أبرزها العتاولة والمداح| دراما الأجزاء تسيطر على الموسم الرمضاني المقبل.. وناقدة فنية: ظاهرة ليست جديدة على الدراما المصرية
تاريخ النشر: 27th, November 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
رغم الاستعدادات المبكرة لتقديم دراما رمضان، إلا أنه ما زالت ظاهرة تقديم أجزاء جديدة للمسلسلات هي السائدة، وكأنها أصبحت موضة منتشرة في الدراما المصرية خلال السنوات الماضية، ومع حلول شهر رمضان المقبل نجد أكثر من خمسة أعمال يقدمون أجزاء جديدة بعد نجاح الموسم الأول منها.؛ «البوابة نيوز» ترصد الظاهرة ومعرفة معيار تقديمها.
يدور المسلسل في إطار تشويقي حول صابر المداح، وهو رجل متدين ومحبوب تمكن منه الشيطان بسبب من تعلق قلبه بحبها، فقتل أقرب الناس إليها، وانقلبت الحياة رأساً على عقب وحقق المسلسل نسبة مشاهدة عالية ونجاح جماهيري كاسح خلال عرض أجزائه الأربعة ويشارك في بطولتة كل من حمادة هلال، وخالد الصاوي، وغادة عادل، وهبة مجدي، ودنيا عبد العزيز، وخالد سرحان، ومحمد عز، وحنان سليمان، وتامر شلتوت، وصبحي خليل، بالإضافة إلى ظهور خاص لبعض النجوم مثل فتحي عبالوهاب، وسهر الصايغ، ودياب، ومي سليم، وحمزة العيلي، من تأليف أمين جمال ووليد أبو المجد، وشريف يسري، ومن إخراج أحمد سمير فرج.
كامل العدد 3يدور المسلسل في إطار اجتماعي تشويقي فيتقابل أحمد طبيب التجميل، وليلى صاحبة مشروع مستحضرات التجميل سرعان ما يقعان في غرام بعضهما البعض، ولكن ظروفهما العائلية المختلفة تقف سببا عائقا أمام العلاقة، ولكنهما يقرران الزواج وتحدي الظروف وعند عرض الأجزاء الأولي والثانية حقق ردود أفعال واسعة و نجاحا جماهيريا ونسبة مشاهدة عالية ، بطولة كل من دينا الشربيني، وشريف سلامة، وإسعاد يونس، وميمي جمال، وحمزة دياب، وجيسيكا حسام الدين، ولينا صوفيا، وسيليا محمد سعد، ومالك عماد، من تأليف رنا أبوالريش ويسر طاهر، من إخراج خالد الحلفاوي.
العتاولة 2بعد نجاح الجزء الأول في رمضان الماضي؛ أعلن صُناع العمل الاستعداد لتصوير جزء ثانٍ له ويدور المسلسل في إطار من التشويق والإثارة، حول قصة الشقيقين (خضر) و(نصار)، واللذين يعملان في مجال النصب والجريمة، مما يضعهما في العديد من العقبات والمخاطر ويشهد العتاولة 2 غياب عدد من أبطاله وهم فريدة سيف النصر ومي كساب، وتأتي الفنانة الكبيرة فيفي عبده بديلة لفريدة سيف النصر وتقوم بدور شديدة ويشارك في بطولة مسلسل العتاولة 2 كل من أحمد السقا، طارق لطفي، باسم سمرة، زينة، فيفي عبده، ميمي جمال، صلاح عبد الله، نهى عابدين، أحمد كشك، مصطفى أبو سريع وغيرهم، من تأليف هشام هلال، من إخراج أحمد خالد موسى.
أشغال شقة 2يدور المسلسل في إطار اجتماعي كوميدي حول حمدي عبدالرحيم إخصائي الطب الشرعي الذي يُرزق هو وزوجته بتوأمين بعد فترة من زواجهما، ويقرران اﻻستعانة بمديرة منزل لرعاية التوأمين، ولكنهما يعانيان بشدة في رحلة البحث عن مديرة منزل لرعاية الطفلين. أشغال شاقة بطولة كل من هشام ماجد، أسماء جلال، مصطفى غريب، شيرين، بجانب عدد كبير من ضيوف الشرف بالمسلسل، من تأليف خالد وشيرين دياب، وإخراج خالد دياب.
