لماذا وافق نتانياهو على وقف إطلاق النار مع حزب الله؟
تاريخ النشر: 27th, November 2024 GMT
ترى صحيفة "فايننشال تايمز" أن العديد من العوامل غذت قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو النهائي بالتوصل إلى وقف لإطلاق النار بوساطة أمريكية في لبنان، وكانت أهداف حربه ضد حزب الله دائماً أكثر تواضعاَ من "النصر الكامل" الذي سعى إليه ضد حماس في غزة.
لكن في مواجهة العديد من المنتقدين المحليين للاتفاق، بما في ذلك وزراء الحكومة اليمينية المتطرفة ورؤساء بلديات شمال إسرائيل وشخصيات معارضة، قدر نتانياهو أن أهدافه قد تحققت إلى حد كبير، في حين أن مخاطر المضي قدماً بالحرب تتزايد، بحسب الصحيفة.ضغوط متزايدة على إسرائيل
وفي هذا السياق، يقول يعقوب أميدرور، مستشار الأمن القومي السابق لنتانياهو الذي يعمل الآن في مؤسسة جينسا البحثية في واشنطن: "حزب الله ليس حماس. لا يمكننا تدميره بالكامل. لم يكن الأمر مطروحاً على الورق.. لبنان كبير جداً. وحزب الله قوي جداً".
وقال إن اتفاق وقف إطلاق النار هذا "ليس الحلم الذي كان يحلمه الكثير من الإسرائيليين". لكن أميدرور سلط الضوء على تناقص مخزونات إسرائيل من الذخيرة و"الضغط" على جنود الاحتياط العسكريين الذين كانوا يقاتلون منذ شهور. وقال: "لا يمكن لإسرائيل تحمل سنة أخرى من الحرب في نطاقها الحالي في الشمال".
مسؤولون إسرائيليون قالوا إن هدفهم هو العودة الآمنة لعشرات الآلاف من سكان الشمال الذين تم إجلاؤهم بعد أن بدأ حزب الله إطلاق النار على إسرائيل في أعقاب هجوم حماس في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.
وقال مسؤولون إن هذا سيتطلب دفع مقاتلي حزب الله إلى العودة من الحدود الإسرائيلية اللبنانية وتغيير "الواقع الأمني" على طول الحدود.
Why Netanyahu backed a ceasefire with Hizbollah https://t.co/3truCRD1RX
— Financial Times (@FT) November 27, 2024بعد أشهر من تبادل محدود نسبياً لإطلاق النار عبر الحدود مع حزب الله، تصاعدت إسرائيل في حربها في سبتمبر (أيلول)، مما أدى إلى تفجير الآلاف من أجهزة الاستدعاء وأجهزة الاتصال اللاسلكي في عملية سرية جريئة طالت أعضاء حزب الله في لبنان، تزامناً مع موجات من الضربات الجوية في جميع أنحاء البلاد، وبعدها بدأت غزوا بريا عقابيا لجارتها الشمالية لأول مرة منذ ما يقرب من عقدين.
أهداف إسرائيلوفي غضون بضعة أسابيع، قُتل معظم قادة حزب الله، بمن فيهم الزعيم حسن نصر الله، ودمر جزء كبير من ترسانة التنظيم الضخمة من الصواريخ. وكانت الطائرات الحربية الإسرائيلية تضرب بيروت كما تشاء، بينما توغلت القوات البرية في جميع أنحاء جنوب لبنان.
وقال تامير هايمان، الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الذي يرأس الآن معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، إن "النجاح العسكري كان استثنائيا".
وأوضح أن الحملة البرية الإسرائيلية أسفرت عن "تدمير منهجي" لمواقع حزب الله مثل المخابئ والأسلحة ومواقع إطلاق النار في المنطقة الحدودية، مما جعل عودة السكان الإسرائيليين إلى منازلهم أكثر أماناً.
لكن الهجوم جاء بتكلفة مدمرة للبنان، حيث دمر القصف الإسرائيلي مساحات واسعة من الجنوب والشرق. وقتل أكثر من 3700 شخص، من بينهم عدد غير معروف من المقاتلين، في لبنان، معظمهم منذ سبتمبر (أيلول)، ونزح أكثر من 1 مليون شخص من منازلهم.
