الذكاء الاصطناعي: هل يستطيع الأوروبيون منافسة الولايات المتحدة الأمريكية؟
تاريخ النشر: 16th, August 2023 GMT
نص: فرانس24 تابِع | سفيان أوبان إعلان اقرأ المزيد
"المستحيل ليست كلمة فرنسية" كما يقول المثل. هذا ما أكده الرئيس إيمانويل ماكرون في حوار أجراه مع القناة الأمريكية "سي إن بي سي" في 14 يونيو/حزيران 2023 وأكد فيه وجود "إمكانية حقيقية في تطوير موقع (تشات جي بي تي) فرنسي يشبه الموقع الأمريكي".
وأضاف ماكرون خلال زيارته لمعرض الابتكار التكنولوجي، الذي نظم في باريس مؤخرا، أنه "تم تخصيص 500 مليون يورو لتطوير تقنية الذكاء الاصطناعي في فرنسا".
اقرأ أيضابايدن يحظر بعض الاستثمارات الأمريكية في مجال الذكاء الاصطناعي في الصين
من جهتها، أكدت وكالة "ماكنزي" المتخصصة بمساعدة الشركات في الاستثمار أن "الاستثمار في الذكاء الاصطناعي يمكن أن يجني للاقتصاد العالمي أرباحا قد تقدر ما بين 2600 إلى 4400 مليار دولار سنويا (أي حوالي 2350 إلى 3990 مليار يورو).
وأشارت نفس الوكالة أن "الـ12 مليار دولار التي استثمرت في هذا المجال من شهر يناير لغاية مايو 2023 الماضيين ذهبت كلها إلى الولايات المتحدة الأمريكية".
وفي ظل هذا المشهد التكنولوجي الذي تسيطر عليه الشركات الأمريكية الكبرى، تطوير "روبوت فرنسي" مثل "تشات جي بي تي" قد يسمح لفرنسا بالقيام بخطوات عملاقة فيما يتعلق بالحفاظ على سيادتها الرقمية.
قوة الشركات الأمريكية في مجال التكنولوجياويرى بيير كارل لانغليه، باحث في مجال علوم الإعلام والاتصال بباريس أن هناك "إمكانية لأن تتجسد طموحات ماكرون في مجال الذكاء الاصطناعي على أرض الواقع قريبا".
وقال "هناك على الأقل شركتين في مجال التكنولوجيا بصدد تطوير تطبيق "تشات جي بي تي" فرنسي أو ربما قد توصلتا إلى ذلك"، مشيرا أن "مشاريع مماثلة تم إطلاقها في ألمانيا وأنه سيتم تسويق هذه التقنيات خلال العام المقبل".
لكن المتخصص في القضايا الرقمية في معهد العلوم السياسية بباريس فابريس إيبليون غير مقتنع بأن فرنسا قادرة على تطوير روبوت يشبه روبوت "تشات جي بي تي".
اقرأ أيضاتحذير أممي من مخاطر الذكاء الاصطناعي على السلم والأمن الدوليين
ففي مقال نشره في جريدة "لوموند" الفرنسية، كتب أن "كاليفورنيا (يقصد الشركات الأمريكية العالمية في مجال التكنولوجيا المتواجدة في كاليفورنيا) متقدمة كثيرا في هذا المجال ولا داعي إذن لمنافستها"، منوها أنه حتى "في حال تمكنت شركة أوروبية من تطوير روبوت يشبه "تشات جي بي تي"، فسيتم شراؤها في الحين من قبل عمالقة التكنولوجيا الأمريكيين".
وتابع "بفضل الأموال الهائلة التي تملكها شركات التكنولوجيا في الولايات المتحدة الأمريكية، فهي قادرة على وضع عدة مليارات على الطاولة لشراء أية شركة أخرى". يقصد الشركات التي تقوم بتطوير الذكاء الاصطناعي.
فعلى سبيل المثال، أنفقت شركة غوغل 300 مليون دولار لشراء الشركة الناشئة والمتخصصة في مجال الذكاء الاصطناعي "أنتروبيك" ومليار دولار لشراء شركة "رانوي" التي تعمل في نفس المجال. أي ما يعادل الظرف المالي الذي خصصته فرنسا في 2018 من أجل تطوير الذكاء الاصطناعي.
جعل الذكاء الاصطناعي ملكية مشتركة للجميعوأضاف فابريس إيبليون "على الأوروبيين ألا يحاولوا منافسة الأمريكيين على أرضية ملعبهم والاكتفاء باقتراح شيء آخر".
