نظرية عُمانية في البناء الاجتماعي: لسلطنة عُمان في عيدها.. يا ليت قلبي في يدي..
تاريخ النشر: 27th, November 2024 GMT
إنها الأسمى من آيات التبريكات المحصنة بالنوايا الصادقة، نزجيها لسلطنة عُمان ولجلالة سلطانها المعظم وشعبها الكريم الأمين، فهذه البلاد عقدت حلفها مع الخير والنماء، وهي إذ تحتفل بعيدها الوطني فإنها تجعل من هذه المناسبة فرصة ثمينة للشكر والعرفان على ما قدمته لصالح شعبها وأمتها حين أهدتنا أكبر إنجاز في القرن العشرين، إذ قالت وأوفت بأن الأوطان تبنى وتعيش طويلًا قوية ومنيعة متى صح منها العزم، وصدق الوعد بإنجاز تتبدى ملامحه معاشةً في تدبير حياة أهلها تقدمًا وتنمية.
إن فكرة البناء الاجتماعي جوهرية في علم الاجتماع وهي ثمرة سجال علمي واسع بين المشتغلين في هذا الحقل، بل حتى من ينتمون إلى حقول أخرى ذات صلة بالفاعلية الاجتماعية كالفلسفة وعلم السياسة وعلم الاقتصاد وفلسفة العلوم، وقد كان من مظاهر هذا السجال العلمي أن رفد علماء الاجتماع ومنهم فيلسوف العلوم الكندي إيان هاكينج (1936- 2023م) هذا الحقل بفرضية متماسكة حين قال: إن مسألة «البناء الاجتماعي» تطرح مشكلة أن الظواهر تبدو لنا واقعية وواضحة كونها نتيجة لتسلسل معين من العمليات الاجتماعية، لكننا لا نبصر الأبعاد المتشابكة التي تغطيها فكرة البناء الاجتماعي، إنه هنا يقول وبشكل واضح: إن أي ظاهرة تكتسب موضوعيتها عبر فحص ذاتيتها، وهو القول السابق بأن كل ظاهرة في المجتمع تشكلت واستقرت فإنها ما بلغت هذه الدرجة إلا بعد أن منحت نفسها موقعًا فعالًا في مجمل مظاهر السلوك الاجتماعي، وهذا ما يجعل تجلياتها قانونا حتميا وجب النزول عنده دون فحصه، لكن الجديد الذي أضافه هوكينج هو مقولته حول أثر التكوين الشخصي لمن يديرون هذه الظواهر ويتصرفون فيها، وهو أمر يتصل هنا في سلطنة عُمان بحكمة القيادة واتساع أفقها إذ ظلت تنظر إلى حقيقتها الاجتماعية كخط ناظم لعمليات البناء، وهي إذ استنفرت في هذا المجتمع مكامن العطاء والإحسان فإنها رسمت لنفسها خطة للتنمية والارتقاء بكل العُمانيين عبر تنويلهم الحق في قيادة هذا التغيير الذي يحقق آمال وتطلعات القوى الاجتماعية المختلفة، ولعمري هذا أمر يرقى لنظرية جديدة في الاجتماع الإنساني، نظرية تكشف عنها مسيرة هذا البلد المعطاء. إن سلطنة عُمان أجابت عن أحد أكبر الأسئلة التي عجزت الكثير من المجتمعات العربية الإجابة عنها، وهو سؤال: كيف يمكن للتعدد في أطره كافة أن يصبح المدخل الوحيد لبناء المجتمع، ودوننا في ذلك ما تعانيه الكثير من دولنا العربية التي تحمل التنوع ذاته وإن كان بعضها أقل بكثير في هذا الجانب، لكنها لا زالت تعاني وبشدة من تطبيع العلاقة بين المكونات الاجتماعية المختلفة لتجعل من حضورها الثقافي طريقة لصناعة الوعي، وقد انبنت هذه الفلسفة على أن المكونات الاجتماعية بمثابة أشياء في الوعي وليست ظواهر ثابتة ومحصنة بالاستقرار، بل إنه من الممكن أن يتم تأليفها وبنائها وتجميعها في بوتقة واحدة، ومن هنا يصلح أن نضع شعارًا لهذه المسيرة الظافرة بأنها مسيرة زاوجت بين المنظور البنائي والمنظور الواقعي ما جعل تغيير المجتمع هدفًا في ذاته، هدف يريد أن يمنح المجتمع بكافة تشكيلاته القدرة على التعبير عن نفسه بحرية وبلاغة منتجة، وهذا هو الغائب في سياق الظاهرة الاجتماعية العربية. إن تاريخ سلطنة عُمان نغمة مشحونة بثقة بالغة في شعبها، ثقة استقرت في وعي كل عماني، إذ هو ابن لقيادة تريد له الخير كله، وتستثمر في ذلك تشغيل كل القوى الثقافية فيه تحت هدف واحد، وهو أن يصنعوا لأنفسهم حاضرًا مجيدًا ولأبنائهم وطنًا جميلًا عقيدته الوفاء ومذهبه المحبة.. إلى سلطنة عُمان في عيدها لا نملك إلا أن نقول حفظ الله هذا البلد الاستثنائي، وأكرم شعبه الكريم، ولو كان الأمر لي لجعلت قلبي في يدي وصافحت به عُمان وأهلها.. عيدكم مجيد.. |
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: البناء الاجتماعی
إقرأ أيضاً:
“الشويهدي” يناقش الصعوبات التي تواجه عمل منظمات المجتمع المدني
الوطن|متابعات
عقد رئيس لجنة الاعلام والثقافة ومؤسسات المجتمع المدني بمجلس النواب جلال الشويهدي اليوم الاحد اجتماعاً مع عدد من ممثلي منظمات ونشطاء المجتمع المدني.
وناقش الحضور بمقر ديوان مجلس النواب في مدينة بنغازي الصعوبات والعراقيل التي تواجه عمل منظمات المجتمع المدني .
الوسومجلال الشويهدي رئيس لجنة الاعلام والثقافة ومؤسسات المجتمع المدني مجلس النواب ممثلي منظمات