"If implemented, the two laws adopted by the Knesset of Israel would likely prevent @unrwa from continuing its essential work in the Occupied Palestinian Territory, as mandated by the UN General Assembly, with devastating consequences for Palestine refugees." - @antonioguterres pic.twitter.com/uWlTOszIWe
— United Nations Geneva (@UNGeneva) October 29, 2024ويستند اتفاق وقف إطلاق النار إلى قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701، الذي أنهى الحرب الأخيرة بين إسرائيل وحزب الله في عام 2006، لكنه لم ينفذ بالكامل. ووصف هايمان الاتفاق المبرم حديثاً بأنه نسخة "مشددة" من الاتفاق القديم.
وقف إطلاق النارومن المقرر أن ينسحب كل من الجيش الإسرائيلي ومقاتلي حزب الله من جنوب لبنان، ليحل محلهم الجيش اللبناني وقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة. وتهدف آلية المراقبة الدولية المعززة التي تقودها الولايات المتحدة إلى إثارة الإنذارات بشأن أي انتهاكات قد تحدث.
وقد أوضح مسؤولون إسرائيليون كبار بالفعل أنهم سيأخذون الأمور بأيديهم ويضربون حزب الله داخل لبنان مرة أخرى إذا انتهكت الجماعة الاتفاق. وفي الواقع، كجزء من اتفاق وقف إطلاق النار الشامل، زودت الولايات المتحدة إسرائيل بـ"خطاب جانبي" منفصل يقنن درجة معينة من حرية إسرائيل في التصرف عسكرياً، وفقاً لشخص مطلع على الأمر.
لكن بالنسبة للمسؤولين الإسرائيليين، قد تكون الجائزة الاستراتيجية الحقيقية في وقف إطلاق النار هي احتمال إعادة تنظيم حزب الله في لبنان.
"The World Bank estimates the war has caused $8.5bn in damage and economic losses, more than one-third of Lebanon’s GDP. Close to 1m people have been displaced and around 100,000 homes have been damaged. Entire villages in the south have been razed" https://t.co/BtaxKmEVAm
— Shashank Joshi (@shashj) November 27, 2024وقال هايمان: "كان من المعتاد أن يكون حزب الله أقوى من دولة لبنان، لكنه الآن ضعيف للغاية.. هذه فرصة كبيرة للدولة لإعادة تقويم التوازن بين القوى الداخلية المختلفة وكسر سلطة إيران وحزب الله على الدولة".
ووفقاً لشخصين على دراية بمداولات الحكومة الإسرائيلية، لعبت السياسة الداخلية الأمريكية دوراً حاسماً في توقيت ومضمون الاتفاقية.
وكما هو الحال مع الكثير من الدوافع المحركة لنتانياهو خلال العام الماضي، لعبت السياسة الداخلية أيضاً دوراً محورياً في استعداد الزعيم الذي خدم لفترة طويلة للتوصل إلى اتفاق.
وعلى الرغم من معارضتهم، لم يهدد حلفاء نتانياهو السياسيين اليمينيين المتطرفين بالإطاحة بالحكومة بسبب وقف إطلاق النار في لبنان على عكس تعهداتهم خلال العام الماضي بالقيام بذلك إذا توصل إلى اتفاق في غزة.
وعلى عكس حزب الله، قد يتطلب التوصل إلى اتفاق مع حماس إطلاق سراح مئات الأسرى الفلسطينيين وإنهاء الحلم القومي اليهودي المتطرف بإعادة توطين غزة.
