الحديث عن العرض المسرحي الكويتي "الأول من نوعه" يتشعب إلى عدة محاور، منها محور الحضور الجماهيري لعرض مسرحي "تجاري"، ومحور الحكاية المسرحية التي اتسمت بالكوميديا وحملت في طياتها رسائل متعددة، منها رسالة عامة وأخرى ثانوية. كذلك لا يمكن إغفال محور الفن البصري المصاحب للعمل المسرحي، والذي أراه متكاملاً من النواحي الفنية والمعنوية، شاملاً النص، والإخراج، والسينوغرافيا، بما فيها الإضاءة، والديكور، والموسيقى التعبيرية، والفواصل الغنائية.

العمل الفني الكويتي "الأول من نوعه" من تأليف وإخراج د. عبدالعزيز صفر، وبطولة الكويتيين النجم خالد المظفر، والفنانة إيمان فيصل، والفنان أحمد المظفر، والفنان محمد صفر، إلى جانب عدد من الفنانين الكويتيين الذين أبدعوا في تقديم فرجة مسرحية متكاملة على مسرح مدينة العرفان بمسقط، بواقع عرضين في يوم واحد، الخميس 21 نوفمبر، بالتعاون مع الشركة العمانية المتعهدة "ومض للخدمات الفنية"، التي تُعد من أوائل الشركات العمانية في استقطاب عرض مسرحي جماهيري والمراهنة على نجاح التجربة.

الحضور الجماهيري

قبل عدة أيام، تناولنا في جريدة "عُمان" موضوع استضافة العرض المسرحي الكويتي "الأول من نوعه"، وذلك في حوار مع رئيس شركة "ومض" المعتصم البلوشي. وكان من ضمن الأسئلة مدى تحقق أهداف هذه الاستضافة، فأجاب أن الهدف الأول تحقق باستضافة العرض، أما الهدف الثاني، وهو النجاح الجماهيري، فقد أوضح أنه يقاس بعد العرض.

ومن خلال حضوري للعرض الأول، اتضح أن الجانب الاستثماري قد حقق النجاح، إذ تم الإعلان قبل العرض الأول بحوالي يومين عن نفاد جميع التذاكر، ما يعني بيع أكثر من 3000 تذكرة على مختلف المستويات والدرجات، فمسرح مدينة العرفان يتسع لحوالي 3200 متفرج، مع وضع احتمالية الدعوات الخاصة لبعض الضيوف. وهذا يُعد إنجازاً حقيقياً ونجاحاً في "تحدي شباك التذاكر"، الذي لطالما كان يؤرق المسرحيين خوفاً من قلة الإقبال وضعف سوق شباك التذاكر في سلطنة عمان. أما العرض الثاني الذي كان بعد الأول بحوالي ساعة أو أقل، فقد حقق أيضاً حضوراً جماهيرياً كبيراً، بدا واضحاً أثناء مغادرتنا المسرح، حيث كانت جموع الجماهير تقف في طوابير طويلة جداً بانتظار إخلاء المسرح من حضور العرض الأول.

وجاء في بيان لشركة "ومض" بعد ذلك أن الحضور تجاوز 6000 متفرج في كلا العرضين. وهذا يُعد دليلاً قوياً على أن العروض المسرحية ذات الطابع الجماهيري تمثل عنصر جذب للجمهور العماني.

نجاح العروض المسرحية يتطلب دراسة مكثفة من الشركة المتعهدة للعناصر الفنية، وعلى رأسها الممثلون. ويُعد الفنان خالد المظفر من أبرز نجوم الكوميديا في الخليج العربي والوطن العربي، إذ تشهد أعماله مشاركة مع فنانين من خارج منطقة مجلس التعاون، ويتميز بجماهيرية واسعة تحققت في وقت قياسي.

وقال الفنان خالد المظفر في بيان شركة "ومض": "الجمهور العماني جمهور مثقف وراقٍ ومحب للفنون، وسلطنة عمان رائدة في المسرح، ودائماً تحرص على الأعمال ذات العمق الثقافي. ولهم ظهور مميز في المهرجانات الأكاديمية وإتقان كبير للغة العربية. شخصياً، فخور بوجودي بين أهلي وناسي".

