لجريدة عمان:
2025-04-29@10:55:21 GMT

أبجديّات كوكب الأوطان

تاريخ النشر: 27th, November 2024 GMT

فـي مراحلنا المدرسية الأولى حفظنا نصوصا تعزّز علاقة الإنسان بوطنه، وعرفنا، عندما كبرنا، أن هذه النصوص تصنّف على أنها من الشعر الوطني الذي له دور فـي بثّ روح الحماس فـي نفوس أبناء الوطن، وحثّهم على الدفاع عنه حين يواجه عدوّا، ونتذكّر جيدا الأثر الذي كان يحدثه فـي نفوسنا سماع نشيد « الفتوّة» الذي لحّنه الراحل سعيد شابو، ومطلعه:

لاحت رؤوس الحراب

تلمع بين الروابي

هاكم وفود الشباب

هيا فتوّة للجهاد

هيّا.

.هيا هيا هيّا هي

وكانت حناجرنا ترتفع بأعلى ما تستطيع، ونحن نردّد «هيّا هي»، بحماس كبير، ما زلت أجسادنا تهتزّ حين نستذكر تلك الكلمات التي لا يُعرف قائلها، كما أخبرني ملحّنها سعيد شابو، وروى لي قصّته المثيرة حين سألته عن اسم شاعرها فـي مطلع التسعينيات، ولا غرابة فـي ذلك، فمشاعر الانتماء للوطن تجعل جميع مَنْ يعيش على ترابه شعراء، وحين يعبّرون عنها، تتدفّق بشكل عفوي.

وفـي الشعر العماني برز شعراء تغنّوا بأمجاد عمان وتاريخها وحاضرها مثل: الشيخ عبدالله الخليلي وأبي سرور (حميد الجامعي)، وعبد الله الطائي، وعبدالله بن صخر العامري، وهلال العامري وسعيد الصقلاوي وحمود العيسري، وحسن المطروشي، وتركية البوسعيدي، ود. سعيدة خاطر، التي تقول «معظم شعراء عمان تناولوا الشعر الوطني، ونُرجِعُ ذلك لظروف عمان قبل وبعد النهضة بالإضافة إلى تنوّع بيئات عمان لكونه وطنا ثريا بالجمال متنوع الملامح، ولن يخطئ الرائي الملامح والهوية العمانية فـي الشعر الوطني، وهناك أبعاد وجدانية وأبعاد شبه ملحمية وأبعاد تاريخية وأبعاد شبه الأسطورية، والبعد الوجداني هو الأساس فـي كل شعر وطني».

وخلال قراءتي لنصوص الشاعرة هاشمية الموسوي لاحظتُ أن البعد الوجداني يتجلّى بشكل واضح فـي شعرها الوطني، بدءا من ديوانها الأول (إليك أنت) الصادر عام 1993 وليس انتهاء بديوانها الجديد (أبجديات عشق) الذي صدر مؤخّرا عن دار (الآن ناشرون وموزعون)، فقد تضمّن العديد من القصائد الوطنية، فبدءا من العنوان، العتبة الأولى، تعطينا الشاعرة مفتاحا لقراءة التجربة، فالعشق هنا يتجاوز العشق الحسّي، فالشاعرة تذهب بنا إلى ما هو أبعد من ذلك، إلى عشق الوطن، وفـيها تتجلّى مشاعرها الوطنية التي تتأجّج فـي روحها وهي تتغنّى بالوطن المتوّج بالجمال:

وغالبا ما تبدأ نصوصها بالتغنّي بأمجاد عمان وحضارتها وتاريخها الزاهر، فعُمان فـي قصيدتها (قنديل الحضارة) تقترن بالضوء، الذي يسير على هديه الجميع، وهي «شموس المجد» و «سيدة الضياء» و«كوكب الأوطان» كما تصفها:

وفـي قصيدتها (تيجــان من العرفان) التي كتبتها بمناسبة العيد الوطني الـ٥٢ المجيد تتحدّث عن رؤية ٢٠٤٠ وركيزتها الأساسية الشباب، الذين هم عماد الوطن والحضارة، تقول:

وقد غلب نظام الشطرين على نصوص المجموعة التي بدأتها بأبجديات عشق الوطن وقيادته، وهذا المنحى يشغل جلّ نتاجها الشعري منذ بداياتها، وربما ساعد على توجّهها هذا عملها فـي التعليم وانخراطها فـي الأنشطة الطلابية، فجعلها تجتهد فـي وضع الكثير من النصوص ذات المنحى الوطني التي تُنشد فـي الاحتفالات والمناسبات الوطنية، وقد عبّرت فـي هذه النصوص عن مشاعرها اتجاه الوطن وجلالة السلطان والسيدة الجليلة، و(مسقط الحب) التي تخاطبها بقولها:

فهاشمية الموسوي عاشقة، ولم تجد وسيلة تعبّر عن عشقها لبلدها عُمان أفضل من القصيدة، وهي تتهجّى أبجديّات حروف أضواء كوكب الأوطان.