جودر 2يدور المسلسل في إطار الدراما الممزوجة بالخيال والمستوحى أحداثه من قصص ألف ليلة وليلة حول حياة تاجر ينجب ثلاثة أولاد؛ (سالم) و(سليم) و(جودر)، حيث تتعقد حياة الابن الأخير (جودر)، ويصبح في صراع مع العدو (شمعون) للوصول إلى كنوز الحكيم (شمردل) الأربعة ، يشارك في بطولة العمل كل من النجم ياسر جلال، نور اللبنانية، ياسمين رئيس، تارا عماد، وفاء عامر، جيهان الشماشرجي، أيتن عامر، هنادي مهنا، عبد العزيز مخيون، أحمد بدير، محمد التاجي، سامي مغاوري، عايدة رياض، أحمد فتحي، أحمد كشك، وغيرهم من الفنانين، من تأليف أنور عبد المغيث ، من إخراج إسلام خيري.
قلع الحجر 2يدور المسلسل في إطار درامي، تدور أحداثه في الصعيد، حول قصة حدثت بالفعل، حيث العمدة (فرماوي)، والشاب المتمرد (عبدالحي) الذي يدخل في عدة أزمات بسبب تسلط والديه، كما يتطرق العمل إلى قضية حقوق المرأة بطولة محمد رياض ، سوسن بدر، سميرة عبد العزيز، مني عبد الغني، ومجموعة من النجوم إخراج حسني صالح.
الاختيارتدور أحداث المسلسل حول حياة قائد الكتيبة 103 صاعقة في الجيش المصري عقيد أ.ح أحمد صابر منسي الذي استشهد في كمين مربع البرث بمدينة رفح شمال سيناء، أثناء محاولته التصدي لهجوم الإرهابيين في سيناء.
المسلسل بطولة أمير كرارة، وأحمد العوضي، ودينا فؤاد، وأحمد فؤاد سليم، وأحمد السقا وغيرهم من النجوم، إخراج بيتر ميمي.
كيد النساوعندما قدم صناع العمل الجزء الأول منه حقق نجاحاً جماهيرياً كبيراً مما دفع صناعه لتقديم جزء ثانٍ منه وتدور أحداث المسلسل في إطار كوميدي اجتماعي حيث تجسد الفنانة فيفي عبده شخصية الزوجة الأولى (كيداهم) للنجم أحمد بدير ذلك الزوج ضعيف الشخصية أمام تسلط زوجته وقوتها مما يدفعه إلى الزواج من امرأة أخرى هي (صافية) التي تجسد دورها الفنانة سمية الخشاب، ومن هنا تبدأ المشاحنات والصراع بين الضرتين على الزوج وحدوث العديد من المفارقات والمقالب بينهما بطولة فيفي عبده ، سمية الخشاب، أحمد بدير، أيتن عامر ، دينا فؤاد، ومجموعة من الفنانين إخراج أحمد صقر.
الكبير أويقدم هذا المسلسل أكثر من ستة أجزاء، وتدور أحداث المسلسل حول عمدة قرية «المزاريطة»، الذي تزوّج من امرأة أمريكية وأنجب منها ثلاثة توأم؛ أحدهم تربى في الصعيد، والآخر في أمريكا، والآخر في القاهرة وتحدث مواقف كوميدية ومفارقات بين الأخوان الثلاثة عندما يلتقون ويتنافسون على العمودية خلفا لوالدهم ويجسد مكي الأدوار الأربعة الأب والإخوان الثلاثة (الكبير وجوني وحزلقوم). يتفق الأخوان الثلاثة على إقامة انتخابات للعمودية، ويحاول كل منهم استمالة أهل القرية، ولكن في النهاية يفوز جوني في الانتخابات باكتساح، بطولة أحمد مكي ودنيا سمير غانم وهشام إسماعيل ومحمد شاهين ومحمد سلام وعلي مدار أجزائه إخراج كل من إسلام خيري وأحمد الجندي وهشام فتحي.
