الباعور: ليبيا بحاجة إلى مساعدة العالم أجمع لمعالجة ظاهرة الهجرة غير الشرعية
تاريخ النشر: 27th, November 2024 GMT
ليبيا – أجرى القسم الإنجليزي بوكالة “نوفا” الإيطالية مقابلة صحفية مع وزير الخارجية في حكومة الوحدة الوطنية، الطاهر الباعور، ركزت على قضية الهجرة غير الشرعية وأبرز القضايا المشتركة بين ليبيا وإيطاليا.
الهجرة غير الشرعية: مسؤولية دولية مشتركة
أكد الباعور خلال المقابلة أن ليبيا ليست دولة منشأ للهجرة غير الشرعية، بل هي متأثرة بتدفقاتها، مثل إيطاليا، ما يستدعي تعاونًا دوليًا لمعالجة هذه الأزمة.
وأضاف: “المشكلة الرئيسية تكمن في غياب استراتيجية موحدة من الاتحاد الأوروبي لمعالجة الظاهرة، بينما تواصل شبكات الاتجار بالبشر ارتكاب انتهاكات خطيرة بحق المهاجرين”.
وأشار الباعور إلى أن ليبيا بحاجة إلى الدعم اللازم لحماية حدودها وتعزيز أمنها، موضحًا: “ضعف الأمن يمثل تحديًا كبيرًا. نحن بحاجة إلى معدات إلكترونية متطورة وإبرام اتفاقيات فعّالة لحل المشكلة”.
كما شدد على أهمية التعاون مع إيطاليا، مشيرًا إلى أن الأهداف الاستراتيجية بين البلدين متطابقة، مع اعتماد ليبيا على نهجَي الرفض والعودة الطوعية للمهاجرين مع توفير المساعدات الإنسانية لهم.
الانتخابات البلدية: تجربة ناجحة ورسالة واضحة
انتقل الباعور إلى محور الانتخابات البلدية التي أُجريت في 16 نوفمبر، واصفًا إياها بأنها “رسالة واضحة لا لبس فيها” تدعو لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية التي طال انتظارها. وأضاف: “75% من الليبيين المسجلين شاركوا في الانتخابات المحلية، ونحن مستعدون لضمان أجواء إيجابية لحماية العملية الانتخابية”.
وأكد الباعور أن نجاح الانتخابات البلدية يعكس قدرة ليبيا على تنظيم انتخابات شفافة، مشيرًا إلى أن الاستقرار في ليبيا هو عنصر أساسي لأمن وتنمية منطقة البحر الأبيض المتوسط.
التعاون الاقتصادي مع إيطاليا: فرص جديدة
تطرق الباعور أيضًا إلى العلاقات الاقتصادية مع إيطاليا، موضحًا أن إطلاق رحلات مباشرة بين طرابلس وروما يمثل خطوة حاسمة لتعزيز التعاون التجاري بين البلدين. وأضاف: “إيطاليا ستصبح مركزًا دوليًا للرحلات الليبية، ما يعزز الروابط الاقتصادية ويتيح لليبيين الوصول إلى بقية العالم”.
الدعم الإيطالي: شريك تاريخي
وفي ختام حديثه، أشاد الباعور بالدور الإيطالي التاريخي في دعم ليبيا، وخاصة خلال الفترة بين 2015 و2020، حين كانت السفارة الإيطالية الوحيدة الباقية في طرابلس. وأشار إلى أن هذا الدعم أسهم في تعزيز العلاقات وخلق فرص تعاون جديدة بين البلدين.
ترجمة المرصد – خاص
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: غیر الشرعیة إلى أن
إقرأ أيضاً:
الهند- باكستان- إيران.. كيف توزّع واشنطن صكوك الشرعية النووية؟
منذ نشأة النظام الدولي بعد الحرب العالمية الثانية، سعت القوى الكبرى إلى فرض معايير محددة للشرعية في امتلاك السلاح النووي، فكانت معاهدة حظر الانتشار النووي (NPT) حجر الزاوية في ضبط التسلح العالمي، لكن مع مرور العقود، بدا واضحاً أن الغرب، وعلى رأسه الولايات المتحدة، لا يتعامل مع هذا السلاح الفتاك بمنطق قانوني أو أخلاقي موحد، بل بمنطق المصالح، التحالفات، والخطاب السياسي الانتقائي. هذا التحيّز تجلّى بوضوح في طريقة تعامله مع ثلاث دول نووية في آسيا: الهند، باكستان وإيران.
رغم أن الهند فجّرت أول قنبلة نووية في عام 1974م فيما عُرف باختبار “بوذا المبتسم”، في تحدٍّ مباشر لمعاهدة حظر الانتشار التي لم توقّع عليها أصلاً، فإن رد الفعل الدولي لم يتجاوز حدود الإدانات الرمزية. وبحلول الألفية الجديدة، تحوّلت الهند من دولة نووية “مارقة” بنظر الغرب إلى حليف استراتيجي موثوق، خاصة بعد توقيع الاتفاق النووي المدني مع الولايات المتحدة عام 2008م، هذا الاتفاق منح الهند شرعية شبه رسمية للوصول إلى تكنولوجيا نووية دولية، دون أن تلتزم بتخفيض ترسانتها النووية أو الانضمام لـNPT.