هذي المشاعرُ فـي صدري أُسطّرُها

حلم تجلّى على روحٍ مناصِرةٍ

وطنٌ تغنّى على فرش مبللة

فـي النائبات على الأحياء بركانا

صار التلاحمُ فـي الأهوال إيمانا

بالورد تزهو ترانيما وألوانا

وعمان باتت للحضارة معلما

وطن الألى فـيه المفاوز روضة

وعمان سيدة الضياء منارة

فـي كوكب الأوطان تهفو أنفس

وطن التسامح فـي الخطوب تبسّما

فبيه حقول العلم باتت مغنما

ألق جميل بالمعاني قد نما

وبريق شوقي فـي المدائن خيّما

المجد يُشرقُ فـي ربا أوطاني

هي «رؤيةٌ» حَطَّتْ ركابَ رحالِها

بوَّابةٌ فـيها المزايا جَمَّةٌ

فـيها الشبابُ عمادُ كلِّ حضارةٍ

وعليه تيجانٌ من العرفانِ

لتضوعَ مسكًا فاح بالرَّيحانِ

هبةُ السماءِ وروعةُ البنيانِ

عَبقُ المساءِ وهمّةُ الشجعانِ

يا مسقطَ الحب انعمي وتدلَّلي سيطيب جرحٌ يا بلادًا صانها

دُمنا جمالًا يا عُمانُ على المدى

يا نسلَ أمجادِ السلاطين التي

محروسةً فـي عهد فذٍّ ضيغم

عشقٌ من الرحمن يرقى فـي دمي

بوحٌ ليسري فـي الفضاء الباسم

صنعتْ رجالًا للشدائد تنتمي

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

«مكتبة محمد بن راشد» تحتفي بالإرث الشعري لـ «الأخطل الصغير»

دبي (الاتحاد)
ضمن برنامجها «أيام المكتبة»، الذي يهدف إلى إحياء ذكرى العظماء الراحلين من كتّاب وشعراء وعلماء وفنانين، نظمت مكتبة محمد بن راشد، أمسية شعرية، حوارية وفنية بعنوان «الأخطل الصغير»، لإحياء ذكرى شاعر الحب والهوى والصبا والجمال، اللبناني الكبير الراحل بشارة الخوري، حيث قدمت تحليلاً نقدياً حول مسيرته الشعرية وأثره في الشعر العربي الحديث.
تناولت الناقدة الأدبية كنانة عيسى رأيها في الغزل كعنصر أساسي في شعر الأخطل الصغير، مؤكدة أن الغزل ليس مجرد قيمة شعرية، بل إنه جزء لا يتجزأ من التجربة الإنسانية العميقة التي عبر عنها الشاعر في قصائده.
كما أشارت إلى تأثير الشعر الفرنسي الرومانسي على الأخطل الصغير، لا سيما في استلهامه لأفكار وأساليب من شعراء مثل «موريس ماترلين» و«فيكتور هوغو».
من جانبه، أشار الدكتور عماد خلف، الباحث في هيئة أبوظبي للتراث، إلى كيف أن الأخطل الصغير كان أول شاعر عربي في العصر الحديث قدّم صورة مركّبة للمرأة، تجمع بين الغزل العذري والحسي، موضحاً تأثيره الكبير في الشعراء المعاصرين له.
كما تناول وصف البيئة الثقافية التي نشأ فيها الشاعر وارتباطها بطبيعة شعره.
وأضافت لوركا سبيتي، الشاعرة اللبنانية، أنّ الأخطل الصغير كان قادراً على تجسيد الجمال من خلال قصائده التي تعكس تأثير البيئة اللبنانية الخلابة على شعره، معبرة عن مدى تميز شعره في نقل الأحاسيس والوجدان، وألقت قصيدتَين من شعرِه تفاعلَ معهما الحضور اللافت من المهتمين بالأدب والشعر العربي.
أعقب الجلسة الحوارية حفل غنائي مميز، أحياه الفنانان الشابّان حلا طراد وريان جريرة، حيث افتتحا الحفل بـ «ديو» غنائي مميز لواحدة من أبرز الأغاني من كلمات الأخطل الصغير، أغنية «يا ورد مين يشتريك»، ثم قدّما مجموعة من أشهر قصائده المغناة، التي أبدع في غنائها أبرز الفنانين العرب.
وشهدت «ليلة الأخطل الصغير» حضوراً مميزاً كماً ونوعاً من شعراء وأدباء وفنانين ومثقفين، حيث أشادوا بمستوى الفعاليات التي تقدمها مكتبة محمد بن راشد ونوعيّتها، منهم الفنان جهاد سعد، الذي عبّر عن سعادته بالمشاركة في فعالية تستحضر زمن الشعر الجميل. 

أخبار ذات صلة مشاركة نوعية لمكتبة محمد بن راشد في «أبوظبي للكتاب» تلاقي الإبداعات الإماراتية والمغربية في أمسية شعرية

مقالات مشابهة

  • الماضي الذي يأسرنا والبحار التي فرقتنا تجربة مُزنة المسافر السينمائية
  • لماذا ينمو الشعر تحت الجلد؟ الأسباب والحلول الفعالة
  • وزير الخارجية ونظيره الإيراني يستعرضان مستجدات المحادثات التي ترعاها سلطنة عمان
  • المفتي من مطروح: بناء الإنسان هو الأصل في بناء الأوطان
  • «مكتبة محمد بن راشد» تحتفي بالإرث الشعري لـ «الأخطل الصغير»
  • الوطني للأرصاد: زلزال بقوة 5.1 درجة جنوب سلطنة عمان
  • العثماني والداودي وأفتاتي وأمكراز ومصلي أبرز قيادات "البيجيدي" التي ظفرت بعضوية المجلس الوطني الجديد
  • اليوم الوطني للمرأة الليبية.. احتفاء بدورها في بناء الوطن
  • تفسير حلم تساقط الشعر بغزارة.. 4 دلالات أبرزها بشرة خير
  • أمين البحوث الإسلامية: بناء الأوطان يرتبط ببناء الإنسان عقيدةً وأخلاقًا وعلمًا