How gangsters took over Gaza’s aid routes https://t.co/5uojGndeGo
— Financial Times (@FT) November 20, 2024في الواقع، بالنسبة للاستراتيجيين الإسرائيليين، ربما يكون الجانب الأكثر أهمية في الصفقة هو أن حزب الله، بموافقته على وقف القتال، قد قطع الصلة المباشرة التي أقامها مع حماس في بداية الحرب، عندما بدأ إطلاق النار "تضامناً" مع الحركة في غزة وتعهد بالاستمرار حتى انتهاء القتال في الجيب.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية نتانياهو الإسرائيليين الإسرائيلية إسرائيل وحزب الله نتانياهو وقف إطلاق النار حزب الله فی لبنان
إقرأ أيضاً:
إسرائيل ترفض الانسحاب.. فهل تمدد مهلة وقف إطلاق النار شهرين إضافيين؟
يلتزم "حزب الله" اتفاق وقف إطلاق النار وكأن هناك قرارا بعدم الانجرار خلف الاستفزازات الاسرائيلية التي لم تتوقف رغم اتفاق وقف إطلاق النار الساري المفعول منذ 27 تشرين الثاني الماضي، حيث تمارس المقاومة سياسة ضبط النفس حتى الساعة ولم تستدرج إلى ما يريده الجيش الإسرائيلي الذي يخطط للبقاء جنوباً بحسب وسائل إعلامه، بعد انقضاء مهلة 60 يوماً المحددة في الاتفاق. فهو يتعمد التباطؤ في الإنسحاب من القرى والبلدات المتواجد فيها وتسليم الأرض والأمن للجيش اللبناني وقوات الأمم المتحدة الموقتة في لبنان اليونيفيل، متذرعاً بأن الجيش يؤخر تمركزه في الجنوب ولم يسحب بعد سلاح حزب الله من جنوب الليطاني. وهدد وزير الحرب الإسرائيلي يسرائيل كاتس لبنان بالقول:" الجيش الإسرائيلي سيدمر حزب الله في حال لم ينسحب من جنوب الليطاني"، وهذا يؤشر إلى أن إسرائيل تراوغ في مكان ما في محاولة لتثبيت وجودها كاحتلال دائم في جنوب لبنان، وسط معلومات تشير إلى أن الإدارة الأميركية لا تضغط على إسرإئيل لإنجاز الانسحاب وانتشار الجيش اللبناني.يعمد الجيش الإسرائيلي إلى خرق دائم لوقف إطلاق النار بالقيام بغارات جوية في الداخل اللبناني كما حصل في 25 كانون الاول الحالي فجراً عندما شن غارة جوية على طاريا غرب بعلبك لزعمه وجود مستودع ذخيرة لحزب الله. كما يقوم جيش العدو بقصف القرى وتدمير المنازل مثلما حصل ويحصل في كفركلا ومارون الراس ويارون وسواها من القرى. إضافة إلى توغل قواته في المناطق التي لم يستطع دخولها خلال المعارك مع المقاومة.
في هذا المنحى قام الجيش الإسرائيلي بالتوغل امس في محور الطيبة- عدشيت- القصير- القنطرة- وادي الحجير اولا بهدف الوصول إلى مقطع الليطاني حيث فشل سابقاً، وثانياً في عملية استفزاز للمقاومة لجرها إلى القتال من جديد واتهامها بخرق اتفاق وقف إطلاق النار الذي وافق عليه نتنياهو مرغماً، فلبنان يريد وقف إطلاق النار فيما نتنياهو يريد الاستثمار بعد سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد في سوريا وتبدل الوضع الجيوسياسي في المنطقة ككل، لفرض أمر واقع جديد على لبنان بالبقاء في المناطق التي احتلها جيشه وإقامة منطقة عازلة تسمح بعودة المستوطنين النازحين إلى مستوطنات الشمال بأمان وسلام أكثر من ذي قبل، على حد اعتقاده.
ولذلك، كان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي خلال اجتماعه اللجنة التقنية لمراقبة وقف إطلاق النار في الجنوب حاسماً لجهة ضرورة أن تضغط اللجنة على إسرائيل لتنفيذ بنود التفاهم وأبرزها الانسحاب من المناطق المحتلة ووقف الخروقات لا سيما وأن لبنان ملتزم ببنود التفاهم فيما تواصل إسرائيل خروقاتها وهذا أمر غير مقبول.
إن ما يقوم به جيش العدو الإسرائيلي من غارات جوية وتوغل بري، هو، بحسب ما يؤكد العميد شربل ابو زيد، مخالف لاتفاق وقف إطلاق النار بالواسطة بين لبنان وإسرائيل، والذي اعتبر آلية تنفيذية للقرار الدولي 1701، ما يثبت أن إسرائيل تضرب بعرض الحائط الإتفاقات الدولية وتخرق الإتفاقات بالواسطة حتى لو كانت أميركية، علماً أن الجيش يقوم بتعزيز مواقعه وانتشاره حيث يحاول جيش العدو التوغل ويقوم بمتابعة الوضع المستجد على الأرض مع اللجنة الخماسية المشرفة على وقف إطلاق النار واليونيفيل منعاً لتفاقم الأمور ووصولها إلى حد التصادم بين الجيش وقوات العدو، أو عودة الإقتتال بين العدو والمقاومة، الأمر الذي حدا باليونيفيل بأن تطلب من جيش العدو الإسرائيلي تسريع عملية الانسحاب لوقف كل ذلك. كذلك قدمت الحكومة عبر وزارة الخارجية شكوى إلى مجلس الأمن الدولي عن خروقات العدو المتكررة لاتفاق وقف إطلاق النار وتطبيق القرار 1701 لأكثر من 825 خرقا واعتداء برياً وجوياً منذ 27 تشرين الثاني ولغاية اليوم، ما يمثل تهديداً خطيراً للأمن والاستقرار في المنطقة.