وأضاف في حديث لجريدة "عمان" كان بعد العرض الأول مباشرة: "سلطنة عمان كانت دائماً محطة مهمة، وكنت فقط أحتاج إلى من يمهد لنا الطريق لتقديم عروضنا على هذه الأرض. شركة ومض حققت هذه الصلة بيننا وبين الجمهور العماني. حقيقةً، الجمهور كان مهيباً وكبيراً جداً، وهذا ينفي القول الذي سمعته عن ضعف سوق التذاكر المسرحية في سلطنة عمان. ما وجدته اليوم عكس ما سمعته تماماً".

وعن الإقبال على شراء التذاكر، قال المعتصم البلوشي، رئيس شركة ومض: "الإقبال لم يكن ضعيفاً منذ البداية، ولكن ربما كان هناك حذر من الجمهور بسبب انتشار الحسابات الوهمية والمتحايلة. ولكن بمجرد أن تأكد الجمهور من حقيقة العرض، بدأ التوافد على شراء التذاكر، بل إن التذاكر الأغلى هي التي نفدت أولاً".

الرسالة الفنية

دارت الحكاية المسرحية حول الشاب "طلال"، الذي قام بتأدية دوره الفنان خالد المظفر. "طلال" هو دكتور محاضر في الجامعة ومتخصص في علم الحشرات، وقع في حب "طيبة"، وهي إحدى طالباته فيقرر أن يتزوجها. ورغم محاولة أهلها إفساد هذا الزواج، حيث كانوا يرونه مجرد مخادع ورجلاً يكبر ابنتهم بكثير، إلا أن الحب جمع بينهما فتزوجا. تدخل محامي عائلة الفتاة "عزيز" محاولًا إقناع "طيبة" بالعدول عن قرارها، إذ كان يحبها ويريدها زوجة له، فهو ابن خالتها والأحق بها كما يرى، وكذلك حاول أخوها إفساد الزواج بحجج واهية.

يسير "طلال" في هذه الحكاية معتمدًا على "عليم"، وهو دكتور نفسي اكتشف قاعدة للحياة الزوجية أطلق عليها "الأول من نوعه". كان "طلال" أول من جرب هذه القاعدة، والتي انتهت به إلى الطلاق. هنا، تستعرض المسرحية الفروقات النفسية بين الرجل والمرأة، مشيرة إلى الطبيعة الفطرية المختلفة لكل منهما، وهي طبائع يجب على كلا الزوجين مراعاتها.

وأكدت المسرحية أن قاعدة "الأول من نوعه" ليست قادرة على بناء الأسر، بل إن التفاهم بين الزوجين هو الأساس في أي علاقة زوجية، وهذا ما حاول العمل المسرحي إيصاله للجمهور.

كان خطأ "طلال" أنه طبق قواعد "الأول من نوعه" ذات المعايير الصارمة بحذافيرها، ومنها: "كن على طبيعتك"، و"جاوب بكل صدق وأمانة"، و"اجعلها المحبوبة الأولى"، وغيرها، إضافة إلى التأثير السلبي من تدخل الاهل في العلاقة الزوجية الخاصة بالزوجين فقط. وبعد فشل حياته الزوجية، يبتكر له "عليم" آلة زمن، وهي أيضًا "الأولى من نوعها"، لإعادته إلى نقطة البداية. وجد "طلال" نفسه في حالة نفسية يُرثى لها بعد الطلاق، فعاد بالزمن إلى الوراء، إلى ما قبل الحب والإعجاب ونية الزواج، وكأن شيئًا لم يكن. ولكن بمجرد رؤيتها من جديد، وقع في حبها مرة أخرى.

حمل العمل رسالة مفادها أنه لا توجد قواعد ثابتة لأي علاقة زوجية، وأن استمرار الحياة الزوجية يعتمد على التفاهم والتنازل والتضحية بين الطرفين. وهذا ما أكده المؤلف والمخرج الدكتور عبدالعزيز صفر، إذ صرّح في لقاء مع إذاعة الوصال: "الفكرة العامة للعمل المسرحي ليست بالجديدة، ولكنني حرصت على دراسة سيكولوجية الرجل والمرأة لفهم طريقة تفكير كل منهما بشكل عام، وبناء العمل المسرحي استنادًا إلى ذلك".

المحور الفني

اتسم العمل بالطابع المتكامل، حيث تم بناؤه وفق أسس ومعايير احترافية عالية، انتقل الدكتور طلال في المشاهد بين قاعة المحاضرات، وغرفة الطبيب النفسي، والمنزل، وقاعة الزفاف، وقاعة السينما. تم ذلك بأسلوب رشيق، حيث تحركت أدوات الديكور بسرعة ودقة، دون التأثير على تسلسل العمل. كما كان للإضاءة دور فني كبير، إذ نقلت الجمهور بين الماضي والحاضر، وجسدت حالات الشعور المختلفة من النشوة والفرح إلى الحب والهيام، ومن البؤس إلى السوداوية.