أبو العروسةوحقق هذا المسلسل نجاحًا كبيراً فور عرض أجزائة الثلاثة، وتدور الأحداث حول عدد من المشاكل الاجتماعية من خلال الموظف عبدالحميد الذي تختلط مشاعره السعادة والقلق عندما يتقدم شاب للزواج من ابنته، حيث تتعرض الأحداث لتحمل الأب لتكاليف زواج ابنته، ولاختلاف الفوارق الاجتماعية بين طبقات المجتمع، ومشاكل الأسر المصرية، بطولة كل من سوسن بدر، سيد رجب، ولاء االشريف، كارولين عزمي، ميدو عادل وغيرهم من النجوم إخراج كمال منصور.
ليالي الحلميةويعد هذا المسلسل ملحمة درامية قوية ويعد من أشهر مسلسلات الأجزاء في تاريخ الدراما تدور أحداث العمل حول الصراع بين سليم البدري، وهو رجل أعمال ثري، والعمدة سليمان غانم، وهو رجل ريفي قادم من الأرياف للثأر لوالده الذي مات في السجن بسبب إسماعيل البدري، والد سليم. ولعبت نازك السلحدار، وهي امرأة قوية وطموحة، دورًا رئيسيًا في هذا الصراع، حيث كانت تستفيد منه لتحقيق أهدافها الخاصة.بدأت المواجهة بين سليم والبدري عندما قام سليمان بشراء أسهم في مصنع سليم للمنسوجات، وشارك في بطولته العديد من الفنانين، منهم يحيى الفخراني، وصلاح السعدني، وصفية العمري، ومحمود ياسين، وعبد الله غيث، وآخرون إخراج إسماعيل عبد الحافظ.
رأفت الهجانهو مسلسل درامي اجتماعي قدم منه ثلاثة أجزاء، ويدور حول ملحمة وطنية في ملفات المخابرات المصرية عن سيرة البطل المصري رفعت علي سليمان الجمال الذي تم زراعته داخل المجتمع الإسرائيلي للتجسس لصالح المخابرات المصرية، وكان له دور فعال في الإعداد لحرب أكتوبر. بدأ العمل على إنتاج أول جزء في عام 1987، بطولة محمود عبد العزيز، يسرا، يوسف شعبان،محمد وفيق،نبيل الحلفاوي،وكوكبة كبيرة من النجوم والنجمات إخراج يحيي العلمي.
ليه لأحقق هذا العمل نجاحاً كبيراً فور عرضه مما دفع صُناع المسلسل لتقديم جزء ثانٍ وثالث منه ويطرح العمل العديد من القضايا والمشاكل الاجتماعية التي تعاني منها النساء على وجه الخصوص، حيث يروي كل موسم قصة جديدة ويضم شخصيات مختلفة عن المواسم الأخرى، ولا تقتصر القضايا التي يعالجها المسلسل على تلك التي يعاني منها المجتمع المصري، بل يعكس المشاكل والتحديات التي تواجه النساء بشكل عام في الوطن العربي وتتطرق الموسم الأول من مسلسل "ليه لأ" إلى موضوع استقلال المرأة عن عائلتها، بينما يركز الموسم الثاني على قضية الأمومة والتبني، أما الموسم الثالث فيلقي الضوء على فكرة الطلاق والزواج والصعوبات التي تواجهها النساء بهذا الخصوص بطولة أمينة خليل ، شيرين رضا ، هالة صدقي،هاني عادل ، محمد الشرنوبي، نيللي كريم ومجموعة من النجوم تأليف مريم نعوم إخراج مريم أبو عوف.
ماجدة موريس: الأحداث الجديدة والكتابة الجيدة من شروط تقديم مسلسلات الأجزاءعن تقديم الأعمال ذات الأجزاء في دراما رمضان المقبل وخلال الفترة الماضية قالت الناقدة ماجدة موريس في تصريحات خاصة لـ "البوابة نيوز"، إن هذه الظاهرة ليست جديدة من نوعها على الدراما المصرية، فهي متواجدة منذ قديم الأزل، وأوضحت صُناع الفن المصري، هم من اخترعوا تلك الموضة في السبعينيات من خلال مسلسل ليالي الحلمية، الذي قُدم علي مدار خمسة أجزاء، وأيضاً رأفت الهجان وقُدم على مدار ثلاثة أجزاء والشهد والدموع وغيرها، لافتة ألا نستطيع القول إنها مسيطرة علي الدراما لأن أصبح المسيطر الآن المسلسلات ذات الـ 15 حلقة وليس الـ 30 وفي رمضان المقبل وليس هناك أكثر من 5 مسلسلات ذات الأجزاء.
