النادي الثقافي يناقش واقع الفلسفة في سلطنة عمان
تاريخ النشر: 27th, November 2024 GMT
نظم النادي الثقافي ندوة "واقع الدرس الفلسفي في عمان ومستقبله" احتفاء باليوم العالمي للفلسفة الذي يحل في الثالث من نوفمبر من كل عام، تأكيدا على أهمية الفلسفة في تطوير الفكر البشري وبناء مجتمعات قائمة على التسامح والاحترام.
وشارك في الندوة كل من: الدكتور سعود الزدجالي، والدكتور زكريا المحرمي، وعلي الرواحي، وأدارها سعيد الطارشي بحضور عدد من المهتمين.
وأوضح الدكتور سعود الزدجالي في ورقته أن قضية الفلسفة ووجودها في المشاهد الثقافية قضية إشكالية، نابعة من الفلسفة ذاتها ومن تعريفاتها ومن تحولاتها. مبينا أن الفلسفة كانت في البدايات علما ومعرفة عقلانية، ثم تطورت لاعتبارات كثيرة تجاوزت مسألة العمومية إلى مسار معين، يتعلق بالمعرفة الإنسانية ككل، وصولا إلى عدد صغير مبسط من المبادئ، بما يتعلق بالقضايا الروحية أو القضايا العقلية، والدراسات النقدية أو الفكرية التي تنظر في العلوم بمعناها الحقيقي، فهي تبحث في أصول المعارف الإنسانية. أما ما يتعلق بالنصوص الفلسفية، فينظر الفلاسفة إلى النصوص القديمة فحسب حتى لو كانت من زمن أرسطو وسقراط وأفلاطون عند اليونان، وفيما بعد أصبح ينظر إلى هذه النصوص بوصفها نصوص مستدامة، يمكن قراءتها مرة أخرى أو مرات عديدة. مشيرا إلى أن الفلسفة اليوم تحاول أن تكون في الهوامش، أو في الإشكالات، وهي موجودة في العلم، وفي اللغة، وفي الدين، وفي السياسة، وفي الأخلاق، وفي كثير من الحقول المعرفية، حيث تطرح الفلسفة أسئلتها في العلوم العلمية أو الطبيعية. فالفلسفة تحاول تقويض المسلمات. مضيفا أن هذه العلوم لا تستطيع أن تجيب عن الأسئلة الإنسانية الكبرى ولذلك نحن نقترب من منهج التفكير الذي يتوغل في هذه الحقول المعرفية، ونصل إلى ما يسمى بكينونة الإنسان أو ما يقلق هذا الإنسان أو يقلق هذه الذات في تأملها بمسائل وجودية والمصير أو الأسئلة الكبرى في السياسة والعدالة والإلهيات، مبينا أن للفلسفة حضورها في اللاهوت، أو في علم الكلام، أو على الأقل في البراهين التي نتوصل من خلالها إلى وجود الله، وهي محصورة في البرهان الأنطولوجي والبرهان الكوزمولوجي أو برهان اليهود الطبيعي.
ويوضح الزدجالي أن الفلسفة اليوم هي الحقل الوحيد الذي يستطيع أن يطرح الأسئلة، وأن يجدد طرح هذه البراهين فيما يتعلق بقضية وجود الله، فربط الفلسفة دائما كما هو واضح ودارج في الأوساط الثقافية، أو الأوساط العامة إنها مدخل إلى الإلحاد، لأن الفلسفة ممزوجة باللاهوت، وعلم الكلام عند المسلمين، وبالفقه والنحو والبلاغة وبكثير من الحقول التراثية، منوها أن علم الكلام يحاول استيراد الكثير من المنهجيات والأسئلة الفلسفية إلى هذا العلم فيما يتعلق بالإيمان، حول هل يتأسس الإيمان على البناء الفردي التأملي أم على التقليد من كونه معطى جاهزا، وكل جيل يتلقاه من الجيل السابق.
ويتابع: لو كانت الفلسفة مدخلا إلى الإلحاد فلمَ لم يلحد الغزالي مثلا، فقد درس الفلسفة والمنطق، وأدخل الفلسفة والمنطق في أصول الفقه، أو لمَ لم يلحد الفخر الرازي وهو معروف في فلسفته، وله الكثير من الشروحات لنصوص ابن سيناء، ولمَ لم يلحد ابن تيمية الذي دافع عن توجهه الحنبلي وهو الذي يعد من أشهر نقاد المنطق الأرسطي. موضحا في تاريخ التراث الإسلامي هناك ثلاثة نقاد للمنطق الأرسطي عند المسلمين لكن نقدهم لا يتجاوز النقد الخارجي كما فعل السيوطي مثلا، حيث اعتبر المنطق من العلوم الخبيثة التي علينا أن نحذر منها بسبب ارتباط المنطق بالعمولة حسب زعمه، لكن الذين نقدوا أو دخلوا في المنطق فنظروا في مسائل الحج ومسائل القياس هم قله كالنوبختي الذي عاش في القرن الثالث الهجري ومات في بدايات القرن الرابع الهجري، والسهروردي المقتول، وابن تيمية هؤلاء هم أشهر الثلاثة الذين نقدوا منطق أرسطو وقدموا النقد المنهجي لهذا المنطق.
الفلسفة والبراهين
وتطرق الزدجالي إلى الفلسفة ووجودها في مختلف الحقول، فهي موجودة في فلسفة العلم، وفي قضايا الاستقراء ومناهج التجريب، وفي فلسفة الأخلاق، وفلسفة الدين. وهناك محاضرات في تعليم فلسفة الدين ترجمت من الألمانية إلى العربية تناولت براهين وجود الله بدءا من البرهان الأنطولوجي الذي ينطلق من الاستحالة إلى الضرورة ثم الكزبلج الذي يشتبك قضية الاتساق في الكون وهو دليل التمانع أو البرهان بالخلف وهو موجود في آية قرآنية من سورة الأنبياء "لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا فسبحان الله عما يشركون"، مؤكدا أن هذا البرهان موجود ثم برهان اللاهوت الطبيعي، وتوصل إليه "كانْت" إلى ما يسمى بالبرهان العقلاني أو الأخلاق اللاهوتية ليتجاوز البراهين السابقة، ويطورها، لتدخل سلسلة تاريخية طويلة تطورت إلى أن وصلت إلى الوضع الحالي في الدراسات الفلسفية. كما نجد حضور الفلسفة في التراث الإسلامي من أبرز الفلاسفة والفقهاء والأصوليين والمتكلمين أبو سعيد بن رشد الذي تناول الفلسفة والذي يعد من شراح ما بعد الطبيعة، وله كتابات مهمة فيما يتعلق باللاهوت أو والفلسفة أو بشرح المنطق والمقولات وكثير من الحقول الفلسفية، وهو قاض ومتكلم وأسري ولم يدخل إلى الالحاد من خلال هذه الفلسفة كما يزعم البعض.
أما راهن الفلسفة في سلطنة عمان، فهناك عامل وعلاقة منفصلة غير قابلة للاتصال بين الظاهرة الدينية، والفلسفة بشتى القضايا والأسئلة الكبرى التي تطرحها الفلسفة، وهذا ملحوظ ولعل هذه الأفكار السائدة هي التي دفعت إلى إقصاء الفلسفة من التراث العماني أو من الراهن العماني والمشهد الثقافي أو العلمي العماني، وأصبحت الفلسفة عدوا، وربما لعدم وجود مهتمين ومتخصصين في جانب المنهجيات الفلسفية القادرة على طرح الأسئلة وتفكيك الظواهر الإنسانية وهذا أدى إلى تحجيم هذا الدور لهذا الحقل الحيوي.
الفلاسفة والأساطير
من جانبه أوضح الدكتور زكريا المحرمي أن الفلسفة كما يرى أرسطو هي دراسة المبادئ الأولى للأشياء، ثم يذهب كانت وهايدجر إلى أن الفلسفة تنقسم إلى دراسة علوم الطبيعة والمنطق والأخلاق ويضيف هايدجر الجمال وهذه مواضيع يتداخل فيها الدين مع الفلسفة، مضيفا أن موضوع دراسة المبادئ الأولى للأشياء يتداخل فيها ويتقاطع فيه الدين مع الفلسفة لذلك قال ديكارت في كتابه تأملات فلسفية بأن مسألتي "الله والنفس" أهم المسائل التي من شأنها أن تبرهن بأدلة الفلسفة. ويرى ديكارت بأن الفلسفة تبرهن وتدلل على الدين أكثر من الأدلة التي يستخدمها علماء اللاهوت، ويقول ويل ديورانت في كتاب قصة الحضارة بأن الفلسفة في أساسها نشأت للدفاع عن الدين ذلك أنه في مدينة إيطالية يسكنها اليونان جاء فيلسوف قال لهم أن الآلهة ليسوا سوى أساطير فثار عليه الحكيم قرمنيدس وقال له الآلهة أوحت إليه ألا يوجد شيء في الكون سوى الأفكار وأن كل هذا العالم المادي غير حقيقي، والآلهة فكرة. مبينا أن هذا الرد الذي يلغي المادة رد عليه فلاسفة آخرون وقالوا بأن الكون كله عبارة عن جواهر أو ذرات وأن كل ما نراه من حركة وسكون وفساد من تحول وفساد ليس حركة لهذه الذرات بمعنى لا يوجد شيء خارج المادة وهاتان الفلسفتان هما من تحكمان الفلسفة إلى اليوم. مضيفا بأن الفلسفة في الأساطير هي الأقوال غير الموثقة بينما المنطق هو القول المبرهن، والأدلة الفلسفية من الأساطير والخرافة جاءت للدفاع عن الدين، هكذا كانت البداية لكن بعد الثورة الفرنسية التي أطاحت بكل النظام القديم السياسي والاجتماعي، ابتدأت أيضا ثورة ضد الفلسفة وكان على رأس الثوار نيتشه الذي اعتبر الفيلسوف "حمار تراجيدي" وأن كل ما يقوله الفلاسفة ليس سوى مومياوات أفكار لذلك قال هايدجر بأن نيتشه قتل الفلسفة وأن نهاية الفلسفة ابتدأت مع نيتشه وانتهت مع ماركس. ويشير المحرمي بأن أغلب علماء المسلمين وقفوا ضد الفلسفة وكان الإمام الغزالي يقول بأن الفلاسفة أصناف كثيرة ولكنهم لا يخرجون عن الكفر والالحاد. والفلسفة استطاعت أن تتسرب إلى الفكر الإسلامي ليس من خلال الفلاسفة ولكن من خلال الفقهاء. مضيفا: يقول ديميتري كوتاس أستاذ الأدب العربي في جامعة ييل الأمريكية أن الخليفة العباسي المهدي كان أول المتكلمين في الإسلام وذلك أنه طلب من البطريرك أن يترجم له كتاب المقولات لأرسطو لكي يتعلم المسلمون كيف يردون على المزدكية والمانوية في احتجاجاتهم ضد الإسلام، وعندما انتهى البطريرك من ترجمة كتاب المقولات لأرسطو أعجب المهدي بالكتاب وحفظه وقام بتطبيقه ومجادلة البطريرك حول صحة الإسلام في قبال المسيحية.
أقوال في علم الكلام
وانتقل المحرمي بعدها إلى علم الكلام، مبينا أنه العلم المختص بحدوث العالم وصفات الخالق والنبوات وكليات الشريعة حسب الإمام الباقلاني، وله أسماء كثيرة هناك من يسميه علم التوحيد ومن يسميه علم العقائد والأسماء والصفات والفقه الأكبر وأصول الدين. ولعل أوضح عبارة هي ما قاله ابن تيمية بأن شيخ الإسلام الهروي قال بأن علماء الكلام أخذوا مخ الفلسفة فألبسوه لحاء السنة بمعنى أن حصان طروادة اخترق الفكر الإسلامي، وللمفارقة يذكر جورج مقدسي أن كتاب بين الشرق والغرب يقول لم يكن علم الكلام علما مدرسيا قط فالحق أنه استبعد من المدارس بوصف اعتقاد قائم على الفلسفة، بينما ترى الأمر في السياق اللاهوتي المسيحي بالضد من ذلك ففي أوروبا اعتبروا علم اللاهوت علما مهما وينبغي تدريسه في المدارس والكليات بينما في العالم الإسلامي صار مهمشا. ولكن علم الكلام التقليدي أيضا لم يخلوا من نقد معاصر فمنذ النصف الثاني للقرن التاسع عشر الميلادي ظهر دعاة في الهند وعلى رأسهم سيد أحمد خان طالبوا بإحياء علم الكلام وتجديده وقالوا بأن علم الكلام الكلاسيكي غارق في التجريد ولم يلتفت إلى الإنسان وهو مفرغ من المضمون الاجتماعي ويفتقر إلى المضمون الأخلاقي، وقد نشأت عبارة علم الكلام الجديد كعنوان لكتاب شبلي النعماني في عام 1914.
أما علم الكلام العماني فهو عريق في الفكر العماني، وتحكي كتب التراث العماني أن أبا عبيدة مسلم بن أبي كريمة يعني الإمام المؤسس الثاني تلميذ الإمام جابر خاض سجالا كلاميا مع واصل بن عطاء مؤسس مدرسة المعتزلة، مشيرا إلا أن السجال يبين شعور أتباع هذه المدرسة بأصالة علم الكلام لديهم واقتدارهم على مساجلة أي شخص مهما بلغت مكانته، حيث يتميز علم الكلام العماني أولا بالاقتصاد في الكلام. مشيرا إلى أن من ضمن المميزات في علم الكلام العماني، الحياد الفلسفي، ولا يوجد في كتب التراث العماني أي قدح للفلسفة والفلاسفة، كما نجد الشيخ ناصر بن جاعد يقول بأن علم الفلسفة حق ولكن كل علم في بعض المتكلمين محب وبعضهم ضال، وليس علم الفلسفة بهذا مخصوص من سائر العلوم. ويقول السالمي ومنها مختلف في إباحته وهو على ثلاثة أقسام يقصد العلوم الأول المنطق الفلسفي فهو من العلوم المباحة لديه، والشيخ أحمد الخليلي أيضا يقول في كتابة الأخير الموسوعة الكبيرة في برهان الحب يقول فيها أن المنهج الفلسفي ليس كله معيبا في كل الأحوال، صحيح أن في التراث العماني لا يوجد كتابا فلسفيا صرفا بل حتى كتاب الجوهري المقتصر لأحمد بن عبد الله الكندي لم يكن كتابا فلسفيا ولكن هو كتاب كلامي أراد أن يناقش القدرة الإلهية ولكن من نافذة النظرية الذرية للديمقراطية، ويذهب المستشرق الألماني ولفرد مادلنج إلى أن بشير بن أحمد بن محبوب الرحيلي في القرن الثالث الهجري، هو أول عماني وظف قواعد المنطق والقياس في الاستدلال على وجود الله باستخدام دلالة الحدوث وقانون التناقض والوسط الممتنع، ويتميز علم الكلام العماني ببعده عن الإيديولوجيا.
ويتابع: أما اليوم نحن أمام اتجاهين في التأليف في علم الكلام، الاتجاه الكلاسيكي الذي ربما يعالج نفس المسائل التقليدية في علم الكلام مع أبرز مثال هو كتاب برهان الحق لسماحة الشيخ الخليلي، وربما يمكنني أن أضيف إليه كتاب من الإمكان الماهوي إلى الفكر الوجودي للدكتور محمد رضا. وهناك أيضا اتجاه تجديدي يعني ربما يمثله خميس العدوي في كتابه الإمام بين الغيب والخرافة الذي ناقش فيه قضية الخرافة وتأثيرها على الإيمان، وكتاب أحمد النوفلي الذي عالج في ثلاثية أقانيم اللامعقول قضايا متعددة مثل الوحي والرؤى والأحلام والخرافات. مشيرا إلى أن علم الكلام العماني اليوم يواجه تحديات بسبب الانفتاح اللامنضبط على الثقافات والأديان والفلسفات عبر مواقع التواصل الاجتماعي وعبر الإنترنت وغيرها، والذكاء الصناعي وقدرته على تقديم بدائل وتبريرات للرأي الآخر.
غربة فلسفية
أما علي الرواحي فأوضح بأن الفلسفة في سلطنة عمان تحتاج إلى عملين أساسيين هما التاريخ أو التراث الفلسفي لكي تفسر من خلاله، كما يحتاج أيضا إلى دعم المؤسسات في سلطنة عمان، وهذا التراث، فهذه المرجعيات المحلية هي التي تمنح المتفلسف المشروعية، وتمنحه الدفعة المعنوية لكي يتفلسف.
مبينا إذا لم تكن لدينا هذه المرجعيات التاريخية والمحلية والسياقات لا تدعمها، فالمؤسسات هي التي تستطيع أن تغرس أو تبدأ أو تكون هذا الحراك المعرفي الفلسفي. منوها أنه على المستوى المحلي الآن نفتقد الجانبين هذه المؤسسات المقصود منها في المجالات المحكمة والدراسات الأكاديمية، والمجتمع المتفلسف كالكليات والجامعات وما تعنى بالثقافة بشكل عام، يستطيع أن يحتضن هذا المجال. ويضيف: نحن عندما نتحدث عن التراث نتحدث عن تراكم أكثر من موضوعات، وقد نجد هذا الموضوع مطروح من عدة أشخاص، ولكن مع استمرارية الطرح والنقاش سيتكون التراث، وهو من المعنى الأساسي متراكم وعدم وجود هذا التراكم يضع الإنسان أمام اغتراب تجاه الموضوع لذلك عندما نتحدث نلمس الغربة الفلسفية التي من الممكن تجسيرها عن طريق وجود مؤسسات تقلل هذا التراجع، وحتى مؤسسات العمل ومؤسسات الديمقراطية والحياة السياسية لها جانب حواري وتفاعلي أكبر من أن نتحدث عن الميتافيزيقيا، لذلك من الضروري أن تقوم بهذا الدور. وعن الإجراءات يوضح أنه من الممكن أن يساهم كما يساهم للعلوم الأخرى أيضا في خلق هذا التراث وفي خلق هذه الثقافة، مستشهدا بالذكاء الاصطناعي، حيث نتحدث عن الدراسات البيئية في عمان وفي غيرها وهذه العلوم حديثة بالمناسبة واضحة جدا ولكن لا توجد لدينا أرضية خصبة سواء في عمان أو في العالم، فالدراسات بالذكاء الاصطناعي حول الدراسات البيئية مع مرور الوقت نجد أن هناك مؤسسات تبنتها وعملت عليها وطورت من الأدوات والإشكاليات وساهمت في حل الكثير من التحديات، ومع مرور الوقت تجد أننا أمام تحديات توجد لها حلول أفكار تناقش هناك منشورات كتيبات هناك سوف يتشكل لدينا حلقة علم، وحلقة معرفة. ويشير الرواحي بوجهات نظر سلبية عن المعرفة بشكل عام ليس عن الفلسفة فقط، فالفلسفة جزء من المعرفة العامة ولكن فقط ستنحصر المعرفة في الجانب النفعي أو الجانب التقني في حين أن المعرفة النظرية التي هي أساس وأساس كل ذلك ستبقى لاحقا في الظل أو في الهامش.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: التراث العمانی فی سلطنة عمان الفلسفة فی وجود الله مبینا أن ما یتعلق نتحدث عن لا یوجد فی کتاب إلى أن أن علم
إقرأ أيضاً:
سلطنة عمان تحتفل بعيدها الوطنى الـ54
السفير عبدالله الرحبى: سلطنة عُمان مستمرة فى العمل من أجل بناء عالمٍ يسوده السلام والاستقرار
احتفلت سلطنة عمان، بعيدها الوطنى الـ54، الذى يصادف يوم الثامن عشر من نوفمبر كل عام، فى ظل تحقيق إنجازات فى وقت تتعاظم فيه مكانة السلطنة الدولية وتتزايد ثقة العالم فى دبلوماسيتها الحكيمة، تحت قيادة السلطان هيثم بن طارق.
يأتى الاحتفال فى وقت تحقق فيه السلطنة نجاحات مختلفة فى مستهدفات الرؤية الوطنية لسلطنة عُمان «رؤية عمان 2040».
أظهر التقدّم الذى حقّقته سلطنة عمان فى العديد من المؤشرات العالمية فى أولويات رؤية «عمان 2040» الطموحات الواعدة وإبراز تطلعاتها المستقبلية لتكون فى مصاف الدول المتقدمة مما يجعلها نموذجا يحتذى به لمواكبة التطور والتقدم.
واحتفلت سفارة سلطنة عمان فى جمهورية مصر العربية، بمقرها فى القاهرة بالعيد الوطنى الرابع والخمسين، بحضور الدكتور خالد عبدالغفار نائب رئيس الوزراء للتنمية البشرية ووزير الصحة والسكان فى مصر، ولفيف من الوزراء والسفراء والقناصل المعتمدين فى مصر، وعدد من الشخصيات العامة ورجال المجتمع.
وألقى السفير عبدالله الرحبي سفير سلطنـة عمـان بالقاهرة ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية كلمة خلال الحفل، قال فيها:
يسرنا أن نرحب بكم أجمل ترحيب، ونعبر عن تقديرِنا البالغِ لحضورِكم ومشاركتِكم معنا هذه المناسبةَ الغالية، مناسبة العيدِ الوطني الرابعِ والخمسين المجيد لسلطنة عمان.
إنه لمن دواعى الفخرِ والاعتزازِ أن نستذكر فى هذه الذكرى الوطنيةِ الخالدة الإنجازاتِ التى حققتها سلطنة عمان عبر مسيرتها الطويلة، وخاصة منذ انطلاقِ النهضة العمانية المباركة فى عامِ 1970، التى أرسى دعائمها المغفور له -بإذن الله تعالى- جلالة السلطانِ قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه-، ويواصل مسيرتها المظفرة اليومَ جلالة السلطانِ هيثمُ بن طارقٍ المعظمُ -حفظَه اللهُ ورعاه- بكلِّ إرادةٍ وعزمٍ، لنمضيَ بثباتٍ نحوَ المستقبلِ الواعدِ.
أصحابَ المعالى والسعادةِ، الضيوفَ الكرام:
تتبنى سلطنةُ عُمان سياسة خارجية راسخة قائمة على أسسِ الحوارِ والتسامحِ، وتسعى دائما لتعزيزِ قيمِ السلامِ والوئامِ بينَ الأممِ. ومن هذا المنطلقِ، فإن سلطنةَ عُمان تُؤكِّدُ دعوتَها للمجتمعِ الدوليِّ إلى تكثيفِ الجهودِ لوقفِ التصعيدِ العسكريِّ فى منطقةِ الشرقِ الأوسطِ، وحثِّ الأطرافِ كافة على الالتزامِ بالقانونِ الدوليِّ وميثاقِ الأممِ المتحدةِ، واحترامِ مبادئِ السلامِ والعدالةِ للجميعِ.
وفيما يخصُّ القضيةَ الفلسطينيةَ، تُجدِّدُ سلطنةُ عُمان موقفَها الثابتَ والداعمَ لحقوقِ الشعبِ الفلسطينيِّ المشروعةِ، بما فى ذلك انسحابُ الاحتلالِ الإسرائيليِّ من الأراضى الفلسطينيةِ المحتلةِ منذُ عامِ 1967، وفقا لقراراتِ مجلسِ الأمنِ، وإقامةُ دولتِه المستقلةِ وعاصمتها القدسُ الشرقيةُ. كما تجدد سلطنةُ عمان دعوتها إلى وقفٍ فوريٍّ للحربِ فى قطاعِ غزةَ، ورفعِ الحصارِ عن السكانِ الأبرياءِ، وتوفيرِ ممراتٍ آمنةٍ لإيصالِ المساعداتِ الإنسانيةِ، ووقفِ إطلاقِ النارِ فى لبنانَ، والعودةِ إلى مسارِ تحقيقِ السلامِ العادلِ والشاملِ عبرَ الحوارِ والوسائلِ السلميةِ.
الحضورَ الكريم:
إن العالمَ اليومَ يواجهُ تحدياتٍ كبرى على الأصعدةِ الأمنيةِ، والاقتصاديةِ، والبيئيةِ، فى ظلِّ تزايدِ الصراعاتِ والحروبِ التى تؤثِّرُ بشكلٍ مباشرٍ على حياةِ الناسِ واستقرارِهم. ونحنُ فى سلطنةِ عُمان نؤمنُ بأنَّ الحلولَ لهذه الأزماتِ لا تُحقَّقُ بالقوةِ العسكريةِ أو فرضِ العقوباتِ والتهميشِ، بل بالتفاهمِ والحوارِ بروحِ العدالةِ والتعاونِ المشتركِ لتحقيقِ الأمنِ الجماعيِّ والاستقرارِ العالميِّ.
وعلى صعيد العلاقات العُمانية-المصرية فقدت شهدت هذا العامَ تطورا نوعيا فى المجالاتِ السياسيةِ والاقتصاديةِ والإعلاميةِ والثقافيةِ والتعليميةِ، مما يعكسُ عُمقَ العلاقاتِ التاريخيةِ التى تربطُ البلدين. تمتد جذورُ هذه العلاقاتِ إلى أكثرَ من 3500 عام، منذ عهدِ الملكةِ حتشبسوت، واستمرت العلاقاتِ الدبلوماسيةِ المتينةِ التى تعززت تحتَ القيادةِ الحكيمةِ لحضرةِ صاحبِ الجلالةِ السلطانِ هيثمِ بن طارقٍ المعظمِ وفخامةِ الرئيسِ عبدِالفتاحِ السيسى.
وفى المجالِ الاقتصاديِّ، اتفقَ البلدانِ على تعزيزِ التعاونِ فى القطاعاتِ غيرِ النفطيةِ، وفقا لرؤيتى عُمان 2040 ومصر 2030، وتم توقيعُ اتفاقياتٍ بارزةٍ، منها اتفاقيةُ الخدماتِ الجويةِ ومذكرةُ تفاهمٍ للتعاونِ الماليِّ. وفى عامِ 2023، ارتفعَ حجمُ التبادلِ التجاريِّ بينَ البلدين بنسبةِ 31%، مع زيادةٍ ملحوظةٍ فى حجمِ الصادراتِ والوارداتِ.
أما فى الإعلامِ والثقافةِ، فقد أُعلن عن اختيارِ سلطنةِ عُمانَ ضيفَ شرفِ معرضِ القاهرةِ الدوليِّ للكتابِ 2025، كما شاركَتْ الموسيقى العُمانيةُ فى مهرجانِ الموسيقى العربيةِ بدارِ الأوبرا المصريةِ. وفى مجالِ التعليمِ، زادَ عددُ الطلابِ العُمانيينَ فى مصر بنسبةِ 31%، مع تعزيزِ التعاونِ الأكاديميِّ والمنحِ الدراسيةِ.
الحضورَ الكريم:
تمثلُ رؤية عُمان 2040 خارطةَ طريقٍ طموحة لتحقيقِ التنميةِ المستدامةِ فى سلطنةِ عُمان، من خلالِ تطويرِ المواردِ البشريةِ والتكنولوجيةِ، وتحقيقِ الاستدامةِ الاقتصاديةِ والماليةِ. ومن ضمنِ أهدافِ الرؤيةِ تعزيزُ جودةِ التعليمِ والرعايةِ الصحيةِ، ودعمُ الشبابِ والمرأةِ وكافةِ فئاتِ المجتمعِ للمساهمةِ الفعّالةِ فى بناءِ المستقبلِ.
وفى مجالِ الطاقةِ النظيفةِ والهيدروجينِ الأخضرِ، تعملُ سلطنةُ عُمان على تحقيقِ الحيادِ الصفريِّ الكربونيِّ بحلولِ عامِ 2050، من خلالِ مشاريعَ ضخمةٍ تهدفُ إلى إنتاجِ أكثرَ من مليونِ طنٍّ من الهيدروجينِ بحلولِ 2030، وصولا إلى 8 ملايينَ طنٍّ فى عامِ 2050. وتُشجِّعُ سلطنة عمان على شراكاتٍ استثماريةٍ مع الدولِ الشقيقةِ والصديقةِ لتعزيزِ هذا القطاعِ الواعدِ.
وفى الختام، قال السفير عبد الله الرحبي سفير سلطنـة عمـان بالقاهرة ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية: وإذ نمضى بخُطى واثقةٍ نحوَ المستقبلِ، نستلهمُ من تاريخِنا العريقِ وقيمِنا الراسخةِ العزيمةَ لتحقيقِ الطموحاتِ الكبرى، كما نؤكدُ استمرارَ سلطنةِ عُمان فى العملِ من أجلِ بناءِ عالمٍ يسودُه السلامُ والاستقرارُ، من خلالِ تعزيزِ الحوارِ والتعاونِ الدوليِّ.
أشكركم مجددا على مشاركتِكم معنا هذه المناسبةَ الوطنيةَ الغاليةَ، وكلُّ عامٍ وأنتم بخير.