إلى جانب ذلك، كانت الموسيقى التعبيرية والوصلات الغنائية، التي تراوحت بين الأداء المباشر والتسجيل، عنصرًا مؤثرًا أضاف بعدًا عاطفيًا آخر. ساهمت هذه العناصر في إضفاء نقاط كوميديا صاخبة على العمل، الذي سيطر عليها الطابع الكوميدي في أغلب الأحيان، مع لحظات من الحوار الجاد والمؤثر. دفع هذا التنوع الجمهور إلى الضحك تارة، والصمت والتركيز تارة أخرى. وكما قال أحد الحضور: "مشاعري اختلطت بين الضحك والحماس والجدية والبكاء"، في هذا العرض المسرحي الذي استمر حوالي ثلاث ساعات.

وإلى جانب حبكة العمل والروح الكوميدية العالية التي استحوذت على حماس الجمهور، أضاف الفنان خالد المظفر بعدا آخر إذ اقترب من جمهوره المحب والمنتظر له، مارًا على كافة ممرات المسرح من المستوى الأول، مرورا بالمستوى الثاني، وانتهاء بالمستوى الثالث، منتقلا بين شقي المسرح الأيمن والأيسر، فكانت فرصة للجمهور بالتقاط الصور معه في لحظات عفوية تزيد من ارتباط الممثل بجمهوره، كما قام بتوزيع باقات الورد على عدد من الجماهير.

ويبقى السؤال هل ستنجح العروض الجماهيرية القادمة في استقطاب الجمهور كما حدث مع "الأول من نوعه"؟ وهل ستظل "ومض" الشريك الفني لفريق خالد المظفر لنشهد عروضه المستقبلية في سلطنة عُمان؟ وهل ستكون هذه التجربة الجريئة بداية انتعاش شباك التذاكر في سلطنة عُمان؟ كلها تساؤلات مرهونة بالمستقبل الفني للمسرح.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الأول من نوعه سلطنة عمان فی سلطنة

إقرأ أيضاً:

الخطط المتناقضة .. ايران بعيون قناة الجزيرة !

بقلم : حسين الذكر ..