وتابعت: ليس هناك مانع من ضرورة تقديم مسلسلات ذات الأجزاء ولكن بشروط، مشيرة إلى أن أهمها أن تلك الأعمال تتوقف علي أهمية الموضوع والقصة، فبالتالي من الممكن أن يأخذ مساحة خاصة علي الشاشة، وأكبر مثال علي ذلك مسلسل رأفت الهجان الذي عرض وكان يعبر عن قصة ورواية مهمة للمشاهد وحدثت علي مدار سنوات طويلة وكان من المهم تقديمها بشكل بالغ الدقة وفي ذات الوقت كان هناك كُتاب لديهم من القدرات تقديم أفكار معبرة عن جزء من حياة البلد بأكملها.
وأكدت أن المعيار الوحيد لتقديم هذا النوع من الأعمال أهمية السيناريو وفقاً للقصة والحدث ودون ذلك يعد تطويلا ليس له مبرر.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: البوابة نيوز المداح 5 كامل العدد 3 العتاولة 2 جودر 2 أشغال شقة 2 المسلسل فی إطار عبد العزیز العدید من فیفی عبده من النجوم من تألیف من إخراج
إقرأ أيضاً:
إلى مؤتمر مستقبل الدراما المصرية
ليست الدراما مجرد ضرب من ضروب الترفيه، بل هي أداة مركزية في تشكيل الوعي الإنساني وإطلاق قوى التفكير وطرح التساؤلات وإحداث التغيير الاجتماعي"، تلك هي كلمات الكاتب والروائي الجنوب إفريقي الشهير أثول فوجارد مؤكداً الأهمية المركزية للدراما في المجتمع، أيّ مجتمع، إذا ما حسُن توظيفها لتلامس نبض هذا المجتمع ولتأتي انعكاساً صادقاً لقضاياه، وتعبيراً عن همومه وطموحاته وآماله في مستقبل أفضل، عبر مساءلة إخفاقاته وإعادة صياغة وجدانه الجمعي بما يتفق وقناعاته المركزية: الإنسانية أو الدينية أو القومية.
غير أن ما حدث في راهننا الحالي، هو سقوط بعض الأعمال الدرامية لهوة سحيقة من الاضمحلال والانحدار القيمي والأخلاقي، وتواترت الألفاظ المبتذلة والسوقية داخلها بشكل غير مسبوق، حيث يجرى استخدام لغة خادشة للحياء وللذوق العام بشكل فج، وشيوع مشاهد وسلوكيات العنف والبلطجة والعري، والأمر المثير أنه يجري الترويج لذلك عبر التحجُّج بأطروحة "الجمهور عايز كدة"، وأن ذلك يجري وفقاً لنظرية (الاستخدامات والإشباعات) الشهيرة.
فبدلاً من أن تأخذ الدراما بقيم المجتمع لأعلى عبر السمو بأخلاقياته صوب المُثل العليا وتعميق هويته وإنعاش ذاكرته الوطنية، أضحت أداة لاضمحلال قيمي وتحلل مجتمعي عام، كذلك ما تطرحه من رؤى ظلامية ساهمت في إنتاج واقع مُفعم بالمادية النفعية والصراع، فقد تم عبر بعض هذه الأعمال الدرامية حقن شرايين المجتمع بجرعات عالية من الانحطاط والكراهية وتغذية الصراعات الطائفية والمذهبية داخله.
وربما يأتي ذلك كله تزامناً مع انتشار الفلسفات والقيم السلبية المصاحبة لحقبة ما بعد الحداثة وما صاحبها من انهيار قيمي وأخلاقي واسع، فلا ثوابت أخلاقية يمكن الدفاع عنها، ولا قيم عُليا يمكن الموت من أجلها، فكل الأمور أضحت نسبية، والمطلق الوحيد هو التغيير المستمر الفاقد للغاية والمعنى.
