتها، بما في ذلك تحديد الاتجاهات للوصول من مكان إلى آخر.
2. إمكانية ربط التطبيق وتكامله بسهولة داخل الأنظمة التقنية الخاصة بالمدن الذكية.
3. حل مشكلة العنونة في المناطق ذات الكثافة السكانية والبنائية العالية، حيث لا يوجد نظام ترقيم منتظم للأبنية، وقد تتكرر أسماء الشوارع أو أرقام المباني في بعض الأماكن، مما يجعل تحديد العنوان بدقة أمرًا صعبًا. كما يمكن استخدامه في القرى والتجمعات النائية التي تفتقر إلى نظام عنونة واضح.
4. توفير إمكانية الاحتفاظ بكود العنوان في قواعد بيانات العملاء لأي مؤسسة، مثل: البنوك وشركات النقل وأيضًا في خدمات الإسعاف والطوارئ، كبديل عن العناوين التقليدية التي قد يكون من الصعب فهمها أو تخزينها أو تداولها.
5. حل مشكلة العنونة في المناطق والتجمعات والأحياء الجديدة التي لم يتم تحديد أسماء لشوارعها أو لا يوجد علامات دالة مميزة.
6. إمكانية إرسال الكود أو رمز الاستجابة السريع لأي عنوان دون الحاجة إلى التواجد في العنوان نفسه، على عكس خدمات بعض التطبيقات الأخرى.
جدير بالذكر أن الدكتور أيمن سليمان هو خبير في نظم المعلومات الجغرافية، بخبرة تتجاوز 25 عامًا. حصل على درجتي الماجستير والدكتوراه في منهجيات نظم المعلومات الجغرافية، وعمل في عدة جهات محلية وإقليمية ودولية. بدأ مسيرته العملية في مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء المصري، كما عمل في العديد من المؤسسات المرموقة، منها: مركز البيئة والتنمية للمنطقة العربية وأوروبا (سيداري)، والمؤسسة الألمانية للتعاون الدولي. كما عمل بالهيئة العامة للإحصاء بالمملكة العربية السعودية كخبير لنظم المعلومات الجغرافية. يشغل حاليًا منصب مدير مركز توثيق التراث الحضاري والطبيعي التابع لمكتبة الإسكندرية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: نظم المعلومات الجغرافیة فی المناطق
إقرأ أيضاً:
سليمان شفيق يكتب: أربعاء أيوب.. طقوس الشفاء وميراث المحبة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
مع اقتراب عيد القيامة المجيد وشم النسيم، يطل علينا أسبوع الآلام محملاً بالذكريات والرموز، التي تمتزج فيها الروحانية بالموروث الشعبي، وتنعكس من خلالها ملامح الشخصية المصرية التي تتوارث الفرح والمحنة بنفس السلاسة.
في صغري، كنت أعيش هذه الأيام في مسقط رأسي بالمنيا، حيث كانت شوارع المدينة تستقبل صباح "أربعاء أيوب" بنداءات الباعة: "رعرع أيوب بالشفا يا ناس"، بينما يردد الصبية بحماس: "رعرع أيوب يشفي من المرض ويغفر الذنوب". كنت أراقب المشهد باندهاش، طفولتي تجري أمامي، والوجوه تضيء بالأمل.
سألت أحد الأطفال عن اسمه، فقال: "محمود، ابن أحمد العجلاتي"، وأخبرني بأنه يشتري نبات الرعرع لوالده المريض. مشهد بسيط، لكنه يعكس إيمانًا شعبيًا راسخًا، توثقه كتب التراث الشعبي، ومنها "مقدمة في الفولكلور القبطي" للراحل عصام ستاتي، الذي فسّر هذه العادة بأنها مستوحاة من قصة النبي أيوب، الذي شُفي بعد أن اغتسل ودلّك جسده بنبات أخضر، فأصبح ذلك اليوم، الأربعاء، مناسبة يتطهر فيها الناس من عللهم، الجسدية والروحية.
وفي الطقوس القبطية، يُقرأ في صلوات هذا اليوم قصة أيوب كرمز للمعاناة والصبر والنهاية المنتصرة، كأن الجماعة القبطية، من خلال هذا الطقس، تُعيد تمثيل قصة الألم والتطهر، لا للشفاء الجسدي فقط، بل كنوع من التخلص من الأثقال الروحية أيضًا.
لكن الجمال لا يقف هنا، بل يمتد إلى روح المشاركة. ففي خميس العهد والجمعة العظيمة، كانت زوجة أخي تُعد أكياس الفول والطعمية، ويذهب ابن أخي لتوزيعها على أصدقائنا من المسلمين. وفي سبت النور يردون التحية بأطباق الترمس واللحم، ويتبادلون معنا البيض الملون في شم النسيم. وتبقى ذاكرتي مدينة لأمي، رحمها الله، التي أورثتنا هذه القيم الرفيعة في تبادل التهاني والطعام والمودة، في كل مناسبة، دون تفرقة.
وفي يوم القيامة، يزدحم المنزل بالمهنئين، معظمهم من إخوتنا المسلمين، تُشعرنا تهانيهم بصدق المشاعر لا بمجرد المجاملة. كل يد تُمد، وكل كلمة طيبة تُقال، هي فعل مقاومة ضد كل صوت متشدد يرفض التهاني ويقصي الآخر.
المفارقة أن من يُحرّمون علينا التهاني لا يجهلون فقط طبيعة المجتمع المصري، بل يجهلون جوهر الأديان نفسها. هؤلاء غابت عنهم الفطرة السليمة التي فُطرنا عليها كمصريين، حيث لا نرى في الاختلاف العقائدي حاجزًا، بل نراه جزءًا من لوحة الوطن، التي لا تكتمل ألوانها إلا بتنوعها.
القيامة بالنسبة للمصريين ليست فقط ذكرى دينية، بل رمزا للانتصار على الموت، على الحزن، على الظلم. وهي فرصة لتأكيد أن هذا الوطن لا يقوم إلا بالمحبة، ولا يُبعث إلا حين تنتصر الروح على خطاب الكراهية.
هكذا يعيش المصريون أعيادهم.. لا كطقوس فردية، بل كاحتفالات جماعية بالإنسان، بالأمل، وبالوطن الذي لا يعرف التفرقة. وكل عام وأنتم بخير.