وفيما يزور الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين لبنان في 6 كانون الثاني المقبل، تتحدث أوساط عن أن تعثر الإنسحاب الأسرائيلي قد يدفع به إلى طلب تمديد فترة الانسحاب مدة شهرين إضافيين، في حين أن أوساطاً أخرى تحدثت عن أن هدف الزيارة هو الدفع قدماً لانتخاب رئيس للجمهورية في التاسع من الشهر المقبل حيث أن هوكشتاين ما زال موفداً رئاسياً للرئيس الاميركي جو بايدن الذي يريد للبنان أن يكون له رئيس قبل تسليمه السلطة لخلفه دونالد ترامب الذي يريد تأجيل الموضوع إلى ما بعد دخوله البيت الأبيض.
ومن المفترض، وفق المعلومات، أن يرأس هوكشتاين اجتماعاً لهيئة الرقابة في مقر قيادة اليونيفيل في الناقورة لتقييم الوضع في الجنوب، فضلا عن أن مسألة السلاح في شمال الليطاني سوف تتوضح خلال اجتماعه ورئيس المجلس النيابي في ضوء تسليط بعض الفرقاء في الداخل الضوء على هذا الأمر واعتباره أن الاتفاق ينص على ذلك.
الأساس، بحسب الجنرال أبو زيد، هو أن لبنان يريد تثبيت وقف إطلاق النار وتطبيق القرار 1701 بكل مندرجاته، كمدخل لإعادة تشكيل السلطة عبر انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة تنأى بلبنان عن أتون النار المشتعل في المنطقة ككل، وبما أن الملفين مرتبطان ببعضهما البعض لا بد من محاولة أخيرة لهوكشتاين يعمد خلالها إلى حلحلة الأمور بدءًا بالضغط على كل الأطراف وتقديم ضمانات مؤكدة تسهّل الإنسحاب الإسرائيلي وتمركز الجيش جنوب الليطاني، وفي حال الإخفاق تمديد مهلة وقف إطلاق النار شهرين إضافيين ما يتيح للرئيس المقبل دونالد ترامب التدخل بحسب رؤيته على ما جاء في تصريح مبعوثه الخاص إلى الشرق الأوسط مسعد بولس عن أن لا مانع من تأخير انتخاب الرئيس مهلة شهرين ريثما تتبلور الأمور اكثر. وحيث أن عملية انتخاب الرئيس متعثرة إلى الآن قد يوافق لبنان، بحسب ابو زيد، على تمديد فترة وقف اطلاق النار لمدة شهرين ما يعني إفساح المجال أمام الدبلوماسية وقطعاً للطريق أمام عودة القتال الأمر الذي يسعى العدو إليه مع تبدل المشهد الإقليمي بسقوط سوريا.
أمام كل ذلك، يبقى قرار وقف إطلاق النار، كما يقول الجنرال ابو زيد، الوسيلة الوحيدة المتوافرة لتطبيق القرار الأممي 1701 وقطع الطريق على العدو الإسرائيلي بالعودة للقتال لتحقيق مآربه، وعليه فإن لبنان الرسمي والمقاومة يتعاطىون مع هذا القرار بكثير من الحكمة والتبصر وعدم الإنجرار وراء مخططات إسرائيل وأطماعها التوسعية. من هذا المنطلق يعوّل لبنان على المجتمع الدولي بالرغم من ضعف امكانياته مؤخراً أمام إسرائيل ومن وراءها، لأن الخيار الآخر يعني عودة المعارك التي يمكن أن تتفلت من عقالها بسبب تبدل الأوضاع اقليمياً لتصبح دون سقوف أو ضوابط ما قد يستدرج الجميع إلى حرب إقليمية طالما حاول المجتمع الدولي تجنبها.
المصدر: خاص لبنان24