وأردف "الحل الأمثل يكمن في تطوير برنامج مستقل في مجال الذكاء الاصطناعي يختلف عن البرنامج الأمريكي، شريطة أن يتم تقاسم هذا البرنامج بين العديد من الدول الأوروبية".
هذا، وسبق لواشنطن أن استخدمت الشركات الرقمية الأمريكية الكبرى لمراقبة أشخاص يعيشون خارج الولايات المتحدة.
وتشير بعض المعلومات التي كشفها إدوارد سنودن في 2013 أن الوكالة الوطنية للأمن القومي الأمريكي تعاونت مع شركات مثل غوغل وفيس بوك من أجل الحصول على بيانات لمستخدمين يعيشون خارج الولايات المتحدة ويشتبه بتهديدهم بضرب الأمن القومي الأمريكي.
وأثارت عمليات المراقبة هذه قلقا شديدا بشأن احترام الحياة الشخصية للناس والسيادة الرقمية للدول الأوروبية.
اقرأ أيضاالذكاء الاصطناعي: ما هي التداعيات على العمال؟
وإذا كانت العلاقات الثنائية الأمريكية-الأوروبية قد عرفت نوعا من الصعوبة في ظل حكم الرئيس السابق دونالد ترامب، فعودة الديمقراطيين إلى الحكم في 2021 سمح بعودة الثقة بين الطرفين، خاصة وأن الرئيس جو بايدن أظهر إرادة في التعامل مع الأوروبيين في بعض القضايا الدولية، مثل حقوق الإنسان.
لكن حسب فابريس إيبليون "مهما كانت هوية المسؤول الذي يحكم البيت الأبيض، فالولايات المتحدة ستبقى دائما قوة أجنبية".
والدليل أنه تم التنصت على مكالمات العديد من المسؤولين الأوروبيين مثل المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل من قبل المخابرات المركزية الأمريكية حتى بعهد أوباما في 2013 "، وفق التلفزيون الدانماركي وتسريبات موقع ويكليكس.
وانتقد المسؤولون الأوروبيون التصرف الأمريكي وقتها وطالبوا بضمانات فيما يتعلق بالحفاظ على الخصوصية.
وأمام المخاوف التي يمكن أن تأتي من تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، تحاول بروكسل تقنين وتنظيم هذا المجال الحساس، حيث قام النواب الأوروبيون في شهر يونيو/حزيران 2023 باقتراح مشروع قانون ينظم الذكاء الاصطناعي.
وقال ديجان غلافاس، الخبير المالي السابق في المفوضية الأوروبية "أوروبا قطعت أشواطا فيما يتعلق بتنظيم وتقنين الذكاء الاصطناعي لكنها ليست هي الأولى التي ابتكرت هذه التقنية. لذا في حال تمكنت أوروبا من تطوير برنامج خاص بالذكاء الاصطناعي، فهذا سيساعدها على ضبط هذا المجال وتقنينه على المستوى الدولي".
المصدر: فرانس24
كلمات دلالية: النيجر مونديال السيدات ليبيا ريبورتاج الذكاء الاصطناعي فرنسا أوروبا الولايات المتحدة كاليفورنيا غوغل للمزيد تشات جي بي تي تكنولوجيا مايكروسوفت الاقتصاد الرقمي الاتحاد الأوروبي فی مجال الذکاء الاصطناعی الولایات المتحدة تشات جی بی تی هذا المجال
إقرأ أيضاً:
«الذكاء الاصطناعي» يتعلم من «قطاع النشر»
باريس (أ ف ب)
أخبار ذات صلة الإمارات وفنلندا تعقدان الدورة الثانية من أعمال اللجنة المشتركة في هلسنكي عبدالله آل حامد يستعرض رؤيته «لمستقبل الإعلام»مع تزايد احتياجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أوساط قطاع النشر في التفاوض مع منصات توفر هذه التقنية لحماية حقوق المؤلفين، وإبرام عقود مع الجهات المعنية بتوفير هذه الخدمات لتحقيق المداخيل من محتواها.
واقترحت دار نشر «هاربر كولينز» الأميركية الكبرى على بعض مؤلفيها عقداً مع إحدى شركات الذكاء الاصطناعي تبقى هويتها طي الكتمان، يتيح لهذه الشركة استخدام أعمالهم المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي. وفي رسالة عرضت شركة الذكاء الاصطناعي 2500 دولار لكل كتاب تختاره لتدريب نموذجها اللغوي «ال ال ام» لمدة ثلاث سنوات.