وهي قيم وافدة علينا، يتحتم التصدي لها عبر تأكيد منظومتنا القيمية المتفردة التي طالما حفظت هويتنا طويلاً، وكان لها الدور المركزي في تعميق تلاحمنا المجتمعي على مر السنين.
والحقيقة أنه ومن أجل إعادة بعث الدراما المصرية لتعود لعنفوانها الإبداعي مرة أخرى علينا التحرك بقوة في مسارات عدة، لعل أبرزها:
حتمية معالجة أزمة الاستنساخ والقولبة، فكل الأعمال متشابهة، كما كل الوجوه متشابهة، فهي إذن نمطية مقيتة علينا الخلاص منها عبر تفجير مكامن الإبداع وتحديداً لدى المخرجين والكتاب الشباب عبر تدريبهم على يد أهل التخصص والخبرة والكفاءة.
لا يجب ترك الأمور لشركات إنتاج غير مصرية لتقدم مضامين سلبية من شأنها العبث بهوية المجتمع وقيمه والإضرار بسلم أولوياته، وذلك كما حدث في السنوات القليلة الماضية.
إشكالية الاهتمام بالجانب التجاري وتحقيق الأرباح المادية حتى لو جاء ذلك على حساب الجانب الإبداعي، وهو ما يقود إلى إنتاج ما يسمى بدراما المقاولات الفاقدة للعمق والقيمة، كان ألبرت آينشتاين يردد " حاول ألا تكون رجل النجاح بل رجل القيمة"، غير أن ما نتغياه هو في الذهاب بعيداً وتحقيق القيمة والنجاح معاً، وهي، معادلة ليست بالمستحيلة في عالم الإنتاج الدرامي إذا ما جرى العمل وفق استراتيجية جيدة تسعى للتوفيق بين متعة العرض وجاذبيته وغائية المضمون وجديته.
الكف عما يسمى بورش كتابة السيناريو التي أنتجت سيناريوهات ضحلة هي أقرب إلى الوجبات السريعة، التي ضررها هو أكثر من نفعها، والتي كثيراً ما تقوم بكتابة السيناريو على عجل ووقت التصوير فيأتي سطحياً مبتذلاً دون عمق فكري حقيقي، أضف إلى ذلك ضعف النصوص وهشاشة البناء الدرامي.
من المهم عقد عدد من بروتوكولات التعاون مع مؤسسات أكاديمية ومراكز بحثية متخصصة لتطوير المحتوى الدرامي وإجراء الأبحاث الأكاديمية واستطلاعات الرأي وقياس رجع الصدى حول الأعمال الدرامية المقدمة.
أهمية عقد مؤتمر سنوي دوري لمناقشة التجربة على مدار العام وتقييم نجاحاتها وإخفاقاتها وسبل تطويرها نحو الأفضل.
فيما يتعلق بالتمويل، فالحقيقة المؤكدة أنه ليس هناك أزمة في التمويل بدليل العدد الضخم من الأعمال الدرامية التي يجري إنتاجها كل عام وخاصة في رمضان، فالعبرة ليست في الكم لكنها في الكيف، أي في الإبداع والجودة شكلاً ومضموناً.
الملاحظة المركزية في الأعمال الدرامية السابق تقديمها هي غياب وتهميش دور الطبقة الوسطى داخل تلك الأعمال الدرامية، فأضحت تتأرجح بين ثنائية حادة: أثرياء أو فقراء ومهمشين، حياة القصور الفارهة أو الحارات والعشش والأكواخ، الأولى حيث السرقات وغسيل الأموال والانحلال الخلقي، والثانية حيث العنف والبلطجة، في حين غابت الطبقة الوسطى تماماً تلك الطبقة التي تضم العلماء والمثقفين والمفكرين الذين لديهم القدرة على إحداث التغير الحقيقي في أي مجتمع.
نعتقد أنه من أجل التغلب على إشكالية ضعف القضية المطروحة درامياً وضحالة السيناريو، أنه علينا الذهاب مباشرة للأعمال الأدبية والفكرية الكبرى وتحويلها لأعمال درامية، على أن تجري عملية صياغة السيناريو بحرفية عالية كي لا يجري تفريغ القضية المطروحة داخل العمل من مضمونها العميق.