ظلت ايران وتركيا لقرون تتحكمان في العرب عامة والجزء الشرقي منه خاصة لا بالعناوين فذلك ليس محل البحث الا ان التركيبة والعقلية والوسيلة والموقعية كانت وما زالت – وستبقى – ذات مساحة وقدرة فاعلة واثر واضح . هنا لا اتحدث عن الجانب السياسي وتقييمه سلبا او إيجابا بقدر ما يهمنا ان يكون للعرب – باقل التقدير – فكرة حرة موضوعية بالرؤية والتحرك .
في واحدة من حلقات (البود كاست) المنتشرة بالفضاء الإعلامي من الغث وبعضه سمين كما سمعته من الأستاذ عبد القادر فائز مدير مكتب الجزيرة في ايران لسنوات مكنته من دراسة المجتمع الإيراني عن قرب..
يقول عبد القادر : ( الفارسي شخصية مركبة تؤمن بالشيء ونقيضه تتمتع بقدرة على تطويع الفكر النفعي لتحقيق الغاية بصورة جعلته يعتمد خطط متعددة لبلوغ الهدف يذكر شيء من التراث الإيراني ان احدهم سئل من هو الفارسي الأصيل؟ فاجبوه : ( هو من يتحدث بلسانه بشيء وفي قلبه يؤمن بشيء آخر وفي فكره شيء ثالث ويحتفظ بجيبه بشيء رابع وان أخفق فعنده بديل خامس ) .
عبد القادر فايز عربي مسلم سني فلسطيني سوري المولد – كما عرف نفسه – يقول ( الصدفة قادتني لإيران ومنها انطلقت لعالم الاعلام والسياسة والشهرة مضيفا : ( دخلت كلية الصحافة في طهران جامعة العلامة الطباطائي وهي جامعة لم أتوقع انها بهذا التطور وكنت الأجنبي الوحيد فيها مما جعلني اشبه بالنكتة اذ تساءل البعض عن اسباب اختياري قسم الاعلام في ايران التي يقال عنها بانها بلا حرية تعبير ولا قدرة على التعاطي مع الراي العام مما جعلني بتحدي حقيقي للنجاح . يضيف فائز : ( ان ايران بعد 2003 عملت وفقا : ان لم تفرض مشروعك فعليك اسقاط مشروع الأخر لذا شجعت ودعمت – بمختلف العناوين والاتجاهات – كل من يحمل لواء معارضة المشروع الأمريكي في العراق )
فيما يخص الاعلام الإيراني قال : ( صحافة متنوعة تملك قدر من الحرية في الطرح فبعض الصحف تنشر عناوين مثيرة ونقيضها بنفس القوة في صحف أخرى .. بعد احتلال أمريكا للعراق كانت رؤية الإيرانيين بضرورة ولادة قناة بتاثير اقليمي فولدت (قناة العالم) التي نجحت في البداية لكنها اخذت بالفتور لان ايران دولة صاحبة مشاريع إقليمية ومنظومة الاعلام مضطرة للتعامل مع رؤى الدولة لذا نطلقت القناة بسقف وطموح كبير ثم رويدا رويدا خضعت لمنطق إقليمية الدولة فوصلت الى ما هي عليه) .
عن ايران وقناة الجزيرة يقول : ( اشتكوا الايرانيين مرة عن قناة الجزيرة بانها تكرههم ، فقلت نعم تكرهكم وانتم أيضا لا تعجبكم قناة الجزيرة فاقترح ان نعمل إدارة لهذه الكراهية نسميها ( إدارة عدم الاعجاب المتبادل ) وقد تفهم الايرانيون وفعلا حدث انعطاف وقبول لجملة من الأفكار واستطعنا نوع ما العمل كما نريد بشكل افضل للقناة ولايران ).
تطرق للعلاقة بين المجتمع الإيراني ( الشيعي ) والتركي ( السني ) .. وقارن بصورة ليست مباشرة عما يقال في الاعلام العربي عن ايران فيما لا يجده بتركيا .. كما انه لم يجد ما يسيء لتركيا في ايران .. فلا يوجد قلق متبادل بينهما في الاعلام والمجتمع والسياسة كلاهما يتقبل الاخر بلا تعنصر كانهما قريبين من بعض برغم حجم التنافس الكبير بينهما .. الاتراك لا ينظرون ولا يحكمون بالافكار المسبقة على ايران كما يحدث لدى العرب .. يعلل الدكتور فائز ذلك : ( ان ايران وتركيا لها مشتركات وتفاهم كبير في المساحة الحضارية والمجتمعية والتجريبية والسياسية جعلهما قريبين من بعض اكثر من قربهما للعرب) .
ليس آخراً ، يضيف : ( الشخصية الإيرانية تميل لانجاز الصفقات اكثر من الاتفاقات والتوافقات الكبرى .. لان الصفقة تنسجم مع محددات إيرانية وتحقق مصالح وليدة ظروف ما دون تحميلها مسؤولية في مساحة الزمن فالصفقات تحقق مكاسب وهدف ما ثم تنتهي .. فالاخر يمكنه عقد صفقات عدة مع الايرانيين اسهل من بناء اتفاق تام معهم ).

حسين الذكر

مقالات مشابهة

  • العرض الأول لفيلم «الاتحاد.. سيد البلد» على قناة الوثائقية الليلة
  • الخطط المتناقضة .. ايران بعيون قناة الجزيرة !
  • تارا عماد وعمر الشناوي يحتفلان بالعرض الخاص لفيلم لأول مرة
  • "فيلم Flight Risk يحلق عاليًا في شباك التذاكر بإيرادات 4.4 مليون دولار في أول يوم عرض"
  • وائل الفشني ضيف شرف العرض المسرحي الوضع صامت
  • نائب محافظ بني سويف يشهد اللقاء التعريفي لمشروع لدعم المزارعين والمرأة
  • رسالة سببت قلق الجمهور .. فنانة شهيرة تثير الجدل هل هي في خــطر؟
  • نائب محافظ بني سويف يشهد اللقاء التعريفي لمشروع تعزيز النمو المُستدام لدعم المزارعين والمرأة
  • نائب محافظ بني سويف يشارك بلقاء لتعزيز النمو المُستدام لدعم المزارعين والمرأة
  • فيلم الدشاش يتصدر المركز الأول ويكسر حاجز الـ50 مليون جنيه إيرادات