في حين كان جاء التبرير الغربي: الهند “أكبر ديمقراطية في تلك المنطقة”، وتلعب دوراً مهماً في موازنة نفوذ الصين. وهكذا، غُلّبت الجغرافيا السياسية على القانون الدولي.
باكستان من جهتها، دخلت النادي النووي من باب الردع المضاد بعد التجارب النووية الهندية. لكنها لم تصل إلى هذه القدرة عبر سباق علمي داخلي وحسب، بل عبر اختراق استخباراتي وعلمي نفّذه العالم الباكستاني عبدالقدير خان، الذي حصل على تصميمات الطرد المركزي من أوروبا، وأنشأ شبكة تهريب نووية خدمت لاحقاً إيران وليبيا وكوريا الشمالية.
فيما كان الرد الغربي عبارة عن عقوبات مؤقتة أعقبت التجربة النووية عام 1998م، سرعان ما رُفعت بعد أن أصبحت باكستان شريكاً ضرورياً في “الحرب على الإرهاب” بعد أحداث 11 سبتمبر عام 2001م، ومع أن واشنطن والغرب يشككون في قدرة الدولة الباكستانية على تأمين ترسانتها النووية وسط تنامي “التطرف الداخلي” على حد تعبيرهم، اختاروا التغاضي الحذر بدل المواجهة، خشية تفجير توازن الردع مع الهند أو زعزعة استقرار جنوب آسيا.
أما إيران، فكانت مثالاً عن النفاق الغربي بأوضح صوره، على عكس الهند وباكستان، إيران وقّعت على معاهدة حظر الانتشار النووي، وخضعت لعقود من التفتيش المكثّف من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ولم يصرّح مسؤولوها مرة عن قرار إيراني ببناء سلاح نووي. ومع ذلك، فإن الغرب، بقيادة الولايات المتحدة، فرض على إيران أحد أقسى أنظمة العقوبات في التاريخ الحديث، مدّعياً أن برنامجها السلمي ليس سوى غطاء لطموحات عسكرية.
الاتفاق النووي الإيراني عام 2015م، كان فرصة لنزع فتيل الأزمة، لكنه انهار عملياً بعد انسحاب إدارة الرئيس دونالد ترامب منه عام 2018م، في خطوة نالت مباركة إسرائيلية وعارضها الحلفاء الأوروبيون. لم تُجدِ التقارير الإيجابية من الوكالة الدولية نفعاً، ولا الانفتاح الجزئي الذي أبدته طهران مرات عديدة، وذلك، لأن إيران عدو استراتيجي لحلفاء واشنطن في المنطقة، خاصة كيان الاحتلال، ولذلك فامتلاكها أي قدرة نووية مرفوض تماماً.
إن هذا التعامل المزدوج يعيد صياغة مفهوم “الشرعية النووية” من أداة لضبط انتشار السلاح إلى أداة للهيمنة، فحين يُسمح لدولة كالهند بتطوير سلاح نووي وتُكافأ بالتكنولوجيا، ويُتسامح مع باكستان رغم سجلها في الانتشار، بينما تُخنق إيران اقتصادياً وسياسياً قبل حتى أن تُنتج قنبلة واحدة، لا يمكن الحديث عن نظام عالمي عادل، بل عن منظومة هيمنة بغطاء قانوني.
في الواقع، إن الاستمرار بمثل هذه السياسات يعني أمرين: فقدان الثقة في النظام الدولي، وخاصة في معاهدة NPT، التي باتت تبدو كمجرد أداة للسيطرة على بعض الدول دون غيرها، وتشجيع دول أخرى على السعي لامتلاك السلاح النووي خارج الأطر الرسمية، إدراكاً منها أن الردع الحقيقي لا يأتي من التوقيع على الاتفاقيات، بل من امتلاك القنبلة نفسها.
مع تصاعد التوترات الجيوسياسية في آسيا والشرق الأوسط، ومع تخبّط السياسة الخارجية الأمريكية بين التحالفات والمصالح، يبدو أن العالم يتّجه إلى مرحلة تفكّك تدريجي للمنظومة النووية التقليدية، فكلما شعرت دولة أن الاتفاقيات لا تحميها، وأن الغرب يستخدم القانون كعصا انتقائية، كلما زادت فرص أن ترى في السلاح النووي الضمانة الوحيدة لوجودها.
في هذا السياق، لا يمكن قراءة البرنامج النووي الإيراني، ولا حتى الطموحات التركية أو السعودية المحتملة، خارج هذا الإطار، فحين يصبح النووي مسموحاً لدول معينة رغم خروقاتها، ومحرّماً على أخرى رغم التزامها، فإن قاعدة اللعبة تصبح “من يملك النفوذ، يملك النووي”.
*صحفية لبنانية