على الدراما أن تُحلِّق بالمشاهد نحو أفق إنساني رحب حيث تسامي الغرائز في معارج الروح، وأن تُهدِّئ من هواجسه الميتافيزيقية وشعوره بالاغتراب الناجم عن أزمة المعنى، وأن تتمركز حول القيم الإنسانية العامة: قيم الحق والخير والجمال، وقيم الحرية والمواطنة واحترام المرأة والأقليات والأديان وغيرها وعدم التمييز على أُسس العرق أو الدين أو اللون أو الجنس.
من المهم السعي نحو تقديم القدوة والمثل، ذلك الذي نفتقده كثيراً في أيامنا هذه، عبر إنتاج سلسلة من الأعمال الدرامية التي تتناول السير الذاتية للشخصيات التاريخية والوطنية والإنسانية العظيمة، وهو أمر يتطلب إعادة قطاع الإنتاج بالتليفزيون المصري إلى سابق عهده في إنتاج مثل تلك الأعمال الملحمية والرسالية، تلك التي لا يقبل عليها القطاع الخاص.
حقيقة أن هناك أعمالاً متميزة جرى إنتاجها في السنوات الأخيرة غير أنه لم يتم الترويج لها جيداً، في المقابل، نجد أعملاً درامية سطحية ومبتذلة وقد حققت جماهيرية كبيرة نتيجة للآلة الدعائية الضخمة المصاحبة ومشاركة وتعليق الكثير من الحسابات الزائفة والمدفوعة التي جرى إنشاؤها على السوشيال ميديا خصيصاً لهذا الغرض اعتماداً على استراتيجية سلوك القطيع، من هنا أهمية الشروع في إنتاج حملات دعائية مصاحبة، وبخاصة على وسائل التواصل الاجتماعي (أي توظيف الثورة الرقمية)، للترويج لتلك الأعمال الدرامية الجيدة التي سيجري إنتاجها وعرض مقتطفات منها وآراء النقاد والجماهير فيها وما تتسم به من أبعاد إبداعية.
إشكالية مركزية أخرى تعاني منها الدراما الحالية، وهي تغوُّل البطل على العمل الدرامي، إذ يجري تفصيل رواية وسيناريو ما ليناسب البطل الذي تم اختياره مسبقاً، بل ويقوم هو الآخر، أي البطل، بإحداث تغييرات جوهرية في السيناريو والإخراج لتدور جميعها في إطار تفخيمه وتعظيمه وتأكيد نجوميته في مقابل تقزيم الأخرين، ولو جاء ذلك على حساب المستوى الفني والإبداعي للعمل الدرامي، من هنا أهمية إعادة الاعتبار للكاتب ووضعه في المقدمة مع الالتزام بالمعايير العالمية في الإنتاج والإخراج.
من الأهمية بمكان السعي الحثيث نحو توظيف ممكنات الذكاء الصناعي والتقدم التكنولوجي الهائل في تحقيق جودة وجاذبية عالية للمنتج الدرامي الذي يراد إنتاجه.
تأكيد دور الدراما في الترويج لمعالمنا السياحية والأثرية عبر الخروج للتصوير في تلك الأماكن، وذلك بما يخدم اقتصادنا القومي في محورين مركزيين: المحور الأول جذب السائحين لزيارة تلك الأماكن السياحية والأثرية التي شاهدوها في الأعمال الدرامية، والمحور الثاني لتكون قبلة للمخرجين والمنتجين العالميين لتصوير أعمالهم الفنية بتلك الأماكن.
أعتقد أنه قد انتهى عصر اللجان المتخصصة في الرقابة على الأعمال الدرامية بشكلها التقليدي، فإعادة إحيائها هي فكرة غير جيدة، لكنه يمكن الاستعانة بلجان من الأكاديميين والمبدعين ليكون دورها استشارياً من أجل تطوير العمل (شكلاً ومضموناً) ومن أجل تعميق أطروحاته.
علينا أن نُقدِّم أعمالاً درامية من شأنها تفجير الملكات النقدية لدى المشاهد وتوريطه في القضية المطروحة عقلياً ومعرفاً، فها هو الكاتب المسرحي الشهير هنريك إبسن يقول: " علينا أن نطرح الأسئلة، وليس علينا أن نقدم الحلول والإجابات الجاهزة"، فالفن الحقيقي ليس نقلاً فوتوغرافياً للواقع بقدر ما هو استجابة جمالية إبداعية لحيثيات هذا الواقع وإيقاظ الخيال لدى المشاهد لطرح التساؤلات حول ممكنات تغييره للأفضل.
وفي التحليل الأخير فإن ما نتغياه هو إنتاج أعمال درامية من شأنها إشهار غصن الزيتون وورود المحبة في وجه سيف الكراهية، وإعلاء قيم التراحم والتسامح في وجه تِنّين الانتقام، وتأجيج قوى الأمل في وجه جحافل العجز واليأس، وإيقاظ عالم الروح الذي اغتالته الأطروحات المادية في صيغتها ما بعد الحداثية.
وإذا ما كانت الدراما هي أداة لوصف حيثيات الواقع، فهي أيضاً الرغبة العارمة في تجاوز هذا الواقع ومن ثم معانقة الخيال، أن ترنو صوب المُثُل العليا تأسيساً على مفردات الواقع وممكناته، فالدراما بقدر ما هي صدى صوت أنين المعذبين هي أيضا ترجمة لهمس أحلام وطموحات المبدعين والمفكرين.
ما نريده هو تدشين عصر جديد للدراما بوصفها ثورة على كل ما هو قبيح في هذا العالم، والإيمان بأن « الجمال هو ما سينقذ العالم" كما كان يردد أديبنا الكبير فيودور دوستويفسكي، من هنا يمكن أن تتأسس دراما عالمية ذات أبعاد جمالية وذات هم إنساني مشترك في آن، أن تصبح ملاذاً آمناً للهاربين من جحيم الحداثة بكل نفعيته ولا قيميته، وتجذير قيمة الحب في المجتمع الإنساني كقيمة مركزية».
في تلك اللحظة ستكون تلك الدراما «بأبعادها الفنية والجمالية والإنسانية» قابلة للتصدير لبلدان أخرى ومن ثم حتمية ترجمة الجيد منها للغات عدة لتقوم بدورها كمصدر دخل للاقتصاد المصري وكقوة ناعمة لوطن يسعى لأن يستعيد رونق حضارته ومهامه المركزية في منطقة الشرق الأوسط.
كما أنه عليها، أي الدراما، أن تكون خط الدفاع الأول عن الهوية الوطنية والتلاحم المجتمعي ضد محاولات التفتيت وإثارة النعرات الطائفية والمذهبية بقصد بلقنة بلداننا وتمزيقها لدويلات وكيانات متناحرة.
ومن ناحية أخرى فعلى الدراما أن تتخذ موقفاً احتجاجياً ضد إخفاقات هذا العالم بحروبه وصراعاته المتفاقمة وطرح سيناريوهات من شأنها دفع مستقبله نحو الأفضل.
كما أنها يجب أن تصبح أداة قوية في مواجهة من يدّعون امتلاك الحقيقة المطلقة(دينية كانت أم قومية) وتعرية منطقهم المغلوط، ذلك المنطق الذي قاد إلى تأجيج الصراعات في جنبات المجتمع، ومن ثم علينا أن نُعيد الاعتبار للدراما كأداة بناء وليس وسيلة هدم، بناء الوعى العام الذي هو إنساني وقيمي وتراحمي بالضرورة.
ومن دون شك فإن التخوف الحقيقي والمركزي لدينا هو من الهجرة الجماعية، هجرة المُشاهد، لدراما بديلة تُروِّج لأحلام ومطامع أيديولوجية وطموحات إمبريالية لدول تريد إعادة بعث ماضيها على ركام حاضرنا.
وفي النهاية دعنا نردد مع برجينسكي قوله: «التليفزيون يقوم بدور يفوق دور المدرسة والمؤسسات الدينية والجيوش».
اقرأ أيضاًليس بمقال.. بل فضفضة عامة وبحث عن شغف الحياة المفقود في ثنايا أرواحنا
«الحال أبلغ من المقال».